الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسألة اليهود بالجزائر

بودريس درهمان

2021 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


منذ عدة أسابيع اكتشفت فجأة ان الجمهورية الجزائرية لم يعد يعش على أراضيها الا ثلاثمائة مواطن جزائري من معتنقي الديانة اليهودية في حين خلال نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين كان عدد المواطنين الجزائريين المعتنقين للديانة اليهودية مائة و خمسون ألف وكان آنذاك عدد سكان الجزائر لا يتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، مما يعنى أنه خلال نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين خمس سكان الجزائر الاصليين كانوا من معتنقي الديانة اليهودية، لهذا جاز لنا عنونة هذه المقالة ب"مسألة اليهود بالجزائر" و التساؤل عن مآل المواطنين الجزائريين المعتنقين للديانة اليهودية و البحث عن أسباب و تواريخ تهجيرهم من المنطقة المغاربية.
لأسباب تاريخية سنوضحها في هذه المقالة معتنقي الديانة اليهودية ذوي الأصول الجزائرية هاجروا الى فرنسا ومعتنقي الديانة اليهودية ذوي الأصول المغربية هاجروا الى دولة إسرائيل.
عملية تهجير معتنقي الديانة اليهودبة من شمال إفريقيا هي قديمة جدا وتمت قبل تشكل الحركة الصهيونية بعشرات السنين وتمت على ثلاث فترات ووفق تواريخ بعيدة عن تشكل الحركة الصهيونية.
الفترة الأولى تعود الى القرن الخامس عشر الميلادي لما قام الاسبان بطرد وتهجير معتنقي الديانة اليهودية من اسبانيا واستيطانهم بالمملكة المغربية التي استقبلتهم وقامت بدمجهم في النسيج الاجتماعي الوطني المغربي. والفترة الثانية تعود الى سنة 1871 حينما سنت فرنسا قانون تجنيس المواطنين الجزائريين اليهود دون المواطنين المسلمين الاخرين. وهذا التجنيس القسري هو السبب الرئيسي في هجرة اليهود الجزائريين الى فرنسا اما الفترة الثالثة من هجرة اليهود من المنطقة المغاربية فتمت مباشرة بعد استفتاء نظمته السلطات الفرنسية في الجزائر يوم فاتح يوليوز سنة 1962و بموجب هذا الاستفتاء سلمت السلطات الفرنسية المنطقة الجزائرية التي كانت تحتلها الايالة العثمانية مضيفة اليها مناطق شاسعة من التراب التاريخي للإمبراطورية الشريفة للمملكة المغربية و حتى للكيان التونسي الحديث الى ثلة من الضباط العسكريين الجزائريين المشبعين بالإيديولوجية البعثية القائمة على فكرة التفوق العرقي .
الهجرة المكثفة للمواطنين المغاربيين اليهود من المنطقة المغاربية تمت مباشرة بعد حصول الجزائر على استقلالها ولم تتم قط بعد حصول المملكة المغرببة على استقلالها ويمكن التأكد من هذا المعطى عن طريق التأريخ لفترة الهجرة القوية للمواطنين المغاربيين المعتنقين للديانة اليهودية. هذه الفترة القوية من الهجرة الى دولة إسرائيل تمت مباشرة بعد استيلاء ثلة من الضباط البعثيين الجزائريين على السلطة لما عملوا على تنفيذ محتويات وقناعات ايديولوجيتهم العرقية القائمة على الاصطفاء العرقي والديني.
الهجرة القوية التي تمت إلى إسرائيل، تمت تحت تأثير وانتشار ايديولوجيتين قوميتين متشابهتين و قائمتين على الاصطفاء الديني و العرقي؛ و هاته الايديولوجيتين هي: الأيديولوجية القومية للصهاينة اليهود و الأيديولوجية القومية للبعثيين العرب التي نشرها بشكل قوي ضباط جزائريين بداخل دولة الجزائر. وحتى الى حدود اليوم لا زال معظم هؤلاء الضباط المناوئين للوجود اليهودي بداخل الجزائر يمسكون بزمام الامور.
اليهود الجزائريون رحلوا الى فرنسا و لا يوجد حاليا في دولة اسرائيل الا ثلاثة آلاف من معتنقي الديانة اليهودية الذين هم من أصول جزائرية في حين المغاربة من نفس الديانة رحلوا الى اسرائيل و هم يقاربون حاليا المليون مواطن مغربي و هم من مواطني مغاربة العالم و قد رحلوا من المملكة المغربية بسبب الأيديولوجية البعثية للضباط البعثيين الجزائريين الذين أثروا بشكل قوي على بعض النخب السياسية بالمملكة المغربية...و هؤلاء الضباط البعثيون الجزائريون لا زالوا الى اليوم يكنون العداء لكل معتنقي الديانة اليهودية عبر العالم و هم شبيهين في ذلك بالحركة القومية الجرمانية التي تسببت في ماسي فظيعة للأوروبيين . وحاليا هنالك مؤشرات عدة تؤكد ربط الاتصال ما بين القوميون البعثيون الجزائريون والقوميون الوطنيون الجرمان.
الحركة الصهيونية هي حركة سياسية للقوميين اليهود المتعصبين، وهذه الحركة نمت بالموازاة معها حركة مضادة موازية هي حركة القوميين البعثيين الجزائريين. الحركتين معا عملتا على ترهيب المواطنين المعتنقين للديانة اليهودية وقامتا بتهجيرهم الى دولة إسرائيل وابعادهم عن أوطانهم الاصلية.
الحركة العرقية البعثية المتطرفة تشكل النواة الصلبة للدولة الجزائرية. وهذه الحركة العرقية لا تطيق اليهود بشكل عام وتعمل بشكل ممنهج على اضطهادهم. والدليل على ذلك، أن آخر يهودي كان يعيش في مدينة وهران الجزائرية تم اغتياله سنة 2013 وهو يهودي من أصول مغربية.
الاستنتاج الذي يمكن الخروج به وهو أن الحركة القومية المتعصبة في الجزائر هي السبب في تهجير المواطنين اليهود المغاربيين من مناطقهم الأصلية بشمال إفريقيا. وهذه الحركة القومية العرقية الجزائرية المتعصبة هي التي كانت كذلك السبب الرئيسي في ترويع ساكنة منطقة الصحراء المغربية وتهجيرهم الى منطقة تندوف في انتظار أرض الميعاد، الحلم الايديولوجي الماكر لحركة القوميين العرقيين.
القوميون البعثيون الجزائريون الذين يؤدلجون الجيش الجزائري لا يطيقون اليهود بشكل عام ولكن الدولة المغربية في شخص ملوكها و سياسييها المرموقين كل يهود العالم يكنون لهم الاحترام و التقدير و يتم استقبالهم في الاعياد و المناسبات. واخر وثيقة اطلعت عليها هي رسالة بتاريخ 13 مارس 2015 من العاهل المغربي صاحب الجلالة محمد السادس الى ممثل اليهود المغاربة بكندا وهذه الرسالة هي رسالة تقدير و احترام للمواطنين المغاربيين المعتنقين للديانة اليهودية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على