الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة الثقافة .. محنة المثقف

صلاح زنكنه

2021 / 12 / 2
الادب والفن


سأوجز لكم أنواع المثقفين في العراق والبلدان العربية, حسب توصيف المفكر الإيطالي غرامشي.
المثقف العادي التقليدي الذيلي الوصولي .. وهم كثر
المثقف الانتهازي المتذبذب الخانع والذي بلا موقف .. وهم أكثر
المثقف العضوي الفاعل المعارض المعارك الشرس .. وهم قلة قليلة جدا لكنهم الأكثر فاعلية وموقفا وشرفا .. ولهم بصمة مميزة في الحياة الثقافية .. وهم وحدهم أيقونات الفكر والمعرفة والتغيير .. أما المثقفون التقليديون والانتهازيون والخوافون فيذهبون إلى مزبلة التاريخ في كل مكان وزمان.

ترى من هو المثقف الأكثر خطورة ونذالة ؟ هو الذي دينه ديناره .. وربه من يبذخ عليه بالدنانير, هو ذلك المثقف التابع, المهادن, المؤدلج, المسيس, المدجن, المراوغ, المنافق, المزيف, المرتشي, الذي يسوغ خطاب السلطة والقطيع والغوغاء بلا أدنى حياء.
هذا المثقف أكثر خطورة ونذالة من الشخص الجاهل, والسياسي المتاجر, ورجل الدين الدعي, كونه يفوقهم دهاءً وخبثا ونفاقا وزيفا.

الثقافة العربية وضمنها العراقية, ثقافة جبانة خانعة ذيلية ذليلة إلا في ما ندر, تهرول خلف الحاكم والسلطان والمسؤول والمختار, لتساند الباطل وتدحض الحق, ولتجمل القبيح وتقبح الجمال, ثقافة قابلة للبيع والشراء في سوق النخاسة مقابل سعر زهيد.
مثقفون كبار باعوا أقلامهم وحروفهم وضمائرهم بالدينار أو الدرهم أو الدولار .. وفق العملة الرائجة, فيا لبؤس الثقافة الهزيلة .. ويا لرخص المثقف المأجور.

الأدباء عبر التاريخ هم أكثر النخب سفالة ونذالة وتذبذبا وتأرجحا بين الحق والباطل, وهم أكثر جبنا وخضوعا وخنوعا وتزلفا وتسافلا من سواهم وهم أكثر تفننا في التكسب والاستجداء, ثلاثة أرباعهم كذابون منافقون مخادعون متملقون, والكثير منهم مداحون قداحون صداحون متسولون, يتقشمرون بورقة كارتون (شكر وتقدير) أو بمكافأة حقيرة سقيمة, وغالبا ما يطأطئون رؤوسهم لأي زعيم رقيع أو وزير وضيع أو مدير صقيع, يتمسحون بأكتافه ويمتدحونه زورا وبهتانا, طمعا بالجاه والدنانير وخصوصا الشعراء, ولنا في المتنبي العظيم والجواهري الكبير وعبد الرزاق عبد الواحد الفطحل أسوة سيئة.

مثلما هناك (عتاكه) بسطاء يعتاشون على قوت يومهم من خلال بيع وشراء المواد والأجهزة المستعملة والمعطوبة ومعظمهم (مغلبانية) محتالون, هناك (عتاكه) السياسة وهم أكثر حيلة ومكرا ودهاءً, وأشد تزلفا ونفاقا وادعاءً, يطوون المراحل طيا ويتسيدون المشهد.
أما (عتاكه) الأدب والفن والاعلام, فمختلفون عن هؤلاء, فهم قوم عاطلون ابداعيا, تجدهم في كل محفل ومهرجان ومأدبة, يتبارون فيما بينهم, يتزلفون لهذا وذاك بلا حياء, طبالون زمارون (رواقيص) يصلون لمأربهم سريعا, وهم من يتحكم في كل الانتخابات النقابية سواء في اتحاد الأدباء أو نقابة الصحفيين أو الفنانين, كونهم الأكثرية (من القطيع) التي تشترى ذممهم بحفنة دنانير أو منصب تافه.
هؤلاء (العتاكه) هم فيلق من المرتزقة الذين يصولون ويجولون ويأتمرون بأمر من يجود عليهم بقليل من الفتات.

أما (اللوكيون) المتملقون فأشد مكرا وسفاهة ونذالة من الساسة الفاسدين المفسدين وهم دائما يتقدمون على علية القوم يقدمون المتأخرين ويأخرون المتقدمين يمسحون الأكتاف والأقدام ويبوسون الأيدي ويجيدون مهارة الشعراء المداحين في الثناء والتزلف ويحصدون الثمار قبل أوانها وينعمون بكل سهل يسير, ويمشون خلف كل سيد ومدير .. اللوكي كائن أملس ناعم حقير.
أعتقد إن الجواسيس والخونة والمرتزقة, أشرف من المثقفين الذين بلا موقف ولا شرف, كون المثقف ضمير الوطن وحين يموت الضمير يغدو الوطن فندقا بائسا.

يشهد الله والتاريخ والثقافة العراقية, أنا صلاح زنكنه صنعت اسمي بدم كلماتي.
لم أهادن ولم أتزلف, لكنني بصقت على المهادنين والمتزلفين, ويوم كان صوتي يلعلع في فضاء الثقافة العراقية, كان جرابيع الثقافة يلعقون أحذية المسؤولين في الزمن الأجرب.
أخيرا كبير احترامي للأدباء والمثقفين الحقيقين, أصحاب الكلمة الصادقة والموقف المشرف والصوت الهادر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى