الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارتفاع الفائدة في مصر .. إنقاذ للأسرة والوطن .

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2021 / 12 / 3
الادارة و الاقتصاد


ارتفاع الفوائد على الإيداعات في مصر يعد انقاذآ للأسرة والوطن لعدة أسباب :

أولا .. في حالة انخفاض الفوائد يزداد المعروض النقدي وبالتالي تزداد الأسعار بفعل ارتفاع الطلب .

ثانيآ .. في الحالة المصرية ذات الخصوصية والتي تتمثل في تمركز الثروة في يد اصحاب الاعمال على حساب موظفيهم وعمالهم اللذين لا تحميهم الحكومة ولا توفر لهم حد محترم ادنى من الدخل ولا لأصحاب المعاشات ، فان اعتماد كثيرين يكون على العوائد البنكية لتدبير احتياجاتهم فانخفاض الفوائد يعني افقار ممنهج لكثيرين يعدون محركآ أساسيآ لقوى الطلب .

ثالثآ .. معدلات الفائدة المرتفعة بشكل مناسب تعمل على تشجيع الادخار خاصة في اقتصادات تعاني من ضعف الادخار وقلة السيولة الكافية لتمويل الاستثمار ، مما يدفع الحكومة للاقتراض الخارجي حتى ولو بفائدة منخفضة الا أن التكلفة الإجمالية تكون أعلى مع الإنكشاف المالي والضعف الاقتصادي مما يعرض العملة المحلية لمخاطر الانكشاف والضعف وانخفاض القيمة مما يرفع من كلفة اعادة سداد الدين بمعدلات أعلى بكثير من الفائدة الاسمية المنخفضة .

رابعآ .. رفع الفائد الحقيقية او ما يعرف بسعري الاقراض والخصم فوق مستوى التضخم يساهم في تعزيز قيمة العملة ومنع او على الأقل تقليل معدل تدهور قيمتها الحقيقية ، هذا التدهور الذي اذا حدث يؤثر بالسلب على مستويات معيشة الشعب نتيجة ارتفاع الاسعار كترجمة واقعية لانخفاض قيمة العملة خاصة في الدول التي تستورد اغلب احتياجاتها وخامات التصنيع والسلع الوسيطة .

خامسآ .. في فترة التسعينيات شهدت مصر معدلات فائدة مرتفعة وصلت ل١٨% ومع ذلك كانت مستويات الأسعار حوالي عُشر ما هي عليه الآن ، ومع ذلك كانت هناك حالة من الرواج والنشاط الاقتصادي وأغلب الأسماء الكبيرة في عالم المال والتجارة والصناعة بنت قوتها وأساساتها في هذه الفترة وحدث نزع من التطور في مستويات المعيشة مقارنة بفترتي السبعينيات والثمانينيات والتي سادت فيهما معدلات فائدة ضعيفة .

فالنمو الاقتصادي الحقيقي المدفوع بالاستثمار الجاد والمباشر الحقيقي لا بالأموال الساخنة لا يبحث عن معدلات الفائدة المنخفضة بقدر ما يبحث بشكل أساسي عن إمكانيات تصريف الانتاج وتوزيعه والأمن والإستقرار وبيئة تشريعية مناسبة .

فماذا يفعل بمعدلات فائدة منخفضة في ظل اقتصاد متداعي وراكد ومستويات معيشة ضعيفة وأوضاع غير مستقرة .

سادسآ .. من الواضح أن الفترة المقبلة وفقآ للشواهد الإقتصادية الحالية كمشاكل سلاسل التوريد ونقص الأيدي العاملة ومشاكل الشحن العالمي ونقص الرقاقات الإلكترونية وارتفاع أسعار النفط والتغير المناخي وآثاره السلبية على ارتفاع كلفة الإنتاج الغذائي ووجود مستويات جديدة من الطلب المكتوم والمتراكم عبر الفترة السابقة .

فإن مستويات التضخم الحالية المرتفعة تتجه نحو مزيد من الإرتفاع أوعلى الأقل البقاء عند قمتها الحالية لفترة طويلة قادمة وليس بشكل مؤقت كما كان يُظن سابقآ وهو ما يؤمده العديد من مسؤولي البنوك المركزية والإقتصاد حول العالم مما يشي باتجاههم لرفع معدلات الفائدة بشكل كبير ومتزامن خلال الفترة المقبلة .

خاصة مع رغباتهم المشروعة بتخفيض برامج شراء الأصول والتيسير النقدي المستمرة بدورة لم تكد تنقطع منذ الأزمة المالية العالمية في عام ٢٠٠٨ وحتى اليوم ، وما صاحبه من مستويات كبيرة في تراكم المديونيات العامة .

ولكن رياح رفع سعر الفائدة بقدر ما ستعيد توجيه دفة سفن الدول المتقدمة نحو موانئها إلا أنها في ذات الوقت تمثل ريحآ عاصفة تدفع شراعات الدول النامية نحو مياه هادرة تعصف باقتصاداتها التي تعاني أصلآ خاصة في ظل الظروف العالمية الحالية ، مما قد يصل الى حد تسونامي هروب للأموال الساخنة من بنوك وبورصات الدول النامية الى بنوك الدول المتقدمة حيث تلقي مراسيها في موانئ أكثر أمانآ واستقرارآ .

إلا إذا قامت هذه الدول ومنها مصر برفع أسعارالفائدة إلى مستويات أعلى تعوض حاجز المخاطرة الذي تجتازه هذه الاموال الأجنبية الساخنة لتمويل اقتصادات هذه الدول النامية في بيئاتها الأقل استقرارآ مما يحافظ على هذه الأموال أو على الأقل الحفاظ على قدر كبير منها من هجرة خزائن هذه الدول النامية والإستمرار في دعم اقتصاداتها .

وعليه ولحين معالجة مشكلات الانتاج والإستثمار ، وانخفاض الدخول من مرتبات وأجور ومعاشات ، وتحقيق توزيع عادل او حتى شبه عادل للدخول والاستثمارات بين العباد و المحافظات في مختلف أنحاء البلاد ، وتجاوز تلكم الأزمات مع غيرها من أزمات المرحلة العالمية الحالية .

فإن الأثر السلبي لارتفاع الفوائد المتمثل في رتفاع كلفة الدين الداخلي على الحكومة يمكن معالجته من زيادة الايرادات عبر عدة وسائل منها على سبيل المثال لا الحصر :

١ أن تقوم الحكومة بمزيد من العمل على ادماج الاقتصاد الغير رسمي والمهن الحرة التي يعتبر أغلب أصحابها من كبار المتهربين ضرائبيآ ومحققين لثروات مهولة لا يدفعون عنها ضرائب أو يدفعون ضرائب هزيلة لا تتناسب بتاتآ مع حجم ثرواتهم .

٢ تطبيق نظام سليم وقوي للضرائب المتصاعدة بديلآ عن النظام المعيب الحالي الذي يحابي أصحاب الثروات الطائلة على حساب الدخول الصغيرة والمتوسطة ، بما يضمن زيادة المدخول الضريبي دون سياسة الجباية وبما يساهم في ضمان توزيع عادل او حتى شبه عادل للثورة كما هو متبع في العالم المتقدم .

٣ العمل مع مختلف القطاعات الاستثمارية بمختلف الأطر والوسائل وتوفير بيئات العمل المناسبة لتعظيم الايرادات وبالتالي زيادة العوائد الضريبية .

٤ التوسع في النشاط العمراني وزيادة الرقعة العمرانية في البلاد عبر مشروعات المدن الجديدة وما يتبعها من استثمارات مختلفة ترفع من قيمة من مبيعات اراضي تلك المدن وغيرها من المشاريع المختلفة المرتبطة بها .

٥ العمل قدر الإمكان على رفع أجور ومرتبات العاملين في مختلف القطاعات الحكومية والعامة والخاصة ، مما ينعكس على مزيد من التنشيط ودفع النمو والتنمية عبر زيادة الإستهلاك وبالتالي زيادة الانتاج والإستثمارات .

٦ فتح واعادة فتح قضايا وملفات الفساد القديمة الموروثة من العهود السابقة واستيفاء حقوق الدولة والشعب ، تلك الملفات التي عجت بها أروقة المحاكم وخرج منها كثير من الفاسدين أبرياء ولم يتم فيها استيفاء حقوق الشعب والدولة نتيجة ألاعيب استغل فيها بعض المحامين ثغرات في القوانين أوعيوب شكلية في الإجراءات أو استغلالآ لقوانين ولوائح معيبة صاغها فاسدون أثناء توليهم كراسي الحكم والمسؤولية .

ليحموا بها أنفسهم إن دارت الأيام وقد أجادوا وصدقوا شياطينهم فيما فعلوا فكانت خير عون لهم أيام مكوثهم خلف القضبان ليكسروا بها هذه القضبان ويعودوا ويعاودوا أيامهم أمام حسرة الشعب .

٧ التوصل لاتفاقيات جديدة لدعم الإحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي مع الدول العربية والأجنبية سواء بإيداعات جديدة أو زيادةمدة الإيداعات الحالية مما يوفر مزيدآ من التأمين والأريحية في دعم الإقتصاد وتمويل التجارة ودعم قيمة الجنيه .

٨ العمل على رفع قيمة الجنيه المصري من خلال عدة وسائل على سبيل المثال :

أ- دعم عقد اتفاقيات مبادلات العملة ولو بشكل جزئي في تمويل عمليات التجارة البينية بين مصر ومختلف الدول قدر الإمكان مما يخفض الضغط ولو نسبيآ على الجنيه المصري .

ب- كذلك تقليل فاتورة الإستيراد قدر المستطاع عبر إجراءات جمركية مادية وادارية دون إخلال باتفاقيات التجارة الحرة مما يقلل كذلك من الضغط على الجنيه المصري .

ج- كذلك اصدار قانون تحريم تداول النقد الأجنبي أو عقد صفقات أو بيوع أو دفع مرتبات وأجور بالنقد الأجنبي ( فيما عدا مرتبات وأجور المتعاقدين الأجانب فقط دون حتى مزدوجي الجنسية المصرية وجنسية أخرى ) داخل البلاد مما يعيد الإحترام للجنيه المصري ويرفع الطلب عليه ويحفظ الى حد كبير تداول النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية ويدفع في طريق كشف عمليات غسيل الأموال وعمليات التهريب والتجارة الغير المشروعة .

د- وإن اضطرتنا الأمور بعد كل ما سبق ، سواء نتيجة استمرار ضعف الإستثمارات أو نتيجة تطورات سلبية على صعيد جائحة كورونا أو أية تطورات سلبية على صعيد عدم الإستقرار العالمي كالحروب والأزمات الدولية أو غيرهم من الأمور فللحفاظ على قيمة الجنيه المصري وعدم انهيار السلم المجتمعي ومستويات المعيشة للمواطنين .

فلتتم العودة إلى نظام سعر الصرف المدار ولو بشكل جزئي كمرحلة أولى أو حتى كلي كمرحلة ثانية لضمان دعم الجنيه وتقليل بالتالي من كلفة خدمة الدين القومي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - - كل يوم - يفتح ملف الدعم أيهما أفضل للمواطن العيني


.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط




.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم


.. د. أحمد غنيم لخالد أبو بكر: كلما تقدمت الدول كلما تحولت من ا




.. كل يوم - د. أحمد غنيم :الدولة تقدم الدعم النقدي لأصحاب المع