الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من فرويد الى بروزاك

جواد الديوان

2021 / 12 / 3
الطب , والعلوم


العنوان استعارة تاريخية، يشير الى ان نظريات التحليل النفسي تؤكد دور الصراعات في اللاوعي سببا في الامراض النفسية وقد تحولت مؤخرا الى الدماغ. وربما بهذا أصبحت مدرسة التحليل النفسي (فرويد) ديناصور للأيدولوجيا. وحتى حالات القلق اليومية والكأبة البسيطة الشائعة بين الناس تعالجها الادوية بعيدا عن الأحاديث في عيادات الأطباء والمعالجين النفسيين أي العلاج النفسي psychotherapy. وهذه تغيرات واضحة في مهنة الطب النفسي في النصف الثاني من القرن الماضي https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=735746
الا ان العلاقة بين الركيزة البيولوجية والعوامل البيئية المحيرة confounders (من اهتمامات علم الأوبئة) لم يتم التعامل معها في هذا التغيير او النقلة النوعية في تعريف المرض النفسي ومنها اهمال البيئة الاجتماعية والثقافية التي تسبب التوتر والقلق وغيرها. انها اهتمامات المعالجة بالأدوية دون الوقاية والسيطرة على انتشار الامراض.
الطبيب النفسي يتدرب وفق برنامج الإقامة ويتعامل مع الادوية وتعاريف المرض النفسي وتصنيفه. وربما يلمس تاثير الادوية على تقليل الألم والمعاناة وتجعل الانسان أكثر سعادة وانتاجية. وفي العيادات الممارسة بوصفات دواء تنقذ الحياة الحميمية للعوائل من خطر الانفصال، ومساعدة أحدهم للتأقلم مع معاناة الكأبة، او تجاوز حزن وغيرها الكثير من الامثلة. والامراض النفسية تم وصفها وتصنيفها في DSM الخامس (الدليل الاحصائي التشخيصي الخامس)، وهو الأخير في ظهوره، وهو يعكس التطور العلمي في مفهوم المرض النفسي وتصنيفه.
والعنوان يشير الى بروزاك Prozac العلاج من مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية selective serotonin reuptake inhibitors وفيها اعداد من الادوية، ولكنه الأشهر، بل وحصل على لقب حبوب السعادة في بعض البلدان. وهذا الدواء واسع الانتشار، ومن شاكلته ما قد يطلبه مرضى بعد قراءة إعلانات في مجلات تتخصص في صحة المرأة مثلا، او المعالجات بعد ان أصبح يمثل ثورة في الطب النفسي. وهذه الادوية مشبعة بالتوقعات والرغبة والقوة والوقت والسمعة والاستعارة والتحويل المضاد وعوامل المضيف المهمة (العمر والجنس وغيرها).
خلال أوقات فحص المريض ووصف الدواء وما يتخللها من مناقشات تتناول البيئة الاجتماعية حاضرة (تم الإشارة لها بالعوامل المحيرة confounders في الدراسات الوبائية). وإذ ظهرت معالجات الطب النفس بيولوجية (ادوية تؤثر الى الموصلات العصبية) فان صورة فرويد بما يعنيه حاضرة في الممارسة.
وصف البعض هذا التغيير بانه ثورة في الطب النفسي (مقال سابق) تجاوز نظريات فرويد وعلماء النفس. الا ان الجوانب الاجتماعية والبيئية والتاريخية والتحليل النفسي حاضرة في الممارسات السريرية، فشكلت جزءا قصة التغيير. وربما تمت إعادة صياغة التسلسلات الهرمية للجنس وهو سبب النقد الشديد لمدرسة فرويد.
العوامل البيئية والاجتماعية دفعت للاعتقاد بوجود مواد داخل الدماغ، الا انها لم توفر تفسير معقول او كافي في وقتها. وتم نشر عديد من البحوث لإظهار تاثير الادوية الإيجابية بعيدا عن العلاجات التقليدية (لنقل فرويد)، ومن تلك البحوث المنشورة معالجة البرود الجنسي لامرأة باستخدام المهدئات. ويعني امرأة تكره العلاقات الزوجية تجاوز المحنة باستخدام المهدئات! وفي السبعينات تم نشر بحث في مجلة راقية حول اسحاقية (شذوذ جنسي) تستخدم الفاليوم، وتتجاوز محنتها باستخدام بروزاك. وربما شكلت الأساس لهذه النقلة النوعية. وتوضحت الصورة بعد ان توسع علم الوظائف الكهربائي واستخدام أجهزة حديثة للعمل على النواقل العصبية الكيميائية.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تؤثر العواصف الشمسية على الحرارة في العالم والاتصالات وال


.. القارة الأفريقية .. ساحة تنافس بين واشنطن وبكين في الذكاء ال




.. كاميرا -أخبار الصباح- ترصد خطة التطور التكنولوجي لأهم شركة إ


.. المؤسسات الطبية الرئيسية في رفح تغلق أبوابها بسبب العمليات ا




.. استشهاد فلسطيني وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على مركز بيسان