الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية الإقتصادية التى يدافع عنها المليارديرات ؟

حسن مدبولى

2021 / 12 / 4
الادارة و الاقتصاد


فى الدول الرأسمالية يؤمنون بأن التحرير الشامل لآليات إدارة الإقتصاد الوطنى يعتبر الطريق الأوحد والمدخل الرئيسى للتنمية وتحقيق الرفاهية ،
وبالتالى فهم يستبعدون أى تدخل للدولة فى الشأن الاقتصادى، سواء كان ذلك التدخل يتمثل فى ممارسة أية أنشطة إقتصادية تكون مملوكة للدولة، أو فى تحديد أسعار السلع والخدمات، أو عن طريق وضع سقف لتقييم لسعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية ،،
وطبقا لهذه الرؤية الأحادية التى يتبناها أيضا صندوق النقد الدولى، فإنه ينبغى على الدول النامية أن تقوم بإلغاء الدعم ) و التخلص من الشركات العامةالمملوكة للدولة
(الخصخصة) وتسريح وتشريد العمالةفى الأجهزة والمؤسسات الحكومية وتحرير أسعار الصرف للعملات الوطنية (التعويم)وترك تحديد أسعار السلع والبضائع لآليات العرض والطلب(أسعار السوق) وتبعا لما تسفر عنه المنافسة بين شركات القطاع الخاص بعضها البعض، إذا أرادت هذه الدول نجاح خططها للتنمية الإقتصادية ،،
كما تتطلب تلك الرؤية فتح المجال لسيطرة القطاع الخاص وحده على سوق العمل والسلع والصرافة والخدمات والتعليم والعلاج والإسكان والنقل والغذاء ،وأن ينحصر دور الدولة فى الدوائر الخجولة المتعلقة بالنظم المالية والنقدية،والتى يتم من خلالها فرض الضرائب فى أضيق قدر ممكن على رجال الاعمال، بينما تزاد تلك الضرائب بشكل دائم ومتزايد على المستهلك وحده،
وهذه الرؤية تمثل عين ما قاله وألح عليه وطالب بتطبيقه السيد الملياردير ساويرس وشركاه الأجانب ؟ حيث عاب على الدولة المصرية تمسكها بما تبقى لها من قدرة خجولة على المشاركة فى الأنشطة الإقتصادية الوطنية ؟ فرغم كل هذا التسيب الإقتصادى المتبع فى مصر ، والذى سمح لأباطرة الإقتصاد من السيطرة على مفاصل الاقتصاد المصرى والتحكم فى غالبية مناحية والتربح من ورائه لمئات المليارات من الدولارات، وفتح الأبواب على مصراعيها للتفريط فى دعائم الإقتصاد المصرى، مثلما حدث من تصفية لمصنع الحديد والصلب، فإن السيد ساويرس أعلن عدم رضائه عن هذه الأوضاع، وأرسل رسائل خارجية مليئة بالخبث والسلبية لكشف ما رأى أنه تدخل حكومى فى الإقتصاد ،مؤكدا أن ذلك التدخل منعه هو وشركائه المصريين و الأجانب من البرطعة والتمرغ بحرية فى ساحات الإقتصاد المصرى وبالتالى منع التنمية وحجب فرص الإستثمار و التقدم والرفاهية ؟
لكن الذى لم يقله السيد ساويرس ولم يشر إليه فى أى وقت من الأوقات هو أن تطبيق تلك السياسات التى يدعو إليها نيافته، والتى أقرها معه بعض المعارضين المصريين باعتبارها من المسلمات ، قد سبق أن أدت إلى كوارث متعددة وصلت لحد إعلان إفلاس بعض الدول مثل اليونان والأرجنتين وشيلى وغيرها ، كما تسببت فى وقوع غالبية الدول الأفريقية والعربية وبعض دول العالم الثالث فى شراك التبعية المطلقة للدول الغربية، مع إستمرار التخلف والتدهور المعيشى وتفشى الفساد والبطالة والمرض وتراجع قيمة العملات الوطنية ،وإنهيار الخدمات الرئيسية كالصحة والتعليم وغيرها كما هى دون تغيير ؟

بمعنى أبسط انه يمكن القول أن تحرير الاقتصاد بشكل مطلق كما يدعى ساويرس وبعض المعارضين المصريين ليس هو الطريق الأوحد أو الأمثل لإنجاز وتحقيق التنمية الإقتصادية،و لكن هناك طرق أخرى أكثر تناسبا مع ظروف الدول النامية ( غير البترولية ) تعتمد على دور فعال للدولة فى تخطيط وإدارة الإقتصاد الوطنى ،
بل إنه حتى الدول الكبرى لم تعد تترك أسواقها حرة بالمعنى الرأسمالى البحت ، لكنها تتدخل من آن لآخر لحماية الدولة من الإنهيار، كما أن الحرية السياسية المتاحة للشعوب الغربية تلازم تطبيق الحرية الإقتصادية الناجحة نسبيا هناك ، وهذه الحرية السياسية اللامحدودة تتيح لتلك الشعوب امكانية التخلص من أى حكومة تحقق فشلاأو نتائج غير مقبولة، على عكس ما هو قائم فى الدول الأقل تقدما ؟
فالحرية الاقتصادية المطلقة ( مع إفتراض جدارة تطبيقها جدلا ) هذه الحرية الإقتصادية مرهونة بتوافر حرية سياسية تامة تتيح للشعوب وحدها اختيار الحكومات المناسبة التى تقود عمليات التنمية فى إطار من الرقابة والمحاسبة الوطنية المستقلة، لكن المهم هنا والغريب أيضا أن السيد ساويرس نصير الحرية الاقتصادية والمتحمس لها ،هو نفسه مستر ساويرس عدو الحرية السياسية فى العالم العربى والمتحالف ضدها ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة الحر في مصر.. ما الأضرار الاقتصادية؟ • فرانس 24


.. الرئيس الفرنسي يحث الاتحاد الأوروبي على تعزيز آليات الدفاع و




.. تقرير أميركي: طموحات تركيا السياسية والاقتصادية في العراق ست


.. إنتاج الكهرباء في الفضاء وإرسالها إلى الأرض.. هل هو الحل لأز




.. خبير اقتصادي: الفترة الحالية والمستقبلية لن يكون هناك مراعي