الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عولمة الثقافة والفن من أغانى المهرجانات إلى المثلية الجنسية

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 12 / 4
العولمة وتطورات العالم المعاصر


مع بدء انتشار الانترنت عام 1993 أخذت أشكال فن الغناء تتغير لتجعل معظم الفنانين قصار العمر الفنى ليتم تداول الأغانى لعدة أشهر أو سنوات قليلة منذ صدور أغنية مكارينا منتصف عام 1993 التى تبناها الشباب فاحتلت المقدمة لفترة وهبطت لتعلو بعدها غيرها وهكذا إلى الآن. وقد تكررت نفس الطريقة من الغموض والقلاقل الفنية أثناء وبعد الحربين العالميتين الأولى والثانية وكانت قفزتها الكبرى مطلع السبعينيات بانتشار ثقافة التحرر الفنى والعرى فى الدول الغربية، ولكنها مع نهاية التسعينيات انتحت منحى آخر حيث بدأت قوة العولمة والإعلام فى التأثير على الفنون الغربية فأخذت تروج للمثليين (الشواذ من الرجال والنساء) فى الأفلام والمسلسلات العادية وليس للأفلام الاباحية فقط بل وفى الأغانى والروايات والأدب والشعر ، وامتدت تلك الأفكار من فرنسا إلى الولايات المتحدة والدول الغربية حتى ترسخت الفكرة تماما فى المجتمعات الغربية منذ حوالى عشر سنوات مع صدور قوانين تساند زواج المثليين فى عدة دول غربية كنتيجة لنشر الثقافة الغربية العالمية الجديدة فى العديد من الدول.
وبالطبع توجد دول كثيرة لا تؤيد الفكر الغربى والثقافة الغربية معظمها فى آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط ، فهى دول ما تزال تحتفظ بعادات وتقاليد لا تتفق مع الثقافة الغربية التى أخذت تسود عالميا ، على اعتبار أن العادات والتقاليد والأخلاقيات الفنية والرياضة والموضة وحتى المفاهيم الدينية هى نوع من الثقافة حسب التعريف الواسع للثقافة ، مما يعنى أن الغرب يحاول عن طريق العولمة فرض الثقافة الغربية على كل العالم ليدعم الأدب والفن والفكر غير المقيدين بأى قيود ويفرض الحرية غير المحدودة بأى حدود أخلاقية على العالم . ومع انتشار العولمة الثقافية تغيرت مفاهيم ثقافية كثيرة فى بعض دول شرق آسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وهونج كونج لتخلط الفكر الشرقى بالغربى ، ولكن الصين حاولت جاهدة مقاومة العولمة الثقافية الغربية بإعادة إحياء الفن الصينى والثقافة الصينية باستخدام نفس أدوات العولمة الجديدة مثل الانترنت والفضائيات ونتج عن ذلك ظهور مواقع ترفيهية صينية سبقت حتى المواقع الأمريكية فى تقديم أفكار فنية ترفيهية لا تعتمد كثيرا على الإثارة الجنسية بل تعتمد على الفن والمواقف الكوميدية والأغانى والاستعراضات والإبداعات مثل موقع "بيلى بيلى Billibilli" الذى أنشئ عام 2009 وسبق فى تطوره وتفاعله بين المتلقى والعارض موقع يوتيوب العالمى الأمريكى.
أما سكان غرب آسيا وسكان أفريقيا فما يزالون محافظين على ثقافتهم التى ترتبط كثيرا بالدين والمعتقدات من الهند إلى المغرب وبالتالى فمعظم تلك المجتمعات لم تقبل بوجود أخلاقيات تنافى تقاليد تلك المجتمعات مثل الدعارة أو المثلية الجنسية أو شواطئ العراة أو إنتاج أفلام جنسية أو حرية التعليم الجنسى أو حتى الموافقة على علاقات خارج إطار الزواج . ولكن هناك أيضا شعوب حاولت استغلال أدوات العولمة فى الفن مثلما فعلت الهند بإنشاء مدينة بوليود لتكون عاصمة الفن الشرقى الفنية وتبعتها كوريا الجنوبية واليابان والصين بالتركيز على الفن المحلى وتصعيده للعالمية عن طريق الرسوم المتحركة أو العروض المسرحية والفنية والرقصات المحلية أو حتى الرياضات المحلية مثل السومو والكونغ فو والكاراتيه والمصارعة اليابانية.
إن العولمة الثقافية أثرت كثيرا فى تغيير ثقافة معظم سكان العالم وما تزال تؤثر فى المجتمعات المختلفة لإن العالم أصبح مترابطا بالفعل وما يحدث فى دولة ينتقل لدولة أخرى خاصة عبر الشباب الذى يصعد بالعولمة متحديا الأجيال السابقة التى كان التغيير فيها بطيئا يأخذ عشرات السنوات وليس عدة أشهر أو عدة أيام كما يحدث الآن بين الشباب بصفة خاصة.
نحن الآن أمام فترة انتقالية فى العديد من الدول العربية – والشرقية والافريقية بصفة عامة - ما بين المحافظة على التقاليد العريقة وبين ميل الشباب للجديد للتغيير الذى يساير به ما يحدث فى العالم ، وقد ظهر ذلك حديثا بوضوح فى مصر متمثلا فى أغانى المهرجانات التى حازت على مليارات المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعى متخطية كبار المطربين الذين لا يعرفهم معظم الشباب أصلا - ليس فى العالم العربى فقط بل حول العالم أيضا - حيث أن معظم حفلات المطربين القدامى لا يحضرها إلا كبار السن غالبا ومعظمهم لا يعرف نقيب الموسيقيين نفسه من هو ولا من هى كوكب الشرق أو من هو العندليب الأسمر. ومع تلك المرحلة الانتقالية يصعب التنبؤ بما سيحدث خلال الفترة الحالية لإن التيار الغربى بزعامة الولايات المتحدة وفرنسا يميل إلى الحرية التامة بينما التيار الشرقى بزعامة الصين والهند يميل إلى المحافظة على التراث الشرقى وعدم إهانة المقدسات والتراث باستخدام نفس أدوات العولمة والتكنولوجيا ، أما التيار العربى فهو حائر بين الجبهتين لعدم القدرة على نشر التراث العربى ليأخذ مكانته على الخريطة التكنولوجية العالمية وبالتالى ستحدث القلاقل الثقافية والمجتمعية فى الدول العربية ما بين الكبار والشباب بلا أى وضوح لانتصار أى منهما فى تغيير ثقافة المجتمعات العربية التى تعتمد بصورة أساسية على أسس عقائدية دينية قبل أن تعتمد على القوة السياسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م