الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السحرة ...يقررون مصير العراق

غدير رشيد

2021 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


• يوم الخميس الماضي ،الثاني من كانون الأول 2021، كنت أشاهد التلفاز ،فتذكرت معاهدة وستفاليا التي أقرت في أوربا في عام 1648 , وتعتبر من أهم المعاهدات تأثيرا في السيايسة الدولية فقد أنهت الحروب الدينية التي أشعلتها الكنيسة ورسخت العلمانية السياسية وأنهت عصور الظلام في أوربا التي أمتدت لمئات السنين في أوربا بسبب هيمنة رجال الدين الذين أشعلوا حروبا دينية بسبب غبائهم وجشعهم وإعتمادهم على السحر والشعوذة في معالجة قضايا مصيرية ومافعله سحرة الكنيسة بكوبرنيكس وغاليلوا من أسطع الأدلة على جرائم رجال الدين.المهم تلك المعاهدة أدخلت أوربا عصر التنوير وخلقت الفرص للثورات الصناعية المتعاقبة ومارافقها من ثورات إجتماعية وسياسية أوصلت أوربا لما هي عليه الآن،واللحاق بأوربا هو مايدعي السياسيون العراقيون إنه هدفهم.
• إذن مالذي حدث يوم الخميس،إنه اليوم الذي إنتظره العراقيون من مواطنين ومحللين إستراتيجين !!! كما يسمون أنفسهم، ففيه إلتقى السيد مقتدى الصدر بغرمائه من الإطار السياسي للقوى الشيعية ليقرروا مصير العراق بإعتبارها الفرصة الأخيرة للعراق.
• وماعلاقة ذلك اللقاء بمعاهدة وستفاليا،العلاقة واضحة ،إذ بعد 400 سنة من إنهاء سلطة رجال الدين يسير العراق عكس الزمن فيسلم مقاليد الإمور لأربعة معممين،إثنان منهما بعمامة سوداء (الصدر والحكيم) وإثنان بعمامة بيضاء (الخزعلي وهمام) ونصف دستة من غير المعممين مظهرا والمعممين جوهرا وفكرا بلحاهم وخواتمهم وسبحهم وهي أدوات الساحر ورجل الدين أو رجل الدين الساحر.
• وماعلاقتهم بالسحر، والجواب علاقة وثيقة لرجل الدين بالسحر منذ السومريين والبابليين والفراعنة إرتبط السحر برجال الدين والكهنة فهو سلاحهم المدمر والذي يثير رعبا لدى الناس، وفي كل الأزمنة لم تتقدم الدول إلا بعد عزل الكهنة، والدليل على علاقتهم بالسحر، إن السيد مقتدى مقتدى وصف مايطلق عليه في السياسة سيناريوهات / صفقات / إتفاقات وصفها ب (خلطة العطار ) وهو وصف لسلاح السحرة الدائم لحد هذا اليوم ولاعلاقة له بالمفاهيم السياسية الدولية التي يجب أن تسود في اللقاءات السياسية وفي بلد إحتلته أميركا لنشر الديمقراطية في المنطقة !!!!! ولكن هذا ماينتجه العقل الباطني.
• وحتى تغريدة الصدر بعد اللقاء (لا شرقية ولا غربية....بل حكومة أغلبية وطنية)، وهو شعار إبتكره السيد الخميني في 1978 وكان هدفه إقصاء قوى اليسار المحرك الأساس للثورة الإيرانية ولا ينطبق على حالة العراق، صحيح إنه يقصد بالشرقية إيران وبالغربية أميركا ولكن التكملة لا تتجانس مع المقدمة وأعني بها حكومة أغلبية، لأن حكومة الأغلبية قد تكون شرقية أو غربية،فيما كان تعبير السيد الخميني دقيقا لأن الجزء الثاني من عبارته كان ...بل جمهورية إسلامية.ما أقصده إن العقل الديني حتى لرجل مثل الصدر الأقرب للشارع من قوى الإطار لايمكنه أن يخرج من العباءة الدينية والمصطلحات الفقهية التي لا تناسب السياسة.
• ولم ينتبه أحد إلى أهم مخرجات اللقاء التي تعبر عن عقلية من إجتمعوا، وهو إتفاقهم على محاربة الإنحرافات الأخلاقية والمجتمعية في العراق، وهو وصف لا يستخدمه إلا من يسمون أنفسهم بمصطلح غريب غير مالوف، اي (رجال الدين). وبهذا تحولت مشكلة الفساد والطائفية وإلإصلاح الى مشكلة أخلاق المجتمع وإنحرافاته التي لا يقصد بها إنتشار الملاهي وبيوت الدعارة وصالات القمار التي تدعمها الأحزاب الدينية بل يقصد بها إبتعاد الشباب العراقي عن الدين وتدني سمعة العمامة بعد 2003.والغريب إن اللقاء لم يكن طويلا والخلافات السياسية بين الطرفين عميقة كما يتضح من تضارب التصريحات بعد اللقاء فما الذي ذكرهم بالإنحرافات المجتمعية، ولكنه الطبع الذي يتغلب دائما على التطبع المزيف.
• سألت عدد من الأصدقاء من المثقفين عن رأيهم باللقاء وتابعت ماقاله المحللين ورؤساء مراكز البحوث !!! العراقية في الكثير من القنوات وكل منهم يضرب أخماس باسداس ويتنبأ بما سيحدث، ولم أسمع من أي منهم عن إستغرابه لما وصل إليه حال العراق، وأعني به إنتظار المثقفين لما يقرره رجال دين من الدرجة الرابعة ليقرروا موقع العراق من السياسة الدولية والعولمة والتنمية الإقتصادية والإجتماعية، وكإنهم إستسلموا وإقتنعوا بهذا الحال الذي رفضته أوربا قبل 400 سنة ، بل ولايحدث حاليا في أية دولة عربية ومسلمة (عدا إيران) وحتى في إيران فإن من يقرر هو رجل دين من الدرجة الممتازة،وعليكم بدول الخليج المحافظة والمتدينة والتي لايسمح فيها لرجال الدين بالتدخل بالسياسة لعدم الإختصاص،وعليكم بمصر موطن الأزهرحيث لا يسمع صوت لرجال الدين في السياسة وحتى الدول المسلمة مثل ماليزيا وتركيا إندونيسيا ينحصر دور الشيوخ فيها في الجوامع بفعل عدم الإختصاص بالسياسة كون التخصص بديهية وركن اساسي لقيام وإستمرار الدول.
• الغريب إنه وفي نفس اليوم وفي إحدى القنوات الفضائية العراقية أظهر برنامج لوزارة الداخلية العراقية رجلا ملتحيا ألقي القبض عليه لأنه يستخدم السحر في معالجة الأمراض بإعتباره يمارس تخصصا لا ينسجم مع وظيفته كرجل دين،ولكونه يضر بالمجتمع العراقي !!!!!! .
• أربعون مليون عراقي ينتظرون ماسيخرجه السحرة من جعبهم لبناء العراق الجديد بما فيها القوى السنية والكوردية وهي قوى مدنية لكنها تنتظر قرارات رجال الدين لتصادق عليها مادام حصصهم من مناصب وأموال مضمونة.
• أخير لكل من ينتظر ويفلسف التغيير المنتظر، عليهم أن يدركوا إنهم يتعاملون مع سحرة لذلك عليهم أن لا يتفاجئوا بالمخرجات وليستخدموا مسطرة أخرى غير التي درسوها في الجامعات ويحاولون تكييفها لتلائم الحالة العراقية، وليترحموا على الماضي من أيام حسين الرحال وأمينة الرحال ومحمود أحمد السيد والزهاوي والرصافي وجعفر أبو التمن الذي رفض طلب المرجعية في ذلك الوقت لإنتقاد فيصل وقال لهم أنتم مراجع دينية نجلها فقهيا ونرفض تدخلها بالسياسة،وعليهم أن يتركوا تبجيل العهد الملكي بقياداته العلمانية مثل نوري السعيد وحتى السيد المعمم محمد الصدروكامل الجادرجي وحسين جميل وعزيز شريف ومحمد رضا الشبيبي ومنهم معممون ولكنهم كان يؤسسون لدولة مدنية وليعرفو إن سكوتهم عن تدخل وتسيد رجال الدين على السياسة في العراق بإعتباره اس/ جذر المشكلة العراقية هو خيانة للفكر والعقل والمنطق والوطن وهم شركاء فيه شاؤا أم أبوا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نوري سعيد جزار العراق وليس علماني-ولنبتعد عن خلطات
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 12 / 5 - 17:23 )
العطار-ورجال الدين ممثلون حقراء للعبودية والاقطاع والد اعداء التقدم للامام وعلينا العمل من اجل تنمية العراق -تحياتي