الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان وتعزيز خيار الدولة

محمود زعرور

2006 / 8 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


القرار الآممي رقم 1701 الصادر عن مجلس الآمن الدولي قضى بوقف الآعمال العدائية المتبادلة ، وقدم أسسا لحل جذري ، وشامل ، لمسائل النزاع ، من شأنها وضع حد ، أخير ونهائي ، هذه المرة ، لإمكانية تجدد حرب ممكنة ، أو محتملة ، إذا ما تم ، بالفعل ، وبشكل متبادل ، التزام دقيق من لبنان واسرائيل بتطبيق فعال لبنود القرار المذكور ، والتقيد التام بتجسيد الموافقة عليه في إنشاء أوضاع جديدة على الآرض .
بالطبع ، ما كان يمكن للبنان النجاح في الوصول إلى هذه الدرجة من إقناع المجتمع الدولي برؤيته للحل ، وانتزاع حقوق ومكاسب مهمة في نص القرار ، لولا عوامل عديدة .
منها تضامنه وتماسكه الكبيرين ، على المستوى الشعبي والاجتماعي ، وقد تجلى ، فيما تجلى ، باحتضان المهجرين ، في كافة مناطق لبنان ، ولولا الالتفاف الموحد حول الحكومة اللبنانية ، الذي أفضى إلى تحقيق إجماع وزاري لخطة رئيس الوزراء ، والتي عرفت بالبنود السبع ، وكانت مشجعة لتصور فرنسي للحل ، وقريبة ، فيما بعد ، من مشروع القرار الفرنسي - الآمريكي ، الذي غدا ، بعد الموافقة عليه ، في مجلس الآمن ، بالإجماع ، قرارا دوليا .
غير أن العامل الآهم ، برأيي ، الذي ساعد لبنان على بلوغ وضع مقبول ، في هذا الصدد ، تمثل بقرار الحكومة اللبنانية ، في نشر الجيش اللبناني في الجنوب ، كخطوة مهمة من خطوات بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها ، وكشكل من أشكال الاضطلاع بمهمات فرض السيادة الواحدة ، غير القابلة ، في المبدأ ، للتجزئة ، أو التعدد .
أعتقد أن انتشار الجيش في الجنوب ، يستجيب لتلك الدعوات ، التي طالما طالبت بأن تأخذ الحكومة اللبنانية ، على عاتقها ، مهمة تأمين البلاد ، وحمايتها ، وأن يتم الاتفاق على حق احتكار الدولة ، وحدها ، للسلاح ، وأن تمتلك قرارات الحرب والسلم ، وهي أوضاع سيادية بامتياز، من شأنها الحفاظ على وحدة لبنان ، واستقلاله ، وسيادته.
لقد أدرك اللبنانيون ، في فترة الحرب ، أهمية تأجيل النقاش ، والتوقف ، مؤقتا ، عن النظر في الاختلافات الكبرى ، وخاصة الآساسية منها ، بينهم وبين ( حزب الله ) وأعلنوا ، وبشكل خاص ، قوى وأحزاب 14 أذار ، أن الوقت ، الآن ، هو للتضامن الاجتماعي ، وتقوية التماسك الوطني ، واحتضان المهجرين ، وبذل الجهود لتأمين ضغط عربي ودولي من أجل العمل على وقف إطلاق النار ، وهي مواقف أكسبت الدولة اللبنانية عناصر قوة مؤثرة ، وفاعلة ، لجهة الاتفاق على تفويض الحكومة بالتكلم مع المجتمع الدولي ، والتفاوض من أجل بناء أوضاع جديدة ، تكفل الحقوق اللبنانية ، وسلامة الدولة .
وتم الوصول إلى الموافقة على القرار الدولي 1701 ، بعد أن أرسلت الحكومة بخطوة نشر الجيش في الجنوب ، رسالة جديدة وقوية ، هذه المرة ، بإمكانية ممارستها لدور مهم من أدوار السيادة ، وفرض السلطة الشرعية على كامل أراضيها.
الآن ، وبعد توقف الحرب ، وبعد دخول القرار الدولي حيز التطبيق الفعلى ، بخطواته الآولى ، سيكون مهما وضروريا البدء بحسم كل القضايا الآساسية ، التي تتصل بتعزيز خيار الدولة ، والذي سيكرس الحق في السيادة ، وبسط السلطة الكاملة على كافة الآراضي اللبنانية ، وامتلاك الدولة ، وبشكل مطلق ، لقرارات الحرب
والسلم.
من حق اللبنانيين القلق ، الآن ، من إمكانية بقاء لبنان ساحة لنفوذ ، أومصالح خارجية ، سورية في السابق ، أو إيرانية - سورية ، كما يراد الآن ، إلى الحد الذي لا يتردد فيه مسؤولون سوريون عن الحديث عن تغيرات في خارطة القوى السياسية اللبنانية مثلا ، أو أن يعمد مسؤولون إيرانيون إلى التصريح برفض نزع سلاح ( حزب الله ) وهي مواقف تؤكد قلق اللبنانيين على مستقبل بلادهم ، وتبرر دعوتهم الدائمة ، والمتكررة ، من أجل إحياء وتفعيل إتفاقية الهدنة لعام 1949 ، واعتماد اتفاق الطائف ، كمرجعية تنظيمية وتأسيسية للدولة اللبنانية ، والمضي قدما في التنفيذ الدقيق لبنود القرار الآممي ، بدون عراقيل أو انتقائية.
بالتطبيق الآمين للقرار ، يتم تحقيق أهداف لبنان في الانسحاب الاسرائيلي من أراضيه ، ونشر الجيش ، والقوات الدولية ، وعودة المهجرين ، وحل قضية مزارع شبعا ...الخ ، وهي خطوات تسهم في تأسيس وضع مستقر ، يضمن أسسا ثابتة ، وشاملة ، لحل دائم ، يطوق إمكانية بروز ذريعة من هنا أو تهديد من هناك في أي وقت من الآوقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون