الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الذكرى الثامنة لرحيل الشاعر الثوري احمد فؤاد نجم

زهير الصباغ

2021 / 12 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


متى بدأت معرفتي بظاهرة نجم-امام
تعالج هذه المقالة الذكرى الثامنة لرحيل الشاعر الثوري احمد فؤاد نجم ولقاؤنا به في القاهرة في العام 1983. وفي البداية، ستشمل هذه المقالة السياق الاجتماعي والسياسي الذي تمت من خلاله زيارتنا لمصر ولقاؤنا بثلاثي جمهورية القاع: الشاعر الثوري احمد فؤاد نجم والمغني-الملحن الشيخ امام عيسى، وضابط الإيقاع-الفنان التشكيلي محمد علي.
وفي البداية اود ان اذكر انني تعرفت على اشعار احمد فؤاد نجم واغاني الشيخ امام عيسى من خلال بعض الأصدقاء وذلك في مطلع السبعينات من القرن الماضي. وكنا، في حينها، نستمع لأغاني الشيخ امام من خلال اشرطة الكاسيت التي كانت تصلنا من هؤلاء الأصدقاء واللذين كانوا يدرسون علوم المسرح في بلجيكا.
السياق الاجتماعي-السياسي
في العام 1979، عقد نظام السادات اتفاقية "كامب ديفيد" مع النظام الصهيوني وذلك بعد زيارته لإسرائيل في العام 1977. وبموجب هذه الاتفاقية، انسحبت مصر من معسكر المواجهة مع إسرائيل، لتنضوي للمعسكر الرجعي العربي بقيادة النظام السعودي الموالي للاستعمار الأمريكي. كما وخرجت مصر من المعسكر الاشتراكي لتنضم للمعسكر الامبريالي الأمريكي. وكان السادات، قبل ذلك، قد قام بطرد الخبراء السوفييت الذين كانوا قد ساعدوا مصر سابقا، في بناء السد العالي، والذين دربوا الجيش المصري على استعمال منظومة الصواريخ السوفياتية التي تلقتها مصر من الاتحاد السوفياتي بعد هزيمة حزيران في العام 1967. بالإضافة لذلك، قام النظام الراسمالي المتهالك في مصر، بإلغاء الدعم الحكومي عن السلع الاستهلاكية الأساسية، فارتفعت الأسعار بشكل جنوني.

أدت هذه الخطوات الرجعية الى اثارة السخط والغضب لدى الجماهير العريضة التي كان يقودها اليسار المصري والناصريين التقدميين. فاندلعت المظاهرات الصاخبة، في عدة مدن، ضد اتفاقية "كامب ديفيد" وضد خطوات "التقشف" التي تمت بناء على توصيات البنك الدولي، الذي طلب من السادات إزالة الدعم الحكومي عن السلع الاستهلاكية الأساسية التي كانت الجماهير الشعبية تستهلكها يوميا. فشاطت الأسعار، ونزلت على اثرها، جماهير الشعب العربي المصري، الى الشوارع لتعبر عن استيائها وغضبها من الأوضاع الاقتصادية والسياسية والمعيشية التي أصبحت صعبة للغاية، وعرفت هذه المظاهرات الصاخبة بانتفاضة يناير، التي بدأت في 17 كانون الثاني سنة 1977 لتستمر حتى 18 كانون الثاني 1977.
أصيب النظام بالهلع الشديد، وفقدت شرطة النظام مقدرة السيطرة على الوضع، فنزل الجيش المصري الى الشوارع، ومعه أوامر باطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. وخلال يومين من القمع الفاشي، سقط 80 شهيدا و214 جريحا، فتوقفت المظاهرات. بالإضافة لذلك، قام، نظام القمع الفاشي، باعتقال 1000 متظاهر و200 قيادي يساري مصري، ومن بينهم الشاعر احمد فؤاد نجم الذي اتهم بالتحريض على النظام وبالتظاهر ضده.
في داخل السجن، التقى الشاعر بالسجناء الشيوعيين وتحاور معهم. ومن وحي التفاعل الإبداعي مع خلفية وواقع " انتفاضة يناير" وشعاراتها، ومن ثأثير الحوارات مع القادة الشيوعيين، نظم الشاعر احمد فؤاد نجم قصيدة رائعة ولاذعة اسماها "هُمَ مين واحنا مين" والتي تظهِر بوضوح كل من البنية الطبقية للبرجوازية الرثة المهيمنة في مصر، والقهر الطبقي الذي تعاني منه الجماهير الشعبية. ما يلي هي بعض ابيات القصيدة:
منشد: هُمَ مين واحنا مين
كورس: هُمَ الامرا والسلاطين
هُمَ المال والحكم معاهم
واحنا الفقرا المحكومين
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا بيحكم مين
منشد: احنا مين وهُمَ مين
كورس: احنا الفعلا البنايين
احنا السنة واحنا الفرض
احنا الناس بالطول والعرض
من عافيتنا تقوم الأرض
وعرقنا يخضر بساتين
منشد: احنا مين وهُمَ مين
كورس: احنا قرنفل على ياسمين
احنا الحرب حطبها ونارها
احنا الجيش اللي يدمرها
واحنا الشهدا بكل مدارها
منكسرين او منتصرين
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا بيقتل مين
منشد: هُمَ مين واحنا مين
كورس: هُمَ بيلبسوا اخر موضة
واحنا بنسكن سبعة بأوضة
هُمَ بياكلوا حمام وفراخ
واحنا الفول دوخنا وداخ
هُمَ بيمشوا بطيارات
واحنا نموت في الاتوبيسات
هُمَ حياتهم بمبي جميلة
هُمَ فصيلة واحنا فصيلة
حادي يا بادي
يا عبد الهادي ياللي عليك
قصد الغنوة دي
لما الشعب يقوم وينادي
يا احنا يا هُمَ
في الدنيا دي
حزر فزر شغل مخك
شوف مين فينا حيغلب مين

وكرد على تنامي الوعي الوطني بين فئات من المثقفين الثوريين، قام نظام السادات بقمع الحريات الديمقراطية في داخل مصر وحارب الضمائر الحرة وقتل الابداع وشجع كل من: الابتذال والتطبيل وحرق البخور لمبادرته الرجعية، كما وباع كرامة الشعب العربي في مصر للبنك الدولي وللاستعمار الأمريكي وللنظام الصهيوني. ونتيجة لاعتماده كليا على البرجوازية المصرية الرثة، اصبح نظام السادات هشا، تتقاذفه مشاكله السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لذلك اصبح النظام يخاف الكلمة الحرة ويرتجف امام شاعر ومغن، كل ما يملكانه شعر ثوري وضمير وطني وعود وحنجرة.
نجاح الفن الثوري في اختراق الحصار الإعلامي للبرجوازية
حاول النظام البرجوازي احتواء الشاعر والمغني من خلال الاغراءات المادية والمساومات، وفشل في ذلك. وبعدها لجأت المباحث الى تلفيق تهمة حيازة مخدرات للثنائي نجم-امام، وتم اعتقالهما وقدما للمحكمة وتمت تبرئتهما وخرجا من السجن بالكفالة.
بدأت بعدها حملة مخططة في الصحافة المأجورة قادتها صحيفة الاهرام، وذلك من اجل محاربة ظاهرة "نجم-امام" من خلال التلفيق وتشويه الحقائق ونشر الأكاذيب. وفشلت ايضا هذه الحملة.
وصرح لي الشيخ امام اثناء المقابلة معه في بيته في حي الغورية في القاهرة في عام 1983: "عُرض علي وعلى نجم الثروة والرشوة والمقام العالي، وفُتح امامنا التلفزيون والراديو وذلك من قبل المسؤولين الكبار والصغار، بشرط ان "نغني للنظام، وان لم نقم بذلك ان نطبق افواهنا. رفضنا القيود الذهبية وفضلنا الحرية مع الفقر".
مثقفو مقهى ريش
بالإضافة لموقفه السياسي تجاه نظام كامب ديفيد، كان للشاعر احمد فؤاد نجم موقفا نقديا للمثقف المزيف والثرثار. وظهر هذا الموقف في قصيدته "يعيش اهل بلدي".
ينتشر الوعي النصفي بين فئة من المثقفين واللذين ينشغلون دائما في إخفاء نصفهم البشع وتضخيم نصفهم البديع والجذاب، لذلك نراهم كثيري الثرثرة وعديمي الممارسة، يطلقون الشعارات الثورية في الهواء، يحلمون بالثورة ويخافون القيام بها او المشاركة بها عندما تحدث. ويمكن مشاهدة هؤلاء وهم يجلسون في "مقهى ريش" في وسط القاهرة.
في قصيدته "يعيش اهل بلدي" يصف لنا الشاعر احمد فؤاد نجم سمات ثوريي الصالونات:

يعيش المثقف على مقهى ريش
يحفلط يزفلط كثير الكلام
عديم الممارسة عدو الزحام
بكام كلمة فاضية
وبكام اصطلاح
يفبرك حلول المشاكل اوام
يعيش اهل بلدي
صوت الثورة يصل فلسطين

انتشرت، في منتصف السبعينات، ظاهرة أغاني شريط الكاسيت. وشكل شريط الكاسيت الوسيط الثقافي للجيل الشاب وكانت خير أداة للفرق الغنائية الثورية لينتشر انتاجها الفني في العالم العربي، مثل فرقة جيل جيلاله المغربية التي التزمت بتطوير الموسيقى الأندلسية والأغاني الشعبية المغربية التي تخدم القضايا الاجتماعية والسياسية في المغرب والتي اعتمدت في أدائها على الآلات الإيقاعية والوترية.

بدأ الثلاثي احمد فؤاد نجم، الشيخ امام عيسى، ومحمد علي، فرقتهم باتباع الأسلوب ذاته حيث كانوا يقومون بتسجيل اغانيهم على اشرطة الكاسيت التي بدأت تنتشر في العالم كالنار في الهشيم. وصلت بعضها للناصرة وكانت في حينها، بداية السبعينات، مدينة صغيرة تحوي بعض المثقفين والفنانين المبدعين.

كنت، في حينها، عضوا في لجنة المسرح الحديث في الناصرة الذي اداره المخرج المسرحي صبحي الداموني. وكنا نجتمع في البيوت لتعذر وجود مراكز ثقافية في الناصرة. كنا نعمل في النهار ونجتمع مرة او مرتين في الليل وفي نهاية الاسبوع لنعالج قضايا المسرح. كانت جلساتنا مليئة بالحوارات والنقاشات الثقافية، الاجتماعية والسياسية، كما كنا نناقش أوضاع مدينة الناصرة والصراعات التي بدأت بين البلدية التقدمية برئاسة شاعر المقاومة توفيق زياد والحكومة الصهيونية التي ارادت إزالة البلدية بحرمانها من الميزانيات، والتي اتبعت سياسة متوحشة قمعية وبوليسية تجاه الناصرة والحركة الوطنية داخلها.

وفي جلساتنا هذه، التي كانت تعقد في بيت الصديق سعيد الزعبي، تعرفنا على أغاني الشيخ امام عيسى والتي بدأنا نستمع اليها من اشرطة الكاسيت التي جلبها لنا من بلجيكا الصديقين مخرجي الافلام الاخوين جورج وميشيل خليفي. وكانت سهراتنا مليئة بالنقاشات خاصة للموضوعات التي كان يطرحها الشعر الثوري لاحمد فؤاد نجم.

زيارة لمصر واللقاء بثلاثي جمهورية القاع

في شهر تموز 1983 ذهبت انا ورفيقة دربي مها عبدو الى مصر. وكان الهدف من الزيارة التعرف على الشعب العربي المصري وعلى مجتمعه وبلاده واثارها وتاريخها العريق كما كان الهدف الالتقاء ببعض من الشعراء والكتاب والفنانين الملتزمين والتقدميين. وهناك في القاهرة وفي احد احيائها الفقيرة والمهملة – حي الغورية - التقينا بالشاعر احمد فؤاد نجم، المعروف بابو النجوم او الفاجومي. كما والتقينا بالمغني-الملحن الشيخ امام عيسى، وبالرسام التشكيلي محمد علي، وهو ضابط الإيقاع في ثلاثي جمهورية القاع.

وبالإضافة لهؤلاء الفنانين الثوريين، التقينا بالنحات محمود اللبان، وبالكثير غيرهم من مبدعين وثوريين. ما يلي هو بعض الانطباعات عن الشاعر الثوري احمد فؤاد نجم. انطباعاتي عن الشيخ امام عيسى سوف اكتبها في مناسبة أخرى.

اثناء لقاءاتنا معهم، ومن خلال الحديث والحوار والمسامرة، لاحظنا بوضوح انهم بالإضافة لتبنيهم مباديء تقدمية فقد قاموا بتطبيقها على حياتهم وعلى علاقاتهم الاجتماعية. ولم نلاحظ لديهم وجود اية ملامح للغطرسة النرجسية، او لنظرة الترفع على زملائهم وأبناء مجتمعهم. فهم لا يحبون المدح والتطبيل والتزمير واطلاق الألقاب الرنانة على انفسهم. بل لديهم ما يكفيهم من الثقة بالنفس وبالناس. ولذلك، يتصرفون بتلقائية ولا يصطنعون تواضعهم. فهم مندمجون في الحي الذي يسكنوه ويختلطون بالناس البسطاء والطيبين والذين يكنون لهم بالغ الاحترام والتقدير، فهم يساريون في النظرية والممارسة، ويحملون أفكارا ثورية واخلاقا ثورية، ويسعون من خلال الفن الثوري الى رفع مستوى وعي الجماهير الشعبية.

عندما التقينا بالشاعر احمد فؤاد نجم في شقته المتواضعة، استقبلنا بحفاوة بالغة. وكان تلقائيا ويشع إنسانية ودفئا لا يوصفان. ولاحظنا كيف كان دائما مع الناس وبينهم، يشاركهم افراحهم واحزانهم. وشقته يطرقها العديد من أصدقائه ومعارفه من الثوريين الحقيقيين الصادقين، من مصر ومن مختلف اقطار العالم العربي. وهو لا ينقطع عن محادثة زائريه من الناس، في الليل والنهار، يشاركهم طعامه وافكاره. واحمد فؤاد نجم صاحب نكتة اصيلة وفكر ثاقب يختلط دون تزييف بتواضع غير مصطنع.

قمنا بالالتقاء بالشاعر احمد فؤاد نجم، عبر عدد من السنين، وعدد من المرات بحيث اصبحنا أصدقاء. وتعرفنا على زوجته اميمة وابنته زينب. كما وزرناه في شقته على جبل المقطم والتي انتقل اليها بعد الزلزال الذي ضرب القاهرة وهدم جزء كبير من حي الغورية والذي يرجع تاريخه للعصر الفاطمي. وعندما كنا نلتقي به كنا نسأله ماذا تريد ان نحضر لك من فلسطين في المرة القادمة؟ وكان جوابه دائما الزعتر الفلسطيني والحطة الفلسطينية. وخلال اللقاءات كان الشاعر حريصا على معرفة أوضاع الفلسطينيين ونضالاتهم، وكان يطرح علينا أسئلة كثيرة خاصة عن الانتفاضة الأولى وأطفال الحجارة. وكان يجمع الأصدقاء والمفكرين بنا لكي نحدثهم عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المستعمَرة. وفي احدى الليالي حضرت الفنانة فردوس عبد الحميد برفقة زوجها الفنان محمد فاضل حيث التقينا بهما في قصر اثري لشيخ بندر التجار والذي يقع في حي الغورية. وكانت فردوس تتدرب على مسرحية غنائية كتب كلماتها الشاعر احمد فؤاد نجم. كما والتقينا بالملحن فاروق الفيشاوي وبمخرج المسرح مراد منير. وكنا قبل ذلك قد التقينا بالدكتورة نوال السعداي وبزوجها السابق الكاتب شريف حتاتة. واثناء زيارتنا لمقر جمعية تضامن المراة العربية الذي كانت تديره الدكتورة نوال السعداوي، التقينا بالشاعر ادونيس. وكنا قد اقترحنا على الشاعر احمد فؤاد نجم ان نذهب سويا لزيارة الدكتورة نوال وزوجها. ووافق احمد فؤاد نجم وذهبنا سويا لبيتها بحي الجيزة. واستقبلتنا الدكتورة نوال وزوجها شريف بترحاب شديد. وبقينا لديهما عدد من الساعات قضيناها في الحوار الثقافي والسياسي والاجتماعي.

التقينا بهؤلاء المبدعين مرات عديدة واستقبلونا في بيوتهم بحفاوة بالغة وكانت لقاءاتنا بهم ممتعة جدا ومفيدة. ومن خلالهم ظهر لنا الوجه الحقيقي للشعب العربي في مصر وظهرت لنا هذه الفئة وكأنها البوصلة التي تشير بكل وضوح الى طريق التحرر السياسي-الاجتماعي للشعب العربي في مصر وفي كافة اقطار العالم العربي.

مر الشاعر احمد فؤاد نجم بظروف صعبة جدا من فقر ومعاناة في إيجاد عمل. وعانى الشاعر من الاضطهاد السياسي واعتقل عدة مرات بسبب اشعاره ومواقفه السياسية. كما وعذب عدة مرات داخل السجون المصرية ومنع من السفر ومن المشاركة في الندوات الأدبية ومن زيارة الجامعات المصرية. وكانت حياته عبارة عن نضالات سياسية ومعاناة. كما ان كافة وسائل اعلام النظام تجاهلته كما وتجاهلته وسائل اعلام المعارضة. مع ذلك كان يجد وسائل عديدة في اسماع كلمته وفي القاء قصائده في الحدائق العامة كما واستطاع نشر أغاني الشيخ امام من خلال اشرطة الكاسيت.

وعمقت هذه التجارب الإنسانية الوعي السياسي-الاجتماعي لدى احمد فؤاد نجم وظهرت له القضية الوطنية بان لها بعدا طبقيا واضحا، وبأن معاناته لها ارتباط مع معاناة الشعب العربي في مصر الذي اضطهد بدوره من قبل النظام الطبقي ذاته. وظهر له ان القمع السياسي هو قمع طبقي تقوم به شلة البرجوازية الرثة الذين يقفون على راس الهرم الطبقي في مصر. وكانت قصائده تحمل نقدا شديدا لهذا النظام القمعي وتفاؤلا كبيرا بعدم استدامة الاضطهاد واملا كبيرا بالتغيير الثوري.

وبعد اللقاء الأول قررت ان أقوم بتأليف كتاب عن ظاهرة الشاعر احمد فؤاد نجم والملحن-المغني الشيخ امام عيسى كونها أولا ظاهرة فريدة من نوعها في العالم العربي، وثانيا كونها ظاهرة تم التعتيم عليها من قبل الصحافة الرجعية في العالم العربي. وفي بداية العام 1984 صدر كتابي "قضية وثلاثة مناضلين". ويحوي الكتاب ثلاثة لقاءات مع الشاعر احمد فؤاد نجم، والمغني الشيخ امام عيسى، وضابط الإيقاع الفنان التشكيلي محمد علي. بالإضافة لذلك يحوي الكتاب المواضيع التالية: الفن الشعبي المناضل، انتفاضة يناير – 1977، سجون وتعذيب، ومحاولة لتقييم الانتاج الادبي-الفني لنجم وامام. ونتيجة لعدم وجود دار للنشر مستعدة لاصدار الكتاب، قمت باصداره بجهودي الخاصة. بعدها قمت بتهريب عدد من نسخ الكتاب لمصر، كونه كتابا معاديا لنظام السادات ولكامب ديفيد. وعندما أوصلت بعض النسخ لاحمد فؤاد نجم، اخبرني بان كتابي هو اول كتاب يتناول الظاهرة في العالم العربي، وادخل هذا الامر في قلبي السرور والاعتزاز.

وتقوم اليوم عدد من الفرق الغنائية في العالم العربي، وعدد من الفنانين العرب بإعادة غناء أغاني الشيخ امام، منها فرق طلابية وأخرى محترفة للفن الثوري. وظهر في فلسطين الفنان الفسطيني البير مرعب من ترشيحا في الجليل الفلسطيني، الذي تخصص في غناء أغاني الشيخ امام والذي رحل عن الدنيا قبل أسابيع وجيزة. كما ظهرت في الضفة الغربية المستعمَرة فرقة يلالان وفرقة اسكندريلا في مصر. ونشهد اليوم انبعاثا جديدا للفن الثوري الذي اسسه الشاعر احمد فؤاد نجم والشيخ امام عيسى.

ستبقى ذكراه واشعاره خالدة في وجدان الشعوب المقهورة في العالم العربي لانها تعبر بدقة عن القمع السياسي والكرامة الوطنية والإصرار على مواصلة النضال وعدم الاستسلام والتفاؤل بتغيير الوضع السياسي الاجتماعي. وهذا يثبت ان الأفكار الثورية التي طرحها احمد فؤاد نجم في اشعاره لا زالت تناسب الأوضاع الاجتماعية والطبقية والسياسية السائدة في العالم العربي. وهذا خير دليل على بُعد الرؤيا الذي كان يتحلى به الشاعر احمد فؤاد نجم. وستبقى ذكراه وكلماته خالدة في ذاكرة الأجيال المعاصرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا