الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة التاسعة والعشرون

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2021 / 12 / 6
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


لتوليد الاثارة استخدم محفزات التشويق الداخلية
لتشد انتباه القارىء دعه يترقب


مالذى يجعل كتابا أو قصة ما غير قابلة للمقاومة ، ومشوقة جدا بحيث لا تستطيع التوقف عن فرائتها ؟


واحدة من الأدوات التى لا يمكن الاستغناء عنها ، هى محفزات التشويق الداخلية .


هذا الاسلوب يترك القارىء متلهفا للمزيد ، كأنه واقع تحت سحر ما . والتشويق يجعل القارىء ، وأحيانا إحدى الشخصيات ، متعلقا بترقب .


لم يكن السبب وراء الشعبية الجارفة لرواية " شفرة دافنشى " هو أسلوب مؤلفها ( دان براون ) فى الكتابة النثرية ، بل الحبكة الذكية للقصة المبنية على تسلسل المشوقات الداخلية .


وللتدليل على ذلك لنقرأ معا التأثير الواضح لهذه التقنية فى المقاطع التالية :

" بينما كان يسقط ، تراءى له شكل شبحى شديد الشحوب يحوم فوقه قابضا على سلاح نارى . بعد ذلك أطبقت عليه حلكة دامسة ".


" وقبل أن تتمكن صوفى وتينج من الرد ، اجتاحهما بحر من أضواء الشرطة الزرقاء من أسفل التلة وبدأت فى الصعود حتى بلغت منتصف الطريق اليهما " .


" بوجه قاطب قال تيبنج : أصدقائى ، يبدو أن هنالك قرارا مهما علينا اتخاذه ، وعلينا فعل ذلك فى أسرع وقت " .


" ضغط لانجدون على الزر صفر ، وهو متأكد فى قرارة نفسه أن الثوانى القليلة القادمة قد تحمل الجواب لسؤال ظل يحيره طوال تلك الليلة " .


" شعر لانجدون بجسمه يرتعش وهو يتوغل داخل الغرفة الدائرية . من المؤكد أن هذا هو المكان الصحيح " .


كل مقطع من المقاطع السابقة هى نهاية فصل . مشعلة فضول القارىء فى معرفة ماذا سيحدث لاحقا . ولذلك إن اردت أن تبيع الملايين من نسخ كتابك عليك تعلم حرفة التشويق .


وأنت لست فى حاجة إلى حبكة شديدة التعقيد لكى تأسر فضول القارىء . تامل مذكرات ( تونى هيندرا ) الأب جو كيف يصف الراهب الحكيم والمحسن الذى ساعد المؤلف فى اجتياز الأوقات العصيبة التى واجهته فى شبابه عن طريق النصح والإرشاد .


ولنقرأ معا نهاية الفصل الثالث " وفجأة سمع صوت أحذية وهى ترتطم بأرضية الممر وحفيف أردية طويلة ترافقها .


فتح الباب، وهنالك وقف أحد أغرب المخلوقات البشرية التى رأتهن عيناى " .


ليس من الضرورى أن ترسم مشهدا فى غاية الغرابة لكى يكون لديك مكان تشويق ، وحدها الرغبة فى معرفة ماهية شكل الاب جو ، ما دفعنى إلى قراءة الفصل التالى .


ولم اضطر الى البحث بعيدا عن مثال للمحفز الداخلى للتشويق ، فقد عثرت على صفحة من صحيفة محلية تصف الصراع الذى دار من أجل منع مجموعة من السكان المحليين من القفز من أعلى جسر شاهق للغاية .


لم تشكل هذه الحادثة مشكلة رهيبة لتلك المدينة وحسب ، بل منحت لكل جسر شاهق سحرا جاذبا لكل راغب فى الانتحار ، وفى التالى نقرأ مقدمة القصة الخبرية التى كتبتها الصحفية جامى جونز :


" غادرت الفتاة الشقراء الكنيسة فى عصر يوم عاصف وقادت سيارتها متجهة الى أعلى جسر " صن شاين " الشاهق مرتدية حذاء ذا كعب عال وفستانا لامع السواد . تسلقت حافة الجسر وهى تنظر نحو المياه الباردة الزرقاء على بعد 197من تحتها ، كانت

الرياح الهادرة تحثها فى مسعاها . لقد حان الوقت ، قالت فى نفسها .


رفعت ذراعيها عاليا باتجاه السماء ودفعت نفسها من على الحافة . تابعها رجلان فى قاربيهما بنظريهما بينما كانت تغطس كإوزة فى مياه شاطىء تامبا .


فى منتصف الطريق نحو المياه شعرت برغبة جامحة فى الرجوع . لا أريد الموت ، خاطبت نفسها .


بعد ذلك بثوان قليلة ارتطمت بالمياه التى ابتلعتها كليا ثم تركتها . كانت تصرخ وهى تخترق طريقها نحو سطح الماء " .


لطالما تسائلت إذا ما كان من الأفضل لو أن الكاتبة أوقفت وصف المشهد فى اللحظة التى رمت الفتاة نفسها من حافة الجسر . ومع ذلك ، فإن التأثير لا يزال قويا بالطريقة التى رتبت فيها الكاتبة الأحداث .


لقد قسمت القصة الى سبعة أجزاء ، وفصلت كل جزء بثلاث نقاط سوداء واضحة للعيان . وفى نهاية كل جزء كافأت القارىء بسرد درامى حفزه لقراءة بقية القصة .


قد لا نظن أن محفزات التشويق هى أدة تنبع من داخل النص . بل نربطها بأحداث المغامرات المتسلسلة فى فيلم ما ، أو عمل تلفزيونى يحمل نهايات كبيرة .


والأضخم من بين تلك النهايات ، هى التى تأتى مع نهاية العمل أو الفيلم وتأسر فضولك وتغرقك فى بحر من الحيرة والتساؤل .تأمل فى العبارة التى تظهر فى نهاية العمل " يتبع .. " ، العبارة التى تجعلنا ننتظر تكملة الجزء الثانى من المسلسل بفارغ الصبر .


ولقد عثرت على أمثلة أخرى للمشوقات الداخلية بينما كنت أقرأ بعض روايات المغامرات المخصصة للناشئة .

أحمل بين يدى نسخة أول رواية من روايات " نانسى درو " الغامضة ، " سؤال الساعة القديمة " . ولأقرأ عليكم مقطعا من الصفحة 159 ، وهى خاتمة الفصل التاسع عشر :


وهى تقبض بشدة على البطانية والساعة بين ذراعيها ، جاهدت نانسى درو بين الزحف والتعثر بلأشياء المبعثرة للخروج من الشاحنة قبل فوات الأوان .كانت خائفة من فكرة أن يكتشف اللصوص وجودها فى الشاحنة .


وحين بلغت الباب ، قفزت بخفة على الأرضية . لقد صار فى وسعها الان سماع وقع اقدام ثقيلة تقترب أكثر فأكثر أغلقت نانسى باب الشاحنة وأخذت تبحث كالمجنونة عن المفاتيح .


" ياه ، ماذا فعلت بهم ؟ " فكرت بذعر .


رأت المفاتيح سقطت من الباب على الأرض ، فالتقطتها ، ووضعت المفتاح الصحيح فى القفل على عجل ، ثم أحكمت قفل الباب .


لقد فعلت ذلك فى اللحظة المناسبة تماما . ما ان عادت اعقابها حتى سمعت همهمات لأصوات غاضبة فى الخارج .


كان اللصوص يتجادلون فيما بينهم ، بينما شرع أحدهم فى العمل على فك باب الحظيرة .


لقد انقطع سبيل الهرب . وشعرت نانسى بأنها محاصرة . " يالهى ، ماذا افعل الان ؟ فكرت بيأس.


والان بعد أن قرأت تلك الأمثلة عن محفزات التشويق الداخلية أتحداك أن تتوقف عن القراءة . فكر فى الأمر .


هذا الاسلوب يبعث الطاقة فى كل حلقات أى مسلسل تلفزيونى . حتى برامج الواقع تجعلنا نتحمل الإعلانات التجارية كى نعرف أيا من المشاركين سوف يقصى من البرنامج . وبذلك ، فان أى عنصر درامى يأتى قبل التغيير فى الأحداث هو نوع من أنواع
المحفزات الداخلية .


والى الاداة الثلاثون فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تحذر من أن المعاهدات لن تمنعها من الحفاظ على أمنها القوم


.. وزير الدفاع الأمريكي: يمكن شن عمليات عسكرية بفاعلية بالتزامن




.. نقل جثامين الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه من تبريز لطهران ا


.. استشهاد 4 وإصابة أكثر من 20 في قصف إسرائيلي لمنزل عائلة الشو




.. هل تسير مجريات محاكمة ترامب نحو التبرئة أم الإدانة؟ | #أميرك