الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الليبرالية تنتج اللاجئين وترفضهم

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2021 / 12 / 7
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


يؤشر هذا المقال إلى الطبيعة الليبرالية لأزمة أوروبا والعالم الثالث بمختلف أشكالها الاقتصادية السياسية والثقافية والاجتماعية، محاولاً كشف الطبيعة الأنانية والإستعمارية لحصرها في موضوع اللاجئين وزيادة عددهم، بحكم ان ظاهرة اللجوء وزيادة عدد اللاجئين إلى ثراء دول غرب أوروبا مرتبط بزيادة تناقضات ومآسي وقمعيات النظام الليبرالي في دولهم وبجودة أسس المعيشة والخدمات الأولىة في غرب أوروبا .

ويحاول المقال تبيين خطل ربط زيادة اللاجئين بكلام مالتوسي عن ان موارد دول غرب أوروبا لن تكفي اللاجئين وشعوبها، كما يحاول المقال كشف الطبيعة الاجرامية المضادة لحقوق الإنسان لسياسة الدول الامبريالية المسماة "مكافحة الهجرة غير الشرعية" وهي سياسة عروتها وقف حق اللجوء ومنعه وابطاله لغالبية اللائذين من المظالم في بلادهم وذلك بزعم أنهم لدن هجرة غير شرعية وليسوا ضحية نظم ليبرالية تستعمل ضدهم كل انواع البطش. .




1- أوليات:

(أ) القانون:
أعطى القانون الدولي عبر شرعة حقوق الانسان ومعاهدة جنيف لكل من تتعرض كرامته أو حريته أو حياته أو سلامة جسمه للخطر الحق في النجاة بهم واللجوء إلى أي دولة توفر له كشخص وأسرته السلامة من الأذى الواقع عليهم.

(ب) الملجأ:
عادة ما يتجه اللاجئي إلى دول غرب أوروبا حيث إمكانات دعم اللاجئي واحتمال إزدهار أبناءه أكثر بكثير من باقي دول العالم لدول ومجتمعات غرب أوروبا ثرية جداً في كلياتها الاقتصادية ووسائل تعاملها بسبب ثروات غرب أوروبا الترليونية المكونة من الإستعمار القديم والمضاربات والمتاجرات بموارد العالم الثالث وما ترابيه من هذه الموارد.

(ج) اللجوء كإنقاذ واللجوء كأزمة:
منذ عهود قديمة إرتبط فعل الخروج واللجوء وتبديل بعض الناس لدول إقامتهم و فعل قبولهم في مجتمعات ودول أخرى إرتبط بمسحة رفض ونضال ثقافية سياسية وبروح إجتماعية انسانية، تزكي اللجوء فعلاَ وقبولاً. ولكنه في جوانب أخرى كان اللجوء ولم يزل مرتبطاً بمشكلات معيشية وثقافية وسياسية لطرفيه اللاجئي والدولة الملجأ.

▪︎ صعوبة المعيشة والتكيف:
في المدن وضيقها في الأرياف، وعدم وجود نظام منطقي لتوزيع الموارد بصورة موجبة على جميع المواطنين، تحدث عدداً من المشاكل فلا يخلو قبول اللاجئين في مجتمع أو دولة من مطامع تجارية تستغل عمل أو مزايا اللاجئين، وعموماً يتضجر بعض العمال والتجار الصغار من منافسة بعض اللاجئين لهم لكنه تضجر مؤقت سرعان ما يذوب مع التمازج بين الأفراد القديمين وفيهم كثير من النازحين والأفراد اللاجئين الجدد.

▪︎ اللاجئي كسلاح ذو حدين وكانسان بين نارين:
تتبلور أزمة اللاجئين السياسية من مظالم ومطامع سياسية في بلديه: فنخب بلادهم الأصل تزيحهم وتدفعهم إلى اللجوء إلى دول أخرى، وفي نفس الوقت تحاول إبقاء هم كامتداد لها وكمورد مالي لأمورها، ومن ثم تنشأ محاسبتان ثقافيتان:
ثقافة النخب في بلاد اللاجئين الأصل تحاسبهم على مدى إلتزامهم بالتقاليد المجتمعية والسياسية في بلادهم الجديدة،
ثقافة زعماء اللاجئين تحاسب زعماء بلادهم ومجتمعاتهم على غياب الحريات والكرامة وكل عيوب التخلف، ومن ثم تنشأ أزمة الوجود الثقافي للجيل الأول وحتى الجيل الثاني من اللاجئين.

▪︎ خطر الملجأ:
إضافة إلى محاولة بعض النخب المدنية والتجارية في البلاد الملجوء إليها استغلال اللاجئين في العمل بأجور بخسة وفي الفوز بإمازات وعقود حكومية للتعامل مع حاجات اللاجئين في الإسكان والتدريب والعلاج ورعاية العجزة، فكذلك تحاول النخب الحاكمة والمسيطرة في مجالات المعرفة والإعلام في البلاد الملجأ أن تستغل ثقافات اللاجئين وخلفياتهم وتواصلاتهم السياسية والإجتماعية في تجميع أكبر قدر من المعلومات عنهم والنفوذ أكثر إلى دواخل ثقافاتهم ودولهم.




2- جزء من أزمة الليبرالية:
(أ) أساس الأزمة:
ينتج النظام الليبرالي التناقضات الاقتصادية والتناقضات السياسية التي تتحول الى نزاعات باردة واخرى ساخنة تدفع الكثيرين للهروب من بلادهم واللجوء إلى دول أخرى، ومن ثم فان شكوى مراكز الليبرالية من زيادة عدد اللاجئين القادمين إليها من دول الهامش الليبرالية الاقتصاد، تفيد غير منطقية، كون المراكز الليبرالية وهي نفس الوقت المراكز الامبريالية هي المنتج الرئيس للأزمات التي تنتج اللاجئين.

(ب) توافق الليبراليين والفاشيست:
يزعم اليبراليون إنهم أهل حرية ويزعم الفاشيست أنهم أهل ضبط، وبينهما ما صنع الحداد وكانت أشد مواجهاتهما في الحرب الأهلية الإسبانية وفي الحرب العالمية الثانية وبعض متوالياتها، أما في الزمان الحاضر فمنذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وتحت شعارات مختلفة يتوافق كثير من الليبراليين اليمين واليسار مع الفاشيست على كراهية نشاط النقابات والشيوعية والتكافوء في التعامل الإجتماعي والدولي بل الأحادية والمركزية الرأسمالية والإدارية وحتى العنصرية. وتسود نفس النظرة في النخب التابعة لهم المسيطرة على غالبية دول العالم الثالث، وهي نخب مدعومة منهم وعبر صندوق النقد الدولي.

(ج) ما بعد إستهلاك اللاجئين من شرق أوروبا:
منذ الثمانينيات زاد اتفاق الليبراليين والفاشيست على مهاجمة إستقرار كثير من دول شرق أوروبا والعالم الثالث وعلى بغض حق اللجوء وإشانة إتجاه اللاجئين إلى غرب أوروبا بينما كانوا يحثون دول إفريقيا وآسيا على قبول لاجئين أكثر!

ي نفس الفترة الممتدة إلى مستقبل قريب تمارس الوسائط السياسية والإعلامية للتناغم الليبرالي الفاشستي بجوهره الرأسمالي عملية تشويه وتبخيس لدور التفاعل الإجتماعي والثقافي في تقدم كيانات غرب أوروبا وأهميته في نقلها من حالة المجتمع الشديد الأنانية إلى حال إجتماعي أكثر إنسانية واقتراباً من الكفاءة الإقتصادية.




3- ثقافة ضد اللاجئين:
(أ) مكوناتها:
تفرعت ثقافة القلق من اللاجئين و ضد حق اللجوء من ثقافة كراهية الأجانب، وتتكون معاداة اللجوء إلى غرب أوروبا من جزء طبقي وجزء عنصري وجزء سياسي متحور في أشكال يمينية تتشدق بالدفاع عن العقيدة والوطن وأشكال يسارية تتكلم عن مأساة الطبقة العاملة البيضاء وإستولاء الأجانب على فرص عملها وتضايق حقوقها في الإسكان والتعليم والعلاج.

(ب) آلياتها:
وتجمع وسائل الاعلام والمراكز الليبرالية هذه الأجزاء في سياسات جزئية مختلفة الأشكال تصور اللاجئين كخطرين إثنين على (((استقرار))) كل شيء في غرب أوروبا، خطر عاجل وخطر آجل.


(ج) طبقية العنصرية وعنصرية النخب:
لا تمثل سياسات العداوة ضد اللجوء واللاجئين حالة كراهية لكل الأجانب، بمعنى ان كثير من المتأججين ضد اللاجئين باسم المحافظة على سمات الوطن والمجتمع إلى الأبد لا يرفضون الأجانب الأثرياء القادمين من مختلف قارات العالم ومجتمعاته غير الأوروبية، بل يركزون الكلام السلبي والضغط على اللاجئين والفقراء والمساكين.




4- مزاعم عن اللجوء واللاجئين تناقض حقائق واقعية:
(أ) المزاعم:
عادة ما تبرر الأفكار والسياسات ضد حق اللجوء وضد اللاجئين في غرب أوروبا بأن احترام حق اللجوء وهو جزء من أصيل وقديم من حقوق الإنسان ومن منظومة القوانين الدولية الحديثة بمبررات شتى لكنها كلها مضادة للحقائق والمنطق وهي تتلخص في أن إحترام حق اللجوء يساوي في مجتمعات غرب أوروبا تبذير حقوق الاسكان والتعليم والعلاج (الحكومي) وضياع فرص العمل من المواطنين وإستولاء الأجانب عليها.


(ب) الحقائق:
(1) الترليونات:
ان الدول الامبريالية تكسب ترليونات من المتاجرة بموارد العالم الثالث عبر نظم سياسية قمع أو لزوجة تنتهك الحقوق وتسبب بشكل مباشر أو غير مباشر حالات اللجوء، ولكن الدول الترليونية في غرب أوروبا تحصر النفع بهذه الترليونات في نطاق انانيات ربح أصحاب بنوكها وشركاتها، ولا يذهب منها إلى الحقوق الاجتماعية لسكانها إلا الفتات.


(2) البخل والبذخ والسفه:
رغم إن عدد اللاجئين في بلاد غرب أوروبا لا يتجاوز غالباً الـ 2 % من عدد السكان إلا أن الشكوى ضدهم وإنهم قد أستولوا على خيرات البلاد ومنعوها من التنمية شكوى كثيرة بينما السبب الواقعي لضيق إمكانيات السكن والتعليم والعلاج هو عدم إستثمار الأموال العامة في هذه المجالات، بل في الفساد والعقود غير الضرورية وفي الحروب.

(3) مضاربات مالية بلا عمل، وأعمال بخسة بلا عائد كريم:
إن فرص العمل المفقودة كثيرة بسبب الإتجاه إلى المضاربات المالية وعدم الإستثمار في الإنتاج المادي، ووفق الاهتمام الرأسمالي بالمضاربات المالية والنأي عن الأعمال قد تصل فرص العمل المفقودة في مجتمعات غرب أوروبا إلى حوالي عشرة مرات عدد اللاجئين إلى مجتمعات غرب أوروبا من المناطق الملتهبة في آسيا وإفريقيا. بمعنى أن اللاجئين ليسوا أصلاً في أزمة التعطيل عن العمل في مراكز النظام الرأسمالي بل إن الأعمال المفتقدة أكثر عشرة مرات من عدد اللاجئين.

تضاف إلى حقيقة ضعف الإستتثمار في مجالات العمل الحقيقي حقيقة ان اللاجئي لايستطيع أصلاً المنافسة على أهم أو أكثر الأعمال في غرب أوروبا -ان وجدت- كونها أعمال تحتاج إلى خبرة وتعلم لايتوفر في ٩٩.٩٪ من اللاجئين، بل يترك له المجتمع الغرب أوروبي بعض الأعمال الهامشية والخطرة أو المضيعة لتماسك اللاجئي البدني أو الأسري.

-------------------------------------------------------------------------------------


5 - طبيعة الأزمة:
في جانب كبير منها تظهر مجريات الأمور أن الأزمة ليست أزمة لاجئين بل أزمة النظام الليبرالي في العالم وبالذات أزمة نخب مجتمعاته في غرب أوروبا وتناقض مصالحها و أفكارها وسياساتها، فهي نخب قوية النشاط تؤزم العالم الثالث وتوقد فيه النزاعات بضغوط مختلفة وشروط تجارية ومالية تشعل في دوله توترات الفروق الطبقية والإقليمية وتوقظ ضد التماسك الإجتماعي السياسي النسبي كل الفتن النائمة.

أما اللاجئي فهو ضحية النخب الليبرالية في بلاده وفي غرب أوروبا، لكنه في نفس الوقت خامة تغييرات مهمة في المستقبل على مستوى العالم ككل كونه بداية تغيير في مراكز غرب أوروبا الإمبريالية وبتأثيره على مجريات بعض الأمور في بلاده الأولى.



6 - بداية الحل الموضوعي:
الحل الموضوعي لأزمات مجتمعات غرب أوروبا ليس إثارة الكراهية ضد اللاجئين الذي يعوضون النقص السكاني والثقافي والعملي في تلك المجتمعات، بل هو التحول من نظام الأنانيات الليبرالي إلى نظام ديموقراطي متكامل اشتراكي التأسيس والنشاط والهدف، فبدون إلغاء نظام الأنانية التجارية والسياسية تزيد حالات التفاوت والتوتر والنزاع في غالبية دول العالم الثالث ويستمر إنتاج جزء كبير من اللاجئين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى أهمية تأثير أصوات أصحاب البشرة السمراء في نتائج الانت


.. سعيد زياد: إسرائيل خلقت نمطا جديدا في علم الحروب والمجازر وا




.. ماذا لو تعادلت الأصوات في المجمع الانتخابي بين دونالد ترمب و


.. الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعترض 3 مسيّرات في سماء إيلات جن




.. فوضى عارمة وسيارات مكدسة بعد فيضانات كارثية في منطقة فالنسيا