الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثلاثون

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2021 / 12 / 9
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


ابن عملك حول سؤال جوهرى

القصص تحتاج الى محرك .. إلى سؤال يقدم الحدث إجابته للقارىء.

من فعلها ؟ مذنب أم برىء ؟ من سيربح السباق ؟ أى رجل ستتزوج ؟ هل سينجح البطل فى الهرب أم سيموت وهو يحاول؟ هل سيعثر على الجثة ؟ الأسئلة الجيدة تحفز القصص الجيدة .


إن استراتيجية السرد على درجة من القوة بحيث أنها تحتاج إلى أسم ، وقد أعطانى توم فرينش هذا الأسم " محرك " القصة .


وقدعرف فرينش المحرك بأنه سؤال تجيب عنه القصة للقارىء . إذا كان المثير الداخلى " للقصة يقود القارىء من جزء الى الجزء التالى " فإن المحرك يوجهه عبر منحنى من البداية إلى النهاية .


فى كتابه " توصيل السيد البرت " يروى مايكل باترينى قصة مغامرة غريبة عبر البلاد . رحلة برية غير عادية . من كان رفيق رحلته ؟


الطبيب الشرعى للكهل ، الذى شرح جثة ألبرت اينشتاين واحتفظ بدماغ الرجل العظيم فى زجاجة لأربعين عاما . ثلاثتهم : أتجه ثلاثتهم – الكاتب والطبيب والدماغ الذى فى صندوق السيارة – غربا، للقاء ابنة اينشتاين .


هل سيتخلى الطبيب المراوغ أخيرا عن الدماغ الذى كان له تميمة الحظ السعيد ومشروع حياته ؟

لا تظهر هذه الجملة أبدا ، لكنها تبقى تركيز القارىء على الوجهة عبر الرحلات الجانبية المثيرة للفضول طوال الطريق .


بينما كنت أفكر فى هذه الاداة ، مررت بقصة نشرت فى صحيفتى المحلية عن رجل عين موظف استقبال فى مركز " وول مارت " للتسوق :

" انتظر تشارلز ثلاثة اسابيع ليقول :

" أهلا بكم فى وول مارت " .

عندما تفتح أبواب أول مركز كبير لسوق " وول مارت " فى سانت بطرسبرج صباحا ، سيكون وجه بيرنز من أول الوجوه التى سيلتقيها المتسوقون ,

إنه مُستقبل المتسوقين " .


ولأن هذه المقال اللطيف كُتب قبل الافتتاح بيوم ، فنحن لا نرى تشارلز بيزنز كفاعل .


انه لا يحيى أحدا . لذا ليس هنا كمحرك للقصة ، ولا حتى أسئلة بسيطة مثل : كيف كان يومه الأول فى الاستقبال ؟ أو ماذا كانت ردة فعل أول المتسوقين ؟ أو كيف كانت تجربته بالمقارنة مع التوقعات ؟


فى العدد نفسه من الصحيفة قرأت قصة أكثر جدية بكثير عن أحد الناجين من تسونامى سيرلانكا :

" فى جناح طب الاطفال بمستشفى المدينة هنا ، يرقد أشهر أيتام التسونامى فى سيرلانكا ، ويسيل لعابه ، وحين يتعكر مزاجه ، فإنه يئن وينوح فى وجه الزوار حول مهده " .


" هويته مجهولة . وعمره ، بحسب رأى موظفى المستشفى ، بين أربعة وخمسة أشهر . وقد صار يعرف واشتهر باسم الطفل 81 وهو رقم الإيداع فى الجناح لهذه السنة " .


" إن مشكلة الطفل 91 الكبرى ، ليست أنه غير مرغوب فيه ، بل فى أنه مرغوب أكثر من اللازم .


حتى الان ، طالب به تسعة أزواج مدعين أنه طفلهم المفقود " .


هذه القصة ، التى ظهرت للمرة الأولى فى صحيفة النيويورك تايمز ، فيها محرك معزز ومشحون . إن كنتم مثلى ، فإن المحرك أتى فى هيئة أسئلة من أمثال : ماذا سيحدث للطفل 81 ؟

هل سنعرف يوما اسمه وهويته ؟ مع من سيذهب الطفل رقم 81 ، ولماذا ؟ كيف سيتمكنون من التثبت من والديه الحقيقين ضمن كل هذه الادعاءات المتضاربة ؟


الحق يقال إن هذه القصة تثير أسئلة خاصة بها ، ليس فقط بشأن ما سيحدث لاحقا ، بل وأيضا عن المعنى الأسمى للقصة ؟


هل من المحتمل أن تكون الأسر التسع المطالبة بالطفل رقم 81 كلها تعتقد صادقة أنه من لحمهم ودمهم ؟ .


هل من المحتمل أن الاباء الذين ليس لديهم أطفال يبحثون عن نعمة فى خضم هذه الكارثة ؟


هل من الممكن أن الطفل الجذاب قد حفز شهية المطالبين به على نحو غير متاح لطفلة ؟ كل هذه النظريات متداولة فى شوارع كالمونلى .


القصة ، خصوصا تلك التى تتضمن حبكات ثانوية ، قد تتضمن محركات مصغرة .


فى الفيلم الموسيقى " ذى فول مونتى " يحاول مجموعة من عمال المصانع العاطلين كسب رزقهم بالعمل كراقصى تعز .


سيكون المحرك شيئا من مثل هل سيمضى هؤلاء الرجال ذوو الأحجام الغريبة فى التعرى الى النهاية ؟ .


وكيف سيكسبون المال والحب من ورائه ؟ ولكن اليكم ما سيجعل هذه القصة تعمل : لدى كل من الرجال شىء مهم على المحك يحفزه محركه الخاص.



هل سيستعيد الرجل البدين شرارة الحب فى حياته الزوجية ؟ هل سيتمكن الرجل الهزيل من استعادة حقه فى حضانة ابنه ؟ وهل سيتطيع الكهل تسديد ديونه المتراكمة ؟

عندما عملت " جان وينبورن " محررة فى صحيفة " بالتيمور صن " ساعدت فريق عملها على خلق مجموعة من الشخصيات لقصصهم عبر طرح السؤال التالى : أى الشخصيات لديه مهم على المحك هنا ؟ قد تؤدى الاجابة إلى تكوين محرك للقصة : هل ستحقق

أمنية الخاسر فى المسابقة فى نهاية المطاف ؟


أتصور محرك القصة مثل أبن عمى لما يسميه لاجوس ايغرى " فرضية " القصة . يقول إيغرى لكل شيىء هدف ، أو فرضية " روميو وجولييت " هى أن " الحب العظيم يقهر كل شيىء حتى الموت " وفى ماكبث ، القضية هى " الطموح العارم يدمر نفسه
بنفسه " .

أما فى أوثيلو ، فالفرضية هى " الغيرة تدمر نفسها وموضوع حبها " .تأخذ الفرضية سؤال المحرك وتحوله الى قضية موضوعية .


ومن الممكن إعادة تحويله بسهولة : هل ستؤدى غيرة أوثيلو الى تدميره وتدمير المرأة التى يحب ؟


يوضح " توم فرنش " الفرق بين " محرك القصة " وموضوعها : " بالنسبة الى ، محرك القصة قوة أولية وعميقة تدفع القصة الى الامام وتبقى القارىء مقيدا حتى النهاية .


الأفكار التى نستكشفها على امتداد العمل والمواضيع العميقة التى نأمل فى القاء الضوء عليها – فهى مسألة أختيار . هناك مثال جيد على ذلك : المشهد الافتتاحى للفيلم " المواطن كاين " يمهد لأشهر محرك قصة على الاطلاق ، " ماذا تعنى روزبد ؟ " لكن الفيلم

لا يتحدث عن مزلجة كاين ولا عن طفولته .

مع ذلك ، نجد أن بحث المراسل عن حل لغز كلمة المحتضر الأخير " روزبد " يحرك القصة ويدفعها قدما ويبقينا متابعين لها ، بينما يستكشف أورسن ويلز معانى عميقة فى مواضيع السياسة والديمقراطية وأمريكا .


أحجية " روزبد " تقودنا عبر ما كان فى الاصل درسا مدنيا فى الطبيعة الحقيقية للقوة " .


أخيرا ، بل أسئلة " كيف " ؟ . نحن نعرف مع شارة البداية أن بوند سينتصر على الأعداء ويحظى بالفتاة ، لكننا نريد أن نعرف كيف سيفعل ذلك .


يخيل لنا أن فيريس بيولر اللطيف – من فيلم إجازة فيريس بيولر – لن يعاقب على تغيبه ، لكننا نستمتع بمعرفة كيف سيفلت من ذلك .


الكتاب الجيدون يتوقعون أسئلة القارىء ويجيبون عنها ، والمحررون سيبحثون عن ثغرات فى القصة وأسئلة محورية لم يجب عنها الكاتب ، أما رواة القصص فيضعون هذه الأسئلة كمستويات للسرد ، ويخلقون حالة فضول لدى القارىء لا ينطفىء إلا بوصوله

إلى النهاية .


والى الاداة الواحد والثلاثون فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو