الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن بلا نوعية قصة قصيرة ( إهداء لشاعر اليمن الثائر عبدالله البردوني )

أمين أحمد ثابت

2021 / 12 / 10
الادب والفن


- السلام عليكم.
- أهلاً.
.. ما معك في القاهرة؟
-كالعادة. (أجاب)
.. "تَهْيِيِص" و.. إذا ممكن.. نعمل "بِزْنِسْ".
سبعة عشر عاماً من السفر، أصادفه في كل المطارات، سوريا.. روسيا.. تركيا، قبرص.. الإمارات، وفي لقاءات أخرى.. مترحل إلى أمريكا، لندن، هولندا.. وهونكونج- كأن الزمن يظل واقفاً مكانه- ذات اللغة، والبسمة الكاشفة عن أسنان سوداء منخورة – من كثرة تعاطي القات والتدخين.

أكثر من مرة.. كان جيبه عامراً برزم مالية- ظاهرة- من فئة المائة دولار- هذه المرة تحدثنا قبل الخروج من صالة المغادرة، ذهب الى مصرف المطار.. ليفك فئة ألف دولار.
- حمداً لله على السلامة.. يا بهوات.

لم ارفع رأسي لكل من يقترب متحدثاً معنا- كان على الدوام يشعر بالفخر لسماع مثل هذه النعوت!!..

- لم نصرف بعد. خذ دولار.

أما من كان ضابطاً.. برتبة عالية، يخرج له عشرة دولارات.. مع تقديم الاعتذار الجم.. بأنه لم يصرف بعد – إنه .. بدوي أصيل – ألسنا أصل العرب، لذا فالكرم .. من طباعنا!!..

انه ذاته منذ وقت طويل- كانت عاملات المطار و.. الضابطات يأسرن لبه، خاصة الحسناوات.. بشعرهن الأشقر وعيونهن الزرق- كن سوداوات الأعين.. لا يلقين منه اهتماماً- فالبلد مليء بهن، إلا من كن واسعات الحدقات بحواجب مقوسة كالهلال على شعر اسود منفوث.. بقوام وعنق أبيضين- كالمرمر- كما يصفهن- ويزداد تلذذاً إذا ما كانت النهود متوترة الانبعاج إلى الخارج- سفرياته الكثيرة علمته مفاتيح لغة التخاطب- الغزلي- لكثير من البلدان- رغم كونه أمياً…
***
بعد ثلاثة لقاءات بدأ الحديث بيننا، وبالطبع كان هو مبادراً:
- الأخ.. يمني؟.
- نعم
- هل تدرس هنا؟
- نعم
- أنا.. في سياحة
كيف الأمور هنا؟
- ماذا تريد ان تعرف؟ (سألته)
- "لِلْمَه؟ .. سياحة"
.. أنت تعرف!!
- كل شيء مفتوح .. هنا
.. المهم الفلوس.

اخرج رزمتين بآلاف الدولارات- فَجِعْتُ بما أرى- بعد كل هذا الزمن الطويل، تكاد بدلته تكون ذاتها، والتي لا تليق كلبس.. لإنسان يغادر خان اليمن -المسمى صالة المطار- عند الوصول أو المغادرة- جيئة.. وذهاب.
- الله كم هي ساحرة.
.. تعال. (ساحباً لي من يدي، كأننا أصدقاء من عمر بعيد)

يفتتح نقاشاً معها، مخرجاً رزم الدولارات.. منقلها من جيب إلى اخر، يفتعل أحاديث الظرف-على الدوام يُقابَل باستحسان، وأحياناً يُعطى عناويناً- كان مرأى النقود يسيل لعاب من يختارهن لمتعة الكلام، يعطيها فئة خمسين دولار.. وأحياناً مائة.. كفاتحة للتعارف.

- مكانك تدرس؟!.

قالها بضحكة لا غزة لم تعجبني، وسريعاً عاد للملاطفة عندما لحظ تغير سحنتي- أنا كالعادة، ما رأيك تيجي معي يومين- رَوِّحْ عن نفسك قليل- ما بالك دائماً حزين، كأن الدنيا.. فوق رأسك.

اذكر الثلاث لقاءات الأولى عند بدء تحادثنا، انه شيخ.. ابن شيخ- الدنيا بخير.. والفلوس كثير، الله يخلي لنا الزعيم!- النظام وطني، والبلاد فيها خيرات، "بس".. لو يخلصونا من الانفصاليين- هذا ما يكرره مع من يصدف اللقاء معه طوال العقد الماضي وحتى هذه اللحظة، أما قبلها: (الشيوعيون هم المخربون)، لو نبيدهم ستكون البلاد بخير.

- يا أخي.. لا يوجد شيوعيون.. لدينا.
- كيف؟ .. كـ.. لهم.. المبنطلين.
.. كلهم "يشتون" الحكم.
.. والله لن تكون لهم.. حتى لو اضطررنا لذبحهم.

لم يعلم في كل اللقاءات التي صادفني بها.. لماذا يكثر السفر.. مثله! -كان يقول ان وجهي يبين انني بن ناس- خاصة عندما كان يسهب عن مفخرة القبيلة التي يتشيخها والده، وقوة نفوذها، اخبرته عن أسرتي.. فزاد الاحترام- انها اسرة لا تقل قدراً عن عشيرته، مع فارق النفوذ- لم يعلم مطلقاً في كل مرة كان يرش ما يقارب الثلاثة مائة دولار في المطار، لم اكن امتلك في احسن الاحوال.. مبلغاً يزيد عن مائة دولار، حتى عندما كنا نغادر الى المدينة.. يقاسمني ايجار سيارة الاجرة.
.. فأغادره سريعاً..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك


.. محمود حميدة يحمل الوهر الذهبي من مهرجان وهران للفيلم العربي




.. تفاصيل أول زيارة لمصر من الفنان العالمي كامل الباشا?? #معكم_