الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي أعادني لتلك القراءة؟!

ابتسام الحاج زكي

2021 / 12 / 12
الادب والفن


أمام هذا الانحدار الذي تعيشه إنسانيتنا المجهز عليها، وأمام هذا التغييب المتعمّد لكل ما يمتُّ بصلة لقيم الخير والجمال، أيحقُّ لنا أن نسأل أم أن الأسئلة صارت هي الأخرى رهينة التبريرات المقيتة؟!.
حتى بات بعضنا يجول في خبايا الأيام بحثا عن ملاذ يأمن به على باقي المتبقي من ذاكرة صار كل ما تجيده الانكفاء على مكنوناتها لئلّا تطالها جرّافة العبث الآخذة بالاستفحال في جهاتها الأربع كرة أرهقتها أقدام المارقين ركلا والغاية التمزيق والبعثرة.
كنت قد قرأته في تسعينيات القرن المنصرم كتاب ت. س. إليوت دراسة وترجمة يوسف سامي اليوسف والصادر عن دار منارات شعرية.
ت. س. اليوت الذي يعدُّ من أبرز شعراء الحداثة والمبشرين بها، لكنه وفي لحظة صفاء مع النفس وبحسب الدراسة المشار إليها أدرك عمق الخسارة التي يجنيها إنسان المدينة اللاهث خلف سراب الحياة المرفّهة سطحا، والممزّقة عمقا، منحازا إلى الروح فهي وحدها وبحسب ما ذهب إليه قادرة على التجدد، والانبعاث ( كانت رؤية اليوت للعالم واتضاع امكانيات أرضه الخربة تتطابق مع المرحلة التي تلت الحرب العالمية الأولى، وبذلك غدا اليوت الناطق الشعري باسم ذلك الجيل،كما كان همنجواي الناطق باسمه في الرواية. ففي "اليباب" يقارن اليوت علانية أمجاد الماضي بقذارة الحاضر )*.
اتذكر جيدا مدى صدمتي** حين استللت هذا الكتاب من المكتبة وكان يعنى بدراسة لبعض أعمال الشاعر مسلطّا الضوء فيه على نفوره من نزعة التمدن ونقمته على الواقع المادي الذي طغى على الحياة ليزيح فيما بعد قيما روحية ووجدانية ناعيا إياها هو وبعض ممن جايلوه من كتاب وشعراء، ولا سيما بعد الحرب العالمية الأولى وما تلاها من خيبات إنسانية كانت كفيلة بزعزعة القناعات والقذف بها في أتون الهاوية التي أتت على الأخضر واليابس، كان هذا في بداية القرن العشرين!!!، تُرى لو قُدّر لإليوت وعاصر راهن أيامنا القافز على كل ما من شأنه إضفاء الرونق الإنساني على الحياة وقيمها الجمالية، وبعد أن تطورت حروبنا وأسلحتها وصار الكل يبذل قصارى دهائه ومكره لابتكار موت يليق وتطور التقنيات التكنولوجية للحياة المعاصرة، حتى صارت حرب صناعة الأوبئة والاتجار بها هي ما نعيشه اليوم، فلو أدرك هذه اللحظة وشهد هذه المحنة الكونية التي يدّعي الجميع براءته منها، ونفض يديه عن قذارتها، فهل سنراه يلوذ بالصمت أمام جبروت هذا الانفلات القيمي والأخلاقي، أم ثمّة إبداع يفوق أرض اليباب والرجال الجوف وغيرهما من عطاء شعره الحداثوي؟!. وهنا ينبغي التذكير إلى إن بعض الدراسات النقدية لأعماله سلطت الضوء على نقطة ينبغي الوقوف عندها تأملا، وهي تأثره الكبير بالتراث وتأثيره على توجهات الشاعر وثقافته الإبداعية والإنجيل يقف في صدارة ما تأثر به بحسب الدراسات، وهذا يقودنا إلى حقيقة شاخصة مفادها أن العودة إلى الله تعالى وإن تأخرت خيرا من اللهاث وراء سراب يكرّس له رجال جوف، ففيها نأمن على باقي المتبقي من فضائل يًحَاول الإطاحة بها بقصدية تامّة.

* ت. س. اليوت، دراسة وترجمة يوسف سامي اليوسف، ط ١، دار منارات، عمان، الأردن.

** مبعث الصدمة هو أننا كمجتمع وقتذاك كنا نغبط الغرب مبهورين بما وصل إليه من تقدم تكنولوجي ما سيقود إلى الرفاهية فيما بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف


.. الإسكندرانية ييجو هنا?? فرقة فلكلوريتا غنوا لعروسة البحر??




.. عيني اه يا عيني علي اه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو




.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد