الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الليرة التركية ودورها في اسقاط الحكومات التركية

حامد محمد طه السويداني

2021 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


قبل الدخول في مناقشة ما تتعرض له تركيا من تدهور مخيف لليرة التركية التي تنذر بسقوط حكومة حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان لابد من القول بان الاقتصاد التركي من بداية تأسيس الجمهورية التركية عام 1923 ولغاية 1983 كان اقتصادا هشا وضعيفاً وليس اقتصاداً حقيقياً مبني على أسس ثابتة اما اثناء الحرب العراقية الإيرانية 1980-1988 وحرب الخليج الأولى عام 1991 واحتلال العراق للكويت في هذه المدة استفادت تركيا كثيراً من العراق وايران في المجال الاقتصادي لكنه كان في أي لحظة يتراجع وتتدهور قيمة الليرة التركية والسبب باعتقادي هو ان الاقتصاد التركي كان مسيطر عليه من قبل الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل ودول الاتحاد الأوربي خاصة وان تركيا تعتمد على الاستثمارات الأجنبية وتعتمد في مشاريعها الكثيرة على رأس المال الأجنبي فعلى سبيل المثال مشروع جنوب شرق الاناضول والذي يحوي العديد من السدود كان للرأسمال الأجنبي حصة الأسد فيه، فضلا عن المشاريع الصحية من مستشفيات ومراكز طبية وكذلك الجسور والمولات والفنادق الضخمة وخطوط النقل وحتى الصحافة والاعلام.
والذي يهمنا في هذه المقالة هو هبوط الليرة التركية الحالي الذي وصل الى اكثر من 1311 ليرة تركية مقابل 100 دولار امريكي وهو رقم مخيف جداً ومن خلال دراستي لتاريخ تركيا الحديث والمعاصر وجدت انه كلما تزداد أحلام تركيا غير الواقعية وما يترتب على هذه الاحلام من سياسات وسلوكيات تقوم بها الحكومات التركية المتعاقبة ينتج عنها هبوط قيمة الليرة التركية ومن ثم سقوط الحكومة فعلى سبيل المثال عندما اجتاحت القوات التركية جزيرة قبرص عام 1974 وتدهورت الليرة التركية بسبب وقوف الولايات المتحدة والدول الاوربية الى جانب اليونان وتوالت أزمات اقتصادية عام 1977-1979 وتدهورت قيمة الليرة التركية مما أدى الى حدوث انقلاب عسكري في 12 أيلول 1980 وكان احد أسبابه إضافة الى العوامل السياسية كان العامل الاقتصادي هو الفاعل الأكثر تأثيرا في ذلك.
ففي العام 1978 افلست (707) مؤسسة تصل رأسمالها الى 124 مليون ليرة تركية وان المؤسسات التي افلست في العام 1978 ازادت بنسبة افلاسها 33,6% نظرا للمؤسسات التي افلست في العام 1977 ومن ناحية أخرى اتسعت النشاطات الاحتكارية وحسب معطيات غرفة التجارة في استانبول هناك 258 من مجموع 300 اكبر مؤسسة وتستخدم 55,7% من عامليها فالمعطيات تدل على انفجار التضخم في السبعينات أيضا تظهر عمق الازمة الاقتصادية في تركيا، وفي العام 2001 واجهت تركيا ازمة اقتصادية طاحنة كان ابرز ملامحها هبوط سعر الليرة التركية بنسبة 40% في يوم واحد كذلك هبطت أسعار الليرة التركية بنسبة 40% في يوم واحد كذلك هبطت أسعار الأسهم التركية بنسبة 40% في يوم واحد كذلك هبطت أسعار الأسهم التركية بنسبة تزيد عن 11% في يوم واحد وقدرت المصارف انه تم سحب ما بين 7-6 مليار دولار من احتياطي البنك المركزي خلال أسبوعين وقد تطرقت الى هذه الازمة في اطروحتي للدكتوراه الموسومة (بولندا جويد ودوره في السياسة التركية 1957-2002) وكذلك ناقشت رسالة ماجستير للباحثة بنين كاظم المعموري في جامعة بابل بعنوان (التطورات الاقتصادية في تركيا 1996-2002) وفيها من الأرقام والاحصائيات العديدة لمن يريد الاستزادة عن الموضوع .
وصل حزب العدالة والتنمية الى الحكم في تركيا 2002 وقد أولى اهتمامه بالملف الاقتصادي وقد نهض بالاقتصاد التركي وحقق الكثير من الإنجازات الاقتصادية ولكن حدث هذا عندما كان تفكر قادة حزب العدالة والتنمية في الداخل التركي ولكن بمجرد بروز أحلام (العثمانية الجديدة) ووضع الأسس السياسية لذلك بدأت مرحلة التدهور ففي العام 2008 و 2009 و 2010 وبحكم تواجدي في تركيا كانت قيمة الليرة التركية 178 ليرة تركيا مقابل 100 دولار امريكي اما الان فان كل 100 دولار يعادل 1311 ليرة تركية أي 12 ضعف ويمكن تسليط الضوء على أسباب هذا الحدث الاقتصادي هو ان السياسات السابقة لحكومة اردوغان التي أدت بالنهاية الى تدهور الليرة التركية ومنها:-
1- التدخلات والاطماع التركية خارج تركيا فإلى جانب العوامل السياسية والتحالفات التركية مع المنظومة الغربية بقيادة الولايات المتحدة زج اردوغان تركيا في صراعات خاصة في الدول العربية لا تخدم تركيا فهي تتدهور لتحقيق مصالح غيرها لما يقول المثل فصراع القوى العظمى على المنطقة العربية الغنية بالنفط والخيرات ظنت تركيا بان لها نصيب في ذلك لكنها وجدت نفسها في ازمة اقتصادية خانقة وتصعيد للمشكلة الكردية في تركيا وازياد المعارضة السياسية والشعبية في تركيا لسياسات حكومة حزب العدالة والتنمية.
2- انتقال تركيا من النظام البرلماني الى النظام الرئاسي وسيطرة اردوغان على السلطة وبروز ما يسمى النظام الاستبدادي والشمولي وتعريض التجربة الديمقراطية في تركيا الى الخطر فضلا عن القيام بسياسات أسلمة المجتمع وهذا مما يثير حفيظة الغرب بصورة عامة والتيارات العلمانية الداخلية في تركيا بصورة خاصة فضلاً عن الانشقاقات في قادة حزب العدالة والتنمية مثل احمد داود اوغلو وعلي باباجان وعند الله كول واخرين والذين قاموا بتشكيل أحزاب جديدة ومستعدة لخوض الانتخابات.
3- ازمة كورونا التي عصفت بالاقتصاد التركي واثرت بشكل مباشر على المستثمرين وهروبهم خارج تركيا وانحسار السياحة في تركيا مما أدى الى خسارة تركيا حوالي (30) مليار دولار سنوباً فقط من السياحة.
4- التوترات السياسية مع الدول الخليجية ومصر واليونان وكذلك ازمة رجل المافيا سادات بكر الذي صرح بان علاقات حزب العدالة والتنمية مع المافيا والدولة العميقة حقيقية وما رافقها من تصفية المعارضين و ..... الخ.
وليست تركيا بمعزل عن باقي اقتصاديات العالم التي تشهد ارتفاعا حادا في معدلات التضخم بسبب تعافي الطلب واضطرابات سلاسل التمديد والارتفاع الكبير في أسعار منتجات الطاقة وغيرها من العوامل ذات الصلة بوباء كورونا، ويعد الهبوط الحاد الذي تتعرض له الليرة التركية في الوقت الراهن من اكثر العوامل خطورة على الاقتصاد التركي بصفة عامة وعلى بعض القطاعات على وجه التحديد ويعوض هذا التدهور قدرة تركيا على الحصول على الدولار الأمريكي لتدبير احتياجات الشركات ومؤسسات الاعمال في القطاعين العام والخاص من العملة الصعبة ومن المتوقع ان تزاد حاجة الشركات الحكومية التركية العملاقة الى الدولار الأمريكي لتلبية الطلبات المتزايدة للعقود الفورية للغاز الطبيعي التي تحتاج اليه تركيا في اشهر الشتاء البارد ويصر الرئيس التركي على اتباع سياسة ارتجالية وعاطفية اذ يريد مكافحة ارتفاع التضخم من خلال خفض الفائدة وذا نهج مخالف لما هو متبع في السياسة النقدية وكذلك اقالة اردوغان ثلاثة من أعضاء لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي مما أدى الى انخفاضا جديدا في سوق العملات الأجنبية ويوصف اردوغان بانه عدو الفائدة ويتبنى نظرية مفادها ان خفض أسعار الفائدة سيؤدي الى انخفاض التضخم وكلما يحدث توتر في علاقات تركيا الخارجية ينعكس سابقا على الاقتصاد التركي والليرة بشكل خاص فالولايات المتحدة الامريكية تحاول لي ذراع تركيا بتلاعبها باقتصادها وبالليرة التركية رغم انهما حليفين لا يستغني احدهما عن الاخر، وكذلك فان الليرة التركية تتبع بنظام الصرف الحر منذ العام 2000 أي انها تخضع لسوق العرض والطب ويرى الخبراء المختصين بالشأن الاقتصادي التركي ان اهم عقبات الاقتصاد التركي تنحصر في الدين الخارجي القصير الاجر (أي الأموال الساخنة) وعجز في الميزان التجاري بسبب فاتورة الطاقة التي تستوردها من الخارج ويرى الخبير الاقتصادي المصري عبد الحافظ الصاوي المقيم في استانبول (ان سبب هبوط الليرة التركية اليوم مع نهاية التعاملات تعني ان الحالة النفسية لدى المتعاملين في السوق تعتبر ردة فعل لما حدث في الامن من قبل لجنة السياسات في البنك المركزي التركي بخفض الفائدة 1% وكذلك التصريحات التي أدلى بها اردوغان حول عزمه على تراجع معدلات الفائدة بما يحقق مصلحة المستثمرين وقد اكدت التقارير الى ان تركيا تتجه نحو ازمة اقتصادية حادة تؤثر على الاقتصاد التركي وينعكس سلبا على المواطن التركي الذي يعاني منذ سنوات من سد احتياجاته الأساسية وقد انعكس هذا الامر احتجاجات في بعض المدن التركية ضد اردوغان ومطالبته بالرحيل وكذلك جرت عدة محاولات اغتيال عديدة له مما يبدو ان الشعب التركي لم يعد يرغب باردوغان وحزبه. وحذر خبراء ان استمرار انخفاض الليرة التركية يفرض تكلفة باهضه على المواطن التركي العادي الذي يكافح من اجل العيش وسط ارتفاع الأسعار حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الطماطم والبطاطا والخس بنسب تتراوح بين 62% و 7% خلال 12 شهراً الماضية ووفقاً للإحصاءات الرسمية ارتفعت أسعار سلع مثل الدجاج بنسبة 68% والبيض بنسبة 47% وزيت دوار الشمس بنسبة 41% والمعكرونة بنسبة 40% والحليب والزبادي بنسبة 37%.
وقد ذكرت في مقالات سابقة ما سببه انه عندما يتدخل اردوغان وينصب نفسه منظراُ اقتصاديا سوف تكون النتائج هكذا واليوم اردوغان يتطلع الى العام 2023 وان معاهدة لوزان ستنتهي وستصبح تركيا دولة عظمى وقال وزير داخليته إسماعيل صويصلو انه سوف يأتون الى العراق وسوريا مشيا على الاقدام وسوف يصعد الى القمر ووو ....... من التصريحات التي نسمعها ومن الآيات القرآنية والخطابات الدينية لتنويم الشعب التركي وتصدير ازماته الداخلية والعجز عن حلها بافتعال أعداء خارجيين باعتقادي أدركت الولايات المتحدة الامريكية والعالم العربي وبعض الدول الإقليمية ان أيام حكم حزب العدالة والتنمية باتت معدودة وهبوط الليرة التركية سوف يكون السبب في سقوط حزب العدالة والتنمية.
وبناء سياسات جديدة وما كانت السياسات التركية السابقة الا حصان طروادة للمشاريع الامريكية والإسرائيلية في المنطقة وتركيا كانت هي الخاسر في هذه السياسات لأنها اعادت تركيا الى الوراء في كافة المجالات تراجع في الليرة والاقتصاد التركي وتدني مستوى الحياة المعيشية للمجتمع وازدياد نقمة المعارضة السياسية والشعبية وتراجع حقوق الانسان وخلق أعداء كثر لتركيا .... الخ ان الأوان لطي صفحة أحلام (العثمانية الجديدة) وان تعي تركيا حجمها الحقيقي وتنشغل باوضاع شعبها الذي يعاني منذ سنوات بسبب تدهور الحياة المعيشية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24