الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسياد الذاكرة؛ شاعر الثورة صلاح الحسيني ابو الصادق

مهند طلال الاخرس

2021 / 12 / 12
القضية الفلسطينية


لكل شعب او جماعة سياسية أياً كانت تاريخ وبطولات ورموز تاريخية تشكل مادة دسمة في سرديتها التاريخية ومخيالها الجمعي، وهذا يمنح تلك الجماعة شعوراً بالفخر والاعتزاز والسمو، وتأخذ هذه المسألة أهمية خاصة عندما تتعرض تلك الجماعة لاستهداف ممنهج لجهة تجريف تاريخها وهويتها وانتمائها عبر حملة تشويه منظمة تروم النيل من رموزها التاريخية ومناسباتها الوطنية والقومية، ما يعني بالمحصلة محو متدرج للذاكرة الجماعية واعادة بنائها بما يخدم مصالح تلك القوى التي تستهدفها وبما ينسجم مع رؤيتها المشوِهة لتلك الرموز والعناوين الوطنية، ما يعني بالمحصلة نسف وحرق عامل تحشيد معنوي ترى فيه الجماعة أعمدة بنائها التاريخي وهويتها الجامعة .

في هذا السياق وضمن الصورة الاعم والاشمل والهادفة لبناء وعي وطني ملتزم بهويته وثقافته ومدخلاتها ومخرجاتها، يُسخر الله لكل امة او مجتمع ثلة من الاولين يقوموا بدور الطلائع التي تجري على يدها الامور، وهذه الطلائع تعطي وتعطي بلا حدود او ثمن، وتبقى على هذه الحالة من العطاء المتقد والاخاذ، حتى انها قد تشقى وتفنى وتبعد وتعذب او تستشهد في سبيل هذه الفكرة، وبقدر عظم الفكرة والتضحية من اجلها، مضافا اليها عظم روادها ومريديها الاوائل ووفاء اتباعها لاحقا تتكون الرمزية، والتي ان توفرت لها بعض اسباب البقاء تجعل من صاحبها رمزا لا يشق له غبار، ولا تقدر على شطبه سطور الايام او صفحات التاريخ.

فالرمز هنا اصبح شديد التوهج ويأخذ مكانته في التاريخ ومع تتالي الايام ومضي الحقب يغدو الرمز اشد توهجا ولمعانا.
هذه الرموز لا يمكن ان تبقى إلا اذا قدمت كل اسباب بقائها، وقد تخبوا قيمة الرمز ولمعانه في زمن الاندثار والانحطاط، لكن لابد ان تتفق الحقائق في النهاية مع مجرى التاريخ، وبحيث تأخذ الرموز دورها مجددا، وتعود لتنير عتمة الليل ولتضيء سمائنا بالعز والعنفوان، تلك حكاية الرواد والطلائع والانبياء والرسل منذ قديم الزمن وحتى هذه الايام.

والشعب العربي الفلسطيني لا يشذ ولا يمكن ان يشط عن هذه القاعدة، بل على العكس هو جزء اصيل فيها منذ نشأة الخليقة وحتى كتابة هذه السطور، فهو أرض المحشر والمنشر وارض الرسالات السماوية وقبلة الارض وبوابة السماء ومهد الرسل والانبياء والاولياء والصالحين .....بالاضافة الى تراثه وهويته واساطيره وحكايا ابنائه المتوارثة جيلا بعد جيل عن هذه الارض واصحابها.

لذلك فهذه الارض مقدسة ومعمدة بالدم والحكايات والرموز، وجعبتها لم تبح بكل ما فيها، فمازالت خوابي فلسطين مليئة بحكايا الرموز الذين يولدون لحمل الراية والدفاع عن اصل الحكاية،فهم وان غابوا او غيبوا لحين ما يلبث طيفهم بالانبعاث مجددا حاله كحال اسطورة الفينيق الذي ما ان ظن الجميع انه ذهب واصبح رمادا بعدما احترق حتى يعود ليلعن الظلام ويؤكد مجددا على الحقيقة الثابتة: بأن التاريخ ينتصر لاصحابه ولو بعد حين .

من هؤلاء الرواد الاوائل الذين توهجت اسمائهم في سماء فلسطين صلاح الحسيني ابو الصادق شاعر الثورة الفلسطينية والكلمة المقاتلة، فهذا الرجل برمزيته الحاضرة والباقية يتسيد حيزا مهما في الذاكرة الفلسطينية، حتى ان هذه الذاكرة لا يستقيم حالها دون كلماته واشعاره واناشيده والتي اصبحت تجري على لسان كل الشعب الفلسطيني بدون استثناء، فهو كأقرانه من الشعراء والكتاب والادباء والمناضلين الذين ضمنوا حصتهم في الذاكرة بعد ان شقوا طريقم اليها بالكد والتعب والعطاء الذي لا ينضب، حتى انهم اصبحوا اسياد الذاكرة.

صاحبنا هو هذا الشاعر الذي ردد الجميع أشعاره، والذي تشير بطاقته الشخصية الى انه ابن غزة الصامدة، ولد في زمن الثوارات الأولى عام 1935، فرضع حليب الثورة وحب الوطن أبان الاحتلال الإنكليزي للبلاد، واستمر مناضلا حاملا قلمه بيد والرصاصة بالأخرى حتى التحق بصفوف الثورة الفلسطينية عام 1967. وكتب أول نشيد للثورة: ’.بسم الله بسم الفتح بسم الثورة الشعبية بسم الدم بسم الجرح إلي بينزف حرية’.

قام صاحبنا بتأسيس الإعلام العسكري لحركة فتح سنة 1969، ثم تولى مسؤولية الناطق العسكري لقوات الثورة الفلسطينية بجميع فصائلها سنة 1971. أصدر ديوان ثوريات، كما أنه ساهم في كتابة نصوص العديد من أناشيد الثورة الفلسطينية مثل: نشيد العاصفة، واللوز الأخضر، والمد المد، وجابوا الشهيد، وجر المدفع فدائي، والبروقي، وطل سلاحي، وغلابة يا فتح، وفوق التل، وما بنتحول، ومدي يا ثورتنا، ويا شعب كبرت ثورتي.

قام بتأسيس مؤسسة المسرح والفنون الشعبية والفلسطينية في بيروت عام 1975، وبتشكيل فريق فني من أبناء وبنات الشهداء وطاف بهم أرجاء العالم لنشر الحضارة والثقافة الفلسطينية.

كتب لفرقة العاشقين وألّف أغاني مسلسل عز الدين القسام في دمشق.

بعد مغادرة الثورة الفلسطينية بيروت قام بتأسيس مسرح الطفل الفلسطيني في القاهرة بدعم من دائرة الثقافة والإعلام، وقدم خلالها:مغناة الإنتفاضة(1) ومغناة الإنتفاضة(2)، ومسرحيتي"حارسة النبع"، و" طاق طاق طاقية"؛ بالإضافة لرفد إذاعة منظمة التحريرالفلسطينية بأغاني تناسب كل مرحلة. كما عمل مديراً عاماً لمسرح الطفل الفلسطيني بمدينة غزه.

وفي فجر الثلاثاء 11 كانون الثاني 2011 فقد الشعب الفلسطيني واحدا من أبرز رواد القلم والسلاح الأوائل في منزله بالقاهرة عن عمر يناهز 76 عاماً، إثر إصابته بنزلة رئوية حادة، وقد ُشيع جثمانه من مسجد رابعة العدوية (بمدينة نصر شرق القاهرة)، ووري الثرى في أرض الكنانة.

يتبع على اربع حلقات...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة