الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجاوز النخبوية والشعبوية

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2021 / 12 / 13
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


هدف هذا النص البسيط تخفيض وجيلين كبيرين في ثقافة الإهتمام بتصحيح الطبيعة المتفاوتة لعمليات توزيع الموارد وتنظيمها وهما الوجل من غضب الأنشطة الإمبريالية على الأوضاع الداخلية وإحتمال غزو البلاد ومجتمعاتها من الخارج والوجل من قلقلة التغييرات الداخلية وإخلالها بـ(((إستقرار))) الوضع الإقليمي والعالمي وإحتمال تسببها في حرب أهلية.

لتخفيض الآثار السلبية لكل واحد من هذين الوجلين على ثقافة التغيير ينبه هذا النص إلى ضرورة الفعل الثوري الداخلي وأهميته في القضاء على كثير من أسس وأشكال تعقيدات الأمور الداخلية والخارجية والتخلص من أزمات الجوع والأمية والتخلف والامراض البدنية والثقافية، والتذكير بتكرار نجاح أسلوب التغيير الثوري في تصحيح وضع المجتمع في الدولة وفي تصحيح وضع الدولة في العالم.

تأسيساً لهذا التصحيح يبين هذا النص ضرورة قيام الخطاب والنشاط الثوري بتجاوزين متداخلين:
(أ) تجاوز صيغ الأفكار والسياسات النخبوية وخطابها المتحذلق ذو الكلمات العمومية والمحاور الأنانية،
(ب) تجاوز صيغ الأفكار والسياسات الشعبوية ذات الخطاب الرافض للنخب والأساليب النخبوية المدغدغ لمشاعر الناس إما على حساب وضعهم المعيشي أو على حساب حقوقهم، والمكرس لتكوين نخب جديدة فاشستية ونازية.

ترتبط أهمية تجاوز هذه الصيغ النخبوية والصيغ الشعبوية المعيقة لإرتباط (المثقفين) بحركة الجماهير بوجود واقعي لها متنوع الأشكال والفعاليات في الحياة السياسية، بالإمكان تصويره في شكل حاجز نفسي ثقافي إعلامي في أذهان كثير من المهتمين بتقدم حركة الجماهير يؤخر أو يعيق بعض مثابراتهم.

تتجلى بعض عناصر سيكولوجيات الصيغ السياسية النخبوية أو الشعبوية أو مزيجهما السام في شكل وجس أو وجل من التأثير السلبي للتدخلات الإمبريالية أو وجل من تأثير الصراعات الإقليمية والداخلية على تقدم حركة الجماهير (التي تصور مسبقاً بشكل مثالي كتقدم هادئي محسوب)

بحكم هذا الوجس والخوف والقلق من الخطر الخارجي ومن الخطر الداخلي يميل أصحابه إن كانوا واقفين في موقع المعارضة أو جالسين في كراسي الحكم إلى التوافق الإنبهالي أو الإنطوائي مع كل النخب المختلفة المعايش والأوليات والمصالح! وإلى إهمال أو قمع الحركة الجماهيرية، وإلى الإستمرار في حالة التبعية الدولية.
رفضاً لهذه الحالة الفكرية المبتعدة عن عمليات التغيير الجماهيرية أو المعطلة لهل تواجه فكرة هذا النص فكرة بعض المزاعم المتكلمة بمنطق الحد الأدنى عن إمكانية فوز كل الطبقات في مختلف أشكال الصراع الطبقي الداخلية والعالمية وفكرة بعض المزاعم عن ربحية وسلامة البقاء في أفكار وإقتصاد صندوق النقد الدولي.

تهتم فكرة هذا النص بنقض التنظيرات المخففة لإنتقاد القديم المؤجلة أو المعرقلة عمليات تغييره بحجج تتعلق بإنتظار إكتمال أمور شتى. لعل أهم تبريرات التأخر في حل أزمات سياسية كبرى بزعم إنتظار حل مشاكل تفصيلية تاكتيكية كما إن أهم تبريرات تأخر أو تأجيل حل بعض المشاكل التاكتيكية بإنتظار حل أزمات كبرى. أو عتذار بعض القيادات عن تأخرها في حل أزمات نظرية بحجة وجود خلل تنظيمي أو تبريرها وجود أزمات تنظيمية بوجود إختلافات فكرية.

تواجه فكرة هذا النص البسيط نشاط الأفكار والقوى النخبوية والشعبوية في تعطيل حركة الجماهير أي الشكل المتمثل في دأب هذه القوى على تبرير تأخرها أو إمتناعها عن أداء واجبات مهمة لحل أزمة كبرى بزعمها وكلامها الكثير عن وجود واجبات أخرى إزاء أزمات أخرى تستهلك جهودها!

أهمية مواجهة ثقافة العقلانية الإجتماعية وقيمها الثورية الإشتراكية لهذه الأفكار ترتبط بأهمية الحد من خطر الأفكار النخبوية والأفكار الشعبوية على ثقافة التغيير الطبقي وذلك بكشف إستشراء التضليلات النخبوية والشعبوية عبر وسائط المعرفة والإعلام بموضوعات مجزوءة من شاكلة "إحترام التنوع الإثني والثقافي" دون إنهاء التفاوت الطبقي! وكذا بالتناول الجزئي الفوقي لموضوع "الديموقراطية" معزولاً عن سيطرة الأقلية الرأسمالية على معيشة وثقافة الغالبية! وكذا إستشراء الصيغ النخبوية والشعبوية بالتناول الدوغمائي لموضوع "أنانية الأحزاب" معزولاً عن أنانيات التجارة! أو عن الأنانية الإمبريالية أو حتى أنانيات الثقافة الدينية وكذلك بترهيب حركة الجماهير بكلام نخبوي أو شعبوي عن "خطر" إقليمي أو دولي أو عن "خطر داخلي".

تتصدى فكرة هذا المقال لظاهرة الصيغ النخبوية والشعبوية المعيقة لحركة الجماهير وهي صيغ تمثلها بعض الحيادات أو بعض الإنحيازت في عوالم المعرفة الأكاديمية السياسية في بعض علوم الإجتماع أو الإقتصاد السياسي أو العلوم الإدارية والسياسية أو الحقوقية، وأيضا ضد تمثلها بحيادات أو إنحيازات في أخبار ومقالات وبرامج وسائط الإعلام حيث تكثر تبريرات التأخر في حل أزمة بإنتظار إكتمال حل أزمة أخرى، رغم إن كل الأزمات السياسية والاقتصادية والمجتمعية والثقافية أزمات متداخلة متوالدة من بعضها ليس بالإمكان حل واحدة منها دون حل الأزمات الأخرى.

لتبين خطورة الصيغ النخبوية والصيغ الشعبوية على تقدم حركة الجماهير من موقع التابع إلى موقع الفاعل بالإمكان النظر إلى أمثلة من ظاهرة اعتذارات الحكام عن تأخرهم أو تأجيلهم حل كثير من الأزمات وتبرير ذلك التأخر أو التأجيل بوجود أزمة أخرى بدون حل! فتتوالى الإعتذارات وتتداخل بشكل يخالف منطق الواجب، على النحو الآتي,
من أمثلة تأخر النخب الليبرالية عن واجب بسبب تأخرها عن واجب آخر حالة عدم تأسيس أوليات الديموقراطية الشعبية بربط حركة الجمعيات التعاونية بعمليات الحكم الشعبي المحلي حيث يتم تبرير غياب هذا التأسيس والربط بإنتظار (((إكتمال))) "الوعي السياسي" ! ثم تبرر غياب تنمية الوعي السياسي في التربية والتعليم والإعلام والحياة النقابية إلخ بإنتظار (((إكتمال))) حل مشاكل المعيشة! ثم تبرر تأخر حل مشاكل المعيشة بإنتظار (((إكتمال تحسين))) الإقتصاد! ثم تبرر تأخر تحسين الإقتصاد بإنتظار (((تحسن الأوضاع السياسية))! ثم تبرر النخب فشلها في تحسين الوضع السياسي بعدم (((إكتمال))) حل أزمات معيشية وإقليمية ! أو بانتظار (((إكتمال))) تمويل مسموم من صندوق النقد الدولي! أو بانتظار حدوث أو (((إكتمال))) قبول دولي أو إقليمي للتغييرات الوطنية في النطاق الإقليمي الأناني! أو في النطاق العالمي الإمبريالي! كل غياب ينتج غياباً آخر وكل تأخير وتأجيل في علاج أزمة يفاقم أزمات أخرى.


لمناهضة تمدد الصيغ النخبوية والصيغ الشعبوية وتأثيرها السلب على تطور وفعالية حركة الجماهير يتبلور سياق هذا النص داعياً إلى مقاومة هذه الصيغ منبهاً إلى ضرورات ولوازم وفوائد تجاوز الحاجز الفكري الذي تكونه هذه الحجج النخبوية والحجج الشعبوية مبقيةً البلاد وحركة جماهيرها الكادحة في أسر الإستعمار ين الإستعمار الداخلي القديم وأسر الإستعمار الخارجي الحديث المموهين بأسماء قضايا موضوعية كقضية "السلام" بداية بحقن الدماء وحفظ الأرواح وقضية "الديموقراطية"، وقضية "التعاون الدولي". وهي قضايا يؤدي التعامل الليبرالي معها إلى إبقاء النزاعات وتقوية الديكتاتوريات وسيطرة الإمبريالية على أو تهميشها قدرات الدولة.


بعد هذا التقديم والتناول العام لأسس وأهداف وجوانب التصدي للصيغ النخبوية والشعبوية المؤخرة أو المعادية لحركة الجماهير وقواعدها الفئوية تهتم الفقرات القادمة بتقديم بعض التصورات المركزة التي تسهم في تفكيك هذه الصيغ:



1- ظروف تأثير الوضع الخارجي على الوضع الداخلي:
في رصد أمور المجتمعات والدول وطبيعة تحقيق التغييرات الشعبية يوجد منظار حقيقي يوضح ضعف الداخل المنقسم أمام التاثير الخارجي القوي خاصة في حالة ثراء الموقع الاستراتيجي والوضع الجيوبوليتيكي لدولة ما وتداخل مجتمعاتها مع مجتمعات دول الجيران وتبعية نخب الدول الجيران بأشكال مختلفة للأنشطة الإمبريالية ومن ثم يتعقد ويتفاقم تأزم وضع أي دولة تعتمل بكل هذه السلبيات، بل سريان السم فيها بـ:
(أ) التدخلات الامبريالية المختلفة،
(ب) تنافس النخب في إرضاء التدخلات الإمبريالية وفي تغيير صورها الداخلية حسب مصالح كل شريحة نخبوية،
(ج) نموء وإنتشار مختلف أنواع الأكاذيب والخدع والظنون والتضليلات.


هذا الكلام عن التاثير السلبي لوضع المجتمع المتناحر ووضع الدولة الضعيف على تحقيق مصالح الجماهير كلام صحيح جداً في الحياة الليبرالية النخبوية وهو واضح بالمنظار المباشر الرؤية الذي يبين للعين طبيعة "السياسة" كتنافس بين شرائح النخب تنافساً أنانياً مفتوحاً هدفه التحكم في بعض الأمور.



2- ظروف تغلب الوضع الداخلي على المؤثرات السلبية الخارجية:
خلاف المنظار القديم المألوف المحدد الرؤية فإن إستعمال المنظار الحديث الشمولي ذو الرؤية الواسعة "بانوراما" المتفوق بامكانات التكبير يحسن النظر إلى تفاصيل وجوانب الصورة الكبيرة ويحقق معرفة أكبر بطبيعة عناصر وعلاقات وتفاعلات وضع المجتمع المنظور وإمكانات دولته.

بالمنظار الشمولي الواسع الرؤية تتبين حقيقة بسيطة هي أنه كلما تكاثرت إختلافات المصالح وتعقدت أمور إرضاء الأنانيات الرأسمالية والمجتمعية والدولية وانخفضت إمكانات التوافق السياسي بين النخب، زادت إمكانات التغيير الثوري وقويت إمكانات انتصار الكتلة الجماهيرية الأكثر تقدماً.



3- أمثلة على تغلب الداخل الضعيف على التأثير الخارجي القوي:
تقدم قائمة الأحداث السياسية الداخلية التي أثرت بشكل كبير على الوضع الدولي أمثلة واقعية دالة إلى التزامن والتداخل بين ترهل أو إنسداد الأوضاع السياسية في ظروف التسمم الدولي والنخبوي الداخلي وتفرهد إمكانات التغيير الثوري المرتبط بحاجات وطلائع الجماهير.

في قائمة تغلب الداخل وإنتصاره على سلبيات الوضع الدولي أمثلة معروفة في العالم ك واحدة تلو أخرى وهي الثورات الليبرالية العظمى في إنجلترا فأمريكا ثم فرنسا فإيطاليا وبعدهم مصر عرابي، فالسودان وتركيا ثم ثورات البلقان وكذلك التزامن بين الأزمة السياسية الليبرالية والثورة الإشتراكية في روسيا، والأزمة السياسية الليبرالية الثورة الاشتراكية في الصين وأيضاً في كثير من ثورات التحرر الوطني في دول العالم الثالث، بل حتى الأزمات النخبوية البيروقراطية في دول شرق أوروبا وتغايرها في تذبذبات الحرب الباردة أفرزت (ثورات) رجعية في تلك الدول وإنتصار الكتلة الجماهيرية المتضجرة الصاعدة على النخب البيروقراطية.

في تاريخ كل هذه الدول نجد تزامناً وتلازماً بين زيادة التناقضات العالمية وما يتبعها من اختلافات داخلية ومحلية وتكاثر التضليلات والخدع السياسية وإنخفاض إمكانات التوافق والحسم السياسي في جانب النخب والزيادة في إمكانات التغيير الثوري في جانب الجماهير.



4- مزية الرؤية المتكاملة وفاعليتها في العمليات الثورية:

الرؤية المتكاملة لطبيعة نظر معين تعني توفر معلومات أكثر لأصحابها عن عدد ونوع مختلف العناصر والعلاقات والبنى المرتبطة بتغيير ما يريدون وحساب مختلف الإحتمالات المرتبطة بها أو التي قد ترتبط بها، ومن ثم تتوفر لأصحاب الرؤية المتكاملة إمكانات أكبر لتخطيط متكامل لاستعمال مواردهم وبناء أعمالهم وتحقيق أهدافهم. ويمكن أوضاح جدواها عبر النقاط الثلاث الآتية:

(أ) عيب الأسلوب القديم:
بحكم طبيعتها الجزئية التكوين تتسم رؤى التيارات النخبوية المدنية ورؤى التيارات النخبوية العسكرية بطبيعة تركيز أحادية لا تستطيع أو لاتريد الإحاطة بتداخل الأوضاع الطبقية والإقليمية والإثنية إلخ، ووضع الدولة والأوضاع الإقليمية والوضع العالمي، ومن ثم بالنظر المحدود تترسخ الأفكار الخاطئة وتكرر الأزمات.

(ب) التقويم بإستعمال أداة أفضل:
البداية الموضوعية لتغيير تناقضات النظم الليبرالية ترتبط بإستعمال المنظار الشمولي البانورامي في النظر إلى الأمور بحكم إن الرؤية المتكاملة إلى الأوضاع الداخلية والخارجية تبين التفاصيل والجوانب والنقاط المرتبطة بتقوية النشاط الجماهيري ضد التحكم النخبوي والضياع الشعبوي وما يرتبط بهم من نفوذ أجنبي عبر الوضع العالمي الضعيف للدولة وسوء توزيعها للموارد.

(ج) المعرفة الأكبر تقوى إحتمالات نجاح التغيير:
بالمنظار الشمولي ذو الرؤية المتكاملة تتحسن إمكانات وإحتمالات الخلاص من النظم الليبرالية ووقف الخدع التي تجدد بها حياتها وسيطرتها أنانياتها الرأسمالية وأول تلك الخدع قيام نخبها بتغيير مياسمها الطائفية والثقافية وواجهات حكمها الحزبية الرئاسة أو العسكرية الرئاسة دون أن تغير مضمون الحكم وتأثيره في معيشة الناس، ودون أن تغير الوضع العالمي للدولة من حالة التابع إلى حال الفاعل



5- لوازم تجاوز الحاجز الإعلامي والسياسي للحجج النخبوية والحجج الشعبوية:

لإحداث تغيير جذري في أمور التغيير وزيادة عددها وكفاءتها يحتاج المهتمين بتلبية حاجات الجماهير إلى تحقيق عدد من أمور المتداخلة وهي:

(أ) الإبتعاد عن تقديس السياسة التقليدية المألوفة في الحياة كونها لعبة كراسي نخبوية وكونها كينونة ذات وجهين وجه حزبي الرئاسة ووجه عسكري الرئاسة لهما محور أو هدف واحد في الحالتين وهو تجديد المضمون الرأسمالي المزدوج الغشيم واللئيم لهيئات وأعمال الدولة وعلاقاتها الدولية.

(ب) الإقتراب المنظوم إلى رؤى وأعمال ونبض الجماهير وفي قلبها رؤية وتعاملات تنظيماتها الفئوية القاعدية، فمن أصل ونوع DNA مجتمعات الإنتاج وطبيعة جذورها تتبلور معالم الحساب في كل أعمال وهيئات الدولة.

(ج) الابتعاد عن النظر التقليدي البسيط إلى السياسة كلعبة توازنات نخبوية داخلية مرتبطة بلعبة توافقات واختلافات إمبريالية بين أمريكا وغرب أوروبا وبريطانيا، أي كعملية تدار فقط من الأعلى بل التعامل مع أجزاء مهمة في النظم السياسية الحزبية أو العسكرية الرئاسة بحقيقة إنها مجرد بقايا حالة تاريخية قديمة لإختلاف الهامانات أو لإختلافات الإقطاعيين حول أفضل الأساليب لترسيخ أو زيادة سيطرة الملك ومواليه على معيشة ومستقبل المجتمعات.

(د) التعامل مع حقيقة السياسة الليبرالية في العصر الحديث والطبيعة الفوقية لإدارة أمور المجتمع والدولة كلعبة تعاون وتفرق متكررة بين زعماء كل نخبة بيروقراطية أو نخبة عشائرية أو نخبة تجارية داخل نخبهم وبين النخب بهدف تجاوز بعض مشكلات الأزمات القديمة أو إنهاء بعض آثارها السيئة على بعض مصالحهم أو تحقيق مصالح جديدة لهم بتكوين نظام ونخبة جديدة أو بتغيير علاقة دولية أو تأسيس أخرى جديدة أو حتى إتفاق بعضهم على تكوين دولة جديدة.



6- طبيعة تجاوز النخبوية والشعبوية:
زيادة إرتباط المهتمين بتطور الحركة الجماهيرية بأمور التغيير الجذري تحقق وتتحقق بقفزة صحيحة بالزانة فوق الحاجز الثقافي الإعلامي السياسي الطبقي المضاد لحركة الجماهير. ولا تبدأ هذه القفزة والطفرة النظرية الموضوعية وفق حماسة قيادة حزب أو مجموعة بل تتبلور كنتيجة موضوعية لتطور منظوم في النشاط الدراسي والمطلبي والصدامي لعدد من المنظمات الحزبية والنقابية والمدنية ذات الكينونة الوطنية الديموقراطية.

وتتجلى إرادة القفز بالزانة في قيام أعضاء ومثقفي وزعماء الحركات المدنية والنقابية والحزبية بأشكال متنوعة حسب نتائج أعمالهم وتمحيصها بخبرتهم ووعيهم بكشف دور الحاجز الثقافي الإعلامي البرجوازي في تعطيل حركة الجماهير وإعاقة تقدمها بمبررات بعضها نخبوي وبعضها شعبوي تؤدي جميعها إلى إستمرار نظام الأنانيات التجارية والسياسية.

تتحق هذه الطفرة الموضوعية وتمثلها في قفزة خطابها بالزانة على لت وعجن الحجج النخبوية والشعبوية وفلسفتها المثالية وتجاوز هذه القفزة الحاجز الثقافي الإعلامي المعيق لحركة الجماهير بحججه النخبوية وحججه الشعبوية، وهو تجاز موضوعي يتمثل في شرح وبيان الطبيعة الطبقية لهذا الحاجز وكيفية عمل حججه كشبكة ذكية متوالدة من التناقضات والفجوات النظرية والعملية والخروق والحماقات والتضليلات ذات الجذور والروابط المحلية والدولية.



7- فوائد تجاوز الحاجز المزدوج الحجج (الحجج النخبوية والحجج الشعبوية):

أهم فوائد لإقتراب المهتمين بتلبية حاجات الجماهير إلى نضالات ونبض الكادحين وإندماجهم الإنتقادي فيها هي:

(أ) خفض وإزاحة تناقض أقوال وأفعال النخب وتبعياتها الثقافية والكومبرادوية المنتجة لكل أنواع الحواجز المعيقة لحركة الجماهير والإسهام في بداية إنتقال الناس من حالة جلد الذات وإنتظار الحلول ومباصرة الفتات وتلتيق الملتق إلى حال موجب له فعالية ثورية في إزالة السلبيات.

(ب) زيادة وتقوية عمليات التحرر من المظالم الطبقية والإقليمية وتخفيض إمكانات هيمنة قوى الإستعمار الحديث على الحياة الداخلية للمجتمع بسيطرة آلات البنوك والشركات العظمى ودولها على نظام وآليات إقتصاد الدولة الليبرالية الضعيفة ومستحقاته ولوزامه.

(ج) الفائدة الثقافية للوعي الثوري بفرز الحقائق الموضوعية الإجتماعية السياسية عن التصورات والأوهام النخبوية والشعبوية لتأثيرات الجيوبولتيكا الداخلية للمركز والهامش والدول الجيران وتوضيح طبيعة ارتباط كل واحدة من الحقائق الاجتماعية وكل واحدة من التصورات النخبوية والشعبوية بالصراع الطبقي.

(د) الإسهام في تحرير وضع المجتمع والدولة والمنطقة من سلبيات النفوذ الأجنبي الثقافي أو العملي القائم على التحكم في النخب واستمرار تجديدها للخلل البنيوي المعيشي والسياسي في نظام الديموقراطية الليبرالية، وهو الخلل المزدوج في توزيع السلطات وفي توزيع الموارد والذي قد يختزل بمقولة ((من النخب وإلى النخب وبالنخب)).



8- ختام:
بمقاومة الأفكار والسياسات النخبوية ومقاومة الأفكار والسياسات الشعوبية والقفز بزانة النظر الشمولي والفكر الجدلي لحركة الجماهير وقواعدها الفئوية الكادحة تتقوى وتزيد النضالات المخفضة لهيمنة ثقافة التشظي الأناني التجاري السياسي العالمية والداخلية. وتؤول إلى زوال الحالة الليبرالية المعيقة لإرتباط (المثقفين) بتقدم حركة الجماهير نحو تنظيم قواها وتجميع مطالبها وتحقيق أهدافها.

من ثم وببساطة نسبية للنجاح في القفز على التصورات النخبوية والشعبوية وعبور حالة الوعود بتسليم السلطة إلى الشعب ووعود خروج الإقتصاد من عنق الزجاجة وأكاذيب تدفق الإستثمارات بمعدل أكبر من معدل زيادة فوائد الديون تتبلور ملامح مجتمع ومستقبل ثوري وطني ديموقراطي نشيط وفعال -بحركة جماهيره الكادحة الفئوية التأسيس- ضد مختلف أسس وأشكال القهر والإهمال الداخلية والعالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم


.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة




.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.


.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة




.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال