الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأماكن البديلة للمسرح التقليدي

سامي عبد الحميد

2021 / 12 / 15
الادب والفن


كانت بناية المسرح التقليدي لدى الاغريق القدماء مفتوحة غير مسقفة وواسعة واشبه ما تكون بالملاعب الرياضية، وعندما تبنت الكنيسة المسيحية الاعمال المسرحية الدينية اتخذت من صالات الكنائس مكاناً لعرض مسرحياتها، ثم خرجت بها الى الساحات العامة. وفي عصر النهضة ظهرت ابنية المسارح المغلقة والتي تسمى اليوم (مسرح العلبة) او (بناية المسرح الايطالية) حيث ينفصل مكان جلوس المتفرجين عن مكان العرض المسرحي وتكون رؤية المتفرج موجهة من زاوية واحدة من الامام. وفي العهد الاليزابثي بنيت المسارح المفتوحة وصممت اماكن جلوس الجمهور لتحيط بخشبة المسرح من ثلاث جهات، واليوم فإن كل تلك الانواع من ابنية المسارح مستعملة من قبل المسرحيين في شتى انحاء العالم ولكن البحث عن اماكن بديلة للعرض المسرحي غير المكان التقليدي وهو (مسرح العلبة الايطالي) اصبح من محاولات المسرحيين المعارضين في الخروج على المألوف وعلى وفق تبريرات فكرية وفنية، ولعل من ابرز تلك التبريرات: (1) يجب اختيار مكان العرض المسرحي بما يتناسب وطبيعته، فعلى سبيل المثال اختار المخرج الالماني (راينهارت) خيمة سيرك ليقدم تحتها مسرحية اغريقية هي (اوديب ملكاً) لسوفوك وذلك اعتقاداً منه ان مكان السيرك يشابه المسرح المفتوح المدرج نصف الدائري الذي اعتمده الاغريق القدماء .. واختار واجهة كاتدرائية ليقدم مسرحية (المعجزة) ذات الطابع الديني في حين لجأ الى مسرح العلبة ليقدم مسرحية واقعية .. (2) يجب اختيار مكان العرض المسرحي على وفق مبدأ مشاركة الجمهور الفعلية في العرض المسرحي والغاء المسافة الجمالية التي تفصل المتفرج عن الممثل، وعلى سبيل المثال انشغل المخرج البولوني (جيرزي غروتوفسكي) بتغيير مكان العرض المسرحي او تنظيم جلوس المتفرجين على وفق ذلك المبدأ ، ففي احد العروض يحيط الجمهور بالممثلين وفي عرض آخر يتغلغل الممثلون بين المتفرجين.
اضافة الى المبررين السابقين فقد راحت بعض الفرق المسرحية في بعض البلدان تبحث عن اماكن للمسرح بديلة وذلك للخروج على المألوف والاعراف السائدة، فراح المخرج الايطالي (يوجينيو باربا) مع فرقة (الاودين) بعرض مسرحياته في الساحات العامة او في الحقول او في المعامل، وكذلك فعلت فرق (الخبز والدمى الاميركية) ثم ظهر مسرح الشارع حيث ان عدداً من المجموعات المسرحية راح يعرض اعماله في شوارع المدن.
ومثلما اقتبس المسرحيون العراقيون تقنيات العمل المسرحي من الغرب كذلك راح البعض منهم يبحث عن اماكن للمسرح بديلة عن مسرح العلبة وذلك لاسباب فنية ابتكارية من جهة ولاسباب مادية كعدم توفر ابنية مسارح مناسبة من جهة اخرى ،وهكذا قدم (سعدي يونس) اواخر السبعينات عرضاً مسرحياً في مقهى، وقدم (جبار عيسى) قبل عام عرضاً مسرحياً في الشارع او في احد الاسواق، وقدم الراحل (جعفر علي) مسرحية (فيت روك) الاميركية عن الحرب الفيتنامية في اطلا قصر الاخيضر، وقدم سامي عبدالحميد (ملحمة كلكامش) في اطلال مسرح بابل قبل ترميمه تحويراً عن الاصل وقدم صلاح القصب مسرحية (ماكبث) في حدائق قسم الفنون المسرحية في الكسرة.
عندما قامت دائرة السينما والمسرح باستغلال احد المنازل التراثية في بغداد ليكون مكاناً للعروض المسرحية وسمته (منتدى المسرح) راحت المجاميع المسرحية تعرض مسرحياتها في تلك البناية وهي التي تختلف في شكلها ومضمونها عن بناية المسرح التقليدية – مسرح العلبة، وذلك ظناً من ادارة المنتدى ان المكان مخصص للعروض التجريبية، والتي يتولاها المسرحيون الشباب، وشهدت بناية المنتدى السابقة والحالية عروضاً مسرحية كثيرة منها ماهو مبتكر او تجريبي ومنها ماهو تقليدي، ولم تقتصر تلك العروض على المخرجين الشباب بل تعدتها حتى الى المخرجين القدماء او الرواد، ولكن الملاحظ ان عدداً من تلك العروض لم يأخذ مخرجوها في حسبانهم شكل البناية ومدى صلاحيته لطبيعة مسرحية معينة، كما ان البعض منهم لم يفكر بمبدأ مشاركة المتفرج في العرض المسرحي بقدر مافكروا بالخروج على المألوف.
اذن لابد لمن يقدم من المخرجين عرضاً مسرحياً في بناية المنتدى ان يفكر بالابتعاد عن معطيات المكان التقليدي للمسرح – مسرح العلبة، وان يفكر بكيفية الاستفادة من مرافق تلك البناية وطبيعتها وشكلها بحيث يخلق التناسب بين طبيعة عرضه المسرحي ومحتويات تلك البناية لكي يتحقق مبدأ التجريب وتتحقق محاولة الابتكار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس