الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطلوب دولة قوية في العراق!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2021 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


نتائج الانتخابات التي جرت في اكتوبر تشرين أول الماضي تظهر أن هناك من لايريد للعراقيين أن يساهموا في تشكيل حكومة يمكنها الوقوف بمفردها دون دعم من هذه الدولة أو تلك ولا حتى الولايات المتحدة أو حلفائها الاقليميين .

مفوضية الانتخابات أكدت موقفها السابق والادعاء بعدم وجود أي تزوير، وقالت إن نسبة الإقبال وصلت إلى 44%، وإن إعادة الفرز التي كانت انتقائية ، أسفرت عن تغيير 5 مقاعد فقط عن النتائج الأولية في كل من محافظات بغداد وأربيل والموصل والبصرة وكركوك.

وبدا واضحاً عدم تعامل مفوضية الانتخابات والهيئة القضائية مع ملف الطعون بصورة جدية ووفق السياقات القانونية المعمول بها، فالادلة التي قدمتها القوى السياسية وأثبتتها تخبطات المفوضية كانت كافية للتوجه نحو العد والفرز اليدوي الشامل او إجراء تغيير واضح في نتائج الاقتراع على اقل تقدير، كما في تناقض المفوضية بملف نسب المطابقة ، فمرة تتحدث عن تغييرات في النسب ثم تعود للتأكيد على وجود مطابقة بنسبة 100%.

إن تخبط المفوضية وتناقضها في التصريحات وإجراءات الاقتراع ، يؤكد الشكوك وفي ملفات عديدة كالاصوات الباطلة وإلغاء المحطات والبصمات المتطابقة فضلا عن ملاحظات المراقبين المحليين والدوليين.
كما أن أبرز دليل على إنتقائية الهيئة القضائية للانتخابات قبولها لعدد محدد على الرغم من تطابق كافة الطعون المرفوضة مع المعايير ما يولد الشك بعدم وجود تطبيق عادل للشروط او الخضوع لضغوطات سياسية داخلية وخارجية، فضلا عن قيامها باتخاذ قرارات باتة وملزمة بفوز أحد المرشحين ثم التراجع عنها ما يؤكد الشكوك و يعززها، لأن هناك أجندة خطيرة يراد لها أن تتحقق ، في هذه الانتخابات.

بالرغم من أن قوات الحشد الشعبي كانت رمزا للبطولة لدى العراقيين جميعاً خاصة الشيعة، عندما ساهمت بدعم إيراني لافت ، في إنهاء سيطرة تنظيم داعش الارهابي على  أجزاء كبيرة من شمال وشمال غرب البلاد، إلا أن هذه الانتصارات أُريد لها أن لا تترجم إلى نجاح في صناديق الاقتراع الشهر الماضي ، حيث تعمدت عملية التلاعب في الأصوات، وتزويرها ، أن تظهر النتائج الأخيرة للانتخابات البرلمانية، مرة أخرى، أن قوات الحشد الشعبي وفصائل المقاومة ، جرى تمثيلها بشكل متعمد ضعيفاً في تحالف الفتح بزعامة الحاج هادي العامري، التي خسرت 28 مقعدا من أصل 48 مقعدا كانت تشغلها بعد انتخابات عام 2018.

على الرغم من أن بعض الفساد في الانتخابات يكاد يكون مسلماً به ومقبولاً في العراق ، إلا أن التزوير الذي جرى على نطاق واسع بطرق احتيال مختلفة ، أدت الى الانتكاسات وفقدان الناخب الثقة بعموم الانتخابات وعموم العملية السياسية، وهذا الأمر لم يكن مفاجئًا تماما، ويمكن تفسيره جزئيا بحقيقة أن المطلوب للقضاء على التهديد الذي يشكله الحشد الشعبي وفصائل المقاومة على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها خاصة إسرائيل، هو اقصاء تحالف الفتح والقوى السياسية على شاكلته ، ولن يتم ذلك في الغالب، الا عبر صناديق الاقتراع ، بعد حملة التخوين والشيطنة اللتين نفذها الجزء الجوكري من مظاهرات تشرين.

ويبدو أن عددا كبيرا من الناخبين المحتجين على نتائج الانتخابات ، يريدون الآن المضي قدماً في الاحتجاج القانوني والاستعانة بالمحكمة الاتحادية العليا، بعيدا عن حقبة العنف والاعتماد على القوى الخارجية، بما في ذلك الولايات المتحدة وحلفائها ، ونحو الجماعات التي يُنظر إليها على أنها نظمت مظاهرات مطلبية في تشرين 2019 ، ولا تتمتع بأي قدر من الولاء للعراق. ويبدو أن التلاعب في تصويت العاشر من أكتوبر/تشرين الأول قد أظهر أيضا اهتماما مزيفاً، للشعب في كبح جماح الفصائل، بحجة أنها لا تخضع لسيطرة الدولة.
وبهذا المعنى، فإن المطلوب وكما بينه حجم التلاعب وتأييد مجلس الأمن للنتائج وفق إحاطة ممثلة الامم المتحدة التعسفية، وقبل ذلك في التشكيك بالبيئة الأمنية ودعوات التأجيل، أن يمثل التصويت تحولا مهما في المشهد السياسي في العراق لصالح تحقيق أجندة من خطط للتزوير . على الرغم من حقيقة أن الانتخابات كانت الأكثر تلاعبا، واحتيالاً ، منذ الغزو الأميركي عام 2003، فقد تغلغل عدم مبالاة الناخب في العملية برمتها، ولم يصوت معظم العراقيين، إذ كانت نسبة المشاركة الإجمالية أقل بكثير من المعلن رسميًا.

بالرغم من أن معظم العراقيين يريد حكم القانون ، إلا أن الكثيرين توقفوا ببساطة عن الاعتقاد بأن العملية السياسية بالشكل الذي تأسست عليه بنظام المحاصصة الطائفية والعرقية ستساعد في تحقيق هذا الهدف. وستعمق عدم الايمان بالعملية الانتخابية إذا تم فرض نتائج الانتخابات كما أعلنتها المفوضية ، وسيوجد ذلك تحديات متعددة ستواجهها الحكومة المقبلة اذا تشكلت بهذه النتائج ، في مقدمتها ضمان أن الدولة ستكون عاجزة عن أن تفرض هيبتها وتسيطر على السلاح المنفلت .
لكي تقوم الحكومة بذلك فسوف تحتاج إلى إظهار أنه يمكن الوثوق بها للوقوف بمفردها دون دعم غير ضروري من واشنطن، أو من حلفائها الاقليميين والمحليين ، والجماعات المسلحة التي تعمل في الخفاء وفي الشوارع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و