الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القافلة

أكرم شلغين

2021 / 12 / 15
الادب والفن


من؟ لماذا؟ كيف؟ لا أدري؟
أعارني مرة أحد الأصدقاء شريطاً عليه موسيقا لم أسمعها من قبل ولم أعرف مؤلفها وكذلك لم يعرف هو أكثر مما زعمه بأنها موسيقا قديمة وجدت على رقم فخارية اكتشفت في إحدى الممالك القديمة. عندما سمعت الموسيقا للمرة الأولى تداخل في رأسي كل شيء ولا أدري كيف أصف بدقة ما سمعته..! فحينا شعرتها انفعالات عفوية وحينا آخر كانت تلك الانفعالات مقصودة! هل هي تعبير انفعالي لإنسان بدائي لا يعرف من هو بالضبط ويسأل من أنا؟ أين أنا؟ من أين جئت؟ وماذا أفعل هنا؟ ماذا يوجد خارج هنا؟ وإلى متى سأبقى هنا؟ وحين أذهب فهل سيكون مستقري في حفرة أصبح فيها طعاما للدود أم أن هناك حقا روح ستكون في مكان آخر؟ وشعرت أيضا أن مؤلف تلك الموسيقا يدور في دوامة أسئلة لا تحصى، أسئلة تبدو بسيطة لكنها ليست كذلك ويعرف أنه لن يعثر لها على أجوبة، ولأنه لا يجد لها أجوبة يخرجها على شكل انفعالات يرتبها موسيقيا إلا أنها تظل بعيدة عن التناسق أو هكذا تلقفتها بمقاييس روحي النهمة لتجد الأجوبة لتساؤلاتها، موسيقى قارعة تارة ومحبطة طوراً وترتخي لتحزن مرة ثم تحتد بشك انفعال من جديد...سمعت تلك الموسيقا طيلة الليل في صومعتي وأنا أعيش بعالمي الخاص وبزادي الخاص وبضوء قنديل استخدمته طواعية كي لا يفسد نور الكهرباء أجوائي و ذهني لا ينفك عن التساؤل تماماً مثلما تتساءل تلك الموسيقا، أو بالحقيقة وللدقة ربما حملت تلك الموسيقا بما يدق في رأسي.

في الليلة التالية، رحت أستمع لتلك الموسيقا ثانية ولكنني انشغلت عن الأسئلة حيث كان تفاعلي مع الموسيقا يختلف عن قبل.. لقد شعرت أنها موسيقا الرحيل. أصوات أجراس متراتبة متلاحقة كأجراس قافلة تسير وتسير إلى ما لانهاية...وتلك الليلة أيضا أشعلت قنديل الكاز المعلق على حائط صومعتي وبدأت أدخن وأسكر فامتزجت روائح كاز الفانوس مع دخان الحمراء الطويلة مع يانسون العرق وبقيت أسكر طيلة الليل؛ أسكر وأسكر وأسكر..مسافر مع القافلة المسافرة. لحسن حظي أن الرحلة طويلة جدياً والقافلة تسير وتسير وتسير إلى ما لانهاية ولو توقفت فجأة لجننت لأنني حتماً سأتيه في المكان والزمان الذي ستتوقف فيه القافلة غريباً في أمكنة غريبة وأزمنة غريبة مثل الليلة السابقة وستعترضني الأسئلة كما من قبل وبدلا من أن أعرف شيئاً ستزداد حيرتي وأكرر في داخلي لا أدري ولا أعرف وستتعقد الأمور أكثر. رحت أغازل فكرة السفر... ما أجمل السفر! إنه الدواء الناجع؛ إنه يريحك من الأسئلة، من ألم ما لا ترضى عنه، من كآبة الغبن، من رتابة الحياة المفروضة عليك. ولكن سفري اليوم هروب. هروب من الأسئلة، هروب من المواجهة، هروب من كل شيء. وفوق كل شيء، لا أجوبة لأسئلتي ولا أدري أين سيحط بي الهروب! أو متى سأصل ذلك المكان المجهول! وماذا هناك!؟ فجأة يتسلل ضوء القمر الذي يسطع بدراً، يدخل من النافذة الشرقية. لا أستطيع وصف تلك اللحظة التي رأيت القمر بها، ولا أدري ماذا أقول! أهو الحب الحقيقي؟ أهو الجواب؟ أهو اللا جواب؟ أهو المستقر أم هو المزيد من الضياع في متاهات الأسئلة!؟ أنظر إلى القمر وأنظر وأنظر وأنظر ولا أرتوي...بدأت أبكي دون أن أدري لماذا ! وفجأة سمعت نباح كلب من بعيد...لماذا بدأ الكلب ينبح!؟ أتراه رأى القمر وبدأ يبحث به عن صور الخراف كما تقول الأساطير!؟ أتراه يتساءل!؟ أتراه يريد الرحيل!؟ أم تراه بدأ يبكي مثلي!؟
ثم عاودني عما إذا كانت تلك الموسيقأ التي أسمعها تعبر فعلا عن تساؤلات وقافة تسر أم أنني أسمعها وأنسج منها وحولها ما يحلو لي !؟ عند الفجر نمت وكأنه لن يعقب النوم استيقاظ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم


.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في




.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء


.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق




.. -مندوب الليل-..حياة الليل في الرياض كما لم تظهر من قبل على ش