الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمامة المرأة في الإسلام

خليل الشيخة
كاتب وقاص وناقد

(Kalil Chikha)

2021 / 12 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في الإسلام وإمامة المرأة
شاهدت مؤخراً مقابلة مع سيدة عربية على اليوتوب أسمها إلهام مانع. وتّعرف نفسها على أنها ناشطة حقوقية ولببرالية متجنسة سوسرية ومتزوجة من رجل سويسري. وهي من أصل يمني وأم مصرية. حاصلة على دكتورة في العلوم السياسية. ولها مؤلفات في الرواية مثل (خطايا) ورواية (صدى الأنين). حتى الآن كل شيء عادي. لكن الشيء الغير عادي في التاريخ الأسلامي على مدار أربعة عشر قرناً هو أنها إمامة لمسجد في سوسرا تخطب فيه وتؤم الرجال والنساء، وتضع فاصل موسيقي بين الخطبتين، وتؤم الجميع حاسرة الرأس.
بعد 11 سبتمبر كتبت مقالة مطولة قلت فيها، أن انعطافاً كبيرا حدث بالنسبة للولايات المتحدة والدول الإسلامية وكل ماهو مسلم. لأنه منذ ذلك الوقت أصبح المسلم متهم بالارهاب، ويجب عليه إثبات العكس بشكل دائم. ورأيت الكثير من المسلمين غيروا دينهم في الغرب خوفاً من تهمة الإرهاب. هذا الفعل الذي سيظل يأرّق العالم لمئات السنين (أي التفجير والقتل في سبتمبر) سيلاحقنا نحن المسلمين بطريقة مباشرة وغير مبائشرة حتى يقضى علينا أو نغير سلوكنا كلياً حيال العالم.
في المقابل، عندما خرج سلمان رشدي في روايته آيات شيطانية في نهاية الثمانينات، قامت الدنيا ولم تقعد، وخرجت فتوى الخميني بقتله، وهذه الفتوى هي التي جعلت من هذا الرجل المغمور مشهوراً، وهو الذي كان مجرد صحفي ومؤلف كتب للأطفال. تلك الفتوى جعلته يغتني من رواء رواية ألفها على طريق تيار الوعي، أي يقفز ضمن الأحداث دون سياق منطقي. يومها الكثير من دور النشر والتوزيع رفضت بيعها لكثرة التهديدات بالقتل والتفجير. وكي أطلع عليها استعرتها من صديق وقرأتها في أسبوع واحد. وهي كتبت للغرب لأنها في الإنكليزية. عندما قرأتها، وجدتها رواية تافه بكل المعاير الأدبية. وكان رشدي يريد الشهرة من وراء هذه الرواية، وهذا ماصرحت به زوجته الانكليزية التي طلقته فيما بعد. ومن المعروف أن رشدي مسلم من أصل هندي. ولم تقف الأمور عند هذا الحد، فقد سبقه محمود محمد طه السوداني الذي قال أن على المسلمين الأخذ بالإسلام المكي وترك الإسلام المدني. وبسبب هذا قُتل الرجل. وقتل بعده فرج فوده بعد مناظرته مع شيخ الأزهر. لكن بعد ذلك، خرج الكثير من الكتّاب من أمثال خليل عبد الكريم وسيد قمنى ونصر حامد ابو زيد وروايات كثيرة فيها تجديف أكثر مما كان في رواية رشدي.
السبب أوردت كل هذا، لأدلل على أن الأشياء متغيرة، وما كنا نراه فظيع بالأمس، أصبح عادي اليوم. أي ردود الفعل الأمريكية كانت احتلال العراق وتبديل الطبقة الحاكمة وتدمير الدولة كلياً وفتح الصراعات المذهبية والأحقاد التاريخية على مصراعيها. أليس هذا جزء من الثأر لنفسها مما فعله جماعة ابن لادن. ولاننسى احتلال افغانستان. لكن كانت الدولة مدمرة سلفاً هناك. في احتلال العراق فتحت شهية الأحقاد التاريخية بين السنة والشيعة والصراعات التي غذتها طبعاً إيران بطريقة مذهبية في المنظقة.
التغيرات التي طرأت في السعودية هي نتاج هذا الضغط الامريكي (مثل السماح بقيادة السيارة والسينما). والآن هي من صالحها ترك هذه الصراعات المذهبية بين السعودية السنية وإيران الشيعية كي ينهي المسلمين بعضهم بعضاً. والمؤسسة الدينية في الوطن العربي لم تستوعب هذا التغير بعد، فهي مازالت تلاحق من أمثال أحمد عبده ماهر وإسلام البحيري ومحمد عبدالله نصر. لأنها ترفض أي نقاش في سلطتها. ولهذا السبب خرجت تيارات اسلامية في أوروبا وامريكا بعد 11 سبتمر تعد سافرة أو كافرة بالنسبة لمؤسسة الأزهر.
نعم، كل مايجري هو سببه الجريمة التي وقعت في نيورك ضد الأبرياء. ونسي العالم الحروب التي شنتها إمريكا ضد الشعوب بهذه الجريمة وأصبحت الكرة الأرضية مشغولة بما يسمى (الإرهاب الإسلامي). كان العرب هنا في امريكا، يستعرّونا من عروبتهم بسبب الإعلام الذي شوه صورة العربي كلياً. فعندما كنت تقول لأمريكي بأنك عربي، كان يتبسم، وكأنك قلت له نكتة ساخرة، لكن الاسلام كان شيء عادي في الحياة الاجتماعية الامريكية. فلا ضرر عندما يقول المرء بأنه مسلم. وكانت إدارة السجون ترجب بشكل دائم بمشايخ مسلمين يأتون إلى السجون يدعون للإسلام المساجين السود. لكن الآن عندما تقول للأمريكي بانك مسلم، يتغير لون وجهه، وكأنك وجهت له شتيمة. لأنك متهم بجرائم ابن لادن والبغدادي سواء رضيت أم لم ترضى. وأظن أن كل هذا مفهموم. فنحن مازلنا نحمّل الشعوب الأوروبية آثار الحروب الصليبية ونلطم على حظنا ونريد أن ننتقم منهم لتلك الحروب ونحمل الغرب كله المسؤولية سواء الذين شارك أجدادهم في الحرب ام لم يشاركوا. فما بالك بجريمة حديثة ارتكبها مسلمون من دولة تعد نفسها حليفة للولايات المتحدة مثل السعودية.
وبالرجوع لإمامة المرأة، بعد هذه المقدمة التي لابد منها، أصبحت عادية حيث كانت من المسائل التي لايجب طرحها سواء في الغرب أو الشرق. والدكتورة مانع، لم تأصل شرعياً للإمامة، بل اتبعت أستاذتها الدكتورة أمينة ودود ( ماري تيزلي) المسلمة السوداء التي أسلمت في بداية السبعينات متأثرة بتيار ماكلم أكس ولويس فاركان. وظلت تمارس إسلامها التقليدي حتى أتت الصدمة 11 سبتمبر. بعدها مباشرة اجتهدت ونصبت نفسها إمامة لمسجد في عام 2004 في نيورك وأمت المسلمين نساء ورجال في الصلاة بعد خطبتها ليوم الجمعة، لكنها ظلت محجبة ومازالت حتى اليوم تؤم المسلمين. كان أسمها في الإنكليزية (Mary Teasley)، حيث تقلبت مابين المسيحية والبوذية حتى رست على الإسلام في بداية السبعينات. كان اعتمادها على أنه لامانع من إمامة المرأة في الإسلام، وتقصد الإمامة العظمى. وترفض الاحاديث أو تقول أنها تخضع لزمانها مثل ( ما أفلج قوم ولوا أمرهم إمرأة).
والدكتورة ودود ناشطة في المؤتمرات وتنشر الإسلام على طريقتها. قاطعتها كل المنظمات الإسلامية، لأنهم يقولون أنها مبتدعة على الإسلام. وبدعتها في النار. وهذه الدكتورة ماري تيزلي تعلمت كما تقول العربية والاسلام في الأزهر ثم سافرت إلى دول اسلامية مثل اندونيسيا ولها مؤلفات في الاسلام وتعتبر نفسها ناشطة نسوية مسلمة.
وكي أكون دقيق في كلامي عن أنه لأول مرة تؤم المسلمين إمرأة خلال 14 قرناً، علي أن أذكر غزالة (أم شبيب) من فرقة الخوارج. هي أول مسلمة تؤم الرجال وتخطب يوم الجمعة بعد أن دخلت مع ابنها شبيب إلى الكوفة منتصرة على جيش الحجاج. وفرقة الخوارج هذه، شاركت نساؤها في القتال. وكانت غزالة إمرأة مقدامة تعرف فنون الحرب والإغارة ، وكان الحجاج يرتعد خوفاً ويكاد يبول تحته عندما يسمع بقدومها إليه.
نهاية، أقول أنكم سترون أعظم من ذلك في قادم الأيام لسبب أننا نحن المسلمين بشكل عام والعرب بشكل خاص أصبحنا حجرعثرة في العالم، لانحن نشارك في صناعة التكتولوجيا لأنفسنا ولا لغيرنا كما يفعل مخاليق الله في الأرض. وكل مانملكه ونصدره - مع الأسف - النفظ والإرهاب.
كانون أول- 14- 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إمامة المرأة
عبد الفادي ( 2021 / 12 / 15 - 03:34 )
لو كان الإرهاب قد اقتصر على احداث 11 سبتمبر لربما نسى العالم هذه الحادثة مع الزمن ، لكن المؤسف انه بين فترى وأخرى تظهر جماعات جهادية تؤكد وتجدد تلك الأحداث بأعمالها الجديدة ، واهم هذه الأحداث الأعمال التي قامت بها منظمة داعش التي كانت تبث مشاهد قطع الرؤوس بعد تلاوة آيات . معظم المؤسسات الدينية الإسلامية لم تستنكر اعمال داعش بل قسم منها ساند الدواعش خاصة في الخطب كما ان الأزهر أصرّ على عدم تكفير الدواعش وهذا ما اعطى انطباع للعالم بأن العالم الإسلامي يوافق على اعمال الإرهاب . ان نقد الأديان حالة موجودة منذ القدم وليس من المعقول ان يتم حشد الهمم في خطب الجمعة لشحن الناس للإنتقام من المفكرين والمجددين الذين يبدون رأيهم بالدين ، لأن خبر الإنتقام سينتشر في العالم كله مما يشوه ذلك سمعة الإسلام والمسلمين ، فالذي يشوه سمعة الإسلام إذن هم ابناؤه المتشددين الذين لا يوافقون على تجديد الخطاب الديني ، وما دامت غاية الدين تهذيب النفوس وصنع السلام فما المانع ان تقوم إمرأة مثقفة بوزن الأستاذة إلهام المانع ان تتولى ارشاد الآخرين بطريقة إمامة حديثة تنعكس ايجابيا على سمعة الإسلام ؟ تحياتي استاذ خليل


2 - من دعم داعش
ابو ازهر الشامي ( 2022 / 1 / 29 - 15:56 )
سيد عبد الفادي
رغم ان داعش هي السلفية الوهابية المعاصرة وهي صادقة في تطبيقها وهي اعادة لاحياء دولة ال سعود الاولى اي الدولة السعودية الأولى
الا اني لا اعلم ما هي المؤسسات الدينية التي دعمت داعش
بل رغم التشابه الفكري الكبير بين داعش وشيوخ السعودية الا ان شيوخ السعودية على العموم والخصوص الا عدد قليل انتهى به الامر بالسجد قد قاموا بمهاجمة داعش
بل حتى شيوخ التكفير على الانترنت مثل التكفيري الخطير عبد الله بن فهد الخليفي الذي لا يختلف ابدا تفكيره عن داعش بل اكثر دموية من داعش فداعش على سبيل المثال حتى انتهاء امتدادها لم تقم بقتل الاشاعرة ولا الماتريدية على حد علمي واكتفت بقتل الشيعة وبعض الصوفين وليس جميعهم
المهم
وجدناه يهاجم داعش
نعم الازهر لم يكفرهم
ولكن لم يدععمهم


3 - الشكر ل عبد الفادي وابو أزهر الشامي
خليل الشيخة ( 2023 / 3 / 14 - 01:05 )
الشكر لكما على التعليق
تحياتي لكم
خليل الشيخة

اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس