الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد والثلاثون

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2021 / 12 / 15
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


ضع العملات الذهبية على طول الطريق

كافىء القارىء بالنقاط العالية ..... فى المنتصف على وجه الخصوص


كيف تحافظ على مسير القارىء خلال قصتك ؟


كنا قد وصفنا فى السابق ثلاث تقنيات تفى بهذا الغرض : الأنذارات ، الأحداث المثيرة ، ومحركات القصة .


يقدم دون فراى تقنية أخرى من خلال المثال التالى : تخيل انك تمشى على طريق ضيقة فى عمق الغابة .


تمشى مسافة ميل لتجد عند قدميك عملة ذهبية . تحملها وتضعها فى جيبك وتكمل المسير ميلا اخر لتجد ، بكل تأكيد ، عملة ذهبية أخرى .


ماذا تفعل حينها ؟ تكمل المسير لميل اخر بحثا عن عملة أخرى بالطبع .


مثل صاحبنا الذى يسير فى الغابة ، يُكون القارىء كذلك توقعات عما يختبىء له فى الطريق .


حين يواجه القراء معلومات وتفاصيل مملة فى البداية على وجه الخصوص ، سيتوقعون مزيدا من المادة المملة فى القادم من القصة .


أما حين يقرأ القراء سردا زمنيا فإنهم سيتساءلون عن الحدث القادم .


فكر فى العملات الذهبية على أنها تفاصيل تكافىء القارىء ، البداية الجيدة فى حد ذاتها مكافأة ، والكتاب المحترفون لديهم ما يكفى لوضع شىء براق فى النهاية ، مكافأة أخيرة ، دعوة للقراء ليعودوا إلى قراءة أعمالهم .

ولكن ماذا عن المساحة بين البداية والنهاية ؟


من دون حافز العملات الذهبية ، قد ينتهى الأمر بالقارىء إلى الانجراف خارج الغابة .


بيد أننى لم أقابل قط كاتبا وإن كان من كبار الكتاب ، كان قد تلقى المديح على إبداعه فى كتابة منتصف القصة ، وهو السبب الذى يجعل الاهتمام بالمنتصف ضئيلا .

يقول المحرر المعروف بارنى كيلغور : " أسهل ما يستطيع القارىء فعله هو التوقف عن القراءة " .


قد تظهر العملة الذهبية على هيئة مشهد صغير أو حكاية : " انثى حيوان كبير ذو قرون أسفل تتهادى عند السياج ثم تعدو نحو السهل ، بحوافر تطبل بقوة " .


هذا مشهد بديع " تمتم راعى بقر " . وقد تظهر العملة كذلك على هيئة حقيقية مفاجئة : " البرق .. يُخشى أشد الخشية من قبل أى رجل ممتط فى سهل مفتوح ، وكثير من رعاة البقر لقوا حتفهم على يده " .


وقد تظهر كاقتباس معبر : " قال السيد ملر : معظم رعاة البقر الحقيقين الذين أعرفهم ماتوا منذ زمن " .


هذه العملات الذهبية الثلاث ظهرت فى قصة فائزة تناولت ثقافة رعاة البقر الاٌيلة للزوال ، وهى بقلم بيل بلندل الذى كتبها لصحيفة وول ستريت ، وهى صحيفة تأخذ مسألة مكافأة قارئها على محمل الجد ، وأحيانا على محمل الهزل .


من الموضوعات الشائعة فى الدراسات الشكسبيرية ، أهمية الفصل الثالث . الفصلان الأولان يقومان بالبناء والتصعيد نحو لحظة تحوى تجليا أو فعلا قويا . بينما يقوم الفصلان الأخيران بحل التوتر ، الذى يتكون فى منتصف مسير المسرحية . بعبارة أخرى يضع
الشاعر عملة ذهبية هائلة تماما فى منتصف مسسرحيته .


لقد اختبرت صحة هذه الفكرة فى أعظم مسرحيات شكسبير التراجيدية لأجد هذا النمط مكتملا فيها جميعا .


فى الفصل الثالث من " هاملت " ، يصنع الأمير الشاب مسرحية فى قلب المسرحية ليكشف بها غدر الملك ، وفى " عطيل " ، يحرض اللاجو الخائن ، الشخصية الرئيسية على الاقتناع بخيانة زوجته له .


وفى " الملك لير " . يعرى الملك العظيم تماما من كل شيى ليترك ، مولولا وسط عاصفة .


لقد قررت خوض تجربة أدبية ، متسلحا بأدلة تثبت وجود الذهب فى المنتصف . ومشيت نحو مكتبتى والتقطت أول عمل أدبى عظيم وقع عليه نظرى ، وكان رواية " هكلبيرى فن " للكاتب مارك توين .


كانت نسختى ، التى صدرت عن " ماى رفيسدا " تحتوى على اثنين وأربعين فصلا ، فقفزت نحو المنتصف _ الفصل 21 _ لأرى ان كان الكاتب قد خبأ بعضا من الذهب لم يخب ظنى .


يروى " هك " حكاية مضحكة عن ممثلين شكسبيرين رديئين يجوبان الأنحاء بمسرحيتهما ، مدمرين صيت الشاعر الكبير بتمثيلهما المشين .


بذلك أصبحت أشهر مقولات شكسبير خليطا من عبارات مألوفة : " أكون أو لا أكون ، تلك المسألة المحض " .


وأتساءل إن كان استخدام توين لهذين الممثلين التافهين فى منتصف روايته للسخرية من المشهد المركزى لمسرحية هاملت محض مصادفة .


هذا يجرنى إلى الحديث عن عملتى الذهبية المفضلة على الإطلاق ، وهو مقطع من تحقيق كتب فى العام 1984 بقلم بيتر راينيرسن لجريدة سياتل تايمز .


ظهرت العملة الذهبية فى فصل طويل ضمن سلسلة عن صناعة طيارة جديدة ، هو بوينغ 757 .


الفصل الذى تناول الهندسة ، على سبيل المثال ، تضمن تفاصيل لا نهاية لها عن باب الركاب ، واحتوائه على خمسمائة جزء جُمعت بواسطة 5900 مسمار .


حالما بدأ أهتمامى بالتلاشى ، وصلت إلى مقطع وصف كيفية اختبار المهندسين لسلامة نوافذ قمرة القيادة ، والتى تتعرض دائما لاصطدام الطيور بها :


" تتعامل بوينغ بحساسية مع ما يتعلق بموضوع اختبارات الدجاج ، وتوضح أنها ملزمة من قبل إدارة الطيران الفدرالى على اجرائها " . اليكم ما يحدث :


تخدر دجاجة حية تزن 4 أرطال وتوضع فى كيس بلاستيكى رقيق ، للتقليل من قوة جذب الحركة الهوائية .


يوضع حينها الطائر المحفوظ فى كيس داخل مدفع ضاغط للهواء .

ثم يقذف بالطائر نحو نافذة الطائرة بسرعة 360 عقدة وعلى النافذة تحمل الاصطدام .


ويقال ان هذه التجربة قذرة . لم يكن اجتياز الاختبار يتطلب خروج الزجاج ذى سماكة البوصة الواحدة ، والذى يضم طبقتين من البلاستيك ، منه من دون خدوش ، وإنما يجب ألا يخترق . يعاد الاختبار تحت ظروف متعددة :


تبرد النافذة باستخدام النيتروجين السائل ، أو تطلق الدجاجة نحو منتصف النافذة أو حافتها .


" نحن نمنح بوينغ خيارا " ، يقول بيرفن مازحا . " إما أن يستخدموا دجاجة تزن أربعة أرطال بسرعة 200 ميل فى الساعة .


أو دجاجة تزن 200 رطل بسرعة أربعة أميال فى الساعة " .


بعد القراءة عن اختبار الدجاجة ، لا يستطيع أى أحد أن يفكر فى السفر عن طريق الطيران أو الكولونيل ساندرز بالطريقة ذاتها مرة أخرى .


فى حين يعلم كتاب الروايات والنصوص السينمائية قيمة النقاط العالية الدرامية أو الفكاهية فى القصة ، يواجه الصحافيون قصورا معينا .


فأعمالهم مثقلة للغاية لدرجة تدفع بالمحرر المتفانى إلى ارتكاب الفعل الخطأ للسبب الصحيح .


يقول المحرر المعجب بالكاتب : " هذا اقتباس رائع " ، فلنرفعه الى الاعلى " .


"سيتعلم القراء الكثير من تلك الملاحظة . فلنرفعها الى الاعلى " . وهكذا دواليك . رفع المقاطع الجيدة الى البداية يكرم المادة ، ولكنه قد يضر بالقصة .


والنتيجة هى اعلان خادع . بذلك ينتهى الأمر بالقارىء إلى ثلاث أو أربع فقرات جذابة ، متبوعة بالفائض المسموم الذى ينجرف إلى القاع .


والى الاداة الثانية والثلاثون فى مقال قادم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -