الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كأن (آرتو) يعيش بيننا!!

سامي عبد الحميد

2021 / 12 / 16
الادب والفن


نعم فكأن (انطونين آرتو) الفرنسي الثائر يعيش بيننا هذه الايام ويراقب احوال بلدنا ومجتمعاتنا من خلال نظرياته المتفجرة عن المسرح ووظيفته فقد راح يبحث عن مسرح بديل، مسرح يهز مشاعر المتفرجين ويحركهم نحو البحث عن كيفية تغيير مجتمعاتهم الى حال افضل مما هي عليه، لامسرح يخدر المتفرجين ويجعلهم مستكينين للحال الذي هم عليه حيث (الظلم والقهر والاستبداد والتقسيم والعنف والتعاسة والكوارث).
اعتبر (آرتو) ان مشاكل الانسان الكبيرة مدفونة في داخله ولايمكن للعقل ان يصل اليها لكي يحلها، وان تلك المشاكل هي التي تؤدي الى تقسيم ذات الانسان والى تجزئة نفسه وكذلك الى تقسيم البشر الى اصناف وفئات وطبقات في اسلوب الحياة وفي المعتقد وهذا مايحدث هذه الايام في عدد من البلدان العربية وبلدان اخرى على وجه البسيطة، الانسان مقسم الى جزءين: احدهما خيِّر والآخر شرير، احدهما يظهر الصدق والحقيقة مهما كانت مُرة والآخر يكذب ويزيف الحقيقة، احدهما يندد بالعنف والآخر يؤيده ويشجعه، احدهما يظهر محاربته للتمييز والآخر يوغل في التمييز، احدهما يظهر الاعتدال في الاسلوب وفي التنكير والآخر يتطرف في التفكير ويتعصب في سلوكه.
اعتقد (آرتو) بضرورة عودة المسرح الى بداياته حيث الطقس الذي يوحد المشاركين فيه من اجل ان يظهروا من الارجاس، وكما في التجربة الدينية لا ان تتحول هذه التجربة الى ما يخالف اهدافها النبيلة ومن تلك الاهداف اقامة العدل بين الناس لا ان يتخذها البعض غطاءً لتمرير مآربه الشخصية كا يفعل (طرطوف) في مسرحية موليير، دعا (آرتو) الى عدم الرجوع الى الاساطير القديمة التي اصبحت ظلماء ولايمكن تخيلها ولم تعد تعمل على تخليص البشرية من المذابح والتعذيب وسفك الدماء وقد اصبحت مجرد خرافة. بدلاً من ذلك لابد من الرجوع الى اساطير جديدة لها تأثيرها مثل تأثير مرض الطاعون الذي ينتشر بسرعة وعلى نطاق واسع ويدمر. اساطير جديدة تدمر كل الصبغ الحياتية الضاغطة ليشفى البشر منها ويعودوا احراراً وانقياء كما ولدتهم امهاتهم لايعرفون العداوة ولا البغضاء ولاالعنف ولا التجبر. وهكذا اعتقد (آرتو) ان مهمة المسرح هي تنظيف المجتمع من ادرانه، تنظيفه من البربرية والتوحش والحيوانية لكي يتمتع البشر بالفرح الذي اجبرته بعض الاعراف والتقاليد وتراكمات الحضارة على قمعه او كبته. واعتقد آرتو ايضاً ان مهمة المسرح كمهمة المرآة حيث يواجه الفرد امامها نفسه ليرى عيوبه وهي مرآة اوسع يرى فيها الجميع انفسهم ويتعرفون على ذنوبهم واخطائهم وباسقاط الاقنعة التي على وجوههم ، تلك التي تغطي الكذب والنفاق والتزلف والتدني وكل ماهو سلبي في التفكير وكل ماهو معيب في السلوك ليستبدلوه بالوجه الحقيقي الصريح الاصيل النظيف. يجب ان يحتوي المسرح جميع انواع العلاجات التي تخلص البشرية من امراض الانقسام ليتحقق الانسجام التام بينهم، فلا نزاعات ولاحروب ولامذابح، ولكن آرتو وجد العلاج بالصدمة التي يحدثها التيار الكهربائي المستخدم في علاج المريض نفسانياً، وبرأيه فان العلاج يأتي بالضرب على الحواس – حواس الانسان ونظامه العصبي وليس على الدماغ ونظامه العقلي ويتم ذلك في المسرح اما خارجه فلا ادري كيف يمكن ذلك ، كيف يمكن توظيف مثل ذلك العلاج على مجتمع باسره وكيف يمكن اجبار الناس على مواجهة انفسهم ، كيف يمكن اجبار الناس على ازالة الاقنعة من على وجوههم، كيف يمكن تنفيذ القسوة الاخلاقية وليس القسوة الجسدية كما ارتأى آرتو في نظريته (مسرح القسوة). وهكذا وكما اعتقد العديد من الدارسين ونقاد المسرح بأن آرتو كان تنظيرياً اكثر من كونه تطبيقياً. ومع هذا فهو بالنسبة لنا قد كشف الكثير من المساوئ التي تحدث في مجتمعاتنا والتي من واجب الفنانين العمل على ازالتها بابداعاتهم وان كانت تلك من مسؤولية المسؤولين عن ادارة المجتمع بالدرجة الاولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر