الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب من المقاومة إلى الماسونية.

علي لهروشي
كاتب

(Ali Lahrouchi)

2021 / 12 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


إن عدم استقرار المغرب و خروج شعبه إلى الشارع للانتفاضة و التعبير عن غضبه وسخطه بين فينة و أخرى ، تتحكم فيه أسباب موضوعية و تاريخية إن صح التعبير جوهرها أن الحكم العلوي السائد قد فُرض على الشعب المغربي من قبل قوى استعمارية خارجية بما فيها الصهاينة ، إذ أن الظروف القاسية و المجاعة التي عرفها المغرب في مطلع القرن التاسع عشر قد أدت بالشعب المغربي إلى الانتفاضة المسلحة بهدف القضاء النهائي على الحكم العلوي بالمغرب ، لكن العلويون الخونة وضعوا المغرب وشعبه بشبه المزاد العلني أمام القوى الاستعمارية مقابل حماية العرش العلوي ، و هو ما حدث سنة 1912 عندما وقع السلطان المدعو المولى حفيظ معاهدة الحماية الفرنسية ، ترتب عن ذلك احتلال المغرب و فرض العرش العلوي و ردع الحركات التحررية المسلحة ، مما انعكس على الجانب السياسي برمته الذي لا ينفصل عما هو حزبي ، و نقابي ، و جمعوي ، و إعلامي ، ومؤسساتي ، إذ سيعرف المغرب خمسة أجيال على الشكل التالي :
جيل المقاومين ، أي الذين واجهوا الحكم العلوي و حُماته من حلفائه الفرنسيين و الإسبان عبر المقاومة المسلحة ما بين 1912 حتى 1958 ، ثم جيل الإصلاحيين مابين 1958 حتى سنة 1994 ، تلاه جيل المساومين بزعامة المسمى عبد الرحمن اليوسفي الذي استقال من وظائفه السياسية بعد صدور نتائج الانتخابات التشريعية عام 1993 احتجاجا على ما وقع فيها من تلاعب و تزوير و تقسيم كعكة البرلمان المغربي كالعادة بين الأعيان ، و الخُدام ، و الخونة ، و المتزلفين ، حيث فر إلى فرنسا في سبتمبر1993. ثم عاد للمغرب بضغط فرنسي، وفي سياق ما سمي أنذاك بالإصلاحات الجديدة عين أمينا عاما للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في أغسطس 1995. و نظرا لكونه كان يحظى باحترام من قبل فيئة عريضة من الشعب ، تم توريطه ليدخل في مصالحة مع الحكم العلوي في المغرب حيث عُين وزيرا أولا في فبراير 1998، لانقاذ عرش العلويين من انتفاضة الشعب المغربي ، بعدما علم الصهاينة بأقتراب نهاية الديكتاتور الحسن الثاني ، لما أثبتته الكشوفات الطبية بإصابته بداء السرطان ، واستمر عبد الرحمان اليوسفي في مهامه كوزير أول ظاهريا ، وكرجل إطفاء للثورة الشعبية باطنيا إلى حدود نونبر 2002 ، ثم بعد ذلك حل جيل الإنتهازيين الذي شكل ما يسمى بالإسلاميين الذين أمتصوا بدورهم غضب الشعب ، و تم توريطهم في فضيحة التطبيع مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي ، وشرعنة الاتجار و الاستثمار في المخذرات ، وما إلى ذلك من فواحش تتناقض مع منطلقاتهم الإيديولوجية ... وسيخلفهم بعد ذلك انتهازيون أخرون من أحفاد الأعيان ، و الخونة من الماسونيين الذين سينفدون مخططات التطبيع مع إشقائهم الصهاينة .
وكما هو معرف على أن الماسونية أو البناؤون الأحرار هي منظمة أخوية عالمية يتشارك أفرادها عقائد وأفكار واحدة فيما يخص الأخلاق، الميتافيزيقيا وتفسير الكون والحياة والإيمان بخالق (إله)، تتصف هذه المنظمة بالسرية والغموض الشديدين خاصةً في شعائرها مما جعلها محط كثير من الأخبار حول حقيقة أهدافها، في حين يقول الكثير من المحلّلين المتعمقين بها أنها تسعى للسيطرة على العالم والتحكم فيه وتوحيدهم ضمن أفكارها وأهدافها ، كما أنها تُتَّهم بأنها من "محاربي الفكر الديني" و"ناشري الفكر العلماني حيث يرى الكثير من المحللين أنها تابعة لتنظيمات صهيونية استنادًا للكثير من العقائد والأفكار المتشابهة معها
إن الفساد بكل أشكاله هو الضامن الوحيد لبقاء الحكم العلوي على العرش بالمغرب ، فبعد فساد العائلة الملكية التي احترفت النهب ، و السرقة ، والابتزاز و استنزاف الخيرات الطبيعية ، و الأموال العامة للشعب المغربي ، إذ فرض العلويون إبان خروج الحماية الفرنسية على المستثمرين و الشركات الإنتاجية تسديد نسبة 51 في المأئة من الأرباح للقصر حتى صار الأمير عبد الله الأخ الشقيق للحسن الثاني قائد تلك المهمة يسمى لذا المستثمرين بالسيد " مسيو 51 " كما ورد في كتاب " جمهورية صاحب الجلالة " الصادر باللغة الفرنسية للكاتب و الصحفي المغربي عمربروكسي ، فصار الفساد بمثابة العمود الفقري لجسم المغرب ليعم كل المؤسسات المالية ، و الإقتصادية ، و التجارية ، والسياسية ، و القضائية ، و التشريعية ، و التنفيذية ، وهذا ما كرسه الديكتاتور محمد السادس الذي لم ينج بدوره من انتقادات حلفائه الفرنسين عبر أصدارهم كتابا باللغة الفرنسية تحت عنوان " الملك المفترس " الذي عرى عن فضائح العائلة الملكية . فقد اخطأ كل مغربي يدعي إصلاح المغرب بوضع يده في يد الملكية ، إذ أنه كمن يعتقد أن بإمكانه أن يقوم بعملية " تنيظف الدرج من الأسفل عوض البدء من الأعلى " إذ أن الإصلاح الحقيقي لا يمكنه أن يحدث في ظل الملكية المنغمسة في الفساد.
لقد بُني الإقتصاد المغربي أساسا على الرشوة ، و التزوير ، و التهرب الضريبي ، و تحويلات المهاجرين ، و مداخيل المخذرات ، و السياحة الجنسية ، و القروض الأجنبية ، و التسول للدول الغنية. فيما تسهر المؤسسات التنفيذية ، و التشريعية ، و القضائية على تزكية هذا الفساد و تنفيذ الأوامر التي تتلقاها من القصر الملكي. و هو ما أثر سلبا على الوضع الإجتماعي للإنسان المغربي حيث انتشار الجريمة ، و البنايات العشوائية ، والبطالة ، و ظاهرة التسول ، و الفقر المذقع ، و أطفال الشوارع ، و المشردين ، وماسحي الأحذية ، والدعارة ، و الشذوذ الجنسي... مما جعل المغرب يحتل الرتب الأخيرة في مختلف المجالات بما فيها مجال التنمية ، و النزاهة ، واحترام حقوق الإنسان.
إن الضغط الذي يتعرض له الشعب المغربي عبر مختلف أشكال الإهانة والإذلال ، الذي وصل حد الإعتقالات و و الاختطافات ، والاغتيالات الإنتقامية ، و محاكمات صورية للصحافيين و المناضلين و الحقوقيين و الطلبة و المعطلين و المتظاهرين بشكل عام من أبناء الشعب المغربي المطالبين بالحرية ، و بالكرامة ، وبالديمقراطية و بحقوقهم المشروعة التي تكفلها كل المواثيق الدولية للإنسان الحر. ويظل غرض الديكتاتورية العلوية وراء ذلك الضغط هو تكميم الأفواه ، وإرهاب الإنسان المغربي عبر إصدارأحكام جاهزة جائرة في حقه ، وتطبيق قانون الغاب داخل محاكم متآكلة منخورة ، متسخة وفاسدة ، تفوح منها رائحة الظلم ، والقهر، و الرشوة ، والمحسوبية ، و الزبونية ، و القبلية ، والعرقية . محاكم مسيرة من قبل السماسرة و المجرمين و منفدي أوامر و توجهات الديكتاتورية المبنية على القمع و الترهيب ، واستغلال معاناة المغربي، بأساليب لا تختلف عن أساليب عصر السيبة ، حيث يُجرد المرء من حقوقه ، و من ممتلكاته ، و يحاكم البريء بتهم هو براء منها براءة الذئب من قميص يوسف ، فيما يتمتع اللصوص ، والخونة ، و المجرمون ، والقتلة و المتزلفون بالحرية والبراءة ، إذ لا ينطبق على القضاء المغربي سوى ما قاله الرسول في اليهود " إذا أجرم الشريف تركوه ، وإذا أجرم الوضيع قاموا عليه الحد "
إن تورط الديكتاتورية العلوية في اخراج التطبيع مع الكيان الإسرائلي من سريته إلى علانيته قد يُعد بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس ، وهو ما يؤشر على نهاية الحكم العلوي الملكي بالمغرب بالرغم من الحماية الصهيونية الإسرائيلية له ، فقد جلبت فضيحة و زلة التطبيع الكثير من ردود الأفعال و الرفض الشعبي المغربي لهذه الجريمة الشنعاء . لهذا لجأت الديكتاتورية العلوية، و أعوانها ، و أزلامها ، و عبيدها إلى محاولتهم اليائسة المتجلية في تبريرهم لهذه الفضيحة ، و الجريمة باستعمالهم الصحراء الغربية كمبرر للتطبيع بالتطبيل لخرافة " اعتراف أمريكا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابل التطبيع مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي"، علما أن هذه الديكتاتورية اللاوطنية , اللاديمقراطية و اللاشعبية لا يهمها لا الوطن ، ولا الصحراء ، ولا فلسطين ، و لا القدس أكثر ما يهمها البقاء على العرش عبر خيانتها للشعب المغربي و إرتمائها بين أحضان الصهاينة الإسرائيليين ، فقد صدق الكاتب اليهودي الإسرائيلي - شاي جولدبيرغ - لما قال في تدوينته : " لاحظت أن نسبة العرب الموالين لإسرائيل تتضخم بصورة غير منطقية . أنا ( يعني هو ) كيهودي علي أن أوضح نقطة مهمة : عندما تخون أنت كعربي أبناء شعبك بأراء عنصرية صهيونية فنحن نحبك مباشرة... لكن حبا كحبنا للكلاب.. صحيح أننا نكره العرب لكننا ، عميقا في داخلنا نحترم أولئك الذين تمسكوا بما لديهم ، أولئك الذين حافظوا على لغتهم وفكرهم. ولهذا يمكنك أن تختار: إما كلب محبوب أو مكروه محترم. حتى الأعداء لا يحبون الخونة." ...
لقد ساند الشعب المغربي سابقا جيل المقاومة ضد الديكتاتورية العلوية و حُماتها من القوى الإستعمارية المتحالفة ضده ، لكن لم يحالفه الحظ لتحقيق الانتصار على ذلك التحالف لأسباب متعددة من بينها عدم التكافؤ في القوة و العتاد الحربي ، حيث أن قوة التحالف العدو كانت أقوى ، ثم خيانة بعض الأجنحة للأخرى من داخل صفوف المقاومة نفسها. كما أن الشعب المغربي انتظر الكثير و منح الفرصة الكافية لجيل الإصلاح ليحقق مبتغاه بطرق سلمية تجنبا لسفك الدماء. وقد خاب أمله في ذلك وفقد الثيقة الكامة في السياسة و في كل السياسيين مع جيل المساومين . وحاول بكل ما بوسعه أن يضغط على جيل الإنتهازيين من المتأسلين أملا أن يعطوه حقوقه بالمعروف والقسط كما يدعي المؤمنون. لأنه حسب أيديولوجيتهم العقائدية فهم لا يتركون مفرحاً بينهم أن يعطوه بالمعروف حقه .
لقد تأكد للشعب المغربي بالملموس أنه ليس بين القنافد أملس ، وأن الحق يُنتزع و لا يُعطى ، و أن القضاء النهائي على الأفعى المسمومة القاتلة يكمن في دغدغة رأسها و ليس في بتر جزء منها ، لذا فالشعب قد بدأ يستجمع قواه من جديد ، و يستفيق من سباته العميق لمواجهة جيل الماسونيين، حيث لا بديل أمامه سوى الخروج للشارع للإنتفاضة بكل الأشكال المتاحة ، والمطالبة باسقاط الحكم العلوي الماسوني . ووضع حد لتمادي الديكتاتورية في غطرستها و جبروتها ، ثم إنقاذ المغرب من أيادي الماسونية الصهيونية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة