الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتور صفاء الحافظ الاكاديمي الماركسي الوطني العراقي المتنور

ابراهيم خليل العلاف

2021 / 12 / 16
سيرة ذاتية


الدكتور صفاء الحافظ الاكاديمي الماركسي الوطني العراقي المتنور

استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

ومنذ ان بدأت اقرأ ، ومجايلي ، عن الماركسية في مطلع الستينات من القرن الماضي ، وانا طالب في قسم التاريخ بكلية التربية – جامعة بغداد 1964-1968 ، كان اسم الدكتور صفاء الحافظ يقفز أمامي ، وتعمقت قراءتي للماركسية ، وانا العروبي القومي اليساري من خلال محاضرات وكتابات شيخي واستاذي في علم الاجتماع الاستاذ الدكتور حاتم الكعبي وخاصة فيما يتعلق بالطبقية الاجتماعية ، والتفسير المادي للتاريخ .
وزادت مجلة (الثقافة الجديدة) التي كان مؤسسها ، وصاحب امتيازها والمحرر فيها منذ عددها الاول في تشرين الثاني –نوفمبر 1953 ، من ثقافتنا الماركسية والعامة ؛ فمن خلالها وقفنا على كل مفاصل الثقافة الوطنية والتقدمية ، وفي جوانب الفكر ، والسياسة ، والاقتصاد ، والفنون .
كان الاستاذ الدكتور صفاء الحافظ ، محور نقاشنا منذ زمن ، وحتى أمس الاول 15 من كانون الاول – ديسمبر الجاري 2021 مع الاخ والصديق الاستاذ مثري العاني ، وكان يعمل بمثابة سكرتير للدكتور صفاء الحافظ ، وكان يمتدحه امامي ويقول انه كلفه بمهام سرية وخطيرة منها على سبيل المثال طباعة البيان الذي اصدره المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي وحرره الدكتور صفاء الحافظ في ايلول 1960 والموسوم ( السلم في كردستان) وفيه دعا الحزب الشيوعي الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 ايقاف الحرب ضد الكورد ، ودعا الى اقرار السلم في كردستان العراق .
وكثيرا ما كنت اقرأ مجلة ( الثقافة الجديدة) ، واحرص على ان اقرأ مقالات الدكتور صفاء الحافظ ، ولازلت اتذكر انني قرأت له في العدد الثالث الصادر في نيسان سنة 1954 مقال بعنوان ( في المشكلة القومية وحلولها ) .استمرت مجلة (الثقافة الجديدة ) في الصدور وهي تحمل شيئين اولهما انها تعمل من اجل اشاعة ( الفكر العلمي والثقافة التقدمية ) .. وثانيهما ان صاحب الامتياز هو الدكتور صفاء الحافظ ، وان سكرتير التحرير هو الدكتور مكرم جمال الطالباني ، وان مدير الادارة شمران يوسف محسن الياسري .ومن المناسب ان اذكر انني احتفظ بكل اعدادها مجلدة في مكتبتي الشخصية ولي عنها مقال نشرته في كتابي ( تاريخ العراق الثقافي المعاصر) وفي عدد من مجلة ( الثقافة الجديدة ) ايضا .
للأسف لم يكتب عن الدكتور صفاء الحافظ لا رسالة ماجستير ، ولا اطروحة دكتوراه ، وهو يستحق ذهب شهيدا كان اكاديميا يساريا شيوعيا مناضلا وطنيا ومع ان هناك من يقول انه اختطف سنة 1980 وقتل لكن القصة الحقيقية هي التي رواها لي الاخ الاستاذ مثري العاني وهي انه وبالقرب من جامع الاورفلي ببغداد وقفت سيارة امامه وامام رفيقه الدكتور صباح الدرة ونزل منها مسلحون في سنة 1985 وامطروهما بوابل من الرصاص فسقطا مضرجين بدمائهما لهما المجد والرحمة وطيب الله ثراهما شهيدين من شهداء العراق .
من هو الاستاذ الدكتور صفاء الحافظ ؟ وللإجابة على هذا السؤال وجدت ان زوجته الاخت الاستاذة فريال احمد سعيد ( أُم عمار ) قد كتبت عنه مقالة نشرت في موقع ( الحوار المتمدن ) ورابطها التالي :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=371298
كما ان الاستاذ الدكتور مظهر محمد صالح قد كتب عنه ايضا مقالة مقتضبة في ذات الموقع والرابط هو التالي : https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=740897
وهذا شيء جميل ، ويقينا ان هناك من كتب عنه ايضا لكن لم اجد ذلك او لنقل لم اطلع على ما كتبه الاخرون ، وجميل جدا ان نكتب عن مثل هذه الشخصيات التي تركت بصمة في تاريخنا ، وكان لها دور ودور مهم في تشكيل جوانب من تاريخ بلدنا وامتنا .
واول ما يمكنني قوله ان الدكتور صفاء الحافظ هو ابن الاستاذ جميل حافظ ، وان اخته هي الشاعرة سافرة جميل حافظ زوجة المناضل الشيوعي الاستاذ محمد حسين ابو العيس ، وان الاستاذة فريال احمد سعيد هي زوجة الدكتور صفاء الحافظ وأُم اولاده عمار ابنه البكر ، و ريم ، و ثلاثة توائم نوار ، و علي ، ورند. واصل الدكتور (صفاء جميل حافظ ) من الحلة لكنه ولد في مدينة هيت بمحافظة الانبار في شهر آب سنة 1923 حيث كان والده يعمل في محكمة هيت ، وقد توفي والده ، وعمره لم يزد عن اربع سنوات ، وكان اخوه عدنا في عمر لا يزيد عن سنة وتكفل عمهما الحاج احمد الحافظ رعايتهما ، وانتقلا الى الحلة حيث كان عمهما معلما هناك .اكمل دراسته الاعدادية في الحلة مركز محافظة بابل وبعد تخرجه من الاعدادية ، وكان تسلسله الاول انتقل للعيش في بيت ابنة خاله زكية خيري في بغداد ، وهناك دخل كلية الحقوق – جامعة بغداد وتخرج سنة 1946 وارسلته الحكومة العراقية في بعثة الى فرنسا ودرس في جامعة السوربون ، ومن قبلهما على شهادتي ماجستير الاولى في الاقتصاد والثانية في القانون وبتميز . كان متميزا في كل مراحل دراسته في العراق وخارجه .وقد اكمل دراسته ، ونال شهادة الدكتوراه في القانون الدولي في السوربون وعاد الى العراق سنة 1953 وعين في كلية الحقوق لتدريس مادة القانون الدولي . ومن المناسب القول ايضا انه يحمل شهادة الدكتوراه في القانون الدولي ايضا من جامعة لايبزك بالمانيا ( الديموقراطية) .
ومن الطريف انه رشح ليكون نائبا عن منطقة باب الشيخ في انتخابات مجلس النواب آنذاك لكنه اعتقل بسبب معارضته للحكومة وانخراطه في العمل ضمن الحزب الشيوعي العراقي ضدها وبعد اطلاق سراحه غادر العراق وتنقل بين سوريا ولبنان وفرنسا حتى وقوع ثورة 14 تموز 1958 وسقوط النظام الملكي فعاد الى العراق واعيدت اليه الجنسية العراقية التي سبق ان اسقطت عنه بتهمة عمله (الهدام) كما كان المصطلح الشائع آنذاك في العهد الملكي لمن يعارض النظام من الشيوعيين خاصة .
عمل استاذا في كلية التجارة منذ 1958 حتى سنة 1963 ؛ فبعد انقلاب 8 من شباط 1963 ، اضطر الى التخفي عن اعين السلطة الحاكمة ايضا بسبب نشاطه الحزبي ، والفكري وبقي كذلك حتى انقلاب 17 تموز 1968 حين اعاده البعثيون الى الوظيفة وكان يسكن في منطقة الداودي مع زوجته واولاده ، وظل هكذا استاذا في كلية الحقوق حتى سنة 1971 حين نقل بعدها الى وزارة العدل ، واختير ليكون مدونا قانونيا ، ومستشارا في مجلس شورى الدولة ، وقد انجز الكثير من التشريعات القانونية من قبيل (قانون الرعاية الاجتماعية ) النافذ حاليا .
خلال السبعينات وفي اجواء تأسيس الجبهة الوطنية والقومية التقدمية في اواسط السبعينات من القرن الماضي ، عرضت عليه الحكومة في سنة 1974 تعيينه وزيرا للعدل ، لكنه لم يوافق ، ولعله فضل العمل الفكري والحزبي ، واستمر في عمله حتى سنة 1979 حين تقاعد واعتقل في مديرية الامن العامة لنشاطه وتدخل السيد جاندرا رئيس مجلس السلم العالمي عند السلطات العراقية ، فاطلقت سراحه وعاد الى نشاطه الحزبي وكانت لديه الكثير من الافكار المتعلقة بإعادة هيكلة الحزب الشيوعي بعدما تعرض له الحزب من نكسات اثر تفكك الجبهة .
كان الدكتور صفاء الحافظ عضوا في مجلس السلم العالمي ، وفي نقابة الحقوقيين ، وفي نقابة المحامين واختير سكرتيرا لنقابة المعلمين وعضوا في نقابة الصحفيين ، وكان يكتب المقالات باسمه وبأسماء مستعارة ، وبدون توقيع في عدد من الصحف والمجلات ومنها جريدة (اتحاد الشعب ) وجريدة ( طريق الشعب) وهما لسان الحزب الشيوعي العراقي.
كانت له علاقات رفاقية مع رموز ، وشخصيات من مختلف الاحزاب السياسية في العراق والوطن العربي والعالم . وكان معروفا بنبله ، وكرمه ، وحبه للآخرين ، وتعاطفه مع الفقراء والمهمومين ، وكان كيسا ومثقفا وبسيطا في تعامله مع الناس وتتحدث زوجته الاستاذة فريال احمد سعيد عنه فتقول انه " كان انسانا ذكي دمث الاخلاق محبوب من الجميع حتى من قبل خصومه السياسيين، دبلوماسي بكل معنى الكلمة لا يعرف الحدية في الأمور ؛ مفاوض جيد ، كما وانه يتميز بصفة قليل ما يتميز بها الآخرين فهو بسيط بالتعامل مع الآخرين ، يجالس ابسط الناس من الفلاح الى العامل ، ويدخل معهم في حوارات كأنه واحد منهم وبجانب ذلك يجالس أعلى المستويات من المثقفين والمتنفذين في الدولة وكأنه واحد منهم ، وهذا دليل على الثقافة الرفيعة التي كان يتمتع بها ، كان هادئاً قليل العصبية حتى انه حينما يغضب يكتم ذلك في داخله ولا يظهره للآخرين ابداً. يجيد ثلاث لغات إجادة تامة هي الفرنسية والأنكليزية والألمانية فضلا عن لغتة الأم وهي العربية طبعا، وهذه الميزات جميعاً جعلته يكون ممثلاً للحكومة والحزب في المحافل الدولية، يحب بلده العراق كثيراً ... كان زوجاً مثالياً ، وأباً رائعاً بكل معنى الكلمة" .
المجد للدكتور صفاء الحافظ ، والرحمة له وفي عليين ونحن هنا عندما نذكره فانما نذكره لما قدم لبلده ، واجتهد فأخطأ واصاب وهكذا هي الدنيا وليس لنا فيها الا التجارب نقدم ما بوسعنا وقد ننجح وقد نفشل ، لكن المهم هو اننا سعينا وعملنا وهدفنا ان نرتقي ببلدنا ، وشعبنا ، وامتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تصعّد حرب الاغتيالات ضد القادة العسكريين لحزب الله ف


.. غزة .. حرب تنحسر ومستقبل ينتظر| #غرفة_الأخبار




.. يديعوت أحرونوت: قادة إسرائيليون أبلغوا نتنياهو موافقتهم على


.. نيويورك تايمز: نتنياهو يبلغ الكنيست بانفتاحه على وقف الحرب ف




.. ما أثر نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية على إمدادات الطاق