الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقاعة الحلم الأمريكي

شهد السويدي
باحثة و كاتبة

(Shahad Al-suwaidi)

2021 / 12 / 16
حقوق الانسان


كيف ظهرت الشرطة في امريكا؟

كان ظهور الشرطة في بداية بناء المستعمرات الأمريكية على شكل دوريات متفرقة لمحاولة القضاء على مشكلة العمل حيث لم تتوافر ايدي عاملة كافية للسخرة، على العكس من بريطانيا العظمى التي كان لديها الكثير من المفلسين الساعين الى العمل من أجل الحصول على كفاف قوتهم. وببساطة، كان لا بد لمن يخطط للعمل في العالم الجديد بالتجارات التي ستزدهر كالتبغ والأرز أن يرفع من مستواه الى مقياس صناعي من خلال توفير جيوش من الأيدي العاملة وجيوش اخرى من القوى التي تجبر هولاء المستعبدين على العمل بكل طاقاتهم. فحال هؤلاء اذاً لا يقل سوءاً عن وضع البوؤساء في أوروبا .
إن السكان الاصليين في امريكا لم يكونوا من ضمن الحلول المطروحة التي تستحق النظر من أجل تسخيرها ضمن الايدي العاملة بعد الامراض والحروب والمذابح التي قاموا بنقلها اليهم، فبالاضافة الى تقليص عددهم فقد كان أغلب لثلة المتبقية مُصابة أو إنها تهرع للهرب بسرعة عند حدوث اي طارئ. كان لا بد من ملئ افق العالم الجديد وصُنعه واسكات المتذمرين و الساخطين نتيجة عدم وجود الحلول المُرضية، فاصبحت افريقيا هي الحل لبناء العالم الجديد .

أول شحنة عبيد
قام شخص يدعى جيمس تاون (James Town) بتسلم اول شحنة من البشر المستعبدين عام 1619م بعد اثني عشر عاماً فقط من تأسيس المستعمرة. وحسب ما تم تسجيله في تلك السجلات فقد ذكروا إن هذه الدفعه من الزنوج الغريبين عددها 455.000 ستهبط في امريكا الشمالية. كما ان التحكم بهذه المجموعة من اليد العاملة، وتسخيرها، سيكون هو المفتاح لبناء العالم الجديد. فالخوف من التمرد لهولاء المستعبدين المنفيين عن ديارهم كان يسيطر عليهم منذ اللحظة الأولى.

قوانين العبودية
تم وضع نظام شامل للاستعباد تطور تبعاً للمجريات، " الاشخاص الذين منحوا السلطة يستطيعون إساءة التعامل لأي شخص من هولآء العبيد فقط ولمجرد إنهم منحوا تلك السلطة. في الحقيقة هذا كان اول نظام للشرطة فيما سيصبح لاحقاً "الولايات المتحدة الأمريكية". فنحن نجد ان المستعمرات الشمالية اعتمدت على نظام الحراس الليلين من المتطوعين للشرطة ونظام الأمن الخاص لحماية الممتلكات التجارية الخاصة. أما المستعمرات الجنوبية فقدكانت فيها نشأة الشرطة متجذرة ضمن الاقتصاد المعتمد على العبيد والنظام الاجتماعي العنصري الراديكالي الذي جعل من صفة البشرة البيضاء هو الحد الفاصل والنهائي. وبالتالي، فلا يمكن إستعباد الاشخاص البيض بغض النظر عن فقرهم او انخفاض انسابهم واصولهم. أما السود فيمكن استعبادهم من الجميع سواء من اشخاص بيض او سود احرار او ذوي اعراق مختلطة. وبالتالي تم الحفاظ على التميز والنظام الاقتصادي الذي تم انشاءه من قبل تلك المجموعات التي اطلق عليها لقب الدوريات المكونة من الفرسان البيض المسلحين راكبين على احصنتهم ليلاً للبحث بين المزارع والمستوطنات عن العبيد الهاربين أوالتجمعات غير المصرح بها أوالأسلحة أو الممنوعات واي علامة اخرى تعني التمرد من هولاء العبيد .فكانت احدى الاناشيد الشائعة في ذلك الوقت والتي ترددها دوريات الشرطة:
اركض ايها الزنجي اركض..
دورية العبيد ستمسكك..
اركض ايها الزنجي اركض..
فإني ساصيبك بمسدسي من نوع فلينتلوك..
اركض ايها الزنجي اركض..
دورية العبيد ستمسكك فمن الأفضل ان تذهب بعيداً..

كانت دوريات العبيد عادة تتكون من ثلاثة الى ستة رجال بيض على ظهور الخيل و مجهزين بالبنادق و الحبال و السياط.

كتبت الكاتبة سالي هادن في كتابها "دوريات العبيد" حول العنف والقوانين المروعة التي كانت منتشرة في كارولينا و ڤيرجينيا حيث فرضت الدوريات على العبيد تذكرة مرور موقعة من قبل سيدهم تسمح لهم بالتنقل، وإلا فانه سيتم احتجازهم وضربهم على الرغم من ان هذه التذكرة لم تكن بأي حال من الاحوال ضماناً لهم من التعرض للضرب. فكل من مُنحوا السلطة كان يحق لهم إساءة معاملة من هم تحت سلطتهم لمجرد انهم يستطيعون ذلك. وعلاوة على ذلك فقد كان ضرب هولاء المستعبدين يخفف عن الشرطة ملل الدوريات طوال الليل وخدمهم في تعزيز فكرة "من هو الرئيس؟". امتدت سلطة هولاء نحو كل شئ من الممكن ان يملكه العبد او يستخدمه فكان وجود كتاب بيد العبد أو اوراق للكتابة أو الاسلحة أو المشروبات الكحولية أو الاشياء الفاخرة سبباً للضرب، حتى تجمعات الزفاف والحفلات و الطقوس الكنسية جميعها او الاختلاط بالبيض لا سيما البيض الفقراء او اي شخص اخر طليق ومخالف للنظام او مشتبه به فالنتيجة هي الضرب . كما إن التكلم خفية مع شخص او ارتداء ملابس مرتبة او غناء ترانيم معينة تكون جميع هذه الافعال نهايتها المحتومة هي الضرب .
تذكر Elige Davison أن دوريات كانت تدخل على الأماكن المخصصة لنوم العبيد فيقومون بضربهم برفق بالسوط على ظهورهم لمعرفة ما اذا كانوا متعبين حقاً ونائمين في نهاية يوم من العمل الشاق، أما المرأة المستعبدة فنجدها تحلم بالضرب لأن الحياة التي صُنعت لها تكون عبارة عن اغتصاب وانتهاك لجميع حقوقها.


هل تحرير العبيد حقيقة؟
لقد تبخرت القيمة الاقتصادية للعبيد السود ومعهم تبخرت القيود المفروضة من قبل الدوريات "الشرطة" والتي قدمت قدراً كبيراً من الحماية في ظل النظام القديم. لكن إستمر النظام على حاله بعد تحرير العبيد وهزيمة الكونفدرالية، فتم استبدال دوريات العبيد المصرح بها قانوناً باعضاء يقظين ليلاً مثل "جماعة الكوكلوكس كلان" الذين كانت ارديتهم بيضاء ومشاعلهم مشتعلة ويتحدثون باحاديث غريبة حول الشبح الزائف بهدف تحقيق اقصى قدر من الرعب في النفوس. وتقوم هذه الاخوية بعملية الاعدام من خلال اطلاق النار بوضعهم جنباً الى جنب مضيفين لها العقوبات التقليدية من الضرب والجلد .

وعلى الرغم من ذلك فان تفوق البيض المهيمن استمر في المئة عام التالية فحافظوا على فرض الأرهاب والمراقبة على مجتمع العبيد . ولتشكيل واقع اجتماعي ونفسي لانزال نلمح صداه حتى هذه اللحظة، فمثلاً عام 1933 تم تسجيل ستة وعشرين عملية اعدام خارج نطاق القانون في الولايات الجنوبية، ولم يجرؤ احد ان يحاسبهم او يتكلم حول هذا الموضوع . كذلك هُزم مشروع مناهض للعنف في الكونغرس عام 1935.كانت نسبة العبيد السود في امريكا الجنوبية اكبر بكثير من الشمالية والوسطى حيث تم تسخيرهم هناك للعمل في مزارع القطن والرز و التبغ حيث اعتمدت كلياً على الرقيق بعكس الاخريتين واللتان كانت نسبة المزارع فيهما اقل فكانت تكتفي بمزارع وعائلته يعملون في الحقل.


ضحايا العبودية
يذكر احد الكتاب انه حتى بعد سبعين عاما من تحريرهم ومجئ الحرية فان احد العبيد السابقين اعلن انه لا يزال يحمل شارة المرور لاظهارها للدورية لكي لا يتحرش به احد كانهم كانوا يعيشوها في عظامهم وترسخت بأرواحهم ونفوسهم . فكانت حريتهم مجرد كلمات على الورق لكن الخوف المزروع في نفوسهم جعلهم يستمرون بممارسة عبوديتهم في التوقف والتفتيش والتنميط العنصري .وشخص اخر يدعى "تريفون مارتن" يبلغ من العمر 17 عاماً كان يسير في الشارع متاملاً ما يحيطه بكل عفوية تم قتله بدون سبب بواسطة ما يسمى بالحرس الليلي "دوريات الشرطة"" وفتاة اخرى قتلت في احدى سجون تكساس تدعى "ساندرا بلاند" فقط لانها اخلت بانتظام الطابور ولم تقف في الموقع المصرح لها به لعدم استجابتها للإشارة التي أُمرت بها لتغير موقعها. كما أوقفت الشرطة والتر سكوت في نورث تشارلستون بسبب انكسار الضوء الخلفي على حد زعمهم، فأردي قتيلاً بثماني رصاصات في ظهره. أما فيلاندو، مشرف كافتيريا مدرسة شهيرة، فقد قُتل بالرصاص في فالكون هايتس، مينيسوتا، أثناء توقفه في ازدحام مروري بسبب ضوء خلفي مكسور، وتكشف السجلات أنه تم احتجازه ما لا يقل عن 52 مرة من قبل الشرطة المحلية في السنوات الـ 14 الماضية وأنه مدين بأكثر من 6000 دولار من الغرامات المستحقة. إن الغرامة البالغة 6000 دولار تفتح النافذة على صدى قبيح آخر للأوقات الماضية، وهو تنفيذ القانون لجني الأرباح من السود والى السود.


مايكل براون
أدى موت "مايكل براون ( شاب أمريكي من أصول إفريقية "18 سنة"، حيث توفي بعد إطلاق النار عليه 6 مرات على الأقل من قِبل ضابط شرطة يسمى " دارن ويلسون" وهو أبيض البشرة.) على يد شرطة فيرغسون عام 2014 الى فضح النظام البلدي الذي نشر الشرطة بحجة الحفاظ على السلامة العامة والحقيقة انها كانت وسيلة لنهب الجالية الامريكية من اصل افريقي. ورغم أن نسبة السود في هذه المدينة، التي يقطنها21 ألف نسمة، تصل إلى 70% تقريبا إلا أن شرطة فيرغسون لاتضم سوى ثلاثة أفراد منهم مقابل 50 فردا أبيض.

إن تقويض المجتمع بعد سنوات من المضايقات وسوء المعاملة والإذلال على أيدي الشرطة سينفجر أخيرًا في الاحتجاجات التي أعقبت وفاة مايكل براون. قد يكون العقل الأمريكي مرتبطًا بإشارات معينة، أو ربما يكون مجرد طبيعة الأنظمة الحاكمة له، الأنظمة التي تمنح أو تمنع العقوبة للتحرك والعمل والتصويت، لتكون آمنًا في منزلك ومحافظاً على روحك، فتكون متحررا من الشك تجاه هذه الانظمة نتيجة عدم وجود دليل. والعقوبة هي الدوريات والشرطة عندما تقرر ممارسة حقوقك الانسانية الكاملة.

ممرات العبيد (كلان، جيم كرو)
هذه تجسيدات تاريخية لنظام اجتماعي جعل ذوي الاعراق المختلطة والسود اقل مكانة من البيض والاعتراف التام بتفوق البيض كنتيجة طبيعية مسلم بها .


دونالد ترامب
يعد دونالد ترامب من الاباء الروحيين لنظام المرور والشرطة والدوريات والحرس وتفوق العرق الابيض ويتجلى ذلك بتوليه حركة بيرثر (الحركة التي اكدت زورًا أن أوباما غير مؤهل ليكون رئيس الولايات المتحدة لأنه لم يكن مواطنًا أمريكيًا مولودًا في الولايات المتحدة كما هو مطلوب بموجب المادة الثانية من الدستور). في عام 2011 ، مستخدمًا مختلف الأكاذيب والخيالات الأمريكية لاثبات ادعائاته، أن باراك اوباما لم تكن به الروح الامريكية التي اثارها ترامب، هذه الروح المثيرة للعنصرية المتأصلة في نسيج البلاد. فلا يمكن لدونالد ترامب وقتها إرسال الفرسان الليليين بملابسهم الرسمية الكاملة لحرق الصليب في حديقة البيت الأبيض على أمل إخراج عائلة أوباما من المدينة، ولكن يمكن المضايقة والمهاجمة بوسائل أخرى، اطلاق نسخة جديدة من الحراس بروح القرن الحادي والعشرين . من خلال مهاجمة أوباما بالمواطنة حيث استغل ترامب التأثير السام للعنصرية التي شكلت الحياة الامريكية منذ البداية". وبذلك تم له ابعاد الرجل الأسود لعدم انتماءه الى البيت الأبيض لأنه لم يكن أمريكيًا حقيقيًا، لقد كان متطفلًا متظاهرًا، أقل من أمريكي حسب وصف ترامب .
لقد تم ابراز هذه القضية ذات الابعاد الانفصامية بشكل كبير من خلال المثل العليا المعبر عنها في الوثائق الرسمية لاعلان الاستقلال الامريكي" إن جميع البشر خلقوا متساوين، وأنهم وهبوا من خالقهم حقوق غير قابلة للتصرف" إذن من هم هولاء "البشر" ؟ من الذين يحق لهم التمتع الكامل بالحقوق التي وهبها الله لهم في الحياة والحرية والسعي وراء السعادة وحماية وممارسة تلك الحقوق على النحو المنصوص عليه في قوانين البلاد؟ من الواضح أن تريفون مارتن لم يكن من ضمن هولاء البشر المقصودين في الاعلان.

تريفون مارتن
في 26 فيراير / شباط 2012، قام جورج زيمرمان، عضو متطوع لمراقبة وضع الجيران في ستانفورد، الولايات المتحدة الأمريكية، بإطلاق الرصاص وقتل الطفل ذو 17 ربيعاً ترايفون مارتن بينما كان هذا الأخير خارجاً من أحد المتاجر حاملاً حلوى اشتراها للتو.

أصبح من الضروري توضيح ما هو معنى المجتمع العادل دون اعادة استهلاك العبارات المتكررة القائلة "باهمية حياة السود"، فلطالما كان محور الصراع والانقسام الكبير في أمريكا هو لون البشرة، وهو المعيار النهائي عادةً. البياض يعني القانون والشرعية والمواطنة، أما اذا لم يكن هذا الشخص أبيضا فانه يتم وضعه تحت مجهر الشك والتدقيق .


فيلاندو كاستيل
في الوقت الذي كانت المظاهرات متواصلة في ولاية لويزيانا عام 2016 احتجاجاً على مقتل أمريكي أسود، أطلقت الشرطة النار على شخص اخر يدعى فيلاندو كاستيل في سيارته عندما كان يهم بإبراز رخصة القيادة، في ولاية مينيسوتا فأردته قتيلا في واقعة هي الثانية من نوعها خلال 48 ساعة.

ما هي الـ "Birtherism" أو " البيرثرزم" ؟
استغل ترامب جوهر الأنثروبولوجيا الأمريكية بتأثيرها العنصري الاقتصادي السام من خلال اعادة ترديده لمقولة "هذه هي الحياة المنظمة في أمريكا منذ البداية. حيث روج لإحدى نظريات المؤامرة المسماة بـ"Birtherism" البيرثرزم"حول مكان ولادة ودين باراك اوباما وإنه لا يستحق ان يحكم الولايات المتحدة، لأنه ليس من سكانها المتصفين بأسطورة الحلم الأمريكي. وكما نعلم كون ترامب يعيش في عصرلا يوجد فيه فرسان ليليون، ولا صلبان محترقة، فلا يعني ذلك عدم قدرته على استخدام وسائل أخرى ضبابية للحصول على نفس النتيجة التي كان سيحصل عليها لو وُجِد الفرسان الليلون. حيث استخدم نظرية الـ"Birtherism" كبوق لأثبات وجهة نظره متبعاً أساليب وزير الدعاية النازي جوزف غوبلز و قوله "إذا كررت كذبة كبرى لأكثر من مرة، وواصلت تكرارها، فإن الناس سوف يصدقونها في النهاية". وبغض النظر عما إذا كان غوبلز بالفعل قد قال ذلك أم لا، فإن دونالد ترامب مارسَ هذا التكتيك بشكل فعّال للغاية، وربطه بمكبر صوت لإثارة العنصرية في النفوس الامريكية مجدداً. فكان الهيجان قد بلغ اوجه عام 2011، وتصدر ترامب استطلاعات الرأي من خلال ركوبه لموجة "البيرثرزم" وتأجيج العنصرية حتى وقت قريب من ترشيحه للأنتخابات الأمريكية، ثم فجأة نجده يرمي صافرة الكلب"البيرثرزم" التي كان يصفربها طوال الوقت. وبعدها تحول العزف الخاص به لأتجاه آخربتغيير "لغته السياسية" هذه اللغة الكاذبة والقديمة قِدم الـ"الدولة المدينة" للإغريق، فالسياسة هي مجرد لعبة تجعل الأكاذيب تبدو حقيقة والجرائم تبدو محترمة تحت تسميات مختلفة فيكون محور حملته الأنتخابية هو الهجرة و المهاجرين لمدة ثمانية عشر شهراً ، فبدأ هجوماته التي لم يقم أي سياسي أمريكي بها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فدونالد ترامب منذ لحظة دخوله في المعترك السياسي عام 2015 وصف في خطاب ترشيحه الأول المهاجرين المكسيكيين "بالمغتصبين". ولاحقا وصف المهاجرين غير الموثقين "كقتلة ولصوص" يعتزمون "جلب الأوبئة" إلى البلاد، ولاحقا وصفهم "بالحيوانات". كما وصف ترامب الدول الأفريقية بأنها "ثقوب للقاذورات"، ووصف وسائل الإعلام الأميركية بانها "عدوة الشعب" ووصف منافسيه وخصومه السياسيين بالمجانين والمختلين عقليا والفاسدين فيما يعتبره الكثير من المحللين بعملية اسقاط عيوبه على الآخرين .
بعد ذلك اقترح ترامب حظر هجرة جميع المسلمين، وتأكيده المستمر على أن اوباما هو المؤوسس الأول لداعش. لا بد أن لا ننسى أن ترامب قد طلب من الجيش الأمريكي اطلاق النار على متظاهرين " حياة السود مهمة" عام 2020 مشبهاً اياها باحتجاجات وتظاهرات العالم الثالث .


الجينة العنصرية
في يوم الأحد 12 يونيو/حزيران 2016 قتل 50 شخصا وأصيب 53 بجروح في عملية إطلاق نار داخل نادي ليلي للمثليين في أورلاندو في ولاية فلوريدا، ونُسب الهجوم إلى رجل أمريكي من أصول أفغانية اسمه "عمر صديقي متين". فظهرت الجينة العنصرية التي استمدها دونالد ترامب من سَلفه اليميني المتطرف حاكم ولاية الاباما العنصري "جورج والاس" حيث صرح هذا الأخير بأول خطاب تنصيب له " الفصل العنصري الآن، الفصل العنصري غداً، الفصل العنصري الى الابد". فأشعل نيران العنصرية طوال فترة ولايته والتي استمرت عشرين عاماً. إن هوس امريكا البيضاء بـ"مشكلة الزنوج" و " الأعراق المختلطة" وشعورها بالاضطراب النفسي واضح وصريح دائماً من خلال محاولاتها المستمرة إنكار حقيقة أن ثروة امريكا وبياضها ونظافتها صنعت من عرق الرجل الأسود . كأن تاريخ العبيد اصبح قصة سعيدة نوعاً ما عندما تُحكى ليعود ترامب عام 2016 بعنصريته ويذكرنا إن التاريخ يعيد نفسه وانه خير خلف لمن سلف .


قضية مقاطعة شيلبي الاباما ضد هولدرز
إفتتح جون روبرتس "رئيس المحكمة العليا للولايات المتحدة الامريكية" القضية بقوله "لقد تغير بلدنا" وكانت القضية أن مقاطعة "شيلبي، الاباما" ضد "هولدر جونيور عام 2013، وهي قضية تاريخية، ألغت فيها المحكمة العليا القسم 4 من قانون حقوق التصويت لعام 1965، الذي زود الحكومة الفيدرالية بصيغة لتحديد الاختصاصات القضائية التي يجب أن تخضع للرقابة عند تمرير قوانين الانتخابات، والذي استمر العمل به لمدة 50 عاما . كان محورالقضية هو هل أن المتطلبات الفيدرالية ضمن قانون حقوق التصويت لعام 1965 دستورية؟ وكان الحكم "أن قضت المحكمة العليا بعدم دستورية المادة 4 من قانون حقوق التصويت لعام 1965".

وفي وقت سابق كان الكونجرس قد أجاز إستخدامه للمرة الرابعة في عام 2006، والذي يتطلب من الولايات وبعض المقاطعات التي لها تاريخ من التمييز العنصري الحصول على "تصريح مسبق" من وزارة العدل قبل تنفيذ اي تغيير على قوانين الانتخابات الخاصة بهم. وإعترف رئيس المحكمة "الأبيض" جون روبرتس بأن هذا القرار كان حاسمًا في كبح التمييز العنصري في التصويت، لكنه لم يعد مناسبًا للظروف الحالية. إن الهدف الأكبر من قانون (حقوق التصويت) كما كتبت القاضية جينسبيرغ في معارضة مقاطعة شيلبي لها "هو تأمين مكانة المواطنة المتساوية للجميع في نظامنا السياسي"، مكانة المواطنة المتساوية تتحقق من خلال الاعتراف الكامل بإنسانية المرء بموجب القانون، مع حق متساوٍ في الحياة والحرية والسعي وراء السعادة، وليست مواطنة الأنثروبولوجيا الأمريكية التي تتمثل بنزع الصفة الإنسانية عن الأشخاص الملونين، وإزالتها من الجنسية .

مواصفات الحلم الأمريكي
عبارة "تصرف الرجال البيض بغباء يعني موت أمريكا" تصف جون روبرتس "رئيس المحكمة العليا للولايات المتحدة الامريكية". الأبيض، رجل الحلم الأمريكي بكل المقاييس، ابتداءاً من الملامح اللطيفة والعيون الزرقاء غير المضطربة وشخصيته الدافئة الودودة ولياقة تفكيره فهو ابن جامعة هارفارد بعد كل شئ. تجمعت هذه العوامل لتجعل منه محط اعجاب رؤساءه في عهد ريغان بسلوكه الخاص والمميز والذي اكده اقرانه ورؤساءه، ولأجل ذلك كان له الحكم في قضية مقاطعة شيلبي .
فالحلم الأمريكي هو عبارة عن رجل ابيض قضى حياته بأكملها في ارقى المؤوسسات الرأسمالية الأمريكية، تحيط به الحراسة من كل مكان من أجل الحفاظ على جسده الثمين خلال نقله للأجتماعات المنظمة والخطب الرنانه وهو يخطو الأرض ببدلته الأنيقة و حذاءه اللامع ليعيد ترديد صدى "نورمان ميلر" بقوله"عالم يستحم فيه الناس قبل العمل، وليس بعده". فلا تجوع في هذا العالم، ولا تقلق من أين تأتي وجبتك التالية، أو كيف تجمع مال الإيجار، او مدى قدرتك المالية للذهاب الى الطبيب اذا كنت مريضاً، فالمهم العمل بجد فهو افضل انواع العمل وستجزى احسن جزاء. فامريكا وابنائها المحبوبين ذوي النزعة العرقية النازية يهتمون بأدق التفاصيل لكن عندما يصل الموضوع الى تجريم التمييز العنصري الذي يسري في شرايينهم يصبح كل شئ مبالغ فيه ولا بد من التحلل من العقد العرقية والأستحقاقات العرقية التي جاءت مع سفينة العبيد عام 1916 و التي يتكلم عنها سواد الشعب "السود والأعراق الملونة" فانها اصبحت من ماضي لا وجود له يخالف خيوط الرواية المنسوجة للخيال الأمريكي البطولي والذي يضع البيض في أدوار البطولة، فالبيض هم السادة وهم يقررون متى يكون للماضي وجود ومتى تكون الحقيقة سراب .

فالخيال الأمريكي يجعل ترامب المضطرب بجنون الأرتياب يصف المهاجرين والمكسيكين والمسلمين وعقدة البرثرزم تجاه اوباما و بناء الجدار وحملة "حياة السود مهمة" وغيرهم من القوى الخائنة لـ "امريكا الحقيقية" هو الوجه الحقيقي لأمريكا الحقيقية، أمريكا البيضاء القوية والبريئة والتي ليس لديها شئ تعتذر عنه تجاه هولآء البربر المتوحشين .فلطالما كان ترامب في حالة ازدراء لما يسمى "بالصواب السياسي" والذي يعني استبدال الهوية الأمريكية للبياض الأسطوري بهوية أكثر صدقاً، فبدى له أن طريقته تهدف لأستبدال أمريكا الحقيقية، فأعلن إن الصواب السياسي هو عدوه اللدود الذي يهدف الى اعادة إبتكار "الهوية الأمريكية الحقيقية". فهل كانت أمريكا دوماً بيضاء وهل كان العالم دوماً ابيض؟، وهل تمثال الحرية الذي تصدح به أمريكا تعبير عن العلاقة الطردية للربح والنهب مع الحرية؟، وهل الأبيض هو إستعارة مجازية للسلطة؟
هل من طبيعة أمريكا دوماً أن تجعل سواد الشعب يعيشون بالخيال من خلال "المجتمع الأمريكي الحقيقي" و "الأنثروبولوجيا الأمريكية الحقيقية" التي قامت بابتداعها منذ أن اعلنت تفوق العرق الأبيض؟


إجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى "Make America Great Again"
هذا الشعار هو صافرة الكلب التي تصدح بها السياسة الأمريكية دوماً. وظهرت بشكل بارز في حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016 لدونالد ترامب. وقد أنشئت في عام 1979 عندما كانت الولايات المتحدة تعاني من تدهور اقتصادي تميز بالركود، وقد استخدم الشعار لأول مرة في حملة الانتخابات الرئاسية في عهد رونالد ريغان عام 1980. تم استخدام الشعار أيضا في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون.
يأتي السؤال هنا :
عظيمة لمن بالضبط؟.
عظيمة من وجهة نظر البيض أم السود ؟
"فأمريكا هي الطاعون و الطاعون أمريكا "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعرض على إسرائيل عدة أفكار جديدة كقاعدة للتفاوض حول الأس


.. Amnesty International explainer on our global crisis respons




.. فيديو يظهر اعتقال شابين فلسطينيين بعد الزعم بتسللهما إلى إحد


.. مواجهات واعتقالات بجامعة تكساس أثناء احتجاجات على دعم إسرائي




.. مراسلة العربية: إسرائيل طلبت إطلاق سراح 20 من الأسرى مقابل ه