الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ندعم مبادرات ابناء دارفور لحقن الدماء واخماد الفتنة

الحزب الشيوعي السوداني
(Sudanese Communist Party)

2003 / 5 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بيان من الحزب الشيوعي السوداني
 
• ندعم مبادرات ابناء دارفور لحقن الدماء واخماد الفتنة
• أزمة دارفور، رغم حيزها الجغرافي، وخصوصيتها، امتداد للأزمة الوطنية العامة.
• الصراعات القبلية تجاوزت طابعها التقليدي، وتحولت إلى صراع على الموارد الطبيعية المتدهورة، وتطلع مشروع نحو اقتسام عادل للثروة والسلطة، والمشاركة الديمقراطية في القرار السياسي والإداري.
• سياسات الإنقاذ وتجاوزاتها، فاقمت الأزمة وحولتها إلى مأساة إنسانية مرشحة للتدويل.
• منظمة العفو الدولية تطالب الحكومة بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الوضع في دارفور، وتحذر من مخاطر أن يتدهور الوضع إلى حرب سودانية أخرى.
• منبر أهلي للتضامن وفض النزاع وحقن الدماء.

المؤتمرات – القرارات – المتابعة – التنفيذ:
توصل المشاركون في ملتقى الفاشر، إلى توصيات سليمة، لامست العصب الحي لمشاكل دارفور المزمنة، التي كانت تتجاهلها وتنكرها الحكومة، وشكل الملتقى خمس لجان لدراسة تلك المشاكل وتقديم مقترحات وتوصيات لحلها. والتزم الملتقى بتنوع التركيبة القبلية في تشكيل وفد التفاوض مع المعارضة المسلحة في جبل مرة. ومن هنا ينشأ السؤال المشروع: هل يكتسب الملتقى صفة الآلية الدائمة التي تتسع المشاركة في مداولاتها ومتابعة تنفيذ قراراتها وتوصياتها، أم ينفض سامرها بعد حل أزمة جبل مرة، ويعود الأمر والنهي لأجهزة الإنقاذ السياسية والتشريعية والتنفيذية، وهيمنتها الأحادية، وإعادة انتاج الأزمة؟!
الإجابة على هذا السؤال محورية وفارقة، في مصير توصية الملتقى التي نصت على "مراجعة كل القرارات الصادرة عن المؤتمرات السابقة ... وجدولة تنفيذها، وتكوين آلية شعبية ورسمية لمتابعة التنفيذ" لكن التوصية تجاهلت أسباب عدم التنفيذ والجهات المسئولة عن التقصير.
لمحة عابرة على سجل مؤتمرات الصلح في دارفور منذ الاستقلال، توضح انعقاد ثلاثة عشر مؤتمرا خلال ثلاثة وثلاثين عاما (1957- 1989) كان آخرهاالمؤتمر الذي انعقد في أواخر فترة الديمقراطية الثالثة – ابريل 1989 – في الفاشر، وحضره عن رأس الدولة الأستاذ ميرغني النصري، لفض النزاع بين قبائل الفور وقبائل عربية، وتقيد ذلك المؤتمر بالأعراف التي تواضعت عليها القبائل لفض نزاعاتها، وتم الاتفاق على تحديد مسار مرحال غربي – غرب جبل مرة – وآخر شرقي، مع تحديد دقيق وقاطع للمعالم الطبيعية الثابتة لكل مرحال والمواقيت الزمنية، واحترام ملكية الحواكير، وما نصت عليه اتفاقية 1980 .. الخ وطرح المؤتمر فكرة مؤتمر الأمن الشامل في النصف الثاني من العام.
كان ميسوراً آنذاك، وما يزال، أن تعقد مؤتمرات الصلح سنوياً، مع تسارع وتائر الزحف الصحراوي والجفاف، وضغط حمولة الإنسان والحيوان على موارد الماء والمراعي الضامرة، والتحسب الاستباقي لتطويق النزاعات والصدامات، وتحييد نتائجها السالبة، وأن تتحول المؤتمرات السنوية إلى أداة شعبية – لإدارة وتنظيم الموارد، وحماية البيئة المنهكة المتداعية، بدلاً من أسلوب انقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن يقع الفاس في الراس.
مؤتمرات الإنقاذ:
عقدت الإنقاذ خلال سنواتها الثلاث عشرة، ستة مؤتمرات: الفاشر – يوليو 1989، كتم – اكتوبر 1994، الجنينة – نوفمبر 1996، الضعين – مارس 1997، نيالا – مؤتمر الأمن الشامل – ديسمبر 1997، الجنينة – يونيو 1999.
اجمل مؤتمر الأمن الشامل، مفردات المشاكل التي عالجتها بقية المؤتمرات: احترام الحق التاريخي للقبائل على حواكيرها، والأعراف القبلية في الاستضافة أو الاستجارة لقبيلة أو عشيرة أخرى وما لخصته اتفاقية 1980 – مخاطر انشاء كيانات إدارية جديدة دون مراعاة النزاع على ملكية الأرض – مخاطر شطر وتجزئة إدارات أهلية معارضة وفرض إدارات أهلية موالية – مراعاة الأعراف القبلية في الالتزام بسداد الديات والتعويضات – مخاطر التمييز بين القبائل في جمع السلاح أو توزيعه – جماعات النهب المسلح ما عادت عصابات تحتمي بالجبال والوديان، بل تعيش وتحتمي في مرابع قبائلها، وتمتلك اسلحة متفوقة على اسلحة القوات النظامية – افراد من القوات النظامية يشاركون قبائلهم في القتال القبلي ورسم الخطط العسكرية – مخاطر البيعة للإنقاذ بإسم القبيلة، والنفرة للجهاد بإسم القبيلة، والأسلحة التي يعود بها المجاهدون من القتال في الجنوب كغنيمة أو فيـئ، واستخدامها في الصراعات القبلية – ضعف نفوذ الإدارة الأهلية أمام نفوذ الروابط القبلية وقياداتها من المتعلمين والمثقفين، وعجزها لدرجة الشلل والخوف أمام الجماعات المسلحة – استغلال المثقفين الانتماء القبلي لتحقيق تطلعاتهم لمناصب السلطة – صراعات دول الجوار وتداخل القبائل وتدفق السلاح، والاستقواء بقبائل دول الجوار والتساهل في منح الجنسية السودانية – وتطرق المؤتمر لكافة القضايا التي تناولتها مؤتمرات سابقة أو لاحقة في دارفور: مياه الشرب للإنسان والحيوان، الصحة، التعليم، طريق الإنقاذ الغربي، إعادة تعمير مشاريع التنمية ...
كانت أجواء دارفور آنذاك متوترة نتيجة لممارسات حكام وولاة الانقاذ في مكافأة القبائل الموالية بمنحها نظارة أو محافظة في مناطق ادارية وحواكير لقبائل اخرى: مثال، امراء في دار مساليت، ومحافظة عديلة وتداعياتها التي لم يأخذها د. على الحاج آنذاك مأخذ الجد "عديلة بتبقى عوجة" وكانت بعض كوادر الجبهة، منتشية بانتصارات متوهمة، تطلق شعارات طفولية مثل: كل الأرض ملك للدولة ويحق لها أن تعيد توزيعها لتحقيق العدالة، أو شعار الأرض لمن يفلحها وغيرها من الشعارات ذات الرنين الثوري، لكنها فوضوية وطفولية في واقع دارفور الاجتماعي.
أما مؤتمر الجنينة – يونيو 1999 فيمكن وصفه بسوبر مؤتمر، أو مؤتمر المؤتمرات – بما توفر له من حشد مهول للأجاويد من طاقم الإدارة الأهلية من كل بقاع السودان، لفض النزاع بين المساليت والقبائل العربية: المك يوسف حسن عدلان من جنوب النيل الأزرق – ترك من الشرق – سرور رملي من الخرطوم – عبد الله محمد احمد أبو سن من البطانة – وكافة مناصب والقاب الادارة الأهلية ومقاماتها في ولايات دارفور الثلاث: شرتاي، دمنقاوي، أمير، عمدة، ناظر، فرشة ....
وكالعادة تحولت المؤتمرات إلى تظاهرة سياسية إعلامية! ولو نفذت السلطة جزء من التوصيات والقرارات لما تدهور الوضع الأمني والسياسي والاجتماعي في دارفور، بما يستدعي إعلان حالة الطوارئ للمرة الثانية وانشاء آلية بصلاحيات رئاسية لضبط الأمن وفرض هيبة الدولة للمرة الثالثة، واحتماء معارضة مسلحة بشعاب ومغارات جبل مرة.
الصحافة والإنذار المبكر:
رغم سياج التعتيم والرقابة، ظلت الصحف تقرع ناقوس الخطر، ولسنوات خمس متتالية، بدء بعرض واف لكتاب د. التجاني مصطفى عن الصراعات القبلية في دارفور، ومتوالية حلقات ومقالات ودراسات ومذكرات ... النجيب احمد عمر في الرأي الآخر يونيو 99- والكليم موسى في الرأي الآخر 6 يناير 2000 – وعبد الله أبو امام في الرأي الآخر 13 يونيو 2000 – والإداري عباس صالح مرسى في الأيام 27 يوليو 2000 – وآدم عز الدين محمد في الرأي الآخر 11 اكتوبر 2000 – وتاج السر مكي – الأيام 30 نوفمبر 2000 – ويوسف تكنة في الرأي الآخر يناير 2001 – ثم في الأيام 6 يناير 2002 – وقد اجمعت كل الاقلام على اختلاف مشاربها على النهج الموضوعي في تشخيص الأزمة، وتقدمت بمقترحات لمعالجتها، وحذرت من مخاطر الانفجار الوشيك. ومع مطلع هذا العام، افردت صحيفة الصحافة مساحة منشتات صفحتها الأولى لاخبار الانفجار: قتل وجرح 18 واحراق الف منزل بجبل مرة – حرق تسع قرى في محلية مكجر غرب دارفور ونهب الف راس من الابقار – نائب الدائرة 15 غرب دارفور، هاشم عباس يقول: الأمن في غرب دارفور منفلت، خاصة في منطقة وادي صالح والجبل .. حرق قرى زوة، مومو، نيرو وغيرها ونهب الف رأس من الابقار من قريتي برما وارولا. وما لم تنشره الصحافة كان اخطر، مثال أن ضحايا صدام المعاليا والرزيقات فاق 600 قتيل، وأن الطرفين استخدما مدفعية متطورة في الصراع وحشدا ما يفوق لوائين مشاة من حيث القوة البشرية ... وهكذا ما عاد القتال عرب – زرقة، بل اصبح شاملاً عرب عرب وزرقة زرقة، ولا منجاة لعرق أو قبيلة! وتواترت الأخبار عن بوادر الصراع بين التعايشة والسلامات، والماهرية والزغاوة، وبوادر مواجهات بين مليشيات الفور ومليشيات العرب في مناطق كبكابية، جلدو، قيلو، كاس، زالنجي، وادي صالح، الجنينة، بركة سايرة، وظهور استحكامات في جبل مرة يصعب اقتحامها ..
المشروع الحضاري: فشل:
توهمت حكومة الجبهة الإسلامية، أنها ستعيد صياغة إنسان دارفور ونسيجه الاجتماعي واعرافه وتقاليده، وفق التصميمات الهندسية لمشروعها الحضاري. لكن الأقدار سخرت منها وانفجر مشروعها الحضاري من باطنه، وكان المؤشر الأول للانفجار قد ارهص قبل الانقلاب، عندما استقال د. فاروق احمد آدم وزميل له من ابناء الفور والقيادي الإسلامي المرموق – بولاد – حركة معارضة مسلحة، تسللت من افريقيا الوسطى مندفعة نحو جبل مرة. وكان المؤشر الثالث تبلور الاستقطاب القبلي داخل كيان الجبهة الإسلامية، في منبرين – منبر "قريش" للقبائل العربية، ومنبر "الكتاب الأسود" رمزاً لقبائل الفور! ثم قذف البركان بالحمم في الانقسام الكبير – مؤتمر وطني حاكم، ومؤتمر شعبي معارض!
وافضل تلخيص وتقويم لانفجار أزمة المشروع الحضاري في دارفور، قدمه قائد إسلامي من المؤسسين، نأى بإسلامه وقناعاته السياسية عن استقطاب "الفتنة الكبرى"، د. الطيب زين العابدين – صحيفة البيان الأماراتية 18-9-2002 – "دارفور والحل السياسي": "تنحدر الأوضاع الأمنية في دارفور، اكبر اقاليم السودان، تدريجياً من سيء إلى أسوأ. بدأت الأحداث كنهب مسلح بسبب الفقر والعطالة والجفاف، ثم تطورت إلى صراع قبلي بين بعض القبائل بسبب السياسات الحمقاء لبعض ولاة الحكومة، الذين ارادوا استثمار الاختلافات التاريخية القبلية لتحقيق مكاسب سياسية لمصلحة الحزب الحاكم. وتشير الأوضاع حالياً إلى بداية حرب أهلية في المنطقة ترفع شعارات المظالم السياسية التي تمثلت في خلو المنطقة من مشاريع التنمية وضعف خدمات التعليم والصحة، وابعاد أبناء دارفور من مواقع المسئولية حتى في عقر دارهم ..."
التنمية: ... كلمة السر والمفتاح السحري:
يصعب الهاء أو خداع اهل دارفور بشعارات وبرامج التنمية كمشروع مستقبلي، وهم يعيشون خذلان الماضي وانهيار الحاضر، سواء في المصير المجهول للأموال التي اقتطعوها من لحمهم الحي لتمويل طريق الانقاذ الغربي، أو انهيار مشروع جبل مرة، بعد أن عصفت به الخصخصة وبيعت المكاتب والمنازل السكنية في زالنجي، وبيعت العربات والتركترات في دلالات عربات الخرطوم، وتوقفت مدبغة نيالا والنسيج، وتراجع الاهتمام السنوي والموسمي بضبط مياه الخيران كتجربة ناجحة طورتها مساعدات ولاية سكسونيا الألمانية، وتوقفت حملات العيادات البشرية والبيطرية المتحركة، ومشروع تحسين الماشية وتسويق الألبان، وتتعطل المدارس والمستشفيات بسبب تأخير صرف المرتبات، واختفت من أجهزة الاعلام أية أنباء عن مشروع السافانا، وأم عجاج، وخور رملة، وساق النعام ... الخ
لم تبخل قبائل دارفور التي لها حقوق تاريخية على الحواكير، بأية مساحة من حواكيرها تدخل ضمن مشاريع التنمية ذات العائد لمصلحة كل سكان الاقليم رعاة ومزارعين. ورغم قسوة الظروف الطبيعية، ما زالت دارفور رحبة تسع انسانها وحيوانها. وظلت قضية التنمية في دارفور ذات أسبقية ضاغطة منذ ثورة اكتوبر 1964، وتراكمت دراسات جدوى وملفات مشاريع رائدة لا تحصى. لكن الحلقة المفقودة كانت وما تزال الإرادة السياسية لاتخاذ القرار، وتعبئة الموارد البشرية والمادية للتنفيذ، ولو في حيز إعادة إعمار المشاريع التي كانت قائمة، وتلك التي جادت بها المنظمات الدولية. وهذا ما رسبت فيه، وبامتياز، حكومة الجبهة الإسلامية، التي جادت بسخاء على المحاسيب بالمراعي التجارية الشاسعة – مساحة 300 الف – 600 الف فدان، دون مراعاة للغطاء النباتي وغابات الهشاب والطلح – مصدر الصمغ العربي – واسقاط حق صغار المزارعين والرعاة والمنتجين في المشاركة في الحيازة وعائد الانتاج. واخيراً الآثار السالبة المتوقعة للاتفاقية الحصرية واستنزاف الثروة الحيوانية التي يزخر بها اقليم دارفور.
علاقات حسن الجوار:
يتحمل سكان دارفور سداد القسط الاكبر من فاتورة الجغرافيا السياسية والسكانية للدولة السودانية. حدود شاسعة ممتدة، خالية من الموانع الطبيعية، مفتوحة على ثلاث دول – ليبيا، تشاد، افريقيا الوسطى – وكان المنتصر في الصراع الليبي التشادي، والتشادي التشادي ينطلق من ارض دارفور، واليها ينسحب المنهزم ليعيد تجميع صفوفه – معارك هبري ودبي في منطقة كتم، ومعسكرات ابن عمر في وادي صالح. وعلى حدود افريقيا الوسطى، منطقة الردوم، تعرضت القبائل السودانية قبل اسابيع لهجمات انتقامية راح ضحيتها اكثر من 150 قتيلا وتعرضت مئات الماشية للنهب، ردا على تدخل حكومة الإنقاذ في صراعات السلطة في بانقي. وكانت للسودان وافريقيا الوسطى اتفاقية لتنظيم المراعي على الحدود منذ ايام الاستعمار، يجددها سنوياً مفتشو المراكز الى الجانبين ... حدود شاسعة ومفتوحة بطول حدودنا الغربية، لا حماية لها سوى علاقات حسن الجوار، وتعزيز الأجهزة الأمنية والنظامية على منافذ وثغرات التسلل والتهريب، والتزام الحياد السويسري تجاه صراعات دول الجوار، وأن لا يتحول السودان إلى جسر لطموحات دولة أخرى أو حاكم آخر نحو افريقيا باسم العروبة أو الاسلام.
منبر أهلي للتضامن وفض المنازعات:
نضم صوتنا وجهدنا لكل مسعى للقوى السياسية والاجتماعية لتشكيل منبر أهلى- مستقل عن السلطة-  للتضامن مع مواطنينا في دارفور، ويسهم في دعم جهودهم لفض المنازعات وحقن الدماء ورفع المظالم.

الخرطوم مارس 2003      سكرتارية اللجنة المركزية
        للحزب الشيوعي السوداني

 

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا تقر قانونا لتسهيل طرد مؤيدي الجرائم الإرهابية | الأخ


.. أردوغان لا يستبعد عقد اجتماع مع الأسد: هل اقتربت المصالحة؟




.. قراءة ميدانية.. معارك ضارية وقصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة


.. -من الصعب مناقشة كاذب-.. هكذا علق بايدن على -التنحي- | #عاجل




.. -لكمات- بين بايدن وترامب .. والأميركيون في مأزق ! | #التاسعة