الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشق ثمل

صفاء بوالجداد

2021 / 12 / 17
الادب والفن


الظلام يلف الأمكنة والزوايا، برد ورعد وإحساس بالصمت ، هكذا هي الليالي الخريفية ، أصر على دخول الحانة ، دخل بخطوات مرتجفة ، يشعر بأن جسده كقطعة طين جاف يابس فكر في أنه قد يرويه بما تيسر من جعة، هذا المكان غريب عنه ..أخذ مجلسا عند المشرب، إنها أول ليلة له في الحانة ، حتى الخمر لم يسبق أن تذوقه من قبل لكنه اليوم أراد أن يتخلص من وعيه اللصيق به وإخماد نار قديمة مازالت تنهش قلبه، طلب في بادئ الأمر كأسا واحدا وما إن أنهاه حتى طلب "سطيلة " تحوي الكثير من القناني .ظل يشرب من الساعة التاسعة ليلا حتى اقترب الليل من نهايته والحانة تتخفف من الضوضاء، فجأة جاءه صوت تلك المرأة الثخينة التي حفر الزمن أثره على وجهها فبعد أن فقدت ابتسامتها الجميلة وقوامها المنقوش الذي كان مورد رزقها في زمن مضى صارت ساقية لطيفة في بداية الليل متوحشة في آخره ، إنها "البرميطة" وكما تطرد كل السكارى صاحت في صاحبنا: "يالاه سالينا .. البيرة باح ، خرج خلينا نسدو" .
سبها بأقبح ما جادت به اللغة ونهض مجرجرا قدماه بتثاقل وهو يدندن أغنية دندنها كل السكارى الذين غادروا الحانة قبله، "حبك نتي وجابني بالليل ، جابني بالليل مابيا ماعليا " ، في هذه اللحظة تشكلت في ذهنه فكرة عن المكان الذي سيكمل فيه سهرته ..إنه بيت حبيبته التي تركته دون أي سبب بعد مدة من علاقتهما ، في حالة وعيه يكون شخصا خجولا وجبانا لكن الثمالة مدته بشجاعة لم يعرفها من قبل.
ظل يترنح وهو يعبر الزقاق الطويل حتى وصل ، وقف وعيناه معلقتان إلى الشرفة الموصدة وأطلق صرخة كسرت هدوء الليل "أميمة" .. ثم بصوت منكسر كله رجاء "طلي عليا أحبيبة"..أطل كل السكان إلا أميمة خاصته ، يضحكون ويسخرون من حاله ن أحس بالانكسار وخيبة الأمل فاستسلم لضعف ركبتية وجلس أمام باب العمارة ، أسند ظهره إلى الحائط يبكي ويروي ذكرياتهما معا وبين الفينة والأخرى يطرح سؤالا لا ينتظر جوابا عنه "واش نسيتي؟".. ظل المسكين يفضفض حتى نام كأنه في بيته ولسانه المستيقظ يردد أميمة.
أميمة معذبته صاحبة الشعر الطويل ،الثغر الجميل والوجه المستدير المنير كالقمر في تمامه ، أطلت أخيرا بعد أن دق أحد الجيران بابها متذمرا: زوجك بفوضاه نزع النوم من جفوننا ووراءنا مشاغل كثيرة تتبعنا غدا ، اعتذرت المسكينة التي لا ذنب لها سوى أنها محبوبة، ثم خرجت من بيتها بعباءة مفتوحة ووشاح وضعته على رأسها بلامبالاة .. وضعت ذراعه حول عنقها وحملته وهي تلعنه ، بحب ورأفة مضمرين وغضب وحنق باديين انتشلته وهي تسأله: "أنا زوجتك منذ عامين ، أ لم تصدق ذلك بعد"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث