الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تأسيس أفقي للبحث عن هوية دينا سليم حنحن في سادينا
دينا سليم حنحن
2021 / 12 / 18الادب والفن
رحاب حسين الصائغ - شاعرة وناقدة من العراق
لحق عملية النقد كثير من التغييرات في النظريات والمذاهب الأدبية، والنقد انتهى إلى بدايات ثورة فعلية في الدراسات الأدبية، والنقد له مسارات التطور الديناميكي(1)، لمعالجة التطور الفكري، والجمالي، والأدبي، وطبيعة الفكر البشري، إنَّ التطلع إلى ما هو سائغ مع واقع متحرك رغم ظروف القلق والحزن، ووضع أي نص تحت مجهر القارئ، يحيل العمل إلى البحث على ضوء منظور مرتبط بفرضيات سائدة في المجتمعات وثقافاتها، دينا سليم، المقيمة في استراليا، استندت في مؤلفهما في دمج علاقات اجتماعية لثقافة مختلفة من خارج الوسط، طبقا لممارسات لها هواجسها الأخلاقية في داخلها، وجمعتها لغة واحدة للبحث عن هوية، العلاقة الاجتماعية بين الأدب والنقد، علاقة تحليلية تعمل على إحالة النص، الكشف عن إمكانياته التأويلية، لتحتضن تطورات العمل الأدبي.
المهجر الذي خلق أجواء "سادينا" عنوان الرواية الشعرية، أعطانا أبعاد ضرورية لفهم طبيعة الذات الإنسانية، الإنسان المغترب، نص أدبي يحتوي معاناة الإنسان الراحل عن وطنه، بإرادته أم مرغم، اشتغال السارد عن لسان مؤنث وذكر، "سادينا"، و"ساد" مشاعر خارج وطن سادي، داخله يعم الظلم والألم، ويصل التحجيم حد فقدان الهوية، فكان تداول تلك المشاعر في المهجر، أحاسيس ذاتية تلاحق مشاعر كائنان عذبهما الحنين، والقلق، والخوف في وطن بديل، بفاعلية حدّد فضاء مشاعرهما، والمحسوس من الحرية التي يبحثان عنها، فرضيات لوطن ضائع، والخروج بهوية مشتركة اسمها التاريخ واللغة، من أمة واحدة جمعت بين البطلين معاناة الفرد المغترب، وصرخات لا تحترم ذلك الفرد، تخاطب ممارسات، وتأثيرات وجوده في عالم قائم في مجتمع آخر للضرورة أقحم بداخله، جدلية صراع بين المجتمعات، ومعطيات الإرث الأيديولوجي(2)، ولما لها من تأثيرات ثقافية في خريطة الفكر الإنساني.
البعد الثقافي والسوسيولوجي في لغة أدبية أسست لما قدمته رواية "سادينا"، نأخذ العنوان، معنى الكلمة في اللغة العربية (صادينا)، أصلها صادين، جمع صاد، اسم فاعل مشتق من صدّ، ومعنى الصد هو المنع أو الحماية، (صادينا sadina مفردة تأتي في اللغة الانكليزية وتعني الحزن والكآبة)، تحيلنا الكلمة إلى المضمون الداخلي للرواية، خاصة وأن شخوص الرواية يحملان ما مشتق من مفردة صادينا، ولو أعدنا مفردة العنوان صادينا، واعتبرناها جاءت من فكرة السادية، كونها تلفظ بالعربية "سادينا، "ساد"، يشذ لذهن القارئ مفردة "سادي"، تعتبر مرض نفسي يدخل ضمن الشذوذ الجنسي، فيه يتلذذ الرجل، أو المرأة بتعذيب الآخر للوصول إلى النشوى، وان كان لها هذا المدلول، فنحيله للوطن كونه سادي يتلذذ بتعذيب أبنائه، "ساد"، وضياع هويته المنتمي إليها، كفرد من شعب له وطن يستقر فيه، البطل حزين، والياء ضمير مستتر تقديره هو، "سادينا" البطلة، (نا) للتملك، إحالة للعنوان، والاستعانة بمفردة (صادينا أو سادينا)، يعطينا العنوان المعنى التقريبي للمضمون.
اذ تناولت الروائية دينا سليم، المعالجة الذكية في كيفية الانسجام الجمالي للذات في استخدامها للعنوان، الذي دفعنا إلى تفكيكه بعدة صيغ وتأويلات، نتاج ملحمي - شعري رائع، (حاز على جائزة ناجي نعمان الأدبية، جائزة الإبداع لعام 2007)، ساد الحزن عموم الفضاء السردي في الرواية، ألم الحنين للأرض، الرغبة بالحرية، التحرر من القيود، البحث عن وطن وهوية بديلة، تقبل انقلابات الوضع الإجتماعي والثقافي، حيوية الوجود الطبيعي في ذهنية الفرد المهاجر، وتقبله التضاد الممارس عليه، لاكتساب حياة تعينه على البقاء ويبقى يتنفس خارج حدود الوطن المفقود، في سياقات مجتمع جديد، تجربة اجتماعية لعلاقة إنسانية تحمل هوية اللغة والمشاعر المشتركة، انقلاب بشكل عكسي أوجد تراكم معرفي، ثم إبراز مفاهيم جديدة لتراجيديات تحل محلها، بنوع آخر مفاهيم كوميدية تحاكي الواقع، ووطن يعمل على تشريد فلذات أكباده، يسوده نظام سلطوي، الأبناء يدفع بهم الألم بالتفكير لإعادة صياغة تلك الأنظمة بالبحث عن الحرية والعدالة، بمفاهيم ضمنية، خارطتها لغة واحدة رغم اختلاف الخارطة الجغرافية، لتشكيل شرعية اجتماعية لها حدود مرتبطة بتاريخ واحد لأمة واحدة، المجتمع الشرقي العربي، تسيده الحميمة منطلقة من مفاهيم علاقات اجتماعية، الألفة، والعائلة، والموروث، والارتباط بالعشيرة، والجذر، إذ أن فكرة التواجد بتأملات حسية لحفر، وتصميم لشكل الهوية وحدود حجمها، وصورة مشاعرها، هو ما ميز رواية سادينا، لتعميقها طبيعة الاقتراب الإنساني، من العنوان الذي ساد أجواء الحكي والسرد على لسان بطلا الرواية، تفريغ، ومحاولة تحديث، وتقريب لحالة التقبل للعيش بوجهين لن يتقابلا، ليحيلا أفكارهما، وقيم تجربتهما بتجارب أخرى تسودها أجواء متغيرة كليا، في بحثهما عن الهوية، والحرية، والعدالة، إنه الأدب الكوني في زمن ساده الحزن، والقلق، والألم حد السادية، والتلذذ بعذابات الفرد المهجر الذي ساده التغريب والتغييب، وأصبحت عذاباته عاهة مستديمة، يحمل العنوان تأثيرات سادت فضاء الرواية، كأنها رسالة موجهة للأنظمة العربية الساديَّة، رواية لها أرقام تفصل أحداثها بتوارد جميل.
تلعب الغربة دورها في تسييد الحزن إذ ليس لها حق المطالبة بما تحب وتريد، والماء الحياة، والحياة أصبحت شبه مستحيلة العيش بسلام، الحياة سادها الحزن المصنف بالعنوان.10 ص(41) " تراه (سادينا) بلون الشمس، شاحبا، تعبا، منهمكا، ويراها هو في عيون كل الناس. لكنها لا تشبه أيا من الناس! يانعة شهية، غضة، جميلة، انحنت الشمس على جبينها". هنا سادينا الوطن، في الوطن، هو شاحب، ، ومنهمك، إما الوطن في عينيه، جميل، وغض، ويانع تنحني الشمس على بقاعه، السادية بكل لذتها، وعمق النشوى التي تأتي من الانغماس بالتعذيب، وهكذا مسار الرواية حتى النهاية يحيل كل المضمون للعنوان (سادينا).
وحتى نهاية الرواية يوجد سرد دائري للمعاناة، والقهر المتأزم في نفس (ساد) و(سادينا)، في النهاية دينا سليم حنحن، رسمت لسماء روايتها نجوم الأمل، بوجود حرية خارج حدود السلطوية، والدكتاتورية، وقهر الشعوب المسؤولة عن أفرادها، بأن يكون زمام أمور الشعوب بيد حكام يعلمون معنى القيادة الحكيمة، والتي يسودها قانون الحق، والمواطنة، والعدالة الاجتماعية، وصرخة (ساد) و(سادينا)، لها الأثر في تحرير الأمة العربية، ولوي الأيدي الممسكة بسياط الظلم، والشعوب المقهورة لن تبق ساكتة، بل ستتحرك، وتتحرك، وتعيش في أوطان الأجداد رغم أنف الظلم.
المصادر: 1. رواية (سادينا) بقلم / الروائية دينا سليم حنحن، (الحائزة على جائزة "ناجي نعمان الأدبية" (جائزة الإبداع) لعام 2007).
2. مجلة ادب وفن / صفحة نقد/ ديناميكية الجماعات/ جميل حمداوي/ 13-10-2008
3. اشكالية الايديولوجي والجمالي في النقد الادبي التاريخي والثقافي/ التادلي الزاوي/ 24-8- 2007 جريدة المؤتمر الصفحة الرئيسية/ مشكلة المصطلح النقدي- التفكيكية/طالب مهدي الخفاجي/ 29- 4- .2007
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فيلم -البقاء على قيد الحياة في 7 أكتوبر: سنرقص مرة أخرى-
.. عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا
.. جندي عظيم ما يعرفش المستحيل.. الفنان لطفى لبيب حكالنا مفاجآت
.. عوام في بحر الكلام - الشاعر محمد عبد القادر يوضح إزاي كان هن
.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت- الشاعر محمد عبد القادر -