الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجيب محفوظ : كفرنا بك مرتين

نبال شمس

2006 / 8 / 30
حقوق الانسان


من الصعب التوقف الآن على حالة الكاتب الكبير نجيب محفوظ. ومن الأصعب أن نبدأ بكلمات الرثاء, فثمة فضائيات وصحف كانت قد بدأت منذ أيام بتحضير المراثي لهذا الحدث متناسين أن سفك الدماء في شرق أوسطنا لم يكف عن السيلان بعد.
كلهم ينتظرون هذا السبق الصحفي الكبير ,ينتظرون مهرجان الموت وتناقل الخبر, فسوف نسمع وقتها كلمات الرثاء وستعاد سيرة حياته بكل اللغات, فلو استفاق الآن محفوظ من غيبوبته لربما طلب طلبا واحدا "وهو دعوني أموت بسلام , دعوني ارحل بهدوء", لكن كيف سيرحل بهدوء وكل من حوله يحتضر معه , ألصحافه تحتضر والفضائيات تحتضر والأقلام تجهز نفسها للكتابة,والمواقع الالكترونية عناوينها الرئيسية, أليس من حق الإنسان أي كان, أن كان أديبا أو شاعرا أو فنانا أو رساما أو زبالا أن يموت بهدوء بعيدا عن الضوضاء والتملق والضجيج الإعلامي؟
بعد حقبة زمنية غير معروفه سيتحدثون عن محفوظ تماما كما يتحدثون الآن عن صراعه مع الموت. كانه كرنفالا يوميا على مدار الدقيقة.
هل يغفر لنا الكاتب الكبير نجيب محفوظ؟ هل يغفر لنا كفرنا به. فان كفر مرة فها نحن نكفر به مرتين. الأولى عندما زُندق واتهم بالإلحاد على روايته "أولاد حارتنا" حيث فسرت شخصيات الرواية بالاعتماد على الدين., ومحاولة كسر قلمه وسكب حبره ولجم لسانه. كفرت به البشرية ناسية حقوقه كانسان ولد حرا بقلمه وفكره ولسانه.
وها نحن اليوم نكفر به ثانية, بممارستنا سياسة الاقتحام الرخيص لآخر أيامه والدخول في خصوصيته والتسابق إلى معرفة أحواله الصحية, لكن عذرا انه كفر طاهر كفر ليس به كفر ولا الحاد, كفر واقعي معترف به دوليا وعالميا, كفر محلل, فتكفير القلم الحر حلال في عالمنا وممارسة نزع الخصوصية وسفك دماء المفكرين هي اشد الحلال في مجتمعنا الشرقي, لكن أن نموت بهدوء وأن ننعم بدقائقنا الأخيرة وحدنا, فهو اكبر المحرمات.
كفّروك براويتك وكفّروا قلمك وأدبك وحروفك لكن أحدا لن يعترف إننا كفرنا بك كانسان وككاتب حر, احد لن يعترف إننا كفرنا بموتك وعيشك وبحضورك وباحتضارك. عذرا أيها الكاتب الكبير, فالكفر انواع, نختار الأفضل منه ونمارسه على الفئات الأخرى. فلتخجل الفضائيات ولتخجل ألصحافه وليخجل كفرها واقتحامها وتطفلها, ودعوا هذا الإنسان يفارق الحياة بهدوء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة