الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في أسباب وتداعيات العدوان الصهيوني على لبنان

سعادة خليل

2006 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



لقد حاء انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان مدويا وجاء خلافا لكل التوقعات على جميع الصعد الشعبية والحكومية . لقد كان هذا الانتصار نقلة نوعية في مسيرة الصمود والممانعة ضد استشراس العدو الصهيوأمريكي في المنطقة بدليل التصريحات النارية والتصريحات التحريضية التي انطلقت من هنا وهناك تخطىء المقاومة الإسلامية وتصفها بالمغامرة. والتي وجدتها السيدة كوندي بأنها فرصة لخلق شرق أوسط جديد عبر المذابحح والمجازر الإسرائيلية. وهكذا جاء الانتصار مدويا وطاويا لأحلام كوندي ، ولو إلى حين وخيب آمال الكثيرين الذين ناصبوا المقاومة اللبنانية والفلسطينية العداء. وبلا شك أن هذا الصمود الأسطوري والانتصار الاستراتيجي المؤكد وضع المنطقة في مجال تاريخي جديد على الشعوب العربية والإسلامية أن تستثمره في انتزاع الحقوق ونيل الحرية والاستقلال والمضي على نهج المقاومة في النضال.

وفي هذه العجالة نسوق بعض الدلائل التي تشيرعلى أن العدوان الصهيوني الأمريكي كان مرسوما ومخططا له بغض النظر عن حدوث الأسر وذلك لتفنيد الآراء والأحاديث التي تتهم حزب الله بالمغامرة والتسرع. وكذلك نسوق بعض الحقائق التي قام عليها الفكر العنصري والسياسي الصهيوني الذي كان وما زال منذ التفكير في إنشاء هذا الكيان المسخ في المنطقة وما تغير شيء وما تبدل إلى يومنا هذا. وأن ما تقوم وقامت به الحكومات الصهيونية المتعاقبة من كل الاتجاهات هو نفس السياسات والمخططات التي وضعها من يطلق عليهم "الآباء المؤسسون" لهذا الكيان العنصري. وما نراه في فلسطين وفي لبنان ما هو إلا تنفيذ أمين للسياسة والفكر الصهيونيين.

ولم يعد خافيا على أحد أن العدوان على لبنان لم يكن وليد اللحظة ولم يكن ردا على "الاستفزاز" أو "المغامرة" كما يحلو للبعض أن يطلق على المقاومة. وإنما كان العدوان مبيتا ومتفقا عليه بين الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني بقياداته الدموية. فهناك دلائل عديدة تشير إلى أن إسرائيل ابتدأت الحرب التدميرية على لبنان بموافقة تامة من الولايات المتحدة. إن هاجس إدارة بوش كان ولا يزال على الدوام هو التخلص من حزب الله والمقاومة الفلسطينية لتصديهما لجهود الإدارة الأمريكية في تنفيذ فكرة "الشرق الأوسط الكبير" والذي تحول إلى شرق أوسط جديد أثناء العدوان الأخير.. إن امتناع المقاومة الإسلامية في لبنان عن تسليم أسلحتها تبعا لقرارات الأمم المتحدة "الأمريكية" نصا وروحا، ومع عجز الحكومة اللبنانية الموالية للغرب على إجبار الحزب على نزع أسلحته، دفع إدارة بوش إلى الضغط على إسرائيل لتقوم بذلك عسكريا. لقد تم التخطيط للعدوان الصهيوني منذ أشهر مضت على عملية أسر حزب الله للجنديين الإسرائيليين. لقد أعطت الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر لخطط العدوان على لبنان. ولقد اعتبرت الولايات المتحدة أعمال إسرائيل العسكرية مطلبا ضروريا لضربة محتملة لإيران. ولم يعد ذلك خافيا على أحد. فقد ذكر سيمور هيرش، الصحفي المرموق، في تقريره في مجلة النيويوركر بأن رسميين إسرائيليين قاموا بزيارة في أوائل الصيف لواشنطن لإطلاع الحكومةالأمريكية على خطة الرد على أي استفزاز متوقع من قبل حزب الله وللإطلاع على المدى الذي تتحمله الإدارة الأمريكية. ونقل سيمور هيرش عن مستشار في الإدارة الأمريكية مقرب من الإسرائيليين قائلا:" لقد أخبرنا الإسرائيليون أنها ستكون حربا رخيصة وسريعة ولها نتائج وفوائد عديدة. فلماذا نعارضها؟ سنكون قادرين على تدمير الصواريخ والأنفاق والمخابئ من الجو. وستشكل نموذجا لحرب قد تشن على إيران." ويضيف أيضا منوها برغبة إدارة بوش الدائمة في القيام " بضربة استباقية ضد حزب الله"."لقد كان هدفنا على الدوام هو القضاء على حزب الله والآن لدينا من يقوم بذلك."
ففي اجتماع القمة بين إيهود إلمرت ووبوش في الثالث والعشرين من مايو الماضي، عرض بوش على إسرائيل التأييد والدعم الكاملين لمهاجمة لبنان في أسرع وقت ممكن.

ولقد نقل عن ضابط مخابرات سابق أيضا: "لقد أخبرنا إسرائيل.انتبهوا، إذا قررتم الذهاب إلى الحرب فنحن وراءكم على طول الخط. ولكن نعتقد يجب أن تشنوا الحرب في أقرب فرصة ممكنة وألا تنتظروا طويلا. فكلما اتنظرتم أطول، أصبح الوقت قصيرا من أجل لتقييم وتخطيط الحرب على إيران قبل أن يخرج بوش من الرئاسة." ويضيف هيرش في تقريره المنشور في محلة النيويوركر إلى هذه الأدلة بأن اسرائيل كانت تتوقع استفزاز حزب الله لبعض الوقت وخططت للرد مسبقا. وقد أعلن شابطاي شافيت ، المستشار الأمني في الكنيست الصهيوني، بأن ضربة قد تخفف من مخاوف إسرائيل الأمنية وتكون أيضا نموذجا لضربة أمريكية استباقية محتملة لإيران " هو الأفضل لنا وإذا كانت ستحقق المطالب الأمريكية فذلك مجرد نتيجة العلاقة بين صديقين."

وتشير التقارير الصحفية تشير إلى أن بعض الرسميين والمبعوثين الصهاينة نقلوا معلومات للأمريكيين وصفت بأنها تفصيلية كما جاء في مقالة لجيرالد ستاينبيرغ، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، في سان فرانسيسكو كرونيكل في 21 تموز،وصف الحرب بأنها "من بين جميع حروب إسرائيل منذ 1948، كانت هذه الحرب من أكثر الحروب التي أعد له الإعداد الكبير. وفي الواقع لقد بدأ الإعداد لها منذ شهر أيار 2000 أي حالا بعد الإندحار الإسرائيلي." ومنذ أسبوع، ذكرت مجلة نيوستيتمان أنه قد تم إخطار بريطانيا سلفا عن الإعداد لهذه الحرب واختار رئيس الوزراء بلير ألا يوقفها وحاول إطالة أمد الحرب أيضا..

يأتي هذا الإعداد والتخطيط للعدوان مع العلم، وبشهادة شاهد من أهلها، أن حزب الله لم يقم بأي عمل عدائي ضد المدنيين في فلسطين المحتلة. لم يقم حزب الله بأي اعتداء على مدنيين في الكيان الصهيوني لأكثر من عقد من السنوات. لقد فشلت التحريات التي أجراها مركز الأبحاث التابع للكونغرس الأمريكي وكذلك وزارة الخارجية وباحثين مستقلين في إثبات أي عمل عدائي مهم ارتكبه حزب الله لأكثر من 12 سنة خلت.

إن العدوان الصهيوني على لبنان ، إذن، ينسجم مع الفكر الصهيوني والسياسة العدوانية والتوسعية للكيان الصهيوني. إن خطط الكيان الصهيوني ضد جيرانها العرب والفلسطينيين وسياستها العنصرية جديدة قديمة ولن تتوقف يوما ما. ولأولئك المشككين والعقلانيين الذي تخيلوا أن الكيان الصهيوني أصبح حملا وديعا وأنه أقلع عن الفكر العنصري والسياسة العدوانية الوظيفية للمنطقة بأسرها, فالعدوان على لبنان هو مثال صارخ على العدوان الوظيفي الذي خلق من أجله الكيان الصهيوني. فلتنذكر جميعا هذه السياسة الصهيونية التي تمثلت في المذابح والمجازر التي دمغت سياسة هذا الكيان السرطاني في جسم الأمة. فهل نسينا دير ياسين وقبية والطنطور وحيفا وكفر قاسم والسموع وبحر البقر وحولا وقانا وغيرها وغيرها؟ وهنا نحيل المتشائمين والانهزاميين والعقلانيين والليراليين الجدد والأنظمة العربية إلى مذكرات القادة الصهاينة وأقوالهم في الشعوب العربية عامة والشعب الفلسطيني خاصة.

لقد نقل مايكل بن-زوهار 1978 في مذكراته عن بن غوريون قوله: "يجب أن نعد للهجوم. وهدفنا أن نحطم لبنان، وشرقي الأردن وسوريا. إن الحلقة الأضعف هي لبنان وهي بالنسبة للدول الإسلامية هي دولة مصطنعة ولذا سيكون سهل علينا إضعافها. يجب أن نؤسس دولة مسيحية هناك وبعد ذلك يجب أن ..... نزيل شرقي الأردن وعندئذ ستسقط سوريا في أيدينا. ومن ثم نقصف ونتحرك قدما ونستولي على بورسعيد والإسكندرية وسيناء."

ونقل مايكل بن-زوهار 1978 في مذكراته بن غوريون أيضا: " يجب أن نستخدم الإرهاب والاغتيال والتهديد ومصادرة الأراضي وقطع كل مصادر الخدمات الاجتماعية لنتخلص من السكان العرب في الجليل." وقال من قبلهم ثيودور هيرتزل في مذكراته : " يجب أن نحاول أن ننفخ في روح السكان الفقراء على الجانب الآخر من الحدود بتوفير العمل لهم في بلاد المهجر، بينما نحرمهم من أي عمل في بلدنا... يجب نزع ملكية الفقراء وتهجيرهم بجدية وحذر."

وقال أيضا في البارادوكس اليهودي مخاطبا نحوم غولدمان 1978 عن العرب: "إذا كنت قائدا عربيا، لن أوقع اتفاقا مع إسرائيل. وهذا طبيعي لقد استولينا على بلدهم. إنه الوعد الإلهي الحق لنا ولكن كيف يمكن أن يعنيهم ذلك؟ إن إلهنا ليس إلههم. كان هناك اللا سامية، النازية، هتلر، أوشفيتز، ولكن أكان ذلك خطأهم؟ إنهم لا يرون إلا شيئا واحدا أننا أتينا وسرقنا بلدهم. فلماذا يقبلون بذلك؟"

وقد نقل إسحق رابين عن بن غوريون في مذكراته 1979 قائلا:" مشينا في الخارح بصحبة بن غوريون. أعاد ألون سؤاله، ما الذي يجب فعله مع السكان الفلسطينيين؟ بن غوريون أشار بيده بعلامة تعني اطردوهم خارجا."

وقال أيضا بن زيون دينور، أول وزير للتربية والتعليم في "إسرائيل" 1954 من تاريخ الهاجاناة.4:"هذا البلد مكان لليهود فقط. يجب القول للعرب: أخرجوا! وإذا لم يوافقوا، وإذا قاوموا، يجب إخراحهم بالقوة."

وقالت غولدا مائير في جريدة الليموند 1971:" وجد هذا البلد بناء على الوعد الذي قطعه الله على نفسه. إنه من السخف أن نسأله حول حساب شرعيته." وتكمل قائلة:" ليس هناك شيء اسمه الشعب الفلسطيني. لم نجد أحدا عندما أتينا. إنهم لا يوجدون."

وبعد الاطلاع على ما قاله وما نفذه القادة الصهاينة يحق أن نسأل هل تغير شيء في الكيان الصهيوني؟ هل تبدلت أهداف الكيان الصهيوني يا ترى؟

إن إعلان وقف العمليات العسكرية حسب اقرار رقم 1701 قد يمثل فقط عقبة صغيرة في طريق المخططات الإسرائيلية والأمريكية حيال المنطقة. فلم يكن الهجوم على حزب الله إلا المرحلة الأولى لما تأمله إدارة بوش أن يكون مفصلا في إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط.



لأن نزعة إدارة بوش في تجاهل الدروس التاريخية لا يمكن التقليل منها. لقد نقل سيمور هيرش عن مسؤول سابق في المخابرات المركزية الأمريكية قوله: " لا يمكن أبدا لرامسفيلد وتشيني أن يسنخلصوا العبرة الصحيحة حول كك ما حدث. وعندما ينجلي الموقف، سيدّعون النجاح ويحاولون تعزيز خطتهم لضرب إيران." وكان ذلك فعلا في 14 آب حيث أعلن بوش أن أسرائيل أنتصرت في قتالها ضد حزب الله. وفي ظل دعم الديموقراطيين اللا محدود لسياسات بوش ولحرب "إسرائيل" على لبنان يوحي بدعم مشابه في الهجوم على إيران لأن الولايات المتحدة تتجاهل التاريخ.

وبهذا المنطق، فإذا كان التدميرالوحشي للبنية التحتية لبلد صغير كلبنان بسبب حادث حدودي بسيط هو قانوني وشرعي باسم الدفاع عن النفس؛ فمن المؤكد أن هجوما أمريكيا مشابها على إيران لبلد اكبر في المساحة والسكان بحجة أنها تطور أسلحة نووية قد ينظر إليه على أنه قانوني وشرعي ودفاع عن النفس أيضا كما حصل في العراق سابقا. إن إعادة انتخاب نفس الوجوه في الكونغرس الأمريكي المؤيدة والداعمة لمثل هذه السياسات الرعناء والمدمرة سيقلل من لفرصة توقف مثل هذة السياسة غير الأخلاقية والجنونية. إن الإدارة الأمريكية بلا شك أنها تتخبط في العراق وأفغانستان ولبنان وفلسطين إلى حد وصل الجنون Paranoia . وقد عرّف محلل عسكري يوما الجنون بأنه الاستمرار في عمل نفس الشيء مع توقع نتائج مختلفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صنّاع الشهرة - عالم المؤثرين المطورين بالذكاء الاصطناعي يطار


.. أضاءت سماء الليل.. شاهد رد فعل السكان لحظة تحليق شظية مذنب ف




.. إيران تشييع رئيسي على وقع خطوات لملء الشغور الرئاسي | #رادا


.. المستشفى الإماراتي العائم في العريش يجري عمليات جراحية بالغة




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة