الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيّدة النجوم

المثنى الشيخ عطية
شاعر وروائي

(Almothanna Alchekh Atiah)

2021 / 12 / 19
الادب والفن


باختيالٍ تتلألأ على ذروة الجبل
أمام الطفل
نقطةً حمراء لعناق الأرض والسماء
ولا تكشف له إلى أيٍّ منهما تنتمي
فاتنةً، مغويةً تجمّد قلبه بسلاسل من نارٍ
وتُسَرّع خفق أجنحته إلى ما يسبق الضوء
وتقفُ بانتظار
قدومه إليها بالصورة التي اختار بعد جليد الكهف/
متسلّقو جبال الردى نحن
جهّزنا أشواكَ أقدامنا للصعود ونيْلها
كما تُحصدُ كؤوس الذهب بعد قطع الماراثونات
كما تُقطف اللآلئ بعد قطع الأنفاس في أعماق البحار
كما تُخطَف العروس التي يحيط بها أولاد عمّ ضارين ولا يرحمون
وكما يخبّئ كل قلب تخيُّلهُ عن الآخرين
لها...

متسلّقو جبال الردى نحن
شحذْنا أسنان عدّتنا للصعود
مُسَرْنَمين بأحلامنا وأوهامنا وأطماعنا
عضلاتُنا مشحونةٌ بثقة الصخر الذي نمشيه
فرْواتنا مدبوغةٌ بالصقيع القادم لقضم اللحم
خرائطنا تمحو سراب الضياع في تخوم النجوم
كُتُبَنا الشعبية تفكّ أسرار المجاهل وأنيابَ المنعطفات
وأغانينا تُغذّينا إن يأسْنا بالأمل
في أنّ أناساً قبلنا قطفوا
النجمة الحافية بين النجوم
قطفوا
سيّدة النجوم
من فم الردى...

على طريق جلجلتنا الطويل الذي نتسلّقُ
نحدّقُ بعين الغيرةِ إلى بعضنا
بيننا المجهولون يسخرون من أسمائنا وأزيائنا
ويمضون غير آبهين بمجادلاتنا
بيننا الشهيرون الذين قطفوها والرّماح في قلوبهم
يعيدون التسلّق معنا
لأنّ من تذوّقها سيُحرَم طعمَ النسيان
بيننا من أصبح مزاراً لعشّاقها
من رسمها نجمةً حمراءَ على قبّعته
من حوّل نفسه وردةً بيضاء وقنينةَ ماء وسدّ بها فوّهات البنادق
من رضيَ أن يأكل ضريحَه حرّاسُ الظلام
ليبقى نوراً في قلوبنا...

على طريق الردى نمرّ بحواجز التربية والمحرّمات والتطويع
مسننةً بلغز سؤال الوحش عن الإنسان
ونصالِها لمنعنا
نمرّ بمرايا الجبل منصوبةً أنّى اتجهنا أمامنا
مرعبةً تعرض صورنا في أنياب العذاب
في الجحيم نشوى على الأسياخ بأيدي الكهنة
في جهنم تذاب جلودنا بأيدي الحسبة وتنمو ثانيةً لتُذاب
معلّقين بخطافات صراخنا يرتدّ إلينا
مصدوماً بزجاج الرجل الذي يتفرج علينا
نمرّ بمرايا تعذيبنا في السجون
سياطٌ تسلخ جلودنا مع اللحم
هراوات تحطّم فقرات ظهورنا
نارٌ كهرباءٌ أحماضٌ تذيبنا
خوازيقٌ مدقّات تهرس أعضاء خصبنا
اغتصاباتٌ لنسائنا فتياتنا صبياننا ورجالنا أمامنا
نمرّ بمرايا خطفنا بأنياب الطريق وعرضنا
نمر بمرايانا نأكل بعضنا
في طريق التيه إليها...

على طريق الردى نَقلِب الآياتِ حياةً
قلوبنا الفهود الدلافين الخيولُ
جامحةً رماحةً طليقةً في السهول
أيادينا المصافحات
أجنحةَ عصافيرٍ تمدّها القبلاتُ إلى أجنحة عنقاء
رؤوسنا الأشجارُ مورقةً بأشعار تَداخُلِ سماواتنا
أجسادنا الموسيقى يتقادح شررُها بأقدام الرقص
دموعنا الفرحُ يتناثر حراً
بابتسامة رضيعٍ
بتفتح زهرةٍ
بانبثاقِ قطرةِ ندى من برعمٍ
ينشقُّ ليفردَ تويجات شقائق النعمان أجنحةً
شفاهنا الأغاني تتناثر بكل الألوان
مشعةً على جباهنا النديّة
صدّاحةً تتطاير إلى التي تنظر إلينا مشفقةً
يا حرية... يا حرية...

على طريق الرّدى بعذاباتنا وفرحنا
تمتصّنا المرايا المريرة
نقاوم الهول الذي يتخاطفنا حتى اللحظة الأخيرة
لكنّنا
ما أن نتوقّفَ لننكّس الرايات
إثر موت الصديق مضرّجاً قبل قطْفها
حتى تنزلَ إلينا التي قطفتْ قلوبَنا
بمرايا الألماس
شفافةً حمراء
تنشر أجنحتها ببطءٍ على الآفاق
تخطفُ بها قلوبَ المحاربين
آلهةُ المحاربين
من تملكُ أقدارهم إليها وتبسطُها طريقاً
قبل أن تُطلِقَها نهراً طائراً في الريح
تهبطُ إلينا في اللحظة القاتلة من يأسنا
تحتضنُ الصّديق الصّريع بأجنحة الأمّ
تنظر إلينا بقلب الأمّ
وترتفع
متلألئةً باختيالٍ على ذروة الجبل
أمام الطفل
نجمةً حمراء لعناق الأرض والسماء
ولا تكشف إلى أيّ منهما تنتمي.
16 كانون الأول 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع