الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشة هادئة في مسألة قديمة – جديدة

صلاح بدرالدين

2021 / 12 / 20
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


اعتبر الكاتب الكردي السوري الصديق د – فريد سعدون – على صفحته بالفيسبوك ، أن ( " الكرد اكتشفوا فجأة عام ٢٠١١ انهم خارج الدولة السورية ، ليس لهم ضابط في الجيش ، ولاموظف كبير ، ولارجل اعمال ، او اقتصادي مرموق ، حفاة ، عراة ، بين السماء ، والأرض ، لانهم امتنعوا الانتساب الى حزب البعث الذي كان المدخل الى تبوؤ وظائف الدولة ، بينما غيرهم من ( الاقليات العرقية ) استغلوا هذا المبدأ ، وامتطوه ليصلوا الى مرادهم ،معتبرا ان الحركة السياسية الكردية ذات رؤية قاصرة ، ولم تستطع ان تفهم حركة التاريخ ، وتستشرف المستقبل ، وتؤسس له ، من خلال الدفع باشخاص لارتداء ثياب البعثنة ، وارتقاء سلم المناصب ، وما اثبته الواقع، والاحداث الراهنة انه لوكان للكرد مناصب بالجيش ، والدولة كان وضعهم سيكون مختلفا " ) .
ماردده الكاتب هو تعبير صريح ( من دون رتوش ) عن الموقف الحقيقي غير المعلن بالإعلام ، والممارس على ارض الواقع ، لتيار سياسي كردي سوري من مكوناته أحزاب ، وفئات اجتماعية ، ومثقفون ، وافراد ، والبعض من وجهاء الأرياف ، بمعنى اننا امام نهج فكري – سياسي ضمن الوسط الكردي في مختلف المناطق ، بل داخل الحركة الكردية السورية منذ نشأتها ، وقد شهد هذا التيار مراحل الصعود ، والهبوط ، نتيجة عوامل داخلية ، وخارجية ، وطبيعة موازين القوى السائدة محليا ، ووطنيا ، وإقليميا .
عودة الى البدايات
كأية حركة قومية باحثة عن الهوية ، والحقوق ، ارتكز نضال الحركة القومية الكردية السورية منذ ظهورها في عشرينات القرن الماضي ،على مبدأ حل القضية الكردية سلميا ، استنادا الى مسلمات حق الشعوب في تقرير المصير ، وفي مناخ داخلي يتوفر فيه النظام السياسي الديموقراطي ، المعترف بالتعددية القومية ، وبالكرد وجودا ، وحقوقا ، هذا ليس من حيث المبدأ فحسب ، بل استنادا الى تجارب حية اجتازتها حركة الشعب الكردي التحررية في العراق على وجه الخصوص وفي الأجزاء الأخرى أيضا ، وهناك أمثلة قد لايتسع المجال لايراد تفاصيلها ، وبمعنى آخر فان الدرس الأبرز لكل الوطنيين الكرد ، وفي كل مكان ،هو حتمية توفر النظام الديموقراطي ، لحل قضيتهم القومية ، ولم يعرف التاريخ أبدا أن تم انجاز قضية قومية واحدة بالعالم قديما ، وحديثا ، في ظل الفاشية ، والدكتاتورية ، والاستبداد .
وقد تمحور الخلاف السياسي الأول في صفوف الحركة الكردية السورية ، حول مسألة تقييم طبيعة النظام الحاكم ومن ثم الموقف منه ، والنظرة الى طبيعة الصراع الوطني العام بين الأنظمة الحاكمة من جهة ، وبين القوىى الديموقراطية المعبرة عن أماني وطموحات الشعب السوري في الحرية ، والخلاص من الاستبداد ، والتغيير الديموقراطي ، لذلك لم يكن مستبعدا ان ظهر منذ البدايات تياران فكرييان ، سياسييان ، داخل الحزب الكردي الأول ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا ) ، واحد ينطلق من مسلمة الترابط العضوي ، بين حل القضية الكردية ، وبين الديموقراطية ، والانحياز للمعارضة الوطنية السورية في الاصطفاف ضد النظم الاستبدادية الحاكمة ، وآخر يتمسك بمهادنة – الأنظمة – والمراهنة عليها لحل القضية الكردية .
وفي كونفرانس الخامس من آب ١٩٦٥ تبلورت منطلقات ،ورؤي التيارين في المجال الفكري ، والنظري ، بشكل أوضح ، فبالاضافة الى مسألة الديموقراطية ، ظهر الخلاف العميق أيضا حول تعريف الكرد السوريين ، هل هم شعب ام اقلية ؟ وطبيعة الأهداف ، وحجم المطالب ، وهل الأداة السياسية النضالية يجب ان تتجسد في حزب ثوري ، ام جمعية ؟ وقد عرف حينذاك التيار المتمسك بالديموقراطية ، والعمل الوطني ضد الاستبداد ، والحقوق القومية حسب مبدأ حق تقرير مصير الشعوب ( في اطار سوريا موحدة ) باليسار القومي الديموقراطي ، اما التيار الاخر فعرف باليمين القومي .
مناقشة الكاتب في ماذهب اليه
أولا – في حقيقة الامر ألحق الغبن بالكرد قبل البعث ، فمنذ وضع اول دستور للبلاد في ظل الانتداب ، والدساتير التي تلتها تم تجاهل الكرد كشعب ، وقومية ، وكحقوق بالرغم من ان الكثير من المنتمين الى القومية الكردية ، قادوا حركة الاستقلال ضد المستعمرين مثل يوسف العظمة ، وإبراهيم هنانو ، وكرد دمشق ، وشارك آخرون في المؤتمر السوري الذي أصدر الوثيقة الدستورية الأولى ، وهي خالية من اية إشارة الى الكرد ، وفي فترات لاحقة كان يتواجد قادة ، وزعماء ، وضباط كبار من المنتمين للقومية الكردية مثل ( محمد العابد ، وحسني الزعيم ، ومحسن برازي ، وتوفيق نظام الدين ، ورفيق نظام الدين ، ومحمود قوطرش ، وفوزي سلو وغيرهم ) ولكن لم يفعلوا شيئا لمصلحة الحقوق الكردية .
ثانيا – ومن هي ( الأقليات العرقية ) التي امتطت البعثنة ، ونالت مرادها ؟ هل المقصود بالتركمان ، ام الأرمن ، أم الشركس ، والشيشان ؟ اذا كان المقصود هذه العرقيات وحتى ان توصل بعض منتميها الى رتب عسكرية عالية ، او اغتنوا ماديا ، هل حققوا شيئا لقومياتهم من حقوق سياسية ، وثقافية مثلا معترف بها بالدستور السوري ؟ .
ثالثا – حتى لو أراد البعض من الكرد السوريين ، تولي المواقع المتقدمة العسكرية ، والمدنية ، والانخراط في الاعمال الاقتصادية التجارية ، والزراعية ، والصناعية حتى من دون الاستئذان من الحركة السياسية الكردية والانتماء الى البعث ، الا أن الأبواب كانت مسدودة في وجوههم ، فقد اتخذت الطغمة البعثية الحاكمة منذ انقلابها جملة من القرارات السرية حول الكرد ، تقضي بتحريمهم من الدخول الى الكلية العسكرية ، وأجهزة الامن ( ماعدا المخبرين ) ، اوالانتساب الىى السلك الدبلوماسي ، وكلية التربية .
رابعا – مما يؤسف له تلك النظرة التبسيطية للقضية القومية الكردية ، ووضعها في خانة الأمور العشائرية التي تحل خلافاتها عبر الشخصيات ، والوجاهات ، واغفال ان القضية تتعلق بقضية شعب تعداده الملايين واستحقاقاته السياسية ، والاجتماعية ، والثقافية ، والوجودية ، ولاتنفصل عن القضايا الوطنية المصيرية ، مثل طبيعة النظام السياسي ، والدستور ، والقوانين ، وهي جميعها من جملة التعقيدات المختلف عليها بين الشعب السوري من جهة ، والأنظمة الحاكمة من الجهة الأخرى ، واندلعت من اجل تحقيقها الثورة السورية المغدورة ، التي قدمت ملايين المهجرين ، والنازحين ، والشهداء ، والسجناء ، والمخطوفين .
خامسا – تبوؤ افراد كرد المواقع العليا في الدول المقسمة للكرد لن يساعد في حل القضية الكردية ، بل من الممكن مضاعفة تعقيداتها واستثمار ذلك في خدمة الاندماج ، او اعتبار ذلك كاف لانصاف الكرد ، فهناك وعلى المثال في تركيا وفي ظل حكومة الرذيس اردوغان ، وصل الكرد الى رئاسة الوزراء وفي الوقت الحالي فان كلا من : وزير الخارجية ، ووزير الدفاع ، ورئيس المخابرات من أصول كردية ، كما ان آبرز مليونيرية استانبول وانقرة من أصول كردية .
قد يمكن نقد الحركة السياسية الكردية في العديد من المسائل ، ولكن ليس في هذا الموضوع بالذات ، وبالنهاية علينا مناقشة قضايانا بكل تفاصيلها ، بروح المسؤولية القومية. ، والوطنية ، وعلى قاعدة الحوار الهادئ ، واحترام الآخر المختلف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجة السودانية والسعودية مع اوسا وفهد سال ??????????


.. جديد.. رغدة تتحدث عن علاقتها برضا الوهابي ????




.. الصفدي: لن نكون ساحة للصراع بين إيران وإسرائيل.. لماذا الإصر


.. فرصة أخيرة قبل اجتياح رفح.. إسرائيل تبلغ مصر حول صفقة مع حما




.. لبنان..سباق بين التهدئة والتصعيد ووزير الخارجية الفرنسي يبحث