الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا يجب أن تكرّم اللّغة العربية

ليلى تباّني

2021 / 12 / 20
الادب والفن


إنّ اللغة العربية تمثّل الجزء الأكبرمن هويتنا، فكيف لنا أن نبحث عن هوية أخرى بغير اللّغة العربية ؟ وهل ننال الشرف إن تكلّمنا بغيرها لغير الضّرورة ؟ وكيف لنا أن نوصلها إلى العالمية وننهض بها ؟
إنّ التغيّر الذي طرأ على لباسنا ومأكلنا ونمط حياتنا أثر بطريقة غير مباشرة على عاداتنا وتقاليدنا، ويبدو أن ألسنتنا اتجهت نفس الاتجاه.لذا بات من الضروري أن نبحث عن سبل الحفاظ على هويتنا بتعزيز اللّغة العربية والرّفع من شأنها .
فلغتنا الجميلة سهلة عذبة رقراقة، تصل إلى الأذن فتطربها وإلى العقل فتحركه وإلى القلب فتسرّه، يفهمها المثقف والأمي،كما يدركها المفكر والسياسي،و يفهمها أبناء عامة الناس كما يفهمها أبناء الطبقة المخملية .
فاللغة العربية تواجه في وقتنا الراهن تحديات صعبة لكن هذا لا يعني أنها تتجه إلى الهاوية لأن الله فضّلها عن سائر الألسن لينزّل بها كتابه و حفظها بجعلها لغة القرآن الكريم. ، و نحن نحتاج كعرب أو كناطقين باللّسان العربي أن نقتنع أن اللّغة العربية مهمّة، وأنها لا تخلو من الإمتاع والاقناع في شيء . هي ليست بالمعقدة الصّعبة ،بقدر ماهي بليغة متشعّبة المعاني والمفردات ، فهي توصل ما يقوله القلب وتصل بحروفها إلى أعماق الفؤاد. ولعلّ المحفّز في هذا الأمر يكمن في أسلوب تعلّم اللغة ومدى مواكبتها للعصر .
من بين أوقع وأجمل ما قيل في حق اللغة ، تصريح الأستاذة الفلسطينية " شيخة حسين حليوى" مدرسة اللّغة العربية، ، وضمن فعاليات مؤتمر اللغة العربية المنعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة كانت قد صرّحت مشيدة بدور دول الخليج في الحفاظ على اللّغة العربية : "أقدّر للجزيرة اهتمامها بكل ما له علاقة بهويتنا ولغتنا ووجودنا.......لقد عشقت لغتي منذ "أزهرت براعم الكلام في فمي" وعرفت أنّني سأعمل في مجال تدريس اللغة العربيّة, ولكنني لم أدرك حينها أنّ ذلك سيكون سبباً لأحزان لا أرى لها نهاية, إنّ شبابنا, طلابنا أضاعوا لغتهم الأم ولا يشعرون أنهم فقدوا شيئاً, كلامهم خليط مائع من العربيّة الهزيلة الهجينة ومن العبريّة السوقيّة التي تطالعهم بها الفضائيات العبريّة الساقطة. وأجدني في هذا السّياق أشاطر الأستاذة الرأي ، إذ لا يختلف اثنان في كون لغتنا المزعومة الحالية باتت مزيجا غريبا من الألفاظ العربية والغربية والعامية بداعي التطور والعصرنة ، فبدل من الرضوخ والميوعة والانصهار في الآخر ، كان من الأجدر أن نجد لنا سبلا لتكييف لغتنا الأم بما يتماشى ومستلزمات العصر ، ونذكر في هذا الشأن الباحث الجزائري ابن المدينة ولادة العباقرة "مداوروش" " بشير حليمي"الذي كان أول من أدخل اللغة العربية إلى جهاز الحاسوب ، وبفضله أصبح بإمكاننا الكتابة والقراءة وتصفح جميع محركات البحث باللغة العربية. فبمثل هذا النّموذج تكرّم اللّغة العربية وبمثله ترفع الرؤوس .
لا يمكن التقوقع على أنفسنا والتغنّي بأمجاد الماضي واستعراض عضلاتنا اللّغوية في نسج النصوص والرّوايات ونظم القصائد والدواوين و إثقالها بالديباج والبديع ظنّا منا أن ذلك تكريم للّغة ، فلن يجدي ذلك نفعا وهل سيتغنىّ بنظمنا الغرب في محافلهم الدولية ؟
فإذا عزمنا النهوض باللغة العربية علينا النهوض بفكرنا وعدم تقييد لغتنا بالدين ومن غير المعقول أن تكون العربية حكرا على الدين وحسب ، وهي لغة العلم والفن والحياة .وحتى وإن قرنّاها بالدّين فنذكر قول الله عز وجل في محكم تنزيله في سورة الرحمن " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا ۚ لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ " آية 33. وقد أجمع علماء التفسير على أن السلطان هو العلم والنفوذ ...ونستشف من الآية دور العلم في النهوض باللغة .
فمن أراد منا أن يكرّم اللّغة العربية عليه بالعمل والإبداع والتغيير إلى الأفضل عليه بالقراءة الواعية لكل ما يحيط بنا ويعتقد أنه يواكب العصر ، و يكون الأمر أوقع وأجدى إذا قام بذلك أولو العلم و أولو الأمر والنفوذ ، ليس بإقامة احتفاليات و جوائز إقليمية للإبداع الأدبي والمبارزة النثرية والشعرية . إنما بالمبادرات الفريدة التي من شأنها أن تسمع صوت اللّغة العربية فعلا و إدراك أهميتها ومكانتها في المحافل الدّولية والممارسات العالمية .ولنا في ذلك النموذج الذي نفخر به ونعتز لو قلنا يوما أنه كرّم اللغة العربية إذ وجد لها مكانا وزمنا مناسبين لتتويجها . نكون بذلك قد أشدنا بجهود الأمير تميم بن حمد آل ثاني حاكم دولة قطر في الإعلاء من شأن اللغة العربية حيث أصدر قانونا ، متضمّنا جملة من العقوبات بحق كل من يخالفه.ويشدّد القانون على جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية ضرورة حماية ودعم اللغة العربية في كل الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها .....
كما سعى بالأمس القريب إلى اعتمادها لغة رسمية في المحافل الدولية التي تقام داخل الدولة وحتى ضمن فعاليات الرياضة التي يشرف الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وهي أكثر الرياضات شعبية وتأثيرا ، وكانت أول المبادرات الحاسمة،جعل رئيس الاتحاد الدولي "إنفانتينو" يلقي كلمة الافتتاح للبطولة باللّغة العربية .
وقال بيان صادر عن فيفا : " السبت يوافق الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية وختام منافسات كأس العرب قطر 2021 التي تقام للمرة الأولى تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) وتقديرا لأهمية اللغة العربية، التي يتحدث بها أكثر من 450 مليون شخص في أكثر من 20 دولة ناطقة باللغة العربية، إضافة إلى ملايين العرب في أنحاء العالم، سيقدم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم اقتراحا بأن تصبح اللغة العربية لغة رسمية في الفيفا ".
لعلّ ما نسعى إلى إيصاله لذوي الأمر والتغيير قد لخّصه الأمير تميم في الأفعال والقرارات واختزل من القول ماهو قابل للتنفيذ ... هكذا يمكن أن تكرّم اللّغة العربية باستقطاب فئات الشباب من مختلف مناحي العالم و اختيار الوقت والمكان المناسبين والأشخاص المؤثرين لتتويجها .
بقلم الأستاذة : ليلى تباني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا


.. الفنان أيمن عزب : مشكلتنا مع دخلات مهنة الصحافة ونحارب مجه




.. المخرج المغربي جواد غالب يحارب التطرف في فيلمه- أمل - • فران


.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال




.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة