الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تكتمل حرية الوطن إلا بضمان الحقوق الإنسانية لمواطنيه

بسام العيسمي

2006 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


(إننا اليوم ننحاول تحرير الهند وهوعمل مجيد. ولكن اللأمجد منه خدمة الإنسانية ذاتها لأننا نشعر إن جهادنا جزء من جهاد الإنسان الأكبر لوضع حد للظلم والشقاء )
هذا ما ورد في رسالة القائد الهندي نهروإلى ابنته المؤرخة في 5-1-1931 بكتاب لمحات من تاريخ العالم.
من المؤكد إن ضمان الحقوق المدنية والسياسية والطبيعية للأشخاص ترتبط إرتباطاً وثيقاًَ بصيانة وحماية الوطن . فالشعب الحر المطمئن على حقوقه ,والمتمتع بكرامته هو السلاح الأمضى لبناء الوطن , والحفاظ عليه وتأمين منعته وتقدمه .
لا يمكن إطلاقاً أن يوجد مايُبرر قهر الإنسان وتغييب حقوقه وإذلاله ولو كان ذلك إدّعاء لتحقيق غاية يضن البعض إنها مصلحة جماعية.
أذ لا يمكن أن تتصور بناء مجتمع حراً كريماً, و قوياً منيعاً تكون اللبة الأساسية فيه وهي الإنسان معرضه للقهر والإذلال والاستلاب .فلا بد وإن تكون بهذه الحالة بنية غير سليمة لا يمكن البناء عليها , ولايكون المُكوّن منها سليماً ومعافى .
إن سيادة القانون والحفاظ على الحقوق الأساسية للمواطنين , واحترام الآدمية للبشر أمر لابد منه للحفاظ على قوة الوطن وتماسكه .
إن تغييب الحقوق الأساسية للمواطنين من خلال وسائل الكبت والمصادرة والقمع وإبعادهاعن الشأن العام , ومنعها من فرض رقابتها المشروعة على حكوماتها وسياساتها ومؤسساتها وأجهزتها هو سبب إنتشار الفساد والمحسوبية والإنتهازية التي لا تعكس إلا أزمات حادة وخانقة تعصف بالأوطان , وتتسرب في خلاياها كأنتشارالسرطان في الجسم الحي بما يفقدها منعتها وقدرتها على التطور والنمو والإزدهار.
فتوفر الحماية والكرامة والأمن والمساواة وحرية التعبير وابداء الرأي للأشخاص بضمانات قانونية ودستورية لا تُلغيها أو تحّد منها القوانيين الاستثنائية والممارسات الاجرائية بما يكفل للأفراد التعبير عن ذاتهم رأياً وعقيدة دون خوف من ملاحقة أو سجن أو نفي أو مطاردة . هو الأساس للشعور بالطمأنينة فالانسان المطمئن على حقوقه والذي يشعر بكرامتة يصنع المعجزات .
ليس هناك أسهل من صياغة الأفكار ووضع البرامج والنصوص البراقة والكلام الطنان.فلم نسمع عبر التاريخ أو نقرأعلى امتداد المعمورة خطاب سياسي لنظام حكم أو برنامج حكومة أو دستور دولة . الا ويتكلم بأسم الشعب والحفاظ على حقوقه وصيانة كرامته وتحقيق مصالحه وتأمين رفعته والعيش الكريم والرغيد لافراده ,كلاماً لا أجمل ولا أحلى . ان كل هذه البرامج والسياسات تبقى كلاماًفقط يولد ميتاً في أغلب بلدان العالم, لانها لا تعيشس في ضمير الشعب ووجدانه .بل الذي يجري غالباً عكس ذلك فبأسم الدفاع عن الحقوق يجري العسف بها, وبأسم الحفاظ على الحريات يجري خنقها وتلافي العنت والاهمال والانتهاك .
الحفاظ على المواطن وتأمين الكرامة والحقوق للشعوب لا يكون بالكلام الطنان والشعارات البراقة وبأستخدام أفضل التنميقات الكلامية من بعض اللذين اعتادوا التلميع و التطبيل و التزمير . و إنما بالعمل فعلاً وسلوكاًُ وممارسةً للحفاض على الإنسان و تعزيز حقوقه الشخصية و الإنسانية و تمكينه من التمتع بالحريات الأساسية و تعزيز الحرية الفردية في الحركة و الأنتقال و صيانة الكرامة و حمايته من التعدي و التعسف و العنف الذي يمارس عليه لتفجير طاقاته الكامنة نحو حياة أفضل من خلال الحماية التشريعية المترافقة مع الحماية القضائية و المستمدة من الحماية الدستورية و المعززة بسيادة القانون و استقلال القضاء
وفي ظل مناخ لاوجود فيه للقوانين الاستثنائية المقيدة للحقوق والحريات المدنية والسياسية ليكون مشاركاً حقيقياً في كل سياسات وتوجهات وطنه.
عندها يشعر المواطنون بالمواطنة الحقّة والكريمة التي تنعكس على الوطن تماسكاوقوة, وتضع الجميع أفراداً وجماعات وقوى اجتماعية وسياسية وأهلية على قدم المساواة في المشاركة بتقرير مصير البلاد, ويصبح دور الدولة هو الحاضن والمساحة التوافقية لتوحيد الإرادة الجماعية لكل فعاليات المجتمع وقواه المختلفة عبر الآليات والحوامل الديمقراطية التي تؤمن تصارع المصالح السلمي, وتلاقح الرؤى والتصوّرات المختلفة , لتتفاعل مع بعضها لانتاج ما يُسمّى بالتوجّهات العامة ,أو المصلحة العمومية للمجتمع , الذي يتوافق عليها الجميع ,جميع أبناء الوطن .
فالقوة والتماسك الداخلي ,أو اللُحمة الداخلية لأي مجتمع لا تكون من خلال التماثل الأصم بين جميع أبنائه .
وإنّما القوّة والتماسك والمنعة تأتي من خلال التنّوع الثري والخصب لمسائل الثقافة والفكر والسياسة فيه,والتي تتوضّع على مساحة وقواعد وآليات ممارسة الديمقراطية ,ويكون للدولة هنا دور الحاضن والضامن لهذا التفاعل السلمي ,للوصول إلى رؤية جمعية تعبّر عن إختيارات بشرية واعية لشرائح المجتمع كافة , والتي تعبّر فيها عن مصالحها وحقوقها ورؤيتها وتصوراتها لما فيه خير المواطن والوطن .
إنّ ممارسة المجتمع لحقوقه المدنية والساسية بكافة فئاته وتياراته وأحزابه وجمعياته الأهلية وأفراده يقوّي اللُحمة الداخلية فيه, ويشعر الفرد بأنه مشاركاً حقيقياً في مصير بلده,مما يقوّي شعوره بالمسؤولية الفردية والجماعية , ويحفّزه على النشاط والإبداع من خلال إسهامه الإيجابي في الشأن العام .
أمّاالمنع والتضييق على حرية الأفراد وإقصائهم عن دورهم المفترض والحؤول دون قدرتهم في الإسهام بإدارة وتسيير شؤنهم والمشاركة السياسية مع الحكومة في صنع القرار يدفعهم إلى الإبتعاد عن الشأن العام ,وتتعزز لدى الكثير منهم الميول الإنتهازية وتتوسّع جوقة المدّاحين والنوّاحين مما يصاب المجتمع بالوهن والضعف.
فالقوة لا تكون إلّا بترسيخ الديمقراطية ,واحترام الحقوق الشخصية والمدنية والساسية للأفراد وعلى قدم المساواة للجميع عبر بوابة المواطنة التي تُرتب الحقوق والواجبات المتساوية لكل أبناء المجتمع.
لا وطن حر إلا بمواطنين أحرار وكرماء. فقوة الوطن تقاس بمدى حريّة أبناءه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد