الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساهمة روزا لوكسمبورج في الاقتصاد السياسي الماركسي (كتاب تراكم رأس المال)

عبدالرحمن مصطفى

2021 / 12 / 22
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


التناقض الرئيسي في النظام الرأسمالي هو التناقض بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية ،إحدى تجليات هذا التناقض تظهر في مشكلة فائض الإنتاج وبالتوازي مع استغلال أكبر للطبقة العاملة ،فالنظام الرأسمالي هو نظام تراكمي بطبعه أي لايفتأ الرأسمالي عن استثمار فوائضه انتاجياً لتدر عليه فوائض أخرى ،عملت روزا لوكسمبورج على مشكلة فائض الإنتاج هذه ،التي هي ليست شيء عارض في النظام الرأسمالي بل هي من صميمه طالما أن الرأسمالي ينتج من أجل الإنتاج بذاته منظوراً اليه كشيء مجرد وبمعزل عن الحاجات الانسانية .

أثنت روزا لوكسمبورج على نماذج ماركس فيما يتعلق بإعادة الإنتاج الموسع (المجلد الثاني من كتاب رأس المال) ،لكنها رأت أن نموذج اعادة الانتاج الموسع يتناقض مع نظرية كارل ماركس في انخفاض معدل الأرباح التي تستفحل أكثر مع طغيان العمل الميت الممثل بوسائل الانتاج على العمل الحي وهذا توجه دائم في الرأسمالية كما حلل ذلك ماركس في كتاب رأس المال ،وروزا لوكسمبورج مناضلة شيوعية انتسبت للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني مع كارل كاوتسكي والذي اختلفت معه فيما بعد بشأن موقفه من الثورة البلشفية وموقفه من الثورات في ألمانيا ودول أوروبا الوسطى واختلفت مع لينين أيضا فيما يتعلق بالمعاهدة التي أبرمها مع دول المحور (برست ليتوفسك) والتي بموجبها قبل بإنفصال العديد من الدول في شرق وشمال أوروبا وبأحقية هذه الشعوب في تقرير مصيرها ومن اللافت أن الرئيس الروسي بوتين اعتبر لينين خائناً وفوضوياً لأنه أبرم هذه المعاهدة فيما أثني بوتين على ستالين والذي يعتبره كرجل دولة حول روسي من دولة متخلفة الى دولة متقدمة استطاعت أن تنافس الدول الغربية المتقدمة ورفضت لوكسمبورج أيضا حل الجمعية التأسيسية واعطاء كل السلطة للسوفيتات وكذلك شيوعية الحرب ،لكنها رأت أن هذه القرارات تم اتخاذها في ظل ظروف عصيبة مرت بها روسيا من أبرزها الهجوم الامبريالي السافر للدول الغربية التي شكلت تحالفا من 14 دولة لهزيمة الثورة وبالتعاون مع جنرالات دمويين ككولتشاك ودينيكين ،اغتيلت روزا لوكسمبرج على يد الجيش الألماني في عام 1919 مع كارل ليبكنخت بالتوازي مع إخماد الثورات الشيوعية في المانيا والنمسا ،وكتبت روزا لوكسمبرج العديد من الكتب ،الكتابان الأهم هما "الاشتراكية أو البربرية" و"تراكم رأس المال" ولم يتم ترجمة معظم كتبها الى اللغة العربية بما فيها هذين الكتابين.

إعادة الانتاج لا يتعلق بالنظام الرأسمالي فقط ،بل بجميع الأنظمة الاقتصادية -الاجتماعية في التاريخ البشري ،لكن ما يميز الرأسمالية أنها نظام توسعي تراكمي اي الإنتاج يتراكم ويزداد من فترة الى أخرى ،في الأنظمة السابقة كانت الفوائض تستهلك لرفاه الطبقات العليا ،أو بمشاريع خدمية بدرجة أقل (أماكن للترفيه أو معابد ومدارس وجامعات الخ) لكن في الرأسمالية ،تستثمر الطبقات العليا فوائض الإنتاج لتحقق فوائض أكبر ،وبطبيعة الحال الاستثمار في هذه الحالة ينبغي أن يكون صناعيا أو زراعيا ،البعض يطرح فكرة أن القطاعات الخدمية هي انتاجية بدورها ،وبالفعل تحسب عادة هذه القطاعات في الناتج المحلي بما تضيفه (القيمة المضافة) ،لكن القطاعات الخدمية لاتنتج الفائض إنما تستهلكه والدخل عموما ،بمعنى أن القطاعات الخدمية تُحصل مداخيلها من الطبقات المرتبطة مباشرة بالإنتاج ،والرأسمالي الخدمي يستطيع أن يتوسع في انتاج خدماته ،لكن لو نظرنا الى النظام الرأسمالي ككل ،لايتحقق التوسع الا انتاجيا صناعيا أو زراعيا ،ولايعني هذا أبداً الفكرة الساذجة بأن الخدمات غير نافعة ،بل على العكس تماماً هذا التمييز مهم للفصل بين الإنتاج المادي والإنتاج الغير مادي (لو صح تسمية الخدمات بإنتاج) أما الناحية النفعية فهي قصة أخرى ،فالخدمات منها المفيد بل الأساسي في حياة الإنسان ومنها الغير مفيد طبعاً ـتماما كما ينطبق ذلك على الانتاج المادي أيضاًً.

الفائض الإنتاجي لايعادل فائض القيمة (كما بحثها ماركس) ،لأن فائض القيمة مفهوم أعم ،ففائض القيمة (الربح والريع والفائدة والضرائب على الطبقة الرأسمالية الخ..) قد تستهلك تماماً في السوق على شكل سلع ،لكن الفائض الإنتاجي هو ما يزيد فيه الإنتاج عن الاستهلاك ،هذه الإشكالية تم بحثها أيضا من الاقتصاديان الماركسيان باران وسويزي ،وتوصلا الى أن فائض القيمة قد لايستثمر انتاجيا بل يمكن أن يستثمر في قطاع الخدمات المدنية أو العسكرية الخدمات المفيدة أو الخدمات الطفيلية الخ..وهذا ما يؤدي الى ضغط أكبر على السلع والمنتجات وبالتالي ظهور مشكلة التضخم ،وهذا الشيء مثبت تاريخياً فالتضخم بالكاد كان يتجاوز الصفر في القرن التاسع عشر ،لكن مع القرن العشرين ارتفعت الأسعار أكثر بالتوازي مع التوسع في قطاع الخدمات .

قسم ماركس القطاعات الإنتاجية الى قطاع انتاج وسائل الاستهلاك(طعام وملابس وأدوات منزلية وسيارات الخ...) وقطاع انتاج وسائل الانتاج (مواد أولية و آلات إنتاج الخ..) ،وافترض أن قطاع وسائل الانتاج أكبر من قطاع السلع الاستهلاكية ،بحيث أن المبادلة بين القطاعين لا تستهلك كامل فائض القيمة في قطاع وسائل الانتاج ،وبالتالي يتم استثمار هذا الفائض انتاجياً في هذا القطاع بدلأً من أن ينفق كامل الفائض على الاستهلاك ،قد يقول البعض أن الرأسمالية تستطيع أن تتفادى مشكلة فائض الانتاج بالتوازي مع النمو السكاني ،لكن لوكسمبورج ترفض هذه الفكرة ،لأن الرأسمالية نظام غير مخطط ،بمعنى أن الرأسمالي ينتج مايشاء وبغض النظر عن متطلبات الناس وبما يتوازن مع حاجاتهم ،

أيضا ترفض لوكسمبرج فكرة أن الفائض يمكن أن يستهلك من الطبقات الأخرى الغير رأسمالية أو عمالية (الكهنة (رجال الدين) وأساتذة الجامعات الخ..) لأن هذه الطبقات تعيش على فائض الإنتاج (أي دخل الرأسمالي) ،وبذا فهي متضمنة في المشكلة وليست خارجها ،يمعنى أن مداخيلها يتم تحصيلها من الرأسمالي فهي جزء من المشكلة .

النموذج الغير توازني والذي يترافق مع التراكم في النظام الرأسمالي لايمكن أن يحل داخلياً بمعنى أن القطاعات (انتاج سلع الاستهلاك وانتاج وسائل الانتاج) يمكن أن تتبادل كامل منتجاتها وفوائضها ،لأن قطاع السلع الاستهلاكية لايتحكم بالقطاع الآخر (وهذا يفترض في ظل نظام مخطط) بمعنى أن النظام المخطط يربط بين حاجات الناس ومعدلات النمو السكاني والنظام الانتاجي ككل ،لكن في الرأسمالية كل قطاع يعمل بمعزل عن القطاع الآخر وبالتالي يختل التوازن بين هذه القطاعات وينجم عن هذا مشكلة فائض الانتاج ،وأيضا التاريخ دلل على هذا بمعنى أن الرأسمالية شهدت أزمات فائض انتاج في القرن التاسع عشر والقرن العشرين أبرزها أزمة الكساد العالمي 1929 ..

اعتبرت روزا لوكسمبورج أن نموذج ماركس فيما يتعلق بإعادة الانتاج الموسع كنموذج استاتيكي ثابت ومجرد ولا يعكس النظام الرأسمالي التاريخي أو الواقعي ،ففي نموذج ماركس (ولا أريد أن أستعرضه هنا وقد كتبت نموذج مثيل له في مقال سابق لي ويمكن الاطلاع عليه في المجلد الثاني من كتاب رأس المال (الجزء الأخير من المجلد)) يزداد فائض القيمة بالتوازي مع ارتفاع الأجور ،وعارضت لوكسمبورج هذا فالأجور يفترض أن يطالها الركود لسبيين (وتم طرحهما من ماركس شخصيا في رأس المال) وهما ارتفاع البطالة مع استخدام الآلات وتوسيع نطاق الأتمتة ،أيضا ارتفاع نسبة فائض القيمة بالمقارنة مع الأجور ،لهذا مع توسع النظام الرأسمالي يفترض أن تنخفض الأجور أو على الأقل تبقى ثابتة ..

وفي مقدمة الكتاب المذكور لروزا لوكسمبورج والذي كتبته جوان روبنسون (الاقتصادية البريطانية التي تتبع مدرسة كامبريدج والتي استفادت من كينز والاقتصادي السياسي الكلاسيكي الى جانب ماركس طبعا) اعترضت روبنسون على فرضية لوكسمبورج (ركود الأجور) فالتاريخ أثبت عكس ذلك من وجهة نظرها ،لكن بطبيعة الحال لوكسمبورج افترضت أن تلافي هذه المشكلة يكمن في اعتماد الرأسمالية على الأنظمة الانتاجية -الاجتماعية القديمة (النظم المشاعية في الصين والهند وافريقيا والاقطاع في الشرق الأوسط وشمال افريقيا الخ..)


وقبل الوصول الى هذا الحل استعرضت لوكسمبورج مختلف الإجابات التي قدمها الاقتصاديون الكلاسيكيون والاشتراكيين الفرنسيين والشعبويين والماركسيين الروس ،وهذه الإجابات تمحورت إما بعدم طرح امكانية التراكم في النظام الرأسمالي وأنها ظاهرة عرضية وأن الأزمات شيء عارض على الرأسمالية (وليست دورية) أو نادرة الحدوث حتى وهذه فكرة الفيزوقراط وسسموندي الاشتراكي الفرنسي ،أو بإمكانية تحقق التراكم لكن الأزمات نادرة الحدوث وليست دورية وهي نتيجة عدم استقرار توزيع المداخيل بين الطبقات ،وهذه فكرة رود برتوس الذي قيل أنه اكتشف فائض القيمة قبل كارل ماركس وكذلك اعادة الانتاج التراكمي ،أو الإدعاء بأن الرأسمالية نظام توازني يتوازن فيه الانتاج مع الاستهلاك دورياً دون أزمات هذه الفكرة تم تبنيها من الاقتصاديين الكلاسيكيين واعتبرت لوكسمبورج أيضا أن الماركسيين الروس من ضمن هذه الفئة أيضا لأنهم اعتبروا أن النظام الرأسمالي يمكن أن يحقق اكتفاءاً ذاتيا في داخل المجتمع الرأسمالي نفسه ودون أي حاجة للاعتماد على المجتمعات المتأخرة الغير رأسمالية مع ايمانهم بنظرية التراكم، الماركسيين الروس هم بيوتر ستروف وتوغان بارانوفسكي وهؤلاء اعتقدوا أن الرأسمالية ممكن أن توجد في روسيا بنفس مستواها في الدول الغربية واعتبرت لوكسمبورج أن تبني هؤلاء الماركسيين للنظرة التوازنية للرأسمالية هو العامل الأبرز في موقفهم من ثورة من 1905 حيث لم يشاركوا فيها ،الشعبويين الروس الذين اعتبروا أن الرأسمالية مستحيلة في روسيا لأن الصناعة الروسية لاتستطيع أن تنافس الصناعة الغربية ،والرأسمالية نظام غير توازني لذلك تضطر للاعتماد على التجارة الخارجية ،

لوكسمبورج اعتبرت أن هذه المساهمات لم تنفذ الى الاشكالية الرئيسية وبأخذها الى مداها الأخير (وكانت أقرب لموقف الشعبويين الروس) ،فالرأسمالية نظام غير توازني وبأخذ نظرية ماركس في انخفاض معدل الأرباح (في المجلد الثالث) وحتى يحقق النظام الرأسمالي فاوائضه ينبغي أن تُستعمر الدول الأخرى المتخلفة التي تسيطر فيها الأنظمة الإقطاعية أو المشاعية وتحويل انتاج هذه الدول الى انتاج سلعي حصراً أو أن تكون هذه الصفة هي الغالبة ،واستعرضت لوكسمبورج مختلف التجارب في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ،كأمريكا الجنوبية مثلا التي كانت تصدر المواد الأولية للدول الغربية (وبأسعار أقل من قيمتها بكثير) لكنها أيضا كانت تستورد السلع الغربية (بأموال القروض الغربية بالدرجة الأولى) أو في الهند حيث أغرقت المنتجات الغربية الأسواق الهندية مما أدى الى القضاء على الانتاج الفلاحي البسيط وبالنتيجة موت الملايين من الناس جوعاً! أو في مصر وبالتوازي مع تجربة محمد علي ومحمد سعيد باشا والخديوي اسماعيل وتحويلهم للاقتصاد الفلاحي المصري الى اقتصاد رأسمالي بالتدريج وفتحه للخارج ) فتم تبني زراعة القطن في عهد اسماعيل باشا والذي حفرت قناة السويس في عهده مع موت عشرات الالاف من الفلاحين البسطاء في أعمال الحفر (والتي كانت تتم بالسوط والكرباج) ،زراعة القطن فشلت في مصر في فترة محمد سعيد باشا مع استعادة أمريكا لعافيتها بعد الحرب الأهلية وعودة تجارة القطن بالنتيجة ،وزراعة السكر في عهد الخديوي اسماعيل والتي لم تستمر أيضا ،

لوكسمبورج اعتبرت أن هذه التجارب أمثلة على الانتقال التدريجي لهذه المجتمعات من مجتمعات اقطاعية أو مشاعية متخلفة الى مجتمعات رأسمالية ،لكن الفرضية الأبرز التي تبنتها لوكسمبورج من هذا تتمحور حول الانهيار الحتمي للرأسمالية بفعل انتقال جميع المجتمعات الى النظام الرأسمالي وأن مشكلة فائض الانتاج لن تكون محصورة قطرياً (لدولة رأسمالية معينة) بل ستصبح مشكلة عالمية وبالتالي لن تحقق دولة فوائضها على حساب دولة أخرى بل جميع دول العالم سنتنج الفائض وسيختل النظام وتنهار الرأسمالية كنتيجة لذلك .وهذه الفرضية تتشابه بعض الشيء مع تنبؤات كاوتسكي بأن الرأسمالية ستتحول الى نظام عولمي كامل وبالنتيجة سيكون اسقاطها عالميا مع توحد الطبقات العاملة في الدول المختلفة .

إن نظرية لوكسمبورج هذه تغفل حقيقة أن النظام الرأسمالي هو نظام استقطابي ،بمعنى حتى لو انتقلت الكثير من الدول الى النظام الرأسمالي فهي لن تصبح مراكز تنافس المراكز القديمة ،قد يحدث خرق لهذه القاعدة هنا وهناك لكن الاستثناء يثبت القاعدة ،كمثال اليابان التي كانت حتى أواخر القرن التاسع عشر دولة اقطاعية متخلفة استطاعت مع بداية القرن العشرين أن تنافس الدول المتقدمة وقد يعود ذلك وبصورة كبيرة لعدم استعمار اليابان واستعمارها هي للدول الأخرى وبذلك استطاعت أن تتطور رأسماليا دون استنزاف اقتصادها كما حدث لدول كثيرة أخرى في الجنوب ،قد يقال أن كوريا الجنوبية ودول جنوب شرق آسيا هي خرق لهذه القاعدة ،لكن هذا ليس صحيحاً بصورة كبيرة لأن هذه الدول لازالت تستورد التقنيات الغربية الحديثة أولا وثانيا في كوريا الجنوبية لم تنهض بالرأسمالية كما يتوهم الواهمون من ماركسيين ورأسماليين ،بل على العكس كانت النهضة في فعهد الديكتاتور بارك شونغ هي الذي جاء بإنقلاب عسكري عام 1962 ومع وصوله للحكم قام بتأميم البنوك والصناعات الاستراتيجية وفرض سطوة الدولة على الاقتصاد وبالاستفادة من الحماية الأمريكية وتجنب طغيان العسكرة على الميزانية كنتيجة لهذه الحماية ،مع الموقع الجيوستراتيجي الذي حول كوريا الجنوبية الى دولة متقدمة نوعا ما ،مع الانفتاح في الثمانينيات والذي تم بمباركة البنك الدولي انهارت اقتصادات هذه الدول في أزمة النمور الآسيوية 1997 بعد تخليها عن ضبط أسواقها المالية وكنتيجة لذلك رفضت الكثير من هذه الدول املاءات البنك الدولي فيما بعد كماليزيا وتايلند ..فيما غرقت أخرى في مستنقع الديون والفقر بصورة أكبر كأندونيسيا

الصين حالة خاصة وهي بطبيعة الحال لاتزال أقل من ناحية تطور المستوى التكنولوجي أو متوسط دخل الفرد من دول الثالوث والتي تعتبر كدول المركز عادة وهي أمريكا وأوروبا الغربية واليابان ،في الصين الدولة تنظم الاقتصاد وتخططه والاقتصاد الزراعي فيها هو اقتصاد اكتفاء ذاتي بالدرجة الأولى ،فالأرض مملوكة للدولة وهناك حيازات فلاحية صغيرة عليها وليس الانتاج الرأسمالي (الكبير) ..بقية الدول لاتزال تابعة وتعتمد على الغرب من ناحية استيراد منتجات الصناعات الثقيلة أو بديونها المثقلة كالهند والبرازيل ودول أمريكا الجنوبية وافريقيا والشرق الأوسط و أيضا دول النمور الآسيوية التي هي أقل تقدما من دول الثالوث ..

ماذا يعني هذا؟ ببساطة أن الرأسمالية نظام استغلالي استقطابي وأن للحد من مشكلة انخفاض معدل الأرباح تلجأ رأسمالية المراكز الى استغلال شعوب دول الجنوب (مع أجور أقل) من ناحية ومن ناحية أخرى تحصيل مواد أولية بأسعار أرخص وهذا ما تفعله دول الشمال في استغلالها لدول العالم الثالث ،وعلى عموم ماركس افترض هذه الأمكانيات في كتاب رأس المال المجلد الثالث ككوابح لانخفاض معدل الأرباح ..

والفارق بين دول الشمال والجنوب هو حقيقة اليوم يمكن مثلا مطالعة هذا التقرير ،لجاسون هايكل وفيه أن متوسط دخل الفرد بين دول الشمال والجنوب كان 33 مرة لصالح الأولى عام 1960 في عام 2000 أصبح الفارق 134 مرة لصالح دول الشمال أو بمقارنة أمريكا مع كثير من مناطق عالم الجنوب :

ce 1960 the gap for Latin America has grown by 306%, the gap for sub-Saharan Africa has grown by 307%, and the gap for South Asia has grown by 296%. In other words, the global inequality gap has roughly tripled in size”. The gap has indeed tripled, but the percentages should read 206%, 207% and 196%.

https://www.theguardian.com/global-development-professionals-network/2016/apr/08/global-inequality-may-be-much-worse-than-we-think
هذا أولا ...ثانيا ليس بالضرورة أن تصدر السلع الفائضة الى الدول الأخرى ،بل يمكن أن تقتطع الحكومات في الدول الرأسمالية المتقدمة جزءاً من فائض القيمة من الرأسماليين وتستخدم هذه كخدمات أو حتى كمشاريع انتاجية (لكن الانتاج يفاقم المشكلة هنا) استثمارها خدمياً في مدارس وجامعات ومستشفيات وبالتالي يزداد الضغط على السلع فترتفع أسعارها ،أو الإنفاق العسكري أو أن الرأسماليين يتوسعون في تقسيم فوائضهم مع خدمات طفيلية كالإعلان والتسويق الخ ..وكل هذا يرفع أسعار السلع وبالتوازي مع توسع القطاع المالي أيضا ،وهذه نظرية باران وسويزي في كتابهما رأس المال الاحتكاري ..وبالتالي ليس بالضرورة أن تصدر السلع الفائضة الى الدول الأخرى كما افترضت لوكسمبورج ..

هذا استعراض للمساهمة التي قدمتها روزا لوكسمبورج في الاقتصاد السياسي الماركسي من خلال كتابها تراكم رأس المال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. الجزيرة ترصد مطالب متظاهرين مؤيدين لفلسطين في العاصمة البريط


.. آلاف المتظاهرين في مدريد يطالبون رئيس الوزراء الإسباني بمواص




.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل