الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الصهيوني والجريمة، داخل المجتمع العربي الفلسطيني في داخل إسرائيل

زهير الصباغ

2021 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة
يشكل هذا المقال البحثي التالي محاولة لاستكشاف وتحليل الأسباب والدوافع التي تقف وراء ظاهرة العنف والجريمة داخل المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل. وسيتناول عددا من العوامل المتصلة بهذه الظاهرة، لا سيما تصاعد العنف وإطلاق النار على المصارف الإسرائيلية، واختراق الجماعات الإجرامية للمجالس المحلية وأدوار كل من: الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي الشاباك.
يتألف المجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل من المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل، الذين تم ابقائهم داخل حدود منطقة السيطرة العسكرية الصهيونية بعد انتهاء حملة التطهير العرقي الصهيوني في الفترة 1948-1949. واصبح يُعرف هؤلاء في العالم العربي باسم "عرب 1948"، كما ويطلق عليهم كل من المسؤولون الإسرائيليون ووسائل الإعلام الإسرائيلية اسم "عرب إسرائيل". ويشكل هؤلاء 1,890,000 مواطن، يمثلون 21٪ من سكان إسرائيل. ويشمل هذا الرقم 000,209 عربي فلسطيني من سكان القدس الشرقية، والتي تشكل جزءا من الضفة الغربية المستعمَرة. لذلك، فان العدد الفعلي للمجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل هو فقط 1,681,000.) (As quoted by Wikipedia, Israel s Independence Day 2019 (PDF) (Report). Israel Central Bureau of Statistics. 6 May 2019. Retrieved 7 May 2019 and "Selected Statistics on Jerusalem Day 2007 (Hebrew)". Israel Central Bureau of Statistics. 14 May 2007. Archived from the original on 28 November 2007. Retrieved 8 October 2009

وفيما يلي تقييم لحالة الجريمة والعنف والقتل التي تورط فيها جزء من المجتمع العربي الفلسطيني في السنوات العشر الماضية. وسيتضمن تحليلا اجتماعيا وسياسيا قد يساعدنا على فهم هذا الواقع المركب. ويستند تحليلي أيضا على رصدي المتواصل للأحداث والتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي مر فيها هذا المجتمع في العقد الماضي.
وفي البداية، سأستشهد ببعض الإحصاءات المصممة لمساعدتنا على إدراك حجم العنف والجريمة والقتل الذي وقع في الماضي ولا يزال يلحق الضرر بالمجتمع العربي الفلسطيني.
1. حجم الجريمة العربية الفلسطينية داخل المجتمع العربي الفلسطيني
وفقا للإحصائيات التي قدمها الصحفي العربي الفلسطيني محمد وتد، فإن جرائم قتل العرب الفلسطينيين في عام 2021، وقعت في39(Watad, Mohammed, "Um al-Fahim: “Lawyer Ghanem Jabarin dies of a shooting," (in Hebrew), https://www.arab48.com, 11-10-2021 ) مدينة وبلدة وقرية من أصل 75(Araf، Suha،"How Arab local authorities became a gold mine for criminal organizations"، (in Hebrew), https://www.mekomit.co.il 14-1-2020). وكانت هذه أكبر المناطق من ناحية الكثافة السكانية داخل المجتمع العربي الفلسطيني.

وجاءت معظم الأسلحة المستخدمة في الجريمة، في داخل المجتمع العربي الفلسطيني، من مخزون الجيش الصهيوني. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي الأسلحة المسروقة من الجيش الصهيوني في مارس 2021 وصل إلى ما قيمته 15 مليون دولار أمريكي.( Majadleh, Mahmoud, "Lao rockets, mines and machine guns: report reveals the scale of arms thefts from the Israeli army", (in Arabic), https://www.arab48.com,5-10-2021)

ووفقا للإحصاءات التي أوردتها الكاتبة العربية الفلسطينية سهى عراف فان معدل جرائم القتل في سنوات مختارة في المجتمع العربي الفلسطيني جاء كما يلي:

الشكل (1)
معدلات الجريمة في المجتمع العربي الفلسطيني داخل اسرائيل(Araf, Suha, “How organized crime took over Israel’s Palestinian communities”, (in English), https://www.972mag.com, 20-1-2020)
الموقع مجمل السكان السنة جريمة قتل
عرب 1948 1،7 مليون 2014 72
عرب 1948 1،7 مليون 2015 68
عرب 1948 1،7 مليون 2016 59
عرب 1948 1،7 مليون 2017 77
عرب 1948 1،7 مليون 2018 81
عرب 1948 1،7 مليون 2019 93

ووفقا للإحصاءات التي قدمها رئيس اللجنة العربية العليا للمتابعة، محمد بركة، كانت حالات القتل في فترتين على النحو التالي: في الفترة 1980-2000، حدثت 81 جريمة قتل، بينما في الفترة الثانية 2000-2021، تضاعف حجم الجريمة ليصل الى 1485 جريمة قتل اي 18،3 ضعفا.( Savir, Aryeh, and Yedid, Baruch, Tazpit News Agency, https://www.jewishpress.com, 5-10-2021).

وعلاوة على ذلك، فإن العدد الإجمالي لجرائم العنف التي وقعت في عام 2020 وصل الى "... حوالي 20,000 حالة، وتشمل ما يقارب من 17،000 حالة تم فيها استخدام الذخيرة الحية ... اما الباقي فتكونت من عمليات طعن واستخدام المتفجرات."( Rubinstein, Roy, "Netanyahu in the discussion of crime in Arab society: "In joint forces we can eradicate it", https://www.ynet.co.il, 9-11-2020)

2. العنف العامودي والأفقي

وفقا لتحليل فرانتز فانون(يعتبر فرانتز فانون مواطنا من منطقة الكاريبي كان قد درس موضوع الطب النفسي في فرنسا، وعمل في الجزائر الاستعمارية. ويعتبر مُنَظِرا شهيرا عن موضوع الاستعمار الاستيطاني. كتب عددا من الكتب حول هذه المسألة لكنه اشتهر بكتابه: "معذبو الأرض". وبعد أن عمل لعدة سنوات في علاج كل من العرب الجزائريين والمستوطنين الفرنسيين، قرر الانضمام إلى صفوف الثورة الجزائرية المناهضة للاستعمار (ز. ص.).) ، فان الاستعمار الاستيطاني ليس آلة قادرة على التفكير، ولا جسم مع عقل. إنه عنف سافر ولا يستسلم إلا عندما يواجه عنفا أكبر".(Alexandria L., “Frantz Fanon and the Revolution”, https://medium.com, 2-6-2020)

يعتقد بعض المحللين الاجتماعيين والسياسيين الإسرائيليين أن العنف الحالي داخل المجتمع العربي الفلسطيني يرجع الى "معايير ثقافية مستوردة من الخارج، وأنه ينتج عن مؤثرات التلفزيون وشبكة المعلومات وصفحات التواصل الاجتماعي."( Abu Ershade, Suleiman, interview with Dr. Saleh Njidat, Arab 48, "Fighting crime is not-limit-ed to punishment but extends to drying its sources", (in Arabic), 5-10-2019) لا يدرك هؤلاء المحللون، أن أحد العوامل الرئيسية لهذا العنف، هو الوسط الاجتماعي والثقافي الذي أنتجه النظام الاستيطاني الاستعماري الصهيوني، الذي هيمن على السكان الأصليين من العرب الفلسطينيين، واضطهدهم على مدى السنوات الثلاث والسبعين الماضية.

والعنف راسخ داخل المجتمعات الاستيطانية الاستعمارية، ويصبح جزءا لا يتجزأ من بنيتها الاستعمارية. فهو لا يختفي ولا يضعف في حد ذاته نتيجة مرور السنوات. ويولِد العنف الاستعماري الذي يقوم به المستوطنون عنفا مضادا بين السكان الأصليين. ونتيجة للعنف العامودي الذي يوجهه نظام المستوطنين نحو الأسفل، يواجه السكان الأصليون المتضررون بديلين:

(1) تطور العنف العامودي المضاد الموجه نحو الأعلى ضد النظام الاستيطاني الاستعماري، وذلك عندما تكون المقدرة الجماعية موجودة؛
(2) ومع ذلك، عندما يدرك السكان الأصليون المستعمَرون ضعفهم الجماعي وعدم قدرتهم على المقاومة، فسوف يقومون بالعنف الأفقي الذي يوَجِهَه السكان الأصليون ضد إخوانهم وأخواتهم أو ضد الممتلكات التي يملكونها. وسيكون ذلك بمثابة تفريغ للعنف الداخلي المكبوت الذي تراكم لدى السكان الأصليين المستعمَرين طوال فترة القمع الاستعماري. وعندما واجه المجتمع العربي الفلسطيني هذا الضعف، أصبح العنف والجريمة أفقيين.
وبسبب الكفاح المستمر ضد الاستعمار، داخل الأراضي الفلسطينية المستعمَرة، أصبح معدل العنف والجريمة عموديا وأصبحت معدلات العنف الأفقي منخفضة كما كشفت الإحصاءات التالية.
الشكل (2)
معدلات الجريمة بين العرب الفلسطينيين في الضفة الغربية (المصدر ذاته)
نسبة الانخفاض الموقع مجمل السكان السنة مجمل القتلى المدنيين
الضفة الغربية 2 مليون 2015 54
48% الضفة الغربية 2.99 مليون 2019 28

عندما نقارن معدلي الجريمة في العام 2019، في المجتمع العربي الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني المستعمَر في الضفة الغربية، يطرح السؤال التالي. كيف تكون لدينا جريمة أقل بين الفلسطينيين الذين يعيشون داخل الضفة الغربية المستعمَرة مقارنة بالفلسطينيين الذين يعيشون داخل دولة إسرائيل الاستيطانية الاستعمارية، على الرغم من الاختلافات في أحجام السكان؟ لدينا ذات الثقافة والجذور الوطنية نفسها، ولكن بعكس الرأي السائد لدى الكتاب المستشرقين الصهاينة، بلغ معدل الجريمة داخل مجتمع الضفة الغربية الفلسطيني 28 جريمة قتل في عام 2019، مقارنة بمعدل 93 جريمة قتل، في العام ذاته، داخل المجتمع العربي الفلسطيني الذي يعيش داخل إسرائيل؟ يبدو أن هذه الإحصاءات تنفي "نظرية" المحللين الصهيونيين المستشرقين الذين يربطون الجذور الثقافية بالجريمة.
ومع ذلك، فإن غالبية الكتاب الصهاينة لا يذكرون أن المجتمع اليهودي الإسرائيلي الحالي هو مجتمع عنصري وعنيف للغاية. هناك العديد من المؤشرات التي تظهر بوضوح معدل العنف داخل المجتمع اليهودي الإسرائيلي. ومع ذلك، ينبغي التأكيد على أن هذا المجتمع عنيف لأنه مجتمع استيطاني استعماري. ولا يمكن لجميع المجتمعات الاستيطانية الاستعمارية إلا أن تكون عنيفة وعنصرية وعدوانية.
وتجدر الإشارة إلى أنه وفقا لتحليل فرانتز فانون، "فإن تطور العنف بين الشعب المستعمَر يتناسب مع العنف الذي يمارسه ضده النظام الاستعماري المُهَدَد".(Alexandria L., “Frantz Fanon and the Revolution”, https://medium.com, 2-6-2020)

ترجع الفجوة في معدلات الجريمة بين الضفة الغربية المستعمَرة والمجتمع العربي الفلسطيني إلى التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت بالقوة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وذلك داخل المجتمع العربي الفلسطيني. كما وأدى نزع ملكية الأراضي الزراعية للسكان الأصليين، على نطاق واسع، إلى تدمير هيكل الأسرة الممتدة للسكان الأصليين الذي كان مهيمنا بين المجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل. وحولت هذه المصادرات المجتمع العربي الفلسطيني من مجتمع من المزارعين إلى مجتمع من العمال المهاجرين وغير المهرة. وأصبح هؤلاء العمال المهاجرون يعتمدون في معيشتهم على المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية المجاورة، حيث واجهوا هناك جميع أشكال العنصرية والقمع الاستعماري.
وينبغي التشديد هنا على أن التغيرات الاجتماعية - الاقتصادية التي طرأت على الهرم الطبقي الاجتماعي، نتيجة للسياسات الاستعمارية الصهيونية، أدت إلى تفكك بنية الأسرة الممتدة واستبدالها ببنية الأسرة النووية.
ووفقا لتحليل أجراه الصحفي العربي الفلسطيني جاكي خوري، "يعزو الباحثون والشخصيات العامة في العالم العربي والضفة الغربية هذه الفجوة إلى التطبيق المتزايد للقانون ومكافحة الجريمة المنظمة في الضفة الغربية. ففي الضفة الغربية أيضا، تم الحفاظ على بنية قبلية، مما اتاح بدوره حل الصراعات المحلية."( Jackie Khoury, "For these reasons, crime is on the rise among the 48 Palestinians... And it s down in the West Bank," (in Arabic), https://www.alquds.co.uk, 28-10-2019)

واصل جاكي خوري تحليله بالتأكيد على أن الشرطة الفلسطينية في الضفة الغربية "... صارمة ضد من ينتهك القانون من الناس وأن جميع قضايا القتل يتم حلها..." وأن "... الشرطة الفلسطينية تتدخل حتى في القضايا الجنائية التي تقع في المنطقتين باء وجيم..."(المصدر ذاته) التين تقعا تحت الحكم الاستعماري الصهيوني المباشر. وبالتالي، فإن المجتمع العربي الفلسطيني في الضفة الغربية المستعمَرة ليس لديه عصابات إجرامية ترهب المدنيين.
وأضاف جاكي خوري،
انه في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، يشيرون إلى مدى تأثير الفصائل الفلسطينية على كل ما يتعلق بفرض النظام العام. وقال أبو مهند، وهو ناشط من مخيم الدهيشة للاجئين بالقرب من بيت لحم، "إن السلوك العنيف، بمعنى الجريمة المنظمة، يعتبر في الساحة الفلسطينية وكأنه يخدم الاحتلال. كانت هناك فترات بدت فيها المخيمات وكأنها دفيئة للميليشيات، لكن ذلك لم يعد موجودا""( المصدر ذاته)

وكما أشير سابقا، فإن المجتمع العربي الفلسطيني قد عانى من تصاعد العنف والقتل على أيدي عدد من الجماعات الإجرامية والقتلة المقنعين الذين يرهبون السكان المدنيين. وبالإضافة إلى إطلاق النار على الناس، بدأت العصابات الإجرامية في إطلاق النار على فروع المصارف الإسرائيلية الموجودة داخل البلدات والقرى العربية الفلسطينية.

(3) إطلاق النار على فروع المصارف في البلدات والقرى العربية
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2020، قررت العصابات الإجرامية بدء حملة لإطلاق النار على فروع المصارف الإسرائيلية الموجودة داخل البلدات والقرى العربية الفلسطينية. في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أطلق رجالهم النار على أربعة فروع في أربع بلدات عربية فلسطينية.( Sha alan, Hassan, "Shootout with police in the north: Suspect in bank shooting killed," (in Hebrew), https://www.ynet.co.il, 29-11-2020)

وفي 28 تشرين الثاني 2020، أطلق رجالهم النار على عشرة فروع مصرفية أخرى داخل عشرة قرى وبلدات عربية فلسطينية في الجليل.(المصدر ذاته) كما جرت محاولات لإشعال النار في فرعين مصرفيين في عكا.( المصدر ذاته) وفي اليوم نفسه، أطلقت النار على فرعين مصرفيين آخرين في قريتين عربيتين فلسطينيتين. وخلال إحدى حوادث إطلاق النار، أطلقت الشرطة النار على أحد المجرمين وقتلته وألقت القبض على الآخر.( المصدر ذاته) وفي 3 كانون الثاني 2021، أطلقت النار على ستة فروع مصرفية أخرى داخل المجتمع العربي الفلسطيني.( Senior, Eli and Sh’aalan, Hassan, “Report: Shooting took place between undercover policemen and gangsters in the north”, (in Hebrew), https://www.ynet.co.il, 3-1-2021)

وينبغي الإشارة إلى أن هناك حوالي 169 فرعا مصرفيا إسرائيليا داخل البلدات والقرى العربية الفلسطينية. نتيجة لإطلاق النار، "... فقد تم إغلاق 42 فرعا مصرفيا في السنوات الأخيرة.( Schneider, Tal," "Deadly Money," https://www.zman.co.il, (in Hebrew). Retrieved on: 2-9-2021) وأغلقت مصارف أخرى "فروعا لها في مدينتي الطيبة والطيرة ونقلتها إلى مستوطنة كوخاف يائير (اليهودية)".( Sha alan, Hassan," "Shootout with police in the north: Suspect in bank shooting killed," https://www.ynet.co.il, (in Hebrew), 29-11-2020)

يعتقد سكان المدن العربية الفلسطينية أن "... إطلاق النار على الفروع هو نتيجة لنزاع حول من سيحصل على مناقصة الحراسة للبنوك..."(المصدر ذاته) وهذا التفسير لا يبدو مقنعا، لأن المصارف عادة ما يكون لديها نظام الحراسة الخاص بها ولا تحتاج إلى رجال عصابات لفرض حراستهم عليها. ولذلك، فإن الإجابة على هذا "اللغز" تكمن في مكان آخر.

وفي أعقاب إطلاق النار، لجأ المواطنون العرب الفلسطينيون إلى مصارف بديلة: وهم الصرافون، الموجودون في كل قرية وبلدة داخل المجتمع العربي الفلسطيني. وحدث أن أماكن الصرافة الحالية تملكها وتديرها العصابات الإجرامية التي تملك مبالغ نقدية ضخمة وتعمل كمصارف بديلة. ولذلك، فإن أفراد العصابات لا يريدون أي منافسة من فروع المصارف الإسرائيلية. كانت خطتهم إرسال مسلحيهم المأجورين لإطلاق النار على هذه المصارف حتى تصل الرسالة إلى المصارف والتي قررت الإغلاق والابتعاد عن طريقهم.

وبمواجهة "... غياب التقافة المالية، وبدون وجود أية بنية تحتية مصرفية كافية في المجتمع العربي، فان المواطنين العرب الفلسطينيين الذين يحتاجون إلى بعض المال لتلبية احتياجاتهم الاقتصادية، أجبروا على "... التحول إلى مقرات الصرافين التي تديرها المنظمات الإجرامية، حيث يتم احتساب الفائدة بالدم ... " (المصدر ذاته)
(4) اختراق المجالس المحلية العربية الفلسطينية
وبالإضافة إلى إطلاق النار على المصارف، بدأ أفراد العصابات الإجرامية في المشاركة في العطاءات المقدمة للمناقصات البلدية. استخدموا التهديدات ضد المشاركين ورؤساء المجالس المحلية والمستشارين ومهندسي المدينة. وعلاوة على ذلك، ومن أجل زيادة فرصهم في الفوز بمناقصة، بدأت العصابات الإجرامية في المشاركة مباشرة في الانتخابات المحلية، أو بشكل غير مباشر بدعم أحد المرشحين للانتخابات.
وتكلف الحملة الانتخابية ملايين الشواكل، وفي كثير من الأحيان لا يملك المرشحون لرئاسة المجالس المحلية ميزانيات جاهزة لحملاتهم الانتخابية. وبحسب ثابت أبو راس، وهو ناشط من بلدة قلنسوة، وكان احد مؤيدي المرشح معروف زميرو، قام رجال العصابات بحملة إرهاب مضادة ضد المرشح الفائز.
في اللحظة التي أدرك فيها المجرمون أن زاميرو من المرجح أن يفوز بالرئاسة، هددوه وطلبوا منه الانسحاب من المنافسة... في البداية، أطلقوا النار على منزله، ثم على سيارة زوجته، وفي وقت لاحق، أرسلوا للمرشح مقطع فيديو لابنه، وأخبروه أنهم يراقبونه، ويتعقبونه وهددوه "بإعادته في تابوت.( Araf, Suha, "How did the Arab local authorities turn into a "gold mine" for criminal organizations?”, (in Arabic), https://www.arab48.com, 15-1-2020.)
اما ما جعل زاميرو يستسلم لمطالبهم فكان تهديدهم الأخير. وأضاف أبو راس، أنه عندما لم ينجح كل هذا، نشروا صورة لابنته وهي تضاجع شابا. كان هذا، بطبيعة الحال، عملية مونتاج للصورة، لكنه تسبب في كسر زاميرو واجباره على الانسحاب من المنافسة، وذلك قبل ثلاثة أيام فقط من يوم الانتخابات.(المصدر ذاته)
وهكذا، استسلم عددا من المجالس المحلية العربية الفلسطينية لرجال العصابات. ووفقا للمعلومات التي أوردها السيد رسول صعدة، الذي ترأس لسنوات قسم "مكافحة الجريمة في الشارع العربي" في جمعية "مبادرات إبراهيم"، "... فان ثلاثة مجالس محلية كبيرة، احدها مدينة شفاعمرو، يوجد داخلها سيطرة كبيرة للمنظمات الإجرامية. وأضاف، إن سلطات أخرى في طريقها إلى هذه الوضعية.( Araf، Suha،"How Arab local authorities became a gold mine for criminal organizations"، (in Hebrew), https://www.mekomit.co.il 14-1-2020)

وأشارت الصحفية العربية الفلسطينية سهى عراف إلى أن،"... دخول المنظمات الإجرامية في مجال المناقصات له آثارا على المناقصة ذاتها. في الماضي...، قام المقاولون بتخفيض الأسعار للفوز بالمناقصة، "ولكن المنظمات الإجرامية اليوم، تفوز بالمناقصة بالكامل، لأنها تحدد من الذي سيفوز بالمناقصة..."(المصدر ذاته)

وتتابع الصحفية سهى عراف روايتها حيث كتبت كيف، ثار أعضاء المجلس المحلي في شفاعمرو، بمن فيهم زهير كركبي "... ضد مناقصة معينة للبلدية من خلال الادعاء بأنها أجريت بشكل غير صحيح..." ونتيجة لذلك، كاد أحد أعضاء مجلس البلدية، زياد الحاج، أن يدفع حياته ثمنا لمعارضته. وأضافت، "لقد وضعوا عبوة ناسفة في سيارته، لكن لحسن الحظ نجا منها عندما انفجرت. "( المصدر ذاته)

في أيلول 2019، هدمت السلطات الصهيونية ثلاثة منازل في شفاعمرو. وردا على ذلك،

... اقتحم مواطنون غاضبون مكتب رئيس البلدية، عرسان ياسين، واتهموه بالتعاون مع السلطات التي قررت تنفيذ عملية الهدم. وفي اليوم التالي، أجرت إذاعة "مكان" باللغة العربية، مقابلة مع ياسين، عضو الليكود والصديق الشخصي لأفيغدور ليبرمان. وخلال المقابلة، أطلق عرسان تهديدات صريحة ضد المتظاهرين بقوله: "لدي مجموعة قادرة ان لا تبقي أي منكم على قيد الحياة... "( المصدر ذاته)

ووفقا ل "رئيس اللجنة العربية العليا للمتابعة"، محمد بركة، تتعاون الدولة والشرطة معا في حماية أفراد العصابات.

"... إن محاولات المنظمات الإجرامية ابتزاز رؤساء السلطات المحلية والسيطرة عليهم جريمة كبرى، لكن الدولة لا تدافع عن القانون في القرى والمدن العربية، مما يجعل العناصر الإجرامية تدرك أنها تستطيع تحقيق أرباح ضخمة من خلال المناقصات، وأحيانا بشكل غير قانوني وأحيانا عن طريق التهديد والابتزاز. وهي تحت رعاية وحماية الدولة والشرطة."( المصدر ذاته)

ويفيد المحامي رسول سعادة إن "مجهولين" يطلقون النار على قادة المجالس ونوابهم ومهندسي المدينة وحتى أقاربهم. وليس من قبيل المبالغة القول إن السلطات المحلية العربية تعيش في جو من الارهاب والخوف."( المصدر ذاته)

في الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 1919، أطلق رجال العصابات النار على حوالي 14 رئيس مجلس محلي. في تشرين اول 2019، حاول مجهولون اغتيال إبراهيم أبو صحيبان، مهندس مدينة راهط. أطلقوا النار عليه وأصابوه. وبعد شهر، قتل عزمي أبو صحيبان، شقيقه ومهندس المدينة، وذلك رميا بالرصاص.( المصدر ذاته)
(5) تحليل المستشرقين للجريمة داخل المجتمع العربي الفلسطيني
حاول العديد من الباحثين والصحفيين، اليهود والعرب، فهم تصاعد الجريمة داخل المجتمع العربي الفلسطيني. وألقى جزء من الكتاب الصهاينة باللائمة على الضحايا واستخدموا تفسيرات استشراقية في كتاباتهم. وفي مقاله الذي نشرته صحيفة "معاريف" اليومية، توجه الكاتب الإسرائيلي كلمان ليبسكيند، للمجتمع العربي الفلسطيني حيث كتب، "حان الوقت لقيادة المجتمع العربي أن تتوقف عن إلقاء اللوم على العالم بأسره بسبب عنفه"، ووصف كيف يتهم القادة السياسيون العرب الحكومة الإسرائيلية والشرطة الإسرائيلية دائما بالعنف الذي يحدث داخل المجتمع العربي الفلسطيني. ثم طالب القادة العرب الفلسطينيين بالتوقف عن إلقاء اللوم على الآخرين واتهامهم والبدء في النظر في المرآة.( Kalman, Libeskind, "It is time for the leadership of Arab society to stop blaming the whole world for its violence," https://www.maariv.co.il, (in Hebrew), 13-3-2021)
ولتيسير هذا "النقد"، ذكر كالمان ليبسكيند ما يلي: "... المجتمع العربي، بشكل عام، مجتمع عنيف. عنيف جدا وهو ... ينتج الدم والجريمة والألم على نطاق واسع. وفي أجزاء كبيرة منه، يتجذر هذا العنف في ثقافة هذا المجتمع."(المصدر ذاته) كما يصف المؤلف هذه الثقافة بأنها "ثقافة مريضة، موجودة بين العرب ويغطي هذا المرض المجتمع العربي من بدايته إلى نهايتة..."( المصدر ذاته)
وبادئ ذي بدء، هناك تعميم صارخ في هذا الاتهام. وعلاوة على ذلك، فإن هذا التعميم لا تدعمه براهين علمية سليمة. يعتبر الكتاب المستشرقون الإسرائيليون العنف، الذي هو ظاهرة اجتماعية، نوعا من الفيروسات أو البكتيريا التي تنتشر من مكان إلى آخر. يريدوننا أن نصدق أن العنف "النظري" يبدأ داخل المجتمع العربي الفلسطيني ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من إسرائيل. وهم يؤكدون صراحة أن المجتمع العربي الفلسطيني عنيف ويُوَلِد العنف وينشره بين ما يسمى ب "العرب الإسرائيليين". هؤلاء الكتاب المستشرقون لا يقبلون الفكرة أن النظام الصهيوني هو منتج كبير للعنف لأن بنيته استيطانية استعمارية. وهم يجهلون الحقيقة الاجتماعية بأن جميع الأنظمة الاستيطانية الاستعمارية عدوانية وعنيفة دائما.

ومرة أخرى، يلقي كاتب مشرق صهيوني آخر باللائمة على الضحايا الفلسطينيين في العنف الذي يواجهونه داخل مجتمعهم. وفي اتهام كاسح، يتهم البروفيسور آفي داغني، وبشكل جماعي، المجتمع العربي الفلسطيني، بأنه "مجموعة من البشر لا تخلو من تقاليد الجريمة، بما في ذلك الانتقام والكراهية والقتل بين الأفراد والعشائر."( Prof. Dagni, Avi, "Crime in Arab Society is rampant but there are solutions to improving the situation", https://www.maariv.co.il, (in Hebrew), 9-4-2021)

ومع ذلك، إذا وضعنا في اعتبارنا أن المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل لديه نفس الثقافة والجذور التقليدية ذاتها التي يتمتع بها الفلسطينيون الذين يعيشون داخل الضفة الغربية المستعمَرة، فعندئذ يجب أن نطرح السؤال التالي: كيف من الممكن ان يكون لدينا معدل أقل من الجريمة بين فلسطينيي الضفة الغربية مقارنة بالفلسطينيين الذين يعيشون داخل دولة إسرائيل الاستيطانية الاستعمارية، على الرغم من الاختلافات في أحجام السكان؟ هنا لدينا نفس الثقافة والجذور الوطنية نفسها، ولكن على عكس الكتاب المستشرقين الصهاينة، يبلغ معدل الجريمة داخل مجتمع الضفة الغربية الفلسطيني 28 (Araf, Suha, "State within the State": This is how criminal organizations dominated Arab society”, Arabs 48, (in Arabic), https://www.arab48.com, 14-1-2020) جريمة قتل في عام 2019، في عدد سكان يقارب الثلاثة ملايين، مقارنة بمعدل 93(المصدر ذاته) جريمة قتل، في نفس العام وبين عدد سكان يبلغ 1.7 مليون نسمة، يعيشون داخل إسرائيل؟ وتنفي هذه الإحصاءات "نظرية" المحللين الصهيونيين المستشرقين وتكشف عن توجههم الاستيطاني الاستعماري ووعيهم العنصري.

يكشف التحليل العميق أسبابا متعددة وراء العنف والجريمة الحاليين اللذين يؤثران على المجتمع العربي الفلسطيني. وبالتالي، لا يوجد "تقليد للجريمة" يميز المجتمع العربي الفلسطيني تحديدا عن المجتمعات الأخرى. ويفتقر هذا الاتهام، من قبل أكاديمي صهيوني، إلى دليل علمي حقيقي ورصين، وبالتالي فإنه يكشف عن طريقة تفكير عنصرية ينتجها الوعي الاستعماري الصهيوني المهيمن.

وعلاوة على ذلك، ينبغي للمرء أن يتساءل: لماذا لم يكن المجتمع العربي الفلسطيني عنيفا، بشكل جماعي، قبل عشرين عاما أو ثلاثين عاما؟ ووفقا للإحصاءات التي قدمها، رئيس اللجنة العربية العليا للمتابعة محمد بركة، فإن حالات القتل، في فترتين متلاحقتين، كانت على النحو التالي: 81 حالة قتل في الفترة 1980-2000 في المجتمع العربي الفلسطيني، مقارنة ب 1485 حالة قتل في الفترة 2000-2021(Savir, Aryeh, and Yedid, Baruch, Tazpit News Agency, “Israel’s War on Crime in Arab Sector is ‘Attempt to Disintegrate Arab Society’, Senior Arab Official Claims”, (in Hebrew), http://www.jewishpress.com. Retrieved on: 5-10-2021).
الشكل (3)
معدلات الجريمة بين العرب الفلسطينيين خلال فترتين(المصدر ذاته)
حالات القتل الفترة الثانية حالات القتل الفترة الاولى
1،485 2000-2021 81 1980-2000

وبصفة عامة، فإن جميع المجتمعات الاستيطانية الاستعمارية عنيفة لأن مشروعها هو مشروع عنيف ويشمل القمع الاستعماري، والعنف الذي ترتكبه البرجوازية الاستعمارية الحاكمة ضد السكان الأصليين.

وعندما نتقدم في هذا المقال البحثي، سنحاول إعطاء تحليل قد يفسر الأسباب الحقيقية وراء تصاعد العنف والجريمة داخل المجتمع العربي الفلسطيني. ولكي نتمكن من تحليل عميق وفهم ظاهرة العنف والجريمة التي تجتاح المجتمع العربي الفلسطيني، ينبغي علينا أن نعالجها داخل بيئة تاريخية لها عوامل متعددة: سياسية واجتماعية واقتصادية.
(6) سياسة الدولة للفصل العنصري والابارتهايد الصهيوني
في السنوات العشر الأخيرة، بدأ التحدي الديموغرافي والسياسي للمجتمع العربي الفلسطيني يثير القلق داخل البرجوازية الاستيطانية الصهيونية. وقد أدى تزايد الوزن السياسي للأقلية الفلسطينية إلى اتخاذ إجراء مضاد من قبل النظام الصهيوني. أراد النظام الصهيوني خلق وضع يمكن السيطرة عليه، وفي الوقت نفسه، يؤدي إلى انخفاض في القوة السياسية الصاعدة للمجتمع العربي الفلسطيني.
وتجدر الإشارة إلى أن السياسة الصهيونية العنصرية المتمثلة في الاحتواء الديمغرافي كانت نتيجة مباشرة لسياسة مصادرة الأراضي على نطاق واسع والتي حدثت في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي. ومن خلال حرمان القرى العربية الفلسطينية من احتياطي الأراضي التي بحوزتها، تسببت الدولة الصهيونية في خلق اكتظاظ ديموغرافي شديد داخل كل بلدة وقرية فلسطينية. فاختفت الأراضي المتاحة للإسكان والتنمية وارتفعت أسعار الأراضي ارتفاعا هائلا. دفع نقص الحلول السكنية المتاحة بالكثير من المواطنين الفلسطينيين إلى الهجرة إلى المدن اليهودية التي لديها الكثير من الحلول السكنية.
وعلاوة على ذلك، أدرك النظام الصهيوني أن سياسة الاحتواء الديموغرافي للمواطنين العرب الفلسطينيين قد فشلت. نجح المواطنون العرب الفلسطينيون في الهجرة إلى مدينتي نوف هجاليل وكرمئيل اليهوديتين اللتين أنشئتا خصيصا، لاحتواء التوسع الديموغرافي الفلسطيني، وتهويد المنطقة الشمالية، الجليل، التي تضم غالبية من السكان العرب الفلسطينيين. وبالإضافة إلى ذلك، بدأ المواطنون الفلسطينيون في إيجاد حلول أخرى، لضائقتهم السكنية، وذلك داخل المدن اليهودية المجاورة مثل حيفا، عكا، العفولة، اللد، الرملة، ويافا.
وبالتالي، فإن فشل السياسات الصهيونية تجاه المجتمع العربي الفلسطيني كان متأصلا في السياسات العنصرية لمصادرة الأراضي والسياسة الحكومية التمييزية في مجال الإسكان والتي تتجاهل الاحتياجات السكنية لأقلية عربية فلسطينية نامية. وعلى الرغم من النمو الديموغرافي للمجتمع العربي الفلسطيني من "حوالي 150,000 في عام 1948" إلى 1,681,000 (As quoted by Wikipedia, Israel s Independence Day 2019 (PDF) (Report). Israel Central Bureau of Statistics. 6 May 2019. Retrieved 7 May 2019 and "Selected Statistics on Jerusalem Day 2007 (in Hebrew)". Israel Central Bureau of Statistics. 14 May 2007. Archived from the original on 28 November 2007. Retrieved 8 October 2009) في عام 2019، لم تسمح الدولة الصهيونية بإنشاء مدن وقرى جديدة لاستيعاب نموها الطبيعي المتزايد.

اما الجوانب الأخرى التي أثارت قلق النظام الصهيوني، فكانت التضامن النشط للجماهير العربية الفلسطينية مع اخوتهم، ومع النضال الوطني للعرب الفلسطينيين داخل الأراضي المستعمَرة في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد رد النظام الصهيوني على هذا التضامن بالقمع الاستعماري وسن عدد من القوانين العنصرية. ووفقا لتقرير صادر عن مركز الدراسات الإسرائيلية، مدار، تم تقديم 156 قانونا عنصريا إلى البرلمان الإسرائيلي في الفترة 2015-2017. ومن بينها، تم وضع اللمسات الأخيرة على خمسة وعشرين منها وأصبحت قوانين، في حين لا يزال الباقون قيد المناقشة وفي انتظار سنها. (MADAR Report, “156 racist laws were presented to the Knesset”, https://www.arab48.co, 30-7-2017)
وتهدف هذه القوانين العنصرية إلى تجريم نشاطات التضامن والتي يقوم بها مواطنون فلسطينيون عرب في إسرائيل. ومن الأمثلة على هذه القوانين القانون الذي يجرم إحياء المواطنين العرب الفلسطينيين لذكرى "النكبة"، وهي الكارثة الوطنية التي وقعت في فلسطين في الفترة 1948-1949.
تعامل النظام الصهيوني مع المجتمع العربي الفلسطيني من خلال استخدام السياسة الاستعمارية للحكم العسكري، والذي فرض على القرى والبلدات العربية الفلسطينية التي ابقيت بعد حملة التطهير العرقي الصهيوني في الفترة 1949-1966 واستمر هذا الحكم الاستعماري لمدة 19 عاما. (Wikipedia, “Arab citizens of Israel”, https://en.wikipedia.org, Retrieved on: 20-10-2021)
وفي تشرين الأول/أكتوبر 2000، اعتبر النظام الصهيوني مظاهرات الاحتجاج التي قام بها مواطنون عرب فلسطينيون، نوعا من العنف المتطرف الذي يجب إخماده بالقوة الغاشمة. وكانت النتيجة قتل 13 فلسطينيا وجرح 13 آخرين على أيدي الشرطة الصهيونية. وكان العرب الفلسطينيون يحتجون على الخطط الصهيونية التي تسعى لمصادرة 21 ألف دونم من الأراضي التي تعود ملكيتها لأربع بلدات عربية فلسطينية. (Abu Hussein, Yusuf, "Land Day: Account of the Event," (in Arabic), https://www.arab48.com, 30-3-2019)
وهناك أدلة وافرة تؤكد على أن الشرطة الإسرائيلية تعامل المواطنين العرب الفلسطينيين كمجموعة من الأعداء وليس كمجموعة من المواطنين اللذين يستحقون الحماية. ففي مناسبات عديدة، ترجم ذلك إلى سلوك وحشي وعنيف من جانب الشرطة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالاحتجاجات والمظاهرات العربية الفلسطينية. وبالمقارنة، فإن الشرطة ذاتها لا تستخدم العنف الشديد ولا تطلق الذخيرة الحية على المظاهرات والاحتجاجات اليهودية.
لم ينتقد النظام الصهيوني فشله السياسي السابق، ولم يخرج بسياسات جديدة تهدف إلى إيجاد حلول، من خلال الحوار، للمشاكل التي يواجهها المجتمع العربي الفلسطيني. وبدلا من إيجاد حلول، شرع النظام الصهيوني في افتعال مشاكل اجتماعية وسياسية خطيرة للمجتمع العربي الفلسطيني بأسره. وشكلت هذه السياسة العدوانية، مشكلة كبيرة تتألف من العوامل المتعددة التالية: العنف الداخلي، الجريمة، القتل، الابتزاز، الاختلاس، الخاوة، السوق السوداء، الاتجار بالمخدرات، توافر الأسلحة، إطلاق النار على المنازل والمركبات، القتل على أيدي أفراد عصابات "مجهولين" ما زالوا أحرارا، وإهمال الشرطة لدورها في اجتثات الجريمة وحماية المواطنين.
وأثر جو الإرهاب، الناجم عن هذا العنف المروع، على المواطن الفلسطيني العادي وجعله يشعر بالخوف من الخروج من منزله. وأجبر هذا المواطن على تقليص أنشطته الاجتماعية والسياسية، إلى الحد الأدنى.
ومن الملاحظ أن أفراد العصابات بدأوا في الأشهر الأخيرة بإطلاق النار أثناء المظاهرات. وردا على ذلك، بدأ المواطن العربي الفلسطيني في الابتعاد عن القضايا الوطنية مثل: التضامن الفلسطيني، القدس، المسجد الأقصى، سلوان والشيخ جراح، هدم المنازل، القضايا الاستعمارية للمستوطنين، مصادرة الأراضي، والسلوك العنصري للنظام الصهيوني.
إن مواصلة تحليل سياسة النظام الصهيوني تجاه المجتمع العربي الفلسطيني سوف تكشف بوضوح أن النظام الصهيوني يهدف إلى تفتيت القوة السياسية للمجتمع العربي الفلسطيني، الأمر الذي سيضعف بدوره مقاومته للقمع الصهيوني والعنصرية الإسرائيلية والمخططات الاستعمارية الصهيونية داخل الأراضي الفلسطينية المستعمَرة.
(7) إدخال عملاء جهاز الشاباك

في البداية، الشاباك هو جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي. استخدمت السلطات الاستعمارية الإسرائيلية، منذ سنوات، آلاف العملاء العرب الفلسطينيين، وذلك داخل المناطق الفلسطينية المستعمَرة، الضفة الغربية وقطاع غزة.

وفي كل مرة يتم الكشف عن هوية هؤلاء العملاء داخل مجتمعهم الفلسطيني، يصبحون عديمي الفائدة. لذا، تقوم الحكومة الصهيونية بنقلهم إلى إسرائيل. وعادة ما يضعونهم داخل الأحياء السكنية العربية الفلسطينية مثل يافا، اللد، الرملة، حيفا، والناصرة.

بموجب تقديرات الناشطتين الاجتماعيتين، علا نجمة يوسف وروث ليفين حِن، " ... فان عشرات الآلاف من العملاء وأسرهم يعيشون داخل دولة إسرائيل. وبسبب "مساهمتهم" في النظام الأمني في الماضي أو الحاضر، فإنهم يتمتعون بامتيازات، وفي الواقع بحصانة جنائية حتى أن رؤساء حكوماتنا يحسدونهم عليها ". (Najameh-Yosef, Ula and Levin-Chen, Ruth, “Stop the Collaborators", (in Hebrew), https://www.mako.co.il, 14-11-2019)

في 30 حزيران 2021، أفاد مراسل التلفزيون الإسرائيلي، موشيه نوسباوم، أن مسؤولا كبيرا في الشرطة الإسرائيلية ادعى أن معظم الجرائم الخطيرة التي ترتكب في المجتمع العربي سببها العملاء مع جهاز الشباك. وقد نُقل هؤلاء المتعاونون من الضفة الغربية المستعمَرة إلى مدن داخل إسرائيل.( Nussbaum, Moshe," Police: Most of the Crime Generators in Arab Society are Collaborators of the Shin Bet," Main Edition, (in Hebrew), https://www.mako.co.il,30-6-2021) ووفقا لما ذكره مسؤول الشرطة ذاته، فإن "أيدي الشرطة مقيدة" في هذه الحالة لأن هؤلاء المتواطئين يتمتعون بالحصانة. (المصدر ذاته)

لخصت الصحفية الفلسطينية سهى عراف العلاقة بين العملاء والمجتمع العربي الفلسطيني على النحو التالي:

من هم المحرضون على الجريمة هناك؟ إنهم العملاء. نحن (أي المجتمع العربي) رفضناهم، فبدأوا في بيع المخدرات. وكانوا يحملون أسلحة وكانوا يشاركون ببطء في عالم الإجرام، مما أتاح لهم موقعا في المجتمع. والآن، نتوجه إليهم طالبين منهم حمايتنا من الآخرين. ما حدث هنا هو انقلاب ضدهم. نحن الذين رفضناهم، اجتماعيا وسياسيا، بينما هم الآن أقوياء وهم الذين يقولون لنا: إذا كنتم تريدون الحماية، تعالوا إلي، وانا سأحميكم. (Araf, Suha, "State within the State": This is how criminal organizations dominated Arab society, Arabs 48, https://www.arab48.com, (in Arabic), 7-8-2021)

وقد أثر الإرهاب، الذي جلبته بيئة العنف، على المواطن الفلسطيني العادي وجعلته يشعر بالخوف من الخروج من منزله. وسيجبر هذا الوضع المواطن على الحد من أنشطته السياسية. وسيجعله يحد من مشاركته الاجتماعية والسياسية داخل المجتمع العربي الفلسطيني. وسوف يبدأ في الابتعاد عن القضايا الوطنية مثل النضال التضامني من أجل فلسطين، القدس، النضال ضد هدم المنازل، وضد مصادرة الأراضي، وضد السلوك العنصري للنظام الصهيوني.
ويمكن أن تكون هذه الأهداف الاستراتيجية للنظام الصهيوني تجاه المجتمع العربي الفلسطيني. ومن أجل تحقيقها، خرج النظام الصهيوني، بتواطؤ مع جهاز الأمن الداخلي التابع له - الشاباك - بمخطط شيطاني حَوَل أولوياتنا الوطنية رأسا على عقب. وبالتالي، أصبح من الواضح أن هدف الصهاينة هو تفكيك القوة السياسية للمجتمع العربي الفلسطيني في اسرائيل، مما سيضعف مقاومتهم للقمع الصهيوني والمخططات الاستعمارية. إن استخدام العملاء وانتشار العنف والجريمة هما الأداتان لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الصهيونية.
في السنوات الاثنتي عشرة الماضية، كان بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، وكان أول سياسي صهيوني طرح شعار "الدولة اليهودية". وعندما كشف هذا الشعار عن آرائه الطائفية والعنصرية، أضاف نتنياهو إليه البعد الديمقراطي. ولكن، كيف يمكن لدولة ثنائية القومية، من اليهود الإسرائيليين والعرب الفلسطينيين، أن تكون دولة يهودية وفي الوقت ذاته دولة ديمقراطية؟
وعلاوة على ذلك، قاد نتنياهو، خلال فترة حكمه التي دامت 12 عاما، حملة عنصرية معادية للعرب كما انه سعى ونجح في سن عدد من القوانين العنصرية. ويكشف التحليل العميق لسياساته وآرائه ومخططاته عن وجود خطة خفية تم التوصل إليها بينه وبين جهاز الشاباك. واستهدفت هذه الخطة المجتمع العربي الفلسطيني، وسعت بشكل حثيث إلى تفكيكه، واضعافه، وشردمته سياسيا.
في الأول من تموز 2021، أعلن محمد بركة، رئيس اللجنة العربية العليا للمتابعة، أن "سياسات إسرائيل تشجع انتشار الجريمة من أجل الضغط على المواطنين العرب. إن الشاباك يعطي مساحة واسعة للمجرمين لصرف انتباه الجمهور العربي عن القضايا الرئيسية". (Acre for Israeli Affairs, "Israeli Channel: Shabak supports the perpetrators of crime in the Arab sector", (in Arabic), https://palsawa.com. Retrieved on: 1-7-2021)

ذكرت الصحفية الفلسطينية، سهى عراف، في 7 اب 2021، أنه يوجد دليل على أن الشرطة تغض الطرف عن العملاء الفلسطينيين الذين "تعاونوا" أو استمروا في "التعاون" مع قوات "الأمن" الإسرائيلية، كما وتقوم بحمايتهم. واستخدم العملاء الأسلحة التي حصلوا عليها من خلال هذا "التعاون"، واستغلوا "قوتهم" الناتجة في الأعمال الإجرامية. (Araf, Suha, "State within the State": This is how criminal organizations dominated Arab society, Arabs 48, (in Arabic), https://www.arab48.com, 7-8-2021)

وذكر جعفر فرح، مدير "مركز مساواة لحقوق المواطنين العرب في إسرائيل"، إن "... جهاز الشاباك يعمل بناء على أوامر من المستوى السياسي ... هذه المعلومات تسربت بعلم الشاباك، وهذه رسالة للجمهور العربي من الشاباك بأننا بحاجة إلى مخبرين في الأوساط العربية. تعاملوا معنا وسنقدم لكم الحماية. (Acre for Israeli Affairs, "Israeli Channel: Shabak supports the perpetrators of crime in the Arab sector", (in Arabic), https://palsawa.com. Retrieved on: 1-7-2021)

وتجدر الإشارة إلى أنه وفقا للقانون الإسرائيلي، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي هو المسؤول المباشر عن جهازي الموساد والشاباك في حين أن جيش الدفاع الإسرائيلي تابع لوزارة الدفاع.( Sabo, Gilad," Do Mossad and Shabak -dir-ectors report only to the Israeli Prime Minister?", (in Hebrew), https://www.quora.com, 3-10-2021) ولذلك، فإن المسؤولية القانونية عن جهاز الشاباك تقع على عاتق رئيس الوزراء الإسرائيلي. ولا يتقاسم أي وزير آخر هذه المسؤولية القانونية مع رئيس الوزراء.
وفي موضوع المسؤولية القانونية، ذكر الصحفي الأمريكي ريتشارد سيلفرشتاين، أنه "... وفي معظم الديمقراطيات الغربية، تمارس السلطة التشريعية بعض الرقابة على الوظائف العسكرية والاستخباراتية..."( Silverstein, Richard,” Netanyahu Gags Shabak -dir-ector, Subverts Knesset Oversight Regarding Eilat Attack”, https://www.eurasiareview.com, (in English), 7-9-2011) ولكن ليس في إسرائيل.
وأضاف سيلفرشتاين أنه "... في الواقع، رفض نتنياهو السماح لكبير ضباط الاستخبارات الإسرائيلية بالإدلاء بشهادته أمام الكنيست..."(المصدر ذاته) ومن الواضح أن هذه محاولة، ناجحة جدا حتى الآن، من قبل رئيس الوزراء لحرمان هيئة تشريعية شرعية من الإشراف على جيش الدفاع الإسرائيلي وعلى أجهزة الاستخبارات ومراجعة الإخفاقات عندما تحدث... (المصدر ذاته)
نستطيع هنا ان نستنتج، أن رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، كانت لديه السلطة القانونية في إلسماح للبرلمان الإسرائيلي أو حرمانه من أي نقاش او إشراف لدور جهاز الشاباك داخل المجتمع العربي الفلسطيني. تخطيطه مع الشاباك كان سريا للغاية، وبالتالي لا يمكن مناقشته أو انتقاده. وعلاوة على ذلك، لا يمكن للباحثين والمحللين تكوين فكرة واضحة عن مشروعية هذا التخطيط، لأننا لا نملك اية معلومات.
(8) إنشاء برجوازية عربية لصوصية
يكشف التحليل الرصين والعميق لسياسات الحكومة الإسرائيلية تجاه الجرائم والعنف وسلوك العصابات الإجرامية، أن جزءا من خطة نتنياهو مع جهاز الشاباك، هو تطوير نوع من البرجوازية العربية اللصوصية، التي بدأت تحل ببطء وسلاسة محل البرجوازية العربية الفلسطينية "المتخلفة" الموجودة. ولغاية الان، فان عملية الاستبدال لا زالت مستمرة ولم تنته بعد.
ويظهر من التحليل العميق لمعطيات عديدة، ان النظام الاستيطاني الصهيوني قرر إنشاء برجوازية عربية لصوصية تتألف من عدد من العصابات الإجرامية، التي تروج المخدرات، وتجبي أموال الخاوة، وتعرض القروض السوداء، وتقوم بالابتزاز، وتروج الأسلحة غير المشروعة، وتقوم بالاختلاس، واختطاف المناقصات البلدية، وتشارك في الانتخابات البلدية. جميع هذه الأنشطة غير القانونية محمية من قبل جهازي الشاباك والشرطة، وأصبحت مقبولة اجتماعيا من قبل شريحة صغيرة فاسدة من المجتمع العربي الفلسطيني. مع ذلك، لا زالت هذه الجرائم تفتقر إلى الشرعية.
وتنتشر هذه العصابات الإجرامية في المدن والبلدات الفلسطينية. ونرى انه يوجد لديهم نفوذ داخل مجموعة رجال الأعمال. "... فبالإضافة إلى الإجرام "الكلاسيكي"، فإن لهذه المنظمات قائمة طويلة من المصالح التجارية "القانونية" مثل المطاعم، والمحلات التجارية الكبيرة/المتاجر الكبرى، وقاعات الافراح، وما إلى ذلك، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر... " (Araf, Suha, "State within the State": This is how criminal organizations dominated Arab society, Arabs 48, (in Arabic), https://www.arab48.com, 14-1-2020)
وعلاوة على ذلك، يوجد لهذه المنظمات الإجرامية، مصالح تجارية "... في المراكز التجارية وورش الخياطة ومحطات الوقود وكراجات الصيانة، وشركات تجارة السيارات، والشركات الكبيرة". (المصدر ذاته)
تم تطوير هذه الشرعية المزيفة لهذه البرجوازية العربية اللصوصية من خلال التواطؤ بين حكومة نتنياهو، الشاباك، والشرطة الإسرائيلية. في الواقع، أنشأ النظام الصهيوني برجوازية عربية خدماتية منافسة للبرجوازية العربية القائمة والمتخلفة بسبب السقف الاستعماري الصهيوني الذي منعها من التطور. وإذا اخذنا بعين الاعتبار تغلغلها المتزايد في المجالس المحلية، فإن البرجوازية اللصوصية قد تصبح الطبقة المهيمنة داخل المجتمع العربي الفلسطيني. ويأمل النظام الصهيوني أن يؤدي هذا التغيير الطبقي المزيف إلى إحداث تغيير اجتماعي وسياسي في المجتمع العربي الفلسطيني، وأن يخلق طبقة متواطئة تتفوق، في النهاية، على القوة السياسية للقائمة العربية المشتركة.
وبالتالي، يأمل النظام الصهيوني أن تترأس المجتمع العربي الفلسطيني قيادة جديدة تكون مؤيدة للصهيونية، دون تضامن فعلي ولا صلة لها بالنضال الوطني العربي الفلسطيني في الأراضي العربية الفلسطينية المستعمَرة. وستهيمن على هذه القيادة الجديدة العصابات الإجرامية، التي تعتمد اعتمادا كبيرا على جهاز الشاباك، وتأخذ توجيهاتها من النظام الصهيوني. وعندئذ، سيكون بمقدورها تحييد القوى الوطنية العربية الفلسطينية التي ستصبح بعد ذلك أقلية ضئيلة. وفي وقت لاحق، ستكون هذه البرجوازية اللصوصية قيادة سياسية فاسدة، تتعاون مع البرجوازية الاستعمارية الصهيونية وتخدم المشروع الاستيطاني الاستعماري في كل من إسرائيل والأراضي العربية الفلسطينية المستعمَرة.
(9) الهجوم الصهيوني على الهوية العربية الفلسطينية الأصيلة
إن التحول الطبقي، الذي مر به المجتمع العربي الفلسطيني، جلب معه معايير وأخلاق رأسمالية جديدة. وأدى التحول الى شرذمة الأسر الممتدة، بسبب نزع الملكية الواسع النطاق للأراضي الزراعية، وهذا بدوره أدى إلى اختفاء منظومة الأخلاق التي كانت قائمة. وحلت النرجسية، والأنانية الضيقة والسعي المادي الحثيث، محل الصدق والنزاهة والرحمة والتعاطف الإنساني الحقيقي. وحل الاغتراب الاجتماعي محل علاقات حسن الجوار الإنسانية. لقد فقدنا بوصلتنا الإنسانية وبدأنا مدفوعين بالخوف وانعدام الأمن والعداوة الخفية والجشع وعدم احترام كبار السن ذوي الخبرة، ولا سيما آبائنا وامهاتنا.
وبسبب التشرذم الديمغرافي نتيجة للتطهير العرقي الصهيوني، فقدنا هويتنا القومية الفلسطينية الموحدة. وبالإضافة إلى ذلك، اتبعت المناهج الصهيونية في التعليم سياسة استعمارية واضحة تركز على القضاء الكامل على الهوية العربية الفلسطينية.
وبموجب تحليل، الأكاديمي الفلسطيني وخبير التعليم، خالد أبو عصبه،
إن السياسات التي تنتهجها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فيما يتعلق بالمجتمع العربي، خاصة في جميع الأمور المتعلقة بالتعليم، تشوه الهوية لدرجة أنك لا تتباهى بأنك عربي ينتمي إلى الأمة العربية والشعب الفلسطيني، والسردية الفلسطينية مفقودة في النظام التعليمي، والقيمة التي ينتجها التعليم في الوزارة يدعي أنه نشأ على الانتماء، ولكن الانتماء إلى مكان وليس الانتماء إلى الوطن، ونحن لا يمكن أن يتم تربية طلابنا على الانتماء إلى جانب واحد فقط. كما هو، حيث تربوا على الانتماء إلى الأسرة، والانتماء إلى المنطقة، يخرجون إلينا مع كتب مثل "مكاني"، "قريتي" و "مدينتي"... (Z’ubi, Hiba, in an exclusive interview with Dr. Khaled Abu ‘Asbeh, Madar Center, (in Arabic), https://www.madarcenter.org, 7-8-2012)

وأضاف خالد أبو عصبه أنه،

... عندما نراجع جميع النصوص المدروسة ونبحث عن أي قيم يُربى عليها طلابنا، نجد أنها تربى على القيم العامة (لا تكذب، لا تسرق الخ، الوصايا العشر)، ولكن هذه الوصايا، التي تسمى "القيم العامة"، تُدرس في جميع بلدان العالم، ولكن عندما نبحث عن وجود قيم خاصة يجب أن تُعطى للطالب مع التمايز الثقافي، نحن لا نجد أي في مدارسنا. بل على العكس من ذلك، يتم تلقين الطلاب اليهود في المدارس اليهودية قيمهم الخاصة مثل القيم الصهيونية والحب والانتماء إلى الوطن والأرض على حد سواء. لا تسمح السلطات الإسرائيلية للطالب العربي بتلقي قيمه، لذلك لا شك أن هناك تشويها لهذا الانسان الذي يخرج من مدارسنا وهو مفتقدا أسس الانتماء لجماعته وبلده ودينه وأرضه وانتمائه. (المصدر ذاته)

ووفقا لتحليل خالد أبو عصبه، فإن النتيجة النهائية لهذه السياسات الصهيونية ستكون كارثية على مجتمعنا العربي الفلسطيني.

إن فقدان نظام شامل وموحد يؤدي إلى فقدان النسيج الاجتماعي وأسس مجتمع يمتلك مرجعياته السياسية والاجتماعية والثقافية المختلفة، إلخ. وهذا بدوره يؤدي إلى "الفردانية"... الفردانية في مجتمعنا تتحول الى عشوائية، والجميع يتعامل مع الأمور وفقا لاهوائهم الذاتية، وفي هذه الحالة حتى الخيانة يمكن أن تتحول إلى وجهة نظر، وعندها كل شيء يصبح مسموحا به، ومراجعنا وقادتنا ليس لديهم الوزن لملء دورهم المطلوب. على سبيل المثال، عندما يتم الإعلان عن أي خطوة جماعية دون استجابة عامة ومناسبة لذلك. المسألة هنا ليست قضية عائلية، ولكننا فقدنا خصوصية مجتمعنا وجودته وتمايزه من الناحيتين الثقافية والتاريخية، وعندها سيؤدي ذلك إلى التشتت النهائي لهذا المجتمع. (المصدر ذاته)

وبسبب تطور الرأسمالية الشرسة المتقدمة في العالم، وكذلك في إسرائيل، عانى الشباب العربي الفلسطيني من الاغتراب الاجتماعي الراسخ، والتشرذم الاجتماعي، وأزمة الهوية، والافتقار إلى التماسك الأسري. جزء كبير منهم يتخرج من المدرسة إلى الشارع.

ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن 000 70 مواطن عربي فلسطيني، تتراوح أعمارهم بين 18-24 سنة، ليسوا موجودين في أي إطار دائم للدراسة أو العمل، وتمثيلهم عاليا بين مجموعة المجرمين. ويشكل هؤلاء الشباب 40 في المائة من مجموع الشباب الذين ينتمون إلى الفئة العمرية ذاتها. (Singer, Rooney, "If this had happened in Jewish society, the country would have been on its feet," (in Hebrew), https://www.mako.co.il, 19-3-2021)

إن العاطلين عن العمل والفقراء هم ضحايا الظروف الاستعمارية التي فرضتها البرجوازية الصهيونية على المجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل. إن الإهمال المؤسساتي الذي يواجهه هؤلاء الشباب لن يسمح لهم بالتغلب على محنتهم الحالية بمفردهم.
وحالة هذه الكتلة، من الشباب العاطلين عن العمل والفقراء، مماثلة، إلى حد كبير، لحالة العمال الفلسطينيين العاطلين عن العمل والذين يقيمون داخل الأراضي الفلسطينية المستعمَرة.
وقد حلل، الكاتب الفلسطيني محمد جوابري، وضعهم الاجتماعي والاقتصادي والنفسي، حيث كتب توقعاته التالية في مستقبل. هؤلاء العمال.
إن استمرار الفقر والشعور بالعجز سيحولان بعضهم إلى فئات اجتماعية معدمة ذات مواقف ومشاعر عفوية سلبية تجاه مجتمعهم المحيط بهم ... وإذا استمر الفقر والبؤس، فإن الشعور بالانشقاق عن المجتمع المحيط سيتراكم في وعيهم العفوي. وسيؤدي استمرار وتفاقم "الوضع المعيشي الصعب وعدم اليقين بشأن المستقبل" إلى أن تنظر الفئات العاطلة والمهمشة إلى القضايا المعيشية كأولوية أولى بأي ثمن. ثم تتحول إلى "بروليتاريا رثة"، أو شرائح من المعدمين الذين يَسهل استغلالهم في جميع أشكال الجرائم المنظمة وغير المنظمة، والأعمال غير المشروعة، والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، بما في ذلك أن يصبحوا مادة تخريبية في خدمة العدو. هذا التدهور سيحدث إذا لم يجدوا... جهة ما لرعايتهم والدفاع عن قضاياهم من أجل تحسين وضعهم... (Jawabra, Mohammed, "The Palestinian working class between marginalization and the possibilities of advancement", https://www.ajras.org, 5-12-2010)
وبالتالي، فإن القيادة الفلسطينية المحلية لا تولي أي اهتمام لهؤلاء الآلاف من الشباب المهمشين. وتحافظ القيادة على احتجاجاتهم السياسية والمظاهرات ضد الشرطة والحكومة، ولكن جدول أعمالهم السياسي لا يتضمن خطة اجتماعية واقتصادية وسياسية للشباب المهمشين والفقراء.
ومع هذه الحالة النفسية الذهنية، فإن وضعهم الاجتماعي المهمش وبطالتهم وفقرهم سيجعلهم يشعرون بالغربة عن مجتمعهم وترفضهم أسرهم. وبدلا من الشعور بالانتماء إلى أسرهم ومجتمعهم، فإن هؤلاء الشباب سوف يشعرون بالكراهية والحسد والاكتئاب والتشاؤم واليأس والافتقار إلى الهوية الحقيقية والشعور الكامل بالفشل في الحياة. ويعاني هؤلاء الشباب، الذين ظلوا عاطلين عن العمل لفترة طويلة، من الفقر ونقص المال. ونتيجة لذلك سيبدأون في تعاطي المخدرات والكحول.
وفي التحليل النهائي، ستشكل هذه الكتلة من الشباب المجموعة الاحتياطية من المجرمين. ففي مقابل المال، يمكن لرجال العصابات تجنيد جزء منهم. وبسبب التدهور الأخلاقي، فان هؤلاء الشباب سوف يكون لديهم الاستعداد للانضمام إلى رجال العصابات من اجل كسب المال السريع والسهل. وبالإضافة إلى ذلك، لديهم تدني في الثقة بالنفس، لذلك يعتبرون امتلاك بندقية واستخدامها لاطلاق النار كنوع من الرافعة الاجتماعية التي قد تجعلهم يتخلصون من الاغتراب الاجتماعي ومركب الشعور بالنقص.
مع هذه المؤهلات السلبية، فان هؤلاء الشباب سيكونون مستعدين لفعل أي شيء مقابل بعض المال. وسيكونون مستعدين للانضمام إلى جماعة إجرامية وسيكون لديهم الاستعداد لإطلاق النار والقتل من أجل المال. وسيكونون مستعدين لإطلاق النار في خدمة كل من الحكومة الصهيونية وجهاز الشاباك.
ملاحظات ختامية
• واجهت إسرائيل الصهيونية هزيمتين عسكريتين على يد ميليشيا حزب الله في 2000 و 2006. ومنذ تلك الهزائم، بدأ النظام الاستيطاني الاستعماري الصهيوني يشير إلى وجود تهديدات "وجودية" لاستقراره السياسي وقوته الرادعة، ليس فقط خارجيا ولكن داخليا أيضا. ويأتي التهديد الداخلي من الزيادة الديموغرافية والسياسية في وزن وقوة المجتمع العربي الفلسطيني.
• نجح المجتمع العربي الفلسطيني في تحقيق وحدة سياسية في الانتخابات ما قبل الانتخابات الأخيرة التي جاءت بحكومة بينيت. وتوحدت أربعة أحزاب فلسطينية في إطار القائمة المشتركة، وتمكنت من انتخاب 15 عضوا في البرلمان الاسرائيلي. وأصبحت القائمة المشتركة المجموعة البرلمانية الثانية بعد مجموعة الليكود الحاكمة. ومع هذا الثقل السياسي، تمكن العرب الفلسطينيون من حرمان نتنياهو من إمكانية تشكيل حكومة ائتلافية. ولكن لم تدم هذه الوحدة السياسية طويلا وتمكن نتنياهو، من خلال التحريض والوعود الكاذبة، من المساعدة في إحداث انقسام داخل القائمة المشتركة حين خرج منها مجموعة الاخوان المسلمين بقيادة عضو البرلمان منصور عباس.
• إن الهجوم الصهيوني على المجتمع العربي الفلسطيني، الذي شمل سن قوانين عنصرية، واثارة العنف والهجمات الإجرامية، والتطهير العرقي للعرب الفلسطينيين من المدن اليهودية العربية المختلطة، كلها تهدف إلى تحييد التهديد الداخلي؛
• وكمساعدة من اجل بقاء "الدولة اليهودية"، شرع الاستراتيجيون الصهيونيون والإمبرياليون في مشروع يهدف إلى تدمير الأنظمة القومية العلمانية في سوريا والعراق. فقد سعوا إلى تفكيك دولتي سوريا والعراق القوميتين والعلمانيتين، وإنشاء تكتل من الكيانات الطائفية والضعيفة. وكان من المفترض أن يهيمن، الكيان الطائفي الصهيوني، عليهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا. واستخدم الإمبرياليون الغربيون الآلاف من البلطجية المسلمين لتنفيذ هذا المخطط الإمبريالي. بيد أن صمود محور المقاومة (إيران وسوريا والعراق والفصائل الفلسطينية) تمكن من هزيمة هذا المخطط الصهيوني الإمبريالي؛
• إذا استمر النظام الصهيوني في المماطلة في إيجاد حل لمشكلة العنف والجريمة داخل المجتمع العربي الفلسطيني، فلا يمكن احتواؤهما أو عزلهما إلى الأبد. وسوف تتمكن هذه المشكلة من باختراق المجتمع اليهودي الإسرائيلي؛
• أخيرا، إن موجة العنف والجريمة الموجودة داخل المجتمع العربي الفلسطيني حولت دولة إسرائيل إلى غابة برية، ودولة استعمارية بغيضة، لا يمكنها بأي حال من الأحوال البقاء والازدهار في عالم من المنافسة الرأسمالية الشرسة للغاية. وقد ظهرت علامات تآكل سياسي يمكن رؤيته في تدهور مستوى القادة السياسيين الإسرائيليين، والأحزاب السياسية الإسرائيلية، على حد سواء. واضطرت إسرائيل إلى خوض أربعة انتخابات برلمانية من أجل إنشاء حكومة نفتالي بينيت المهتزة الحالية. "... ويضع هذا الترتيب بينيت على رأس ائتلاف مليء بالتناقضات الجذرية، يضم أحزابا صهيونية يمينية ويسارية، يساندهم من الخارج حزب عربي هو "القائمة العربية الموحدة. ولا يجمع كل هؤلاء سوى رغبتهم خلع حكومة نتنياهو". (EDITOR, “Israel’s Benjamin Netanyahu defeated, Naftali Bennett sworn in as new Prime Minister”, https://www.ugstandard.com. Posted on 13-6-2021)
___________________________________________

الدكتور زهير صباغ: أستاذ اكاديمي متخصص في علم الاجتماع. قام بالتدريس الاكاديمي لمدة 22 عاما في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية المستعمَرة. وهو مقيم اليوم في مدينة الناصرة، فلسطين. وهو حاصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة مانشستر البريطانية، وله عدد من الكتب والمقالات البحثية في اللغتين العربية والانكليزية.

References
1. As quoted by Wikipedia, Israel s Independence Day 2019 (PDF) (Report). Israel Central Bureau of Statistics. 6 May 2019. Retrieved 7 May 2019 and "Selected Statistics on Jerusalem Day 2007 (Hebrew)". Israel Central Bureau of Statistics. 14 May 2007. Archived from the original on 28 November 2007. Retrieved 8 October 2009
2. Watad, Mohammed, "Um al-Fahim: “Lawyer Ghanem Jabarin dies of a shooting," (in Hebrew), https://www.arab48.com, 11-10-2021
3. Araf، Suha،"How Arab local authorities became a gold mine for criminal organizations"، (in Hebrew), https://www.mekomit.co.il 14-1-2020
4. Majadleh, Mahmoud, "Lao rockets, mines and machine guns: report reveals the scale of arms thefts from the Israeli army", (in Arabic), https://www.arab48.com,5-10-2021
5. Araf, Suha, “How organized crime took over Israel’s Palestinian communities”, (in English), https://www.972mag.com, 20-1-2020
6. Savir, Aryeh, and Yedid, Baruch, Tazpit News Agency, https://www.jewishpress.com, 5-10-2021
7. Rubinstein, Roy, "Netanyahu in the discussion of crime in Arab society: "In joint forces we can eradicate it", https://www.ynet.co.il, 9-11-2020
8. يعتبر فرانتز فانون مواطنا من منطقة الكاريبي كان قد درس موضوع الطب النفسي في فرنسا، وعمل في الجزائر الاستعمارية. ويعتبر مُنَظِرا شهيرا عن موضوع الاستعمار الاستيطاني. كتب عددا من الكتب حول هذه المسألة لكنه اشتهر بكتابه: "معذبو الأرض". وبعد أن عمل لعدة سنوات في علاج كل من العرب الجزائريين والمستوطنين الفرنسيين، قرر الانضمام إلى صفوف الثورة الجزائرية المناهضة للاستعمار (ز. ص.).
9. Alexandria L., “Frantz Fanon and the Revolution”, https://medium.com, 2-6-2020
10. Abu Ershade, Suleiman, interview with Dr. Saleh Njidat, Arab 48, "Fighting crime is not-limit-ed to punishment but extends to drying its sources", (in Arabic), 5-10-2019
11. Ibid.
12. الجـهـاز الـمـركـزي لـلاحـصـاء الـفلسطيني، "عدد سكان الضفة الغربية"، https://www.pcbs.gov.ps، 21-12-2021
13. Alexandria L., “Frantz Fanon and the Revolution”, https://medium.com, 2-6-2020
14. Jackie Khoury, "For these reasons, crime is on the rise among the 48 Palestinians... And it s down in the West Bank," (in Arabic), https://www.alquds.co.uk, 28-10-2019
15. Ibid.
16. Ibid.
17. Sha alan, Hassan, "Shootout with police in the north: Suspect in bank shooting killed," (in Hebrew), https://www.ynet.co.il, 29-11-2020
18. Ibid.
19. Ibid.
20. Ibid.
21. Senior, Eli and Sh’aalan, Hassan, “Report: Shooting took place between undercover policemen and gangsters in the north”, (in Hebrew), https://www.ynet.co.il, 3-1-2021
22. Schneider, Tal," "Deadly Money," https://www.zman.co.il, (in Hebrew). Retrieved on: 2-9-2021
23. Sha alan, Hassan," "Shootout with police in the north: Suspect in bank shooting killed," https://www.ynet.co.il, (in Hebrew), 29-11-2020
24. Ibid.
25. Ibid.
26. Araf, Suha, "How did the Arab local authorities turn into a "gold mine" for criminal organizations?”, (in Arabic), https://www.arab48.com, 15-1-2020.
27. Ibid.
28. Araf، Suha،"How Arab local authorities became a gold mine for criminal organizations"، (in Hebrew), https://www.mekomit.co.il 14-1-2020
29. Ibid.
30. Ibid.
31. Ibid.
32. Ibid.
33. Ibid.
34. Ibid.
35. Kalman, Libeskind, "It is time for the leadership of Arab society to stop blaming the whole world for its violence," https://www.maariv.co.il, (in Hebrew), 13-3-2021
36. Ibid.
37. Ibid.
38. Prof. Dagni, Avi, "Crime in Arab Society is rampant but there are solutions to improving the situation", https://www.maariv.co.il, (in Hebrew), 9-4-2021
39. Araf, Suha, "State within the State": This is how criminal organizations dominated Arab society”, Arabs 48, (in Arabic), https://www.arab48.com, 14-1-2020
40. Ibid.
41. Savir, Aryeh, and Yedid, Baruch, Tazpit News Agency, “Israel’s War on Crime in Arab Sector is ‘Attempt to Disintegrate Arab Society’, Senior Arab Official Claims”, (in Hebrew), http://www.jewishpress.com. Retrieved on: 5-10-2021
42. Ibid.
43. As quoted by Wikipedia, Israel s Independence Day 2019 (PDF) (Report). Israel Central Bureau of Statistics. 6 May 2019. Retrieved 7 May 2019 and "Selected Statistics on Jerusalem Day 2007 (in Hebrew)". Israel Central Bureau of Statistics. 14 May 2007. Archived from the original on 28 November 2007. Retrieved 8 October 2009
44. MADAR Report, “156 racist laws were presented to the Knesset”, https://www.arab48.co, 30-7-2017
45. Wikipedia, “Arab citizens of Israel”, https://en.wikipedia.org, Retrieved on: 20-10-2021
46. Abu Hussein, Yusuf, "Land Day: Account of the Event," (in Arabic), https://www.arab48.com, 30-3-2019
47. Najameh-Yosef, Ula and Levin-Chen, Ruth, “Stop the Collaborators", (in Hebrew), https://www.mako.co.il, 14-11-2019
48. Nussbaum, Moshe," Police: Most of the Crime Generators in Arab Society are Collaborators of the Shin Bet," Main Edition, (in Hebrew), https://www.mako.co.il,30-6-2021
49. Ibid.
50. Araf, Suha, "State within the State": This is how criminal organizations dominated Arab society, Arabs 48, https://www.arab48.com, (in Arabic), 7-8-2021
51. Acre for Israeli Affairs, "Israeli Channel: Shabak supports the perpetrators of crime in the Arab sector", (in Arabic), https://palsawa.com. Retrieved on: 1-7-2021
52. Araf, Suha, "State within the State": This is how criminal organizations dominated Arab society, Arabs 48, (in Arabic), https://www.arab48.com, 7-8-2021
53. Acre for Israeli Affairs, "Israeli Channel: Shabak supports the perpetrators of crime in the Arab sector", (in Arabic), https://palsawa.com. Retrieved on: 1-7-2021
54. Sabo, Gilad," Do Mossad and Shabak -dir-ectors report only to the Israeli Prime Minister?", (in Hebrew), https://www.quora.com, 3-10-2021
55. Silverstein, Richard,” Netanyahu Gags Shabak -dir-ector, Subverts Knesset Oversight Regarding Eilat Attack”, https://www.eurasiareview.com, (in English), 7-9-2011
56. Ibid.
57. Ibid.
58. Araf, Suha, "State within the State": This is how criminal organizations dominated Arab society, Arabs 48, (in Arabic), https://www.arab48.com, 14-1-2020
59. Ibid.
60. Z’ubi, Hiba, in an exclusive interview with Dr. Khaled Abu ‘Asbeh, Madar Center, (in Arabic), https://www.madarcenter.org, 7-8-2012
61. Ibid.
62. Ibid.
63. Singer, Rooney, "If this had happened in Jewish society, the country would have been on its feet," (in Hebrew), https://www.mako.co.il, 19-3-2021
64. Jawabra, Mohammed, "The Palestinian working class between marginalization and the possibilities of advancement", https://www.ajras.org, 5-12-2010
65. EDITOR, “Israel’s Benjamin Netanyahu defeated, Naftali Bennett sworn in as new Prime Minister”, https://www.ugstandard.com. Posted on 13-6-2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس