الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العثمانية الجديدة تلفظ أنفاسها الأخيرة... التاريخ لا يعيد نفسه

حامد محمد طه السويداني

2021 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


في العام (2001) وضع احمد داود اوغلو كتابه الموسوم (العمق الاستتراتيجي: موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية) وهو الاسم المرادف لمصطلح العثمانية الجديدة الأيديولوجية التي نادى بها حزب العدالة والتنمية وسعى الى تطبيقها وهي قائمة على استرجاع الاستتراتيجية العثمانية والتي مفادها التغلغل في الدول العربية تمهيدا للسيطرة على القرار العربي والثروات العربية وان تكون تركيا هي التي تقود العالم العربي والإسلامي ومن المؤسف ان تقوم دويلة صغيرة مثل قطر بتبني ترجمة هذا الكتاب الى اللغة العربية اذ قام مركز الجزيرة للدراسات في العام 2010 بطبعه وكان قد اوكل لمؤلف الكتاب بتولي وزارة الخارجية التركية بعد وصول حزب العدالة والتنمية الى السلطة في تركيا.
وقد تحركت الدبلوماسية التركية الناعمة في العمل على رفع شعار (تصفير المشكلات) وقد نجحت هذه السياسة في بداية الامر واخترقت العديد من الدول العربية تحت ذريعة الاخوة الإسلامية وعودة تركيا الى التصالح مع الماضي وإقامة علاقات مع العرب ونبذ الفتور والانقطاع الذي أصاب العلاقات العربية التركية في فترة تولي العلمانيين الحكم في تركيا واستطاعت تركيا في عهد حزب العدالة والتنمية وخلال السنوات (2010-2002) ان تقيم علاقات اقتصادية وتجارية مع العرب الذي رحبوا بعودة تركيا الشقيقة اليهم لكنهم لم يدركوا حجم الاطماع التركية والتي تهدد كيانهم واستقلالهم الا بعد اندلاع الثورات العربية في العام 2011 وكيف تحولت السياسة التركية من تصفير المشكلات الى افتعال المشكلات مع محيطها العربي وقبل الدخول في تحليل هذه الظاهرة لا بد من الإشارة الى ان نظرية العمق الاستتراتيجي التركية او العثمانية الجديدة ولدت ميتة لاعتبارات منها ان الدولة العثمانية عندما سيطرت على الدول العربية كان العرب في ذلك الوقت مهددين من قبل الاخطار الخارجية وتحديدا من القوى البرتغالية والهولندية والصفوية وهم من رحبوا بالعثمانيين علما بان الدولة العثمانية في ذلك الوقت كانت دولة مستقلة بقرارها على العكس من تركيا الحالية المكبلة بالاحلاف والمعاهدات مع الولايات المتحدة والعالم الغربي وكانت الدولة العثمانية آنذاك في اوج قوتها العسكرية والسياسية والمالية اما العرب اليوم فهم دول لهم ارتباطات وعلاقات مع القوى الكبرى وهم على وعي كامل خاصة بعد العام 2011 بان لتركيا أطماع في الأرض العربية وانكشفت العثمانية الجديدة وصار يصرح المسؤولين الاتراك بانهم يرغبون ان يأتوا على الاقدام للسيطرة على سوريا والعراق..... .
ان الشعب العربي والمثقفين العرب بدأوا ينظروا الى تركيا كدولة طامعة اثارت العديد من المشاكل والنزاعات في سوريا وليبيا والعراق ...... وتدخلاتها العسكرية في شؤون الدول العربية كما ان تركيا الحالية ليس لها مقومات (الدولة المركز) مثلما يدعي داود اوغلو هذا باعتقادي أوهام واحلام تصيب الاتراك عندما يشعرون بفائض القوة كما ان الولايات المتحدة الامريكية والقوى العظمى لديها مصالح مع المنطقة العربية ولا يمكن ان تسمح لتركيا باجتياز الخطوط الحمراء للمصالح الامريكية واليوم تمر تركيا بظروف قاسية جدا وخاصة الحياة المعيشية المتردية للشعب التركي وعدم قدرتهم على سد احتياجاتهم من الغذاء والدواء في حين ان اردوغان يصرح دوما بانه سيطلق مركبة فضائية الى القمر وانه في العام 2023 ستصبح تركيا دولة عظمى وهو مفتون بالمشاريع الدعائية الكبرى، لكن هذه السياسات ولدت الكثير من المساوئ ومنها رجوع تركيا الى الحكم الاستبدادي وتفرد شخص اردوغان في الحكم وتراجع حقوق الأقليات وخاصة الاكراد الامة المغتصبة حقوقها وهي التي ساهمت في كل لحضارات التي قامت بالمنطقة وكذلك ازدياد السخط الشعبي ومطالبة الشعب التركي برحيل اردوغان وتصدع المنظومة الديمقراطية التي بناه مصطفى كمال اتاتورك وخلفاؤه من بعده والذي كان اخرهم هو الرئيس التركي احمد نجدت سيزر (2000-2007) وهو اخر العلمانيين الاتراك.
وقد تحدث علي باباجان وزير الاقتصاد الأسبق قوله بان اردوغان تعتقد ان تركيا هي (لعبة سيمز) فهو يتلاعب بكوادر الدولة وكذلك صرح باقي أحزاب المعارضة بخصوص السياسات الخاطئة التي نتجت عن سياسات حزب العدالة والتنمية واليوم اردوغان يحاول يحاول العودة الى المصالحة مع دول الخليج ومصر وهدفه في ذلك إعادة الليرة التركية الى وضعها السابق عن طريق الأموال الخليجية ولكن هذه الحلول ترقيعية لازمات لاحقة ستمر بها تركيا ان أرى بان العثمانية الجديدة التي يقودها اردوغان تلفظ أنفاسها الأخيرة وستموت وتدفن الى الابد فالتاريخ لا يعيد نفسه ابدا.
وهنا لابد من الإشارة الى انهيار مصطلح (العثمانية الجديدة) هو ليس فقط بسبب ما تمر به تركيا من انهيار لليرة التركية وسوء الأوضاع المعيشية وانما الأفكار والسياسات التي قام بها اردوغان هي التي أدت الى كشف زيف هذه الظاهرة خاصة وان المنظرين للعثمانية الجديدة اصبحوا معارضين لسياسة اردوغان وقاموا بتأسيس أحزاب ليبرالية اكثر منها إسلامية فكانت تركيا في السنوات الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية تحلم بعودة تركيا العثمانية لكنها اليوم بدأت تنشغل بتوفير الطعام والدواء لشعوبها وبدأت تقدم تنازلات في خطابها السياسي مع دول الخليج ومصر من اجل دعم اقتصادها مثل قطر والامارات ولكن هذه الحلول ترقيعية فالتاريخ لا يعيد نفسه ابدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير