الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عدنان أبو زيد القاضي مع التحية

محمد باني أل فالح

2021 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


عَرجت قبل أيام في متن أحدى كتاباتك الى عنوان عظمة العراق وتفاهة ذلك العنوان حسب تفسيرك وقناعتك التي أطرتها بمفاهيم علمانية تحددها بعض الماديات التي أعتاد عليها بعض المهاجرون لأرض السواد وفي ذلك مقبولية معتادة لمن تشوهت لديه مبادئ الفكر الحضاري للعراق سواء ما قبل التأريخ أو ما بعده ولتفسير ذلك لأبد من العودة الى ما قبل التأريخ عندما أخترع العراقيون القدماء أحد مصادر الطاقة وأستخدموها للتعدين وعندما أرسا حمورابي شريعته في فرض القانون وبناء الدولة والنظر الى واقع الدول الأوربية وكيف كان وضعها الاجتماعي والفكري ومديات ثقافتها المعرفية حينذاك وحتما ستكون أجابتك بأنهم كانوا من سكان الكهوف في ذلك الزمن وتعزز ردك بالقول أنه لا يعتد الأنسان بماضيه أذا ما كان حاضره متألقا وهنا سأسير معك وفق ما يمليه منطق القول وأردف بالرد لك بأن للعراق حضارة أزدهرت في القرن السابع الى القرن الخامس عشر وهي الفترة الذهبية لحكم الدولة العباسية في بغداد حينما كانت عاصمة المأمون قبلة العالم في العلم والمعرفة ومنها أكتسب الشرق والغرب علومه في الطب والرياضيات الى حين سقوطها على يد عصابات الجهل بزعامة هولاكو وتعلم كما غيرك بأن هناك دويلات قامت في أوربا وأختفى تألقها كأمبراطورية الرومان وأسبانيا وبريطانيا وغيرها من الأمم الاوربية على مدى السنوات التي خضعت فيها الدول العربية لحكم الدولة العثمانية وتلك هي السمة المعتادة للأمم والشعوب في تبادل الأدوار في حكم العالم .
ونعود الى شأن العراق دينياً وحضوته كمهد للأنبياء منذ عهد نبي الله أبراهيم ونوح وصولاً الى عهد سيد الأوصياء الأمام علي ع ومعه أنتقال أغلب أئمة أهل البيت وأنتشار مراقدهم على أمتداد أرض العراق دون سائر بلدان العرب وما سبب ذلك إلا كون أرض السواد وهي مقام نبي الله ابراهيم الذي يعد أمتداد لقبائل العرب ومنهم قريش وأل هاشم حيث نسل النبوة التي أصطفاها الله تعالى وأختص بها لنفسه دون سائر الخليقة ولا يفغل لديك جانب كون العراق بلداً يضم الكثير من المرافق السياحية الدينية على الصعيد الإسلامي والعالمي حيث الزقورة ومراقد أنبياء بقية الديانات من اليهود والمسيح أضافة الى أثاره الشامخة التي تشهد على عمق حضارته في مدينة بابل .
أما ما يدور في أيامنا هذه فأن بوصلة العالم تأبى إلا أن تقف على أرض الرافدين دون بقية الأمم ونراه يحضى بإهتمام بالغ من قبل الدول العظمى التي بنت مجدها على مغانم دول الشرق وعززت من وجودها على نهب خيراتها والعمل على أضعاف وجودها بالتعاضد المشترك مع الدول الأوربية ومعها أمريكا التي لم ولن تدخر جهداً في محاربة العراق وأضعاف أمكانياته لمعرفتها المسبقة بما لهذا البلد من تأثير مباشر على خارطة العالم في المستقبل كما كان عهده في سالف الزمن لذلك تراها تحط رحالها بكل ما أوتيت من قوة للوقوف بالضد من كل ما من شأنه رقي ونهضة العراق وخير دليل على ذلك معارضتها دخول العراق لطريق الحرير دون سائر الدول المحيطة به .
وما تصريح الرئيس الفرنسي الذي قال فيه بأن الرئيس الامريكي جورج بوش أتصل به في وقت متأخر من الليل ليخبره بأنه سيقوم بحرب صليبيه ضد الخطر الأسلامي المتصاعد في العراق ويدعوه الى مشاركة الجيش الفرنسي بتلك الحرب ويقول قد صدمني ذلك الإتصال حينها ... أليس ذلك دليل على عظمة هذه البلاد التي باتت تؤرق دول العالم لا لقوتها العسكرية وإنما لأنهم يعلمون علم اليقين بأن بداية الحياة في الكون كانت على أرض العراق وستنتهي هناك ...
في أحدى الورش التي أقامتها السفارة الأمريكية في بغداد عام 2006 كنت ضمن مجموعة من الصحفيين المشاركين في ورشة لتطوير المهارات الإعلامية وكان هناك مترجم ينقل لنا ما قاله أحد المدربين الامريكان بما نصه أنهم كانوا يعانون كثيراً في إيجاد مدربين في السفر للعراق وتقديم هذه الورشة وغيرها من الورش وكان السبب أنهم كانوا يعلمون بأنهم ذاهبون الى بلد تمتد حضارته الى أكثر من سبعة ألاف عام أي قبل أكتشاف قارة أمريكا بألاف السنين وأن الناس هناك ليس من السهل التعامل معهم كما التعامل مع بقية بلدان العالم لأنهم يمتلكون أرث من الثقافة والمعرفة الحياتية بقدر معرفتنا بعشرات المرات إلا أنهم تعرضوا الى تسلط وقمع جمعي من قبل بعض الدول العالمية التي أستعمرت أراضيهم لسنوات طويلة .
قد يعني لك أن تكون عظمة الشعوب في مجال بناء والأعمار وركوب المترو وحديقة غناء تتراقص فيها الصبايا مع وجود المصانع والمعامل وبعض الإستخدامات الأخرى التي أفرزتها سنوات الإستقرار التي تمتعت بها تلك الشعوب ولا ضير في ذلك أذا ما عرفت أن جميع ذلك يمكن بناءه في عدد من السنين قد تكون عشرة أو ضعف ذلك العدد ويكون بعدها العراق في مصاف الدول المتحضرة وفق تصورك للتحضر وعظمة الشعوب ولكن الحقيقة أنه سيكون أعلى منها درجة وفق مقياس ما يتمتع به من أمتيازات لا يمكن لأي بلد شراؤها بالمال أو بالعمل لسنوات كالعمق الحضاري والحضوة في كونه مهد الأنبياء وتميزه عن باقي شعوب المسلمين بكثرة مراقده ومركز للتشيع ومرجعيتها في النجف الأشرف حيث يعد العراق قبلة الملايين من أبناء المذهب الشيعي وهو بذات الوقت قبلة لملايين الحجاج من أبناء الديانات الأخرى وتلك هي معالم عظمة العراق الحقيقية التي يفتخر بها أبناء العراق دون سائر الأمم .. تحياتي صديقي العزيز .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال