الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات من الفولكلور الكردي-لا تأمن لامرأة ولا لرجل حكومة

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2021 / 12 / 23
الادب والفن


الحلقة الخامسة
لا تأمن لامرأة، ولا لرجل حكومة

استدعى شيخٌ طريح الفراش ولده الوحيد وقال له:
- تعال يا بني كي أعطيك نصيحة ثمينة شريطة أن تلتزم بها.
أجابه الولد:
- قل يا أبي.
- هذه الدنيا فانية وربما رحلتُ عنها غداً فخذ عني يا ولدي ألا تأمن لامرأة ولا لرجل حكومة.
وسرعان ما مات الرجل تاركاً لابنه كل ثروته. مضت أيام الحداد وأخذ الابن يفكر بنصيحة أبيه ومغزاها وقال في نفسه:
- ترى لماذا أوصاني أبي بهذا؟ عليَّ أن أتحقق من الأمر.
ثم قام من فوره فاشترى خروفاً وأخذه الى الفران وطلب منه أن يذبحه ويحشوه ويشويه على أن يعود ليأخذه بعد صلاة العشاء. ثم ذهب الى النجار وطلب منه أن يصنع له تابوتاً متوسط الحجم وأوصاه ألا يغلق دكانه حتى يأتي بعد العشاء ويأخذه. وعندما حل الموعد أخذ الخروف ولفه بقطعة من القماش الأبيض وذهب الى النجار واستلم التابوت ووضع فيه الخروف وحمله على كاهله في ظلمة الليل وتوجه نحو منزله. تفاجأت زوجته بمرآه وهو يحمل التابوت فسألته مستغربة:
- ما هذا يا زوجي العزيز ؟!
- أسكتي يا حرمة. لقد قتلت رجلاً وسينكشف أمري إذا دفنته أينما كان ولهذا سندفنه في باحة البيت ولا من شاف ولا من درى! أنا وأنتِ ستر وغطاء لبعضنا ولزام علينا أن نحافظ على أسرارنا. أليس كذلك يا بنت الناس؟
- بلى يا فلان، وكيف لا؟ إذا أنا لم أستر عليك فمن يفعل؟ أسرع واحفر وسط البيت قبل أن يأتينا أحد.
وهكذا دفن الرجل تابوته وسط المنزل وجلس ليستريح قليلاً وهو يتوق لمعرفة النتيجة قبل أن يفسد الخروف ويتغير طعمه فما كان منه إلا أن افتعل مشادة مع زوجته ثم نزل عليها صفعاً وضرباً بالعصا فارتفع عويلها وفرت من المنزل وهو تطلب النجدة وتصيح:
- أيها الجيران، لقد قتل زوجي شخصاً ودفنه في باحة البيت.
ولم تفرغ من كلامها حتى تجمع الجيران من حولها. ولأن الدنيا لا تخلو يوماً من الفضوليين والمشاغبين فقد تسلل واحد من الجيران المحبين للفتن من بين الجمع وتوجه الى سراي الحكومة ونقل لهم كل ما سمع. كان كل رجال الحكومة أصدقاء لبطل حكايتنا ولم يكن ليمضي عليهم يوم دون أن يكرمهم ويستضيفهم ويطعمهم من خبزه، لكنهم تناسوا كل ذاك وحملوا بنادقهم وهرعوا الى بيته وطلبوا من المرأة أن تدلهم على مكان دفن القتيل فأرشدتهم اليه وأخذوا يحفرون حتى أخرجوا التابوت فأمر ضابط الشرطة أتباعه بأن يوثقوا الرجل ويأخذوه الى السراي حتى يأتيهم ويقرر ما يفعل بشأنه.
لكن صاحبنا انبرى لهم قائلاً:
- علام تلقون القبض عليَّ؟ ألا يجدر بكم أولاً أن تعرفوا ما في التابوت؟
عندها أمر الضابط بفتحه فلم يجدوا بداخله غير الخروف المحمر المحشو الملفوف بقطعة القماش الأبيض ورائحة الشواء والبهار الشهية تفوح منه فشمروا عن أردانهم وتجهزوا لالتهامه. غير أنه نهرهم وصاح فيهم:
- إياكم ولمسه! لطالما جلستم الى مائدتي وأكلتم من خبزي لكنكم نسيتم كل هذا وأردتم أن تزجوا بي في السجن دون جناية بيّنة. قوموا واذهبوا الى أشغالكم. قد صدقت وصية أبي.
فسأله رجال الشرطة:
- وما كانت وصيته؟
- قال لي أبي "لا تأمن لامرأة ولا لرجل حكومة" وها قد جربتهما وصدقت نصيحته.
كلام الكبار صحيح على الدوام، أليس كذلك!
(من كتاب حكايات الموقد الخشبي-ترجمة ماجد الحيدر-2021)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07