الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بابا نويل الفلسطيني

شوقية عروق منصور

2021 / 12 / 25
الادب والفن


تعددت صور بابا نويل ، فلكل بلد في العالم بابا نويلها ، شكله ولون بشرته، وتعددت صور قدومه ومن يجر عربته سواءً الغزال أو الأسد أو الخروف أو القطط، أو تتحول عربته إلى دبابة أو طائرة أو غواصة ، حسب الظروف السياسية، والاجتماعية للبلد الذي يأتي منها ، لكن في النهاية نراه قادماً حاملاً كيسه لمليء بالهدايا، ومهما أثيرت حوله القصص والحكايات والمواقف والنكات، يبقى وجوده في أيام الأعياد جزءاً لا يتجزأ من طقوس الفرح الإنساني والطفولي الذي يتغلغل في النفوس ، حتى أصبحنا لا نستطيع الفصل بين العيد وبابا نويل .
لكن بابا نويل الفلسطيني خاصة في مدن وقرى الضفة الغربية يختلف ، خطواته تتميز بالجدية لا يحاول الهرب أو افتعال المواقف والقيام بمقالب أو الغناء أو الرقص مع المحتفلين أنه بابا نويل جاد ، يحاول سرقة الخوف والإحباط والتساؤلات القاتلة وتحويلها إلى لغات جديدة لفرح العابر ، لكن لا يستطيع ، فمهمته مختلفة هنا ، صعبة ، في هذه الأماكن البائسة بين البيوت وفي المخيمات والفقر ووجوه الأطفال ، وبين قبور الشهداء وفي الكنائس والمساجد هناك خيوط الدم النازفة ، من الصعب مسحها وجعلها شجرة تتألق بالأضواء .
رأيته يخرج في ثيابه الحمراء وينضم للمتظاهرين ، يقف على الحواجز ويواجه الجنود، والجنود لا يتحملون رؤية المتظاهرين الذين يقودهم بابا نويل .. لذلك يطلقون الرصاص وقنابل الدخان يحاولون ابعاده عن الحاجز وهو يقترب وكلما اقترب قاموا بابعاده .. ثم صوبوا البندقية عليه .. فهرب .. خلف الجدار ... سألته :
-لماذا هربت يا بابا نويل .. أنت تستطيع التحرك والتواجد في كل مكان .. ؟ قال :
- أنني خائف .. ارتعش من الرعب .. لقد قتل أبي برصاصة جندي إسرائيلي قبل ولادتي ، عشت يتيماً ، تزوجت أمي .. وتركتني في رعاية جدي الذي يصر أن اعمل لأنه لا يملك قوته أنا اعمل في دكان للألعاب وقد طلب مني صاحب الدكان أن ارتدي ثياب بابا نويل وأقف أمام الدكان حاملاً الجرس حتى يأتي الزبائن إلى المحل ، وقد وجدت مظاهرة أمام الحاجز اعتقدت أن وجودي مع المتظاهرين سيجعل وسائل الاعلام تنتبه للحواجز العسكرية ، وتبث صورتي على الملأ ، مما يدفع زملائي في عالم بابا نويل الاحتجاج والرفض ، لكن الظاهر أن ثيابي الحمراء وقبعتي الشهيرة ولحيتي البيضاء وجرسي لم تعد جميعها تشكل الدهشة والفرح ، أثناء حديثه سمعنا أصوات اطلاق الرصاص من قبل الجنود ، اختبأ بابا نويل خلف أحد الجدران انتظر حتى هرب كل من في الساحة فخرج ، ناده أحد الجنود وصل بابا نويل اليه .. شده الجندي من لحيته، ثم طلب منه خلع بذلته الحمراء ، لم يتردد فقد قام بخلعها دون مقاومة أخذوا ينظرون إلى ملابسه الداخلية الممزقة .. ضحك الجنود عليه .. لفوا البدلة الحمراء والقوا بها في الموقد المشتعل الذي وضعوه أمامهم للتدفئة في ليالي البرد .
- وقف بابا نويل عارياً طلبوا منه الركض أخذوا يطلقون الرصاص في الهواء .. وهو يركض وصل إلى أول بيت دق بابه لم يستجيبوا ، دق دق وهو يرتعش ردوا عليه من فوق، من الطابق العلوي، طلب منهم خرقة أو أي شيء يرتديه، وعندما سألوا من يكون قال لهم بابا نويل ..!!
- لم يصدقه أحد في الطابق العلوي ، بل اعتقدوا أنه رجل منحرف وعليهم ضربه فتحوا الباب وأخذوا يضربونه .. سالت الدماء الحمراء على وجهه .. ومن بعيد ظهر كأنه يرتدي البدلة الحمراء لكن لم يسمعوا صوت الجرس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا