الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(طفولة ( واثق بالله

احمد مصارع

2006 / 8 / 31
حقوق الاطفال والشبيبة



وقفت الى جانبه وهو يستمتع بترديد الترنيمة التالية
الله مالله بالله
آني ما أسمع
ألا كلام الله
* * *
الله مالله بالله
آني ما أسمع
ألا كلام الله
***
كان يهتز كالنابض منتشيا , غافلا عما يدور حوله , كمثل من يؤدي صلاة حقيقية .
سألته بهدوء تام , وبصوت خفيض , كي أختبر صدق ما يقوله , فمن المفترض , أنه لن يسمع صوتا آخر غير صوت أو كلام الله.
:- حمادي , هل تعرف الله ؟
أجاب بسرعة ضوء البرق : أنا لا أعرف الله , لكن ( بس) أسمع كلام الله .
جربت أن أعلق عليه ساخرا فعلقت معه علقة لا خلاص منها.
:- يبدو أنك حفظت الدرس جيدا ؟
أجاب :- آني أحفظ دروسي , وأسمع كلام الله ...
قلت له :- تذكر.... وأسمع كلام .......؟
قال الله ثانية , وأعدت علية الجملة الناقصة ليكملها , وخلال لحظات نسي ترنيمته , وراح يقول :- وأسمع كلام أبي وأمي ...
أضفت - و.....؟
رد سريعا - خلاص .
قلت -: وكلام ...؟
استدرك وهو يتذكر شيئا هتف بصوت عال :- وكلام معلمتي فهي تعلمني ..
قلت محفزا - وكلام ......؟
رد مستاء بكل ثقة :لا أحد , خلاص , لم يبق أحد .
سألته - الآن هل أنت تسمعني ؟
أجاب باستخفاف : أسمعك بس ما أطيعك ؟
علقت عليه : يعني أنت ما تطيع المدير والرئيس والملك ؟!.
قال بكل برود : لا .
لم يكلف نفسه عناء تأكيد ( لا) عدة مرات , وراح يحملق بي , بعينين كبيرتين , وهما تضيئان كفانوسين , في وجه مدعبل كشمامة , فسخرت منه بقسوة لأنني رغبت بقرصه , قرصة تجعله يصرخ صراخا يتعظ فيه مرة واحدة , كي لا يعود للاستخفاف مرة أخرى , ولولا خوفي أن يكبر فجأة وأخسر طفولته الجميلة .
قلت له - هل تعلم ؟ لو أن الله خلقك بطيخة حلوة ؟ لمه ؟ كي أأكلك ..
رد منتصرا :- لأني أسمع كلام الله , فالله خلقني إنسان ..لأني أطيعه ..
قمعته بقوة : - أنت جبان وتخاف من كل شيء ؟
أجاب معاندا - لا, لأ ,لا أنا لا أخاف إلا من الله .
سألته مستنكرا - لماذا لا تخاف إلا من الله ؟!.
أجاب بثقة واحد فيلسوف عصره .
- لأن الله عنده الجنة والنار , وال ( ما يسمع كلامه )يعذبه بالنار , وال( يسمع كلامه يدخله بالجنة ) .
أعدت سؤاله وكلي انزعاج من أيقانييته الدغمائية.
:- يعني أنت لا تخاف من المديرة ؟!.
قال: - لا, قلت له بلهجة مهددة : - ولكنها ستطردك من المدرسة , وستصير ( حوام ) بالدربات , صايع وتلعب ضايع ...؟
بكل هدوء رد -: المهم أن أدخل الجنة ..
لنكبر الاستجواب ومع هذا ( العنتري ), ولننظر الى أين نصل !.
سألته كرة أخرى لأورطه أكثر فأكثر
:- ألا تخاف من الرئيس أو الملك ؟
أجاب بالنفي بكل برود , قلت له مهددا - : ولكنهم سيجنونك .
قال ثانية :- المهم أن أدخل الجنة .
علقت عليه ساخرا :- ستدخل الجنة ولكن بعد أن ينتفوا ريشك ويسلخوا جلدك ؟
قال واثقا
- إيه الله سوف يعذبهم .
نفذ صبري مع هذا الطفل النافش روحه كالطاووس الجميل , الذي سأسميه من الآن وصاعدا السيد: ( واثق بالله ) , ورحت أكيل غيضا من فيض تهم :
-: أنت متطرف .
-: أنا( مو.. مططرف ).
-: أنت رافضي .
- أنا ( مو.. أررفض ).
-: أنت إرهابي صغير .
رد علي بفظاعة هذه المرة - : أنا شرطي كبير .
( تحسبها لعبة كومبيوتر ياعكروت ؟!).
لابد من قرصه قرصة مؤلمة , تجعله ينطز من مكانه , لابد من أن أنتف ريشة من هذا الطائر الجميل منفوش الريش , الواثق بالله .
سؤال لو سمحت حمادي واثق بالله
:- الحمام يلد أم يبيض ؟
أجاب على الفور بسرعة طائشة صاروخية ( صاغوغ ) , واسع الإطلاع .. ماشالله واثق بلله
-: الدجاج والبط والحمام والعصافير .. و(الوز) والنسر .. كلها تبيض .
أسأل -: والخراف تبيض أم تلد ؟
أجاب -: الخراف والكلاب والقطط والحصن والثعالب والذئب والنمر والأسد .. كلها تلد .
على الخبير وقعت , وكأنه يعرف الذئب والفهد والأسد ؟!.
أين رآهم بالصور ؟!.
سيد واثق بالله
- والنمل ؟ والجراثيم والفيروسات ؟
صمت ساهما يفكر بطريقة طائر الحر عندما يقع بالشبك .
-: ...............................
-: سيد واثق بالله , أبوك هل يلد أم يبيض ؟
فكر مليا ثم قال وهو يحك رأسه حائرا -: يبيض .
قهقهت بضحكة أوضح من دمدمة الرعد, فتقلص وجهه وانكمش كالطائر المبتل بالماء , وشعر بالحرج والخجل , لأنه كان يعلم أن أمه هي ولدته , وبالتالي فلابد أن يكون أبيه هو الذي يبيض , فمازال عقله محصورا في ثنائية ( نعم , لا ) , ولم يدرك بعد الثنائية ( لا, لا ) , أي لا هذا ولاذاك
أعطيته ( خرجية ) مصروف نقدي فهو يستحق عطاء جزيلا , وخلال ثوان ركض نحو الدكاكين ليشتري ما تشتهيه نفسه .
لقد أضحكني أخيرا وكثيرا, لعل جمال الطفولة من طرافة فكرهم الذي ينبغي أن ينمو وأن تحرص كل البشرية على أن يتم في دعة وسلام , فما أجمل الطفولة . ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تبدأ إرسال مساعدات إنسانية إلى لبنان لدعم مئات آلاف النا


.. أصوات من غزة| إسرائيل تقتل 10600 طفل وفق الأمم المتحدة




.. ما وضع الأقليات العرقية في ولاية جورجيا؟


.. هل يستطيع لبنان مواجهة أزمة النازحين؟




.. العراق يعلن استقبال مئات النازحين اللبنانيين عبر منفذ القائم