الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا- امريكا: الضمانات الامنية ماذا والى اين

مزهر جبر الساعدي

2021 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


(روسيا- امريكا: الضمانات الامنية ماذا والى اين)
في المؤتمر الصحفي السنوي للرئيس الروسي، الذي اعتاد بوتين عقده في نهاية كل عام، منذ عام 2001، والى الآن، باستثناء السنوات التي كان فيها رئيسا للوزراء؛ اشار الى الضمانات الامنية التي طالبت بها القيادة الروسية امريكا؛ بتقديمها الى الجانب الامريكي، او الاصح مناقشتها مع الجانب الروسي. كما انه بيًنَ في ذات المؤتمر؛ ان الرد الامريكي على تلك الضمانات كان ايجابيا، وتم تشكيل وفدي التفاوض، الذي من المؤمل ان يبدأ في يناير المقبل. في ذات السياق؛ قال ان الامريكان هم من جاءوا بصواريخهم على مقربة من حدودنا، واصبحوا على عتبة بيتنا. ونشروا الصواريخ الهجومية في بولندا ورومانيا، ولم نقم نحن بنشر صواريخنا الهجومية على مقربة من حدود امريكا، في المكسيك او في غيرها. وعليهم الاجابة الآن وعلى الفور على هذه الاسئلة التي تضمنتها الضمانات الامنية. كما انهم، يقول بوتين؛ يحاولون الآن، نشر صواريخهم الهجومية في اوكرانيا، على مقربة من باب بيتنا. الامر الاكيد ان هذا التطور قد فاجأ الجانب الامريكي، وفي هذا الظرف الذي يشهد توترا متصاعدا بين الجانبين في الذي يخص اوكرانيا، لكن على ما يبدوا من الرد الايجابي الامريكي على المطالبة الروسية بالضمانات الامنية، وقبول مناقشتها في يناير المقبل، وهذا الرد هو ردا متوقعا؛ لأن، ليس في وسع امريكا الا ان ترد ردا ايجابيا على الطلب الامريكي. نعتقد ان الحوار في القادم من الوقت، بين الجانبين، سوف يفضي على تعهدات خطية وملزمة قانونيا، كما طالب بها الطرف الروسي، بعد فلترتها بالتعديل، وبالإضافة، وبالحذف، قبل بدء الحوار وخلال الحوار؛ اي الاتفاق على منطقة وسط يتفقان عليها. ربما يستمر الوفاء بها ( الضمانات الامنية..) الى عدة سنوات قادمة، من غير الاخلال بها او القيام بإلغائها خلال هذه السنوات، أما عند تغيير الظروف والبيئة السياسية، أو انها رأت ان هذا يخدم سياستها؛ فأنها سوف تلغيها وبكل بساطة كما قال وزير خارجية روسيا قبل ايام. رغم هذا، فأن الصراع الروسي الامريكي، الذي صار ساخنا في العقد الثاني من هذا القرن، وهو اي هذا الصراع؛ يتواصل حتى الأن وبدرجات ومستويات مختلفة الحدة والسخونة، لكنه مستمر في تقريب سقوف المواجهة في مناطق عدة من العالم، في البحر الاسود، وتحديدا في اوكرانيا، وبدرجات اقل حدة وسخونة في سوريا، وفي اسيا الوسطى. انما في سوريا وفي اسيا الوسطى، ربما لاحقا، في وقت ما؛ سوف يخضعان للمساومة والمقايضة بين الدولتين، حين تحل ساعة البحث عن المخارج والحلول. لكن، في اوكرانيا ان الوضع مختلف كليا، عنه في مناطق اخرى من مناطق صراع الندين. اوكرانيا تشكل خاصرة رخوة في جسد الدب الروسي، فأن حضورا عسكريا امريكيا بغطاء الناتو او بمشاركة الناتو؛ بنشر صواريخ هجومية فيها، وتأسيس بنية تحتية لناتو على اراضي اوكرانيا حين يتم ضمها الى الناتو والذي تخشاه روسيا، بل ترفضه رفضا قاطعا؛ لأنه، يشكل تهديدا جديا وفعالا للأراضي الروسية. وهذا هو ما دفع بوتين ان يرسل الى الولايات المتحدة رسالة الضمانات الامنية، وبلغة كما يقول عنها الاعلام الغربي والروسي معا؛ حادة وبعيدة عن النعومة في مخاطبات من هذا النوع، كما هو متعارف عليه، او كما جرت العادة الروسية في هذه المخاطبات، بل تحمل الكثير من لغة التهديد والوعيد. مما جعل اغلب كتاب السياسة وطروحات المحللون السياسيون؛ يتوجسون من اقتراب الصدام بين الندين، عندما اُعلن عن رسالة الضمانات الروسية الى امريكا، وما نتج عنها من ردود وتصريحات، سواء ما كان منها امريكيا او اوربيا، او من مسؤولي الناتو الذي يجمع في حلف، الطرفين الامريكي والاوربي، قبل اعلان المسؤولون الروس؛ عن الرد الامريكي الايجابي على هذه الضمانات الامنية. فأن الاحتمال الأكثر ترجيحا في الذي يخص المسألة الأوكرانية، وعلى وجه التحديد الحصري؛ في دونباس التي تحاول اوكرانيا استعادتها باي ثمن او باي شكل يكون، فهي ( اوكرانيا) تقوم باستمرار بعملية استفزاز مستمر من خلال قصف مواقع قوات الجمهوريتين على خط التماس بينهما اي بين دونباس التي تقع في شرق اوكرانيا وبقية اراضي اوكرانيا، كما تقول القيادة الروسية في اتهامها المتواصل للسلطة في اوكرانيا، بتشجيع ودعم اوربي وامريكي سواء بالأعلام او بتزويدها بالأسلحة المتطورة. روسيا تتهم الاوربيين والامريكيين بانهم يريدون ان تغرق روسيا في المستنقع الاوكراني، الا ان روسيا لن تغرق او لن تُجَر الى هذه المصيدة حسب ما يقول كتاب السياسة والتحليل الروسيون. ان روسيا في هذه الضمانات الامنية التي طالبت بها، امريكا؛ تريد العودة الى ما كان عليه الوضع ايام الاتحاد السوفيتي، برسم خطوط وهمية ولكنها معلومة من قبل الخصمين؛ تحدد فيها، حرية الحركة للندين وراء هذه الخطوط وعدم تجاوزها من اي منهما. لكن هل امريكا والناتو يقبلون او الاصح ان تقبل امريكا بهذه المطالب؟( نشك في هذا..)، هذا متروك لما سوف تأتي به مفاوضات يناير في القادم من الزمن. الامريكيون والاوربيون يؤكدون بان روسيا سوف تغزو وتحتل اوكرانيا، وهذا هو الاحتمال الغير وارد، ونقصد هنا؛ احتلال اوكرانيا بالكامل، ان لم اقل مستحيلا، ليس، لأن روسيا غير قادرة عليه، او ان التدخل الامريكي والاوربي، او العقوبات سوف يمنعانها من غزو واحتلال اوكرانيا، فأمريكا واوروبا، لن يتدخلان عسكريا بصورة مباشرة، اي الدخول في حرب مع روسيا، كما ان العقوبات الاقتصادية قد تعودت عليها روسيا، بل للثمن الباهض الذي لا تتحمله روسيا، او انه يدخلها في مستنقع من الصعوبة الخروج منه بسلام، ويُقلم من قوائم حركتها الى حد كبير، وهذا هو ما يفعلاه امريكا واوروبا؛ ان يدخلا روسيا فيه. انما في المقابل، اذا ما هاجمت اوكرانيا منطقة الدونباس؛ فسوف تتدخل روسيا عبر دعم واسناد قوات الجمهوريتين، وفي مرحلة لاحقة، حين لم تتمكنا الجمهوريتين من صد الهجوم الاوكراني؛ هنا سوف تتدخل روسيا، وتحسم الوضع لصالح الجمهوريتين، كما حدث في جورجيا.. في هذا الوضع؛ لن يتدخل الامريكيون في الصراع بصورة مباشرة. هذا الامر ان حدث فهو يختلف عن غزو واحتلال اوكرانيا اختلافا كاملا. نعود الى الضمانات الامنية، فالسبب في مطالبة روسيا بها؛ هو توغل امريكا في اوكرانيا عبر الخبراء والمستشارين العسكرين، والدعوة الى انضمام اوكرانيا وجورجيا وربما دول اخرى الى الناتو، وهذا الانضمام يشكل خطرا كبيرا جدا، على روسيا بفعل تحاددهما معها، وبالذات اوكرانيا، اي يكون الناتو على عتبات ابواب البيت الروسي. نعتقد ان السيناريو المرجح في الصراع الروسي الاوكراني؛ هو السيناريو الاخير الذي اوردناه في اعلى هذه السطور المتواضعة. لكن، المهم هنا؛ هو ان امريكا سوف تواصل الضغط على الجانب الروسي بمختلف ادوات الضغط، وفي مناطق رخوة داخل حدود روسيا( القوقاز..) وعلى مقربة منها اي من هذه الحدود،( جمهوريات اسيا الوسطى)، وهنا يأتي دور تركيا أردوغان بالتعاون مع الامريكيين وحتى الكيان الاسرائيلي؛ في احياء النزعة الطورانية، والأمة التركية في هذه الدول التي كانت يوما ما جزءا من الاتحاد السوفيتي. وايضا الضغط، في الداخل الروسي، من خلال او عبر دعم المعارضين للنظام الروسي القائم والذي يقف على رأسه الرئيس بوتين، وعن طريق دفع روسيا مجبرة الى سباق تسلح، يستنزف قدراتها الاقتصادية، مما يؤثر على الوضع الاقتصادي وبالتالي على مستوى ونمط العيش للشعوب الروسية. الهدف من كل هذا؛ هو اخراج روسيا من معادلة التوازن الدولية لصالح امريكا، كي تنفرد كما هي علية قبل سنوات بالعالم. نعتقد ان هذا التوجه قد صار او اصبح من الماضي؛ فهناك الآن معادلة اخرى هي غير المعادلة الامريكية للتوازن في العلاقات الدولية، فهناك المحور الروسي الصيني الذي لعب ويلعب حتى الآن دورا كبيرا في تحجم الدور الامريكي في مناطق الصراع في العالم. هنا، وفي هذا السياق فان امريكا والناتو سوف لن تواجهان روسيا لوحدها بل سوف تواجهان المحور الروسي الصيني؛ لأن كلا العملاقين يدركان ان السماح لأمريكا بالانفراد بأحدهما يعني خسارة او هزيمة الاخر لاحقا. هذا يعني ان العالم اصبح التحكم او موازنة العلاقات الدولية فيه؛ تتحكم فيه اقطاب وليس قطبا واحدا؛ يفعل ما يريد ويحلو له في المعمورة. اضافة الى ان مناطق الصراع في العالم ومنها، بل في مقدمتها حاليا، المنطقة العربية؛ ففي داخل هذه الدول التي تشهد الصراع، سواء كان صراعا صداميا، وممانعا، ومقاوما للسياسية الامريكية، كما هو الحال عليه في الوطن العربي، او عبر الرفض للسياسة الامريكية في مناطق اخرى، في امريكا اللاتينية، وفي جنوب شرق اسيا، من خلال صناديق الاقتراع، التي شهدت قبل ايام عودة صعود اليسار في بعض هذه الدول، ومنها تشيلي وغيرها. وفي ذات الصدد؛ في مناطق الصراع على صعيد الاقاليم في كوكب الارض، هناك دول كبرى اقليمية، لها مصالحها ونهجها وسياستها التي تتقاطع تماما مع السياسة الامريكية، أو انها، اي في البعض الاخر منها اي من هذه القوى الاقليمية الكبرى؛ لا تتسق في القسم الاكبر من سياستها ومصالحها مع السياسة الامريكية. الامر الاخر المهم هو ان امريكا الآن، ليس امريكا قبل عقدين من الآن. في النهاية اقول ان هذه السياسة الامريكية مصيرها الفشل وان طال الزمن او مهما طال وتمدد زمن تحولها او هزيمتها؛ لتكون قطب كأي قطب من اقطاب الموازنة في العلاقات الدولية..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا