الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير: لا يمكنك القبض عليَّ حيا أو ميتاً في العراق- قصة الهروب الكبير للجنود الأمريكيين–ج1

كهلان القيسي

2006 / 8 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تقرير: لا يمكنك القبض عليَّ حيا أو ميتاً في العراق- قصة الهروب الكبير للجنود الأمريكيين–ج1
واع – ترجمة- كهلان القيسي- امستردام

هربت أعداد كبيرة من القوّات الأمريكية، حتى من خطّ الجبهة الأمامي في العراق. ولكن أين ذهبوا؟ ولماذا لا يبحث عنهم الجيش الأمريكي ؟ الصحفي بيتر لاوفر تعقب أربعة من الفارين، إنهم من القوات الأمريكية في العراق والذين تفضّل الإدارة الأمريكية أن لا تجلب الانتباه إليهم . إنهم الفارون من الخدمة في الحرب حين سافروا في إجازات من وحداتهم ولم يعودوا إليها متحدين السجن والعار.
إذ عندما رفض الملازم الأوّل Ehren Watada من الجيش الأمريكي- والذي أحيل إلى مجلس عسكري في أغسطس/آب- الذهاب إلى العراق مستنداً إلى موقف أخلاقي، فان الصحف في ولايته هاواي كانت مليئة بالرسائل التي تتهمه بـ"الخيانة". إلا أنه قال: إنه أستنتج بأنّ الحرب خاطئة أخلاقيا وأدبيا وإنها خرق مروّع للقانون الأمريكي، وأضاف: إن مشاركته تجعله مشتركا في"جرائم الحرب". وفي الحقيقة إن الملازم وتادا إنما هو فرد من المعارضين الواعين للحرب التي استحوذت على إذهان الأمريكيين وشغلتهم حتى أكثر من حرب فيتنام.
إنه من المستحيل تحديد رقم دقيق لعدد الجنود الأمريكان الذين فروا من الجيش نتيجة للتدخّل الأمريكي في العراق. إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية تقول: بأنّه ومنذ العام 2000 ترك ما مجموعه 40,000 جندي مناصبهم (ليس بالضرورة جميعهم من الذين خدموا في العراق) وإن هذا العدد يتضمّن الكثيرين من الذين تركوا الخدمة لأسباب عائليّة. ويقول الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية: بأنّ العدد العامّ من الفارين تقلص منذ أن بدأت العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق، ولكن ليس هناك أي شكّ في أن الكثير من الفارين الذين اعترضوا على حرب العراق أصبحوا خارج الحدود ويعيشون الآن في كندا ويطلبون اللجوء هناك بمساعدة المجموعات الكندية المناهضة للحرب. فإن أحد المحامين في تورنتو وهو جيفري هاوس قد تولى قضايا 20 هاربا في الأقل من حرب العراق في المحاكم الكندية؛ وهو نفسه كان معارضا، بعد أن رفض الاشتراك في حرب فيتنام – ضمن 50 ألف آخرين أثناء ذروة الحرب في فيتنام، و يخمّن بأنّ هناك أكثر من 200 جندي اختفوا في كندا منذ بداية الحرب على العراق .
إن هؤلاء المعارضين للحرب يتصفون بالشجاعة فإن قرارهم هذا سيؤدّي إلى متغيرات طويلة الأمد في حياتهم فإن صفة هارب التي تلصق بهم ليس أمراً هيناً. فإذا تمت إدانتهم بتهمة الفرار فغنهم سيواجهون مخاطر السجن بالإشغال الشاقة. وأما اختيار المنفى فإنه يمكن أن يعني افتراق دائم من العائلة والأصدقاء. هذا أذا عرفنا إن أية مواجهة بسيطة مع الشرطة كمخالفة مرورية في أمريكا يمكن أن تؤدّي إلى السجن.
إن العديد من الهاربين ليسوا ضدّ الحرب بحدّ ذاتها ، لكنّهم ينظرون إلى أن حرب العراق هي حرب خاطئة والملازم Watada، على سبيل المثال، قال بأنّه يفضل السجن بدلا من الخدمة في العراق، مع أنه كان مستعداً أن يهيئ نفسه و يحزم حقائبه لخوض الحرب في أفغانستان حيث إعتبرها مجرد حرب عادلة. انهم لا يريدون مواجهة المحاكم العسكرية، ولهذا السبب قرّروا الهروب إلى كندا. ومنذ جيل مضى، رحّبت كندا بالمطلوبين للخدمة والهاربين من حرب فيتنام. إلا أن المناخ السياسي اليوم ونتائجه قد اختلف عما مضى، لذا فان العديد من الفارين الأمريكيين الذين يقيمون قرب الحدود الكندية يتقدّمون بطلبات للحصول على اللجوء. وحتى الآن، فإن الحكومة الكندية ترفض تلك الطلبات، لذا فان الحالات التي رفضت حق اللجوء ستستأنف في المحاكم الاتحادية.
ولكن ليس هناك أي ضمان بأنّ هؤلاء المنفيين سيجدون في النهاية ملجأ آمناً في كندا. فإذا حكمت المحاكم الاتحادية ضدّ الجنود ومن ثمّ إذا استنفذت كلّ الاحتمالات القضائية الأخرى، فهم قد يبعدون إلى الولايات المتّحدة الأمريكية - وهذا قد لا يكون ما يريده الأمريكان فان إرجاعهم إلى الولايات المتّحدة سيسبب نفسه ضغطا شعبيا عاما وصداعاً آخر لإدارة بوش.
الهاربون-1:
داريل أندرسن: الفرقة المدرعة الأولى، 2-3 مدفعية ميدان، في Giessen، ألمانيا. العمر: 24
انضم داريل أندرسن إلى الجيش الأمريكي قبل ابتداء حرب العراق، ويقول داريل: “ كنت بحاجة للتامين الصحي والمال للذهاب إلى الكليّة، وللاعتناء بإبنتي فكان الالتحاق بالجيش هو الطريق الوحيد أمامي من اجل تحقيق كل هذا. كنت أتكلم معه يوم مشمس في أحد شوارع تورنتو الآمنة وكان يداعب ساعة يده المرسوم عليها العلم الكندي وكان يلبس قلادة عنق ترمز للسلام.
وبعد اشتراكه في القتال لمدة سبعة شهور في العراق، رجع لبلده وهو ينزف من أثر المعركة، مع مدالية القلب الإرجواني( شارة عسكرية أمريكية) التي هي شاهد على بطولته . وفتح عيونه بجدية وقال: “عندما انضممت إلى الجيش، أردت المحاربة, أردت رؤية المعركة. أردت ان أكون بطلا، وأردت إنقاذ الناس وأردت حماية بلادي. ” ولكن بعد وصولي مباشرة إلى العراق، أدركت بأنّ العراقيين لا يريدون وجودنا هناك"، وقد سمع قصصاً قاسية ومرعبة له وهي التي فاجأته وأحزنته.
وقال: “كان الجنود يصفون لي كيف ضربوا السجناء حتى الموت وكان هناك ثلاثة جنود قال احدهم ، رفسته من هذا الجانب من رأسه بينما الرجل الآخر رفسه في الرأس، والرجل الآخر ضربه حتى الموت. هؤلاء أناس اعرفهم كانوا يفتخرون بما فعلوا و كم ضربوا من الناس حتى الموت. ” يقول ثانية: “ افتخارهم حول كم ضربوا من الناس حتى الموت. إنهم قتلة قد تدربوا على القتل الآن. فإن أصدقاءهم ماتوا في العراق. لذالك فهم ليسو أولائك البشر الذين كنت أعرفهم قبل أن يذهبوا إلى هناك.”
يقول أندرسن بأنّ مستوى ألفاظ الجنود كان صعباً تحمله حين يقولون . “ أكره العراقيين, " “ أكره هؤلاء المسلمين الملعونين. ” في بادئ الأمر تعجبت من مثل هذا الكلام. ويقول “ولكن بعد فترة بدأت أفهم الكراهية. بدأت أحس بالكراهية بنفسي. فأصدقائي كانوا يموتون. ولماذا أنا هنا؟ فقد ذهبنا للقتال من أجل بلادنا؛ والآن نحن فقط نحارب للبقاء أحياء. ” بالإضافة إلى تلقيه شظية من قنبلة مزروعة في الطريق - وهو الجرح التي أكسبه مدالية القلب الإرجواني - يقول أندرسن: انه وجد نفسه في أغلب الأحيان وسط المعارك بالأسلحة النارية. لكنّه عمله في نقطة تفتيش هو الذي جعله يعي دوره بجدية. كان يحرس نقطة تفتيش في أحد الشوارع في بغداد، يقول. إذا عبرت أية سيارة نقطة محددة دون التوقف عندها فان المفروض أن الجنود الحرّاس يطلقون النار عليها.
يقول اندرسون: جاءت سيارة وتوقفت أمام موقعي وكانت الشرارات تنبعث من كابحات السيارة السيئة. وكان كلّ الجنود يصرخون. وهي في جواري، لذا فهي مسؤوليتي. أنا لم أطلق النار. وآمري يصرخ لماذا لم تطلق النار؟ المفروض أن تطلق النار. قلت، انها كانت عائلة! وها هي قد توقّفت. ويمكنك أن ترى الأطفال في المقعد الخلفي. وقلت انا فعلت الشّيء الصّحيح وقال هو: لا، أنت لم تفعل. انه موقف يتطلب إطلاق النار. وإذا أنت لا تفعلها في المرة القادمة، فأنت معاقب ”
ويهزّ أندرسن رأسه متذكرا . “ انأ لا أوافق على هذه الحرب ضد هذه الحرب. لن أقتل أناساً أبرياء. فأنا لا أستطيع قتل الأطفال. ذلك ليس الطريق الذي تربيت عليه.” يقول بأنّه بدأ يجول النظر في فضاء المدينة المخرّبة والعراقيين المصابين، وبدأ يفهم الردّ العراقي ببطء.“ إذا شخص ما عمل هذا فى شارعي، فإنني سأرفع السلاح وأحارب. أنا لا أستطيع قتل هؤلاء الناس. هم ليسوا إرهابيين. إنهم أولاد بعمر 14 سنة، هم رجال عجائز.نحن نحتلّ الشوارع. ونهاجم البيوت ونمسك الناس. ونحن نرسلهم إلى أبو غريب ،حيث يعذّبون.هناك هؤلاء ناس أبرياء. نوقف السيارات. نعيق حياتهم العادية. إذا أنا عملت هذا في الولايات المتحدة، أنا سأرمى في السجن.”
الطيور حوالينا تغنّي بعذوبة وهو مسترسل في كلامه وهنا مناقضة شديدة بين هذه وبين أوصافه للأعمال الوحشية في العراق. وقال: “أنا لم أضرب أي شخص بالنار حين كنت في بغداد. ولكن لما هبطنا إلى النجف بالمدافع أطلقنا الرشقات في النجف وقتلنا مئات الناس. أنا قتلت مئات الناس، لكن ليس مباشرة، باشتباك متلاحم.”
لقد ذهب أندرسن إلى بيته بمناسبة عيد الميلاد، ولكنه كان مقتنعاً بأنّه سيعاد إلى الحرب. وكان قد أدرك بأنّه لن يكون قادراً على العيش مع نفسه إذا عاد إلى العراق، مسلّحاً بمعرفته المباشرة الذي كانت تحدث هناك يوما بعد يوم. لذلك قرّر بأنّه لم يعد يستطيع المشاركة في هذا الحرب، وقد أيده أبواه اللذين كانا ضد الحرب - ودعما قراره. ولذلك بدت كندا أفضل خيار له، فإنه بعد عيد ميلاد 2004، قاد سيارته من كنتاكي إلى تورنتو.
ومع هذا فإنه يقول بأنّه كان عنده أفكار ثانية حول منفاه في كندا. فأنّه ليس قلقاً كثير حول الإبعاد لأنه تزوّج مؤخرا إمرأة كندية والذي من المحتمل سوف يضمن له إقامة دائمة ولكنّه يخطّط للعودة إلى الولايات المتّحدة هذا الخريف، ويتوقّع أنه سوف يعتقل متى يقدّم نفسه إلى السلطات في الحدود. “ الحرب ما زالت مستمرّة,” كما أخبرني.“ فإذا عدت، فلربّما يمكنني أن يكون لي تأثير فإن معركتي إنما هي مع الحكومة الأمريكية.”
إن العمل ضد الحرب ليس وحده الذي يدفعه للذهاب إلى بلده ولكنه في الوقت نفسه يفكر حول مستقبله ومن ثم التعامل مع الكوابيس المزعجة وما خلفته الحرب من إحباط نفسي ولذلك قال:
:أحتاج إلى دعم ومساندة من عائلتي.”
ويتوقّع أندرسن بأنه سوف يدان بسبب الهروب من الجيش، وهو يقول بأنّه سيستعمل محاكمته وسجنه لمواصلة الاحتجاج على الحرب. يتخيّل بأنّ فظهوره في بدلته الرسمية مع الأوسمة الذي نالها بسبب القتال في العراق سيعطي للناظرين انطباعاً قوياً. وقال: “ أنا لا أستطيع أن أعمل كلّ يوم وأتصرّف وكأن كلّ شيء على ما يرام,” ويقول حول حياته في تورنتو: “هذه الحرب تهد كياني وتنغص حياتي فأنا لم أحلم إلا بالكوابيس المرعبة منذ أن جئت إلى كندا. إنها تمزقني جزءا جزءاً وأية محاولة أن أتصنع بأن كل شيء على ما يرام بينما الأمر غير ذلك أمر مجهد ” فهو لا يشعر بأن وقته في كندا كان وقتاً ضائعا لأنه يكن هناك طريق يمكن أن يؤدي به إلى السجن في ذلك الوقت وكنت سوف أقتل نفسي. أنا كنت في حيرة عارمة ومشوش التفكير إلى حد إنني لم أفكر في الجلوس بزنزانة السجن. ولهذا فإنني أدين بالكثير لكندا فقد انقذت حياتي. فعندما رجعت إلى أمريكا وكنت أتحدّث عن الحرب، أمريكان كان الأمريكان يدعوني خائن ولكن الكنديين ساعدوني حين كنت في أسوأ حالاتي وأتعسها”.
http://www.timesonline.co.uk/article/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه في لبنان


.. المبادرة المصرية بانتظار رد حماس وسط دعوات سياسية وعسكرية إس




.. هل تعتقل الجنائية الدولية نتنياهو ؟ | #ملف_اليوم


.. اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائي




.. مراسل الجزيرة يرصد انتشال الجثث من منزل عائلة أبو عبيد في من