الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات من الفولكلور الكردي - سري سينكشف ولو بحباب المطر

ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)

2021 / 12 / 28
الادب والفن


الحكاية السابعة
سِرّي سينكشف، ولو بحُباب المطر

يحكى أن صديقين غادرا قريتهما للعمل في إحدى المدن فاجتهدا وكدحا طوال عام كامل حتى جمعا مبلغاً لا بأس به من المال وقررا العودة من حيث أتيا فاشتريا بعضاً من الهدايا وأغراض البيت وانطلقا سيرا الى قريتهما الجبلية. في منتصف الطريق تسلل الشر الى قلب أحدهما وزين له أن يقتل صديقه ويستولي على نقوده فالتفت نحوه وقال:
- اعذرني يا صاحبي. لسوف أقتلك!
فسأله صديقه:
- وعلام تقتلني يا أخي!؟ ألسنا صديقين؟ إن كان لأجل المال فهاك نصف ما عندي ولنفترض أنك عملت أكثر مني.
- حسنا إذن.
بعد قليل عاد ليقول:
- والله يا صاحبي أما أن تعطيني كل نقودك أو أقتلك!
فأجابه صاحبه:
- لا بأس يا أخي هاك نقودي كلها ولكن لا تقتلني.
وناوله كل ما معه وعاودا السير. بعد قليل فكر الأول وقال لنفسه:
- حسناً. لنفترض أننا وصلنا الى قريتنا وسأله أهله أين ما جنيت من عملك وألحوا عليه حتى أفشى لهم ما جرى بيننا. كلا.. سأقتله. وإذا سألوني عنه سأقول إننا كنا معاً حتى وصلنا المدينة ثم تفرقنا ولم أره بعدها.
وهكذا استدار نحوه للمرة الأخيرة وقال:
- لا فائدة. لا بد من قتلك!
توسل اليه صاحبه واستحلفه بحق الأخوة والصداقة، لكنه أصر على تنفيذ جريمته وقال:
- لا تطل الكلام! سأقتلك يعني سأقتلك!
- لا تفعل يا هذا. لا شيء يضيع وجريمتك لا بد أن تنكشف وتنال عقابك.
- ومن سيكشفها؟ أنا وأنت لوحدنا في هذه البرية الخالية وما من رائح ولا غاد. سأقتلك وأدفنك وأكوّم الحجارة فوق جسدك وينتهي كل شيء.
- بلى سوف ينكشف سري حتى ولو بحُباب مطر الربيع!
- سوف أقتلك. وليأت حباب الربيع ويكشف سرك!
وهجم عليه وأرداه قتيلاً ثم دفنه ومضى الى قريته فاستقبله أهلها وجاءه أهل صديقه يسألونه عن فتاهم فأجابهم:
- لقد كنا معاً حتى وصلنا المدينة ثم تفرقنا ولم أسمع عنه بعدها أو أراه.
ثم قصد بيته ففرح به أهله وعاشوا في هناء.
مضت أيام وجاءت أيام. وانقضى الشتاء القاسي واستيقظ الربيع من رقاده وأخذ يغسل الأرض بأمطاره. في أحد الأيام نزل المطر مدراراً وتجمع الماء في بركة بباحة البيت وأخذ حباب المطر يعلو سطح الماء فوقف صاحبنا وقد وضع يديه على عارضتي الباب وهو يتأمل المنظر وتذكر كلام صديقه فضحك دون إرادته. في تلك اللحظة بالذات وقعت عليه عين زوجته وسألته عن سبب ضحكه فأجابها:
- لا شيء.
- المجانين فقط يضحكون دون سبب. لا بد أن تخبرني بسبب ضحكك!
وبقيت مصرة رغم محاولته التملص من الإجابة حتى وصلت الى تهديده بالفراق فرضح لها وقصّ عليها الحكاية من أولها الى آخرها ورجاها ألا تخبر أحداً فأقسمت على ذلك.
مضت الأيام والشهور، وحدث أن تشاجر الرجل مع زوجته وضربها ضرباً مبرحاً وطردها من البيت فخرجت الى الزقاق وهي تبكي وتولول وتحدث الناس بما فعل زوجها بصديقه، وعندما سمع أهل القرية بذلك تجمعوا حوله وضربوه حتى أقر بجريمته وأرشدهم الى موضع القبر فقتلوه في المكان ونال جزاءه العادل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجزاء العادل
ايدن حسين ( 2021 / 12 / 28 - 12:23 )
شكرا جزيلا استاذ حيدر على هذه المقالات الجميلة
الحقيقة قتل القاتل لا يمكن اعتباره جزاءا عادلا
حيث ان القتيل لن يستفيد شيئا من قتل القاتل
و القاتل سيموت .. اذا لم يمت اليوم فغدا او بعد سنوات قل او كثر .. حتى لو لم يكتشفوا جريمته سيموت
هل نستطيع ان نقول ان الاعدام يختلف عن الموت في الفراش .. فهذا موت و ذاك ايضا موت
و ثانيا .. باعدام القاتل فان القتيل لن يحصل على حياته التي فقدها
و بالتالي .. الجزاء العادل هو .. قتل القاتل .. و اعادة القتيل مرة اخرى الى الحياة
و لان هذا غير متاح .. فان الجزاء العادل غير متاح هو الاخر
و احترامي
و عفوا على الاطالة
..

اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا