الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدس والأقصى نواة الصراع والصاعق المفجر للثورات ضد الاحتلال

سليم سليمان سليم الحشاش

2021 / 12 / 29
القضية الفلسطينية


تعتبر القدس على مدار التاريخ هي الباعث والمحرك للثورات والهبات في وجه المحتلين الغزاة خاصة في التاريخ المعاصر، فمنذ أن حط المستعمر البريطاني قدمه على ثرى فلسطين خلال الحرب العالمية الأولي وبعد صدور الوعد المشؤوم وقرار تقسيم الوطن العربي، أدرك الفلسطينيون الأطماع الصهيونية في فلسطين، وبدأت معركة الدفاع عن القدس والمقدسات، فكان موسم النبي موسى (عليه السلام) عام 1920م، على موعد ، مع أولى الانتفاضات الشعبية في فلسطين والتي سميّت لاحقا بهبة موسم النبي موسى، حيث امتدت منذ الرابع حتى العاشر من أبريل/نيسان أثناء فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، وأسفرت عن استشهاد أربعة من الفلسطينيين ومقتل خمسة من الصهاينة المهاجرين إلى فلسطين وإصابة المئات من الطرفين.
وكان اعتداء اليهود في البلدة القديمة بالقدس على وفد مدينة الخليل القادم للمشاركة في موسم النبي موسى ما فاقم حدة الاشتباكات بين الفلسطينيين والصهاينة، وتدخلت على إثره القوات البريطانية وأطلقت النار على الفلسطينيين.
وخلال هذه الهبة برز عدد من قادة الحركة الوطنية الفلسطينية، كموسى كاظم الحسيني والحاج أمين الحسيني وعارف العارف، وقالوا باللقاء خطابات تحرّض الفلسطينيين على التصدي لليهود الصهاينة وترفض وعد بلفور، وتطالب بالاستقلال والانضمام إلى الحكومة السورية بقيادة الملك فيصل، فقام الاحتلال البريطاني باعتقال العشرات من القادة وإقالة موسى الحسيني من رئاسة بلدية القدس، والحكم على العارف والحسيني بالسجن لمدة عشرة أعوام، ما دفعهما للهرب إلى شرق الأردن، ليصدر بعدها المندوب السامي هربرت صمويل عفوا بحقهما ويعودا إلى فلسطين مع تعهدهما لبريطانيا بوقف الاحتجاجات.
وفي 14 آب عام 1929م، وأثناء خطبة الجمعة ابلغ مفتي الشافعيين الشيخ حسن ابو السعود المصلين ان اليهود يحاولون تغيير الوضع القائم بالاعتداء على حائط البراق بوضع طاولة وحاجز أمامه، خرج المصلون من باب المغاربة غاضبين لإزالة التعديّ، وقد امتدت الاشتباكات بين العرب واليهود إلى ثورة ضد الوجود الصهيوني في كافة أنحاء فلسطين، أسفرت الاشتباكات عن 91 شهيد وشهيدة فلسطينية وجرح 181 من الفلسطينيين وقتل من اليهود في هبة البراق 133 وجرح 339. استمرت هبة البراق لأسبوعين نتج عنها تدمير مستعمرات في الخليل وصفد والقدس ونابلس ويافا وحيفا، وشكلت حكومة الاستعمار البريطاني لجنة برئاسة شو والتي أوصلت بتشكيل لجنة تحقيق بقيادة هوب سيمبسون وقد خلصت بتقرير بإزالة الاعتداء والمحافظة على الوضع السابق لحائط البراق.
وفي عام 1969، كانت مدينة القدس مركزا للصراع والاشتباك مع قوات الاحتلال، بفعل الخطط الصهيونية لابتلاع المدينة بالكامل، وتهجير من تبقى من سكانها، في ظل خطط تهويد المسجد الأقصى، حيث قام المتطرف اليهودي الاسترالي بإشعال النار في المصلي القبلي بالمسجد الاقصى والتهمت النار خلال الحريق للمنبر التاريخي الذي أحضره صلاح الدين الايوبي من مدينة حلب، عندما استعاد القدس 1187م، وقد كانت لهذا المنبر مكانة خاصة عند المسلمين.
وأثار هذا الفعل المشين هبة جماهيرية كبيرة في ارجاء فلسطين وخارجها، وفي العام 1982م، تصاعدت التحركات الصهيونية ضد القدس والمسجد الأقصى، بعد محاولة إحدى المجموعات السرية اليهودية، تفجير مصلى قبة الصخرة، ولكن هذه الخطة أفشلت عندما تم اكتشاف المتفجرات قبل انفجارها.
وخلال عقد التسعينيات اندلعت مواجهات عنيفة في القدس، كانت أولها يوم الاثنين 8/10/1990م، بعد محاولة جماعات صهيونية وضع حجر أساس للهيكل المزعوم، داخل المسجد الأقصى، وتم قمع الفلسطينيين بعنف، وفتحت قوات الاحتلال في تلك الهبّة النار على الفلسطينيين خلال الصلاة بالأقصى، فارتقى 21 شهيدا على إثرها، وعرفت حينها بمذبحة الأقصى الأولى.
25 أيلول/ سبتمبر 1996، أقدمت قوات الاحتلال على فتح نفق أسفل المسجد الأقصى، بعد محاولتين فاشلتين لفتحه، كانت المرة الأولى عام 1986 والثانية عام 1994، وهذا النفق يمتد بطول 450 متراً أسفل المسجد والعقارات الإسلامية المحيطة به، والتي تعود إلى العصور الأموية والعباسية وحتى العثمانية.
وأثار فتح النفق، غضب سكان القدس، ودعي عبر مكبرات الصوت في المساجد، للتحرك صوب المنطقة من أجل إفشال مخططات الاحتلال، وعلى إثره تم التصدي للجموع التي احتشدت في القدس بالرصاص والاعتقالات.
توسعت رقعة المواجهات من مدينة القدس، إلى رام الله والبيرة، ثم إلى مدن أخرى في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحاول الاحتلال اقتحام بعضها لإخماد المواجهات، واستخدم الرصاص الحي والمطاطي، وأطلقت إحدى مروحيات الاحتلال النار على محتجين في رام الله.
استمرت المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، 3 أيام، وكانت أشبه بحالة انتفاضة بسبب رقعة المواجهات التي شهدتها، في كافة مدن الضفة، ونقاط التماس مع الاحتلال في قطاع غزة، فضلا عن القدس مركز المواجهة، وسجل ارتقاء 63 شهيداً وإصابة 1600 بجروح منهم 458 في قطاع غزة.
وفي28 أيلول/ سبتمبر 2000 اندلعت انتفاضة عامة عرفت بانتفاضة الأقصى، كانت شرارتها بفعل زيارة رئيس وزراء الاحتلال الهالك أرئيل شارون، إلى المسجد الأقصى وتجوله في ساحاته، والإعلان أنه منطقة إسرائيلية، وهو ما أثار استفزاز الفلسطينيين الذين ردوا خلال الزيارة وهاجموه، ليرتقي على إثر المحاولة 7 شهداء ويصاب 250 بجروح فضلا عن إصابات في صفوف قوات الاحتلال.
لم تتوقف انتفاضة الأقصى على المواجهات العادية، بل تطورت ودخل السلاح على خطها، وشاركت في حينه السلطة الفلسطينية مع الفصائل في العمل المسلح ضد الاحتلال، وأسفرت انتفاضة الأقصى التي طالت كافة الأراضي المحتلة حتى الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 عن استشهاد 4412 فلسطينيا وإصابة 48322 آخرين، في حين قتل فيها 334 جنديا إسرائيليا وأكثر من 700 مستوطن.
2016م، اندلعت مواجهات واسعة عرفت في حينه بانتفاضة السكاكين، على إثر تصاعد انتهاكات الاحتلال في القدس والضفة الغربية، واستمرار استهداف قطاع غزة، وقام الاحتلال بعدة انتهاكات في الأقصى حين أصدر وزير الحرب الإسرائيلي في الـتاسع من الشهر ذاته، قرارا بحظر مصاطب العلم والرباط في الأقصى.
وفي 2017م، كانت هبّة باب الأسباط، بعد أن أقدم الاحتلال على تركيب بوابات إلكترونية، لتفتيش الداخلين إلى الحرم القدسي، عبر باب الأسباط، بذريعة العملية التي نفذها ثلاثة شبان داخل ساحات المسجد الأقصى عبر إطلاق النار على جنود الاحتلال ما أدى إلى استشهادهم.
تسبب تركيب البوابات الإلكترونية، في غضب المقدسيين، واعتبروها خطوة جديدة، للسيطرة على مداخل الحرم القدسي، والتحكم في الدخول إليه وتقليل عدد المصلين المتجهين إليه، وتصاعد الغضب في القدس، ورفض المقدسيون الدخول إلى المسجد بوجودها، وارتفع منسوب التصعيد، بعد قرارهم بالصلاة في كافة الطرق المؤدية للحرم القدسي، والشوارع الخارجية، ما تسبب في إغلاق المكان، وللمرة الأولى في تاريخ الحرم القدسي، توقف الأذان تماما، ولم يرفع بفعل منع الاحتلال من الدخول إلا عبر البوابات، ما أدى إلى امتناع الحراس عن فتحه.
وكان شباط/ فبراير 2019، على موعد هبة جديدة سميت بهبة باب الرحمة، وجاءت بعد قيام الاحتلال بإغلاق الباب المؤدي إلى المصلى الذي أغلق عام 2003، بسبب إعادة المقدسيين فتحه والصلاة فيه، واستمر التوتر في الحرم القدسي، على إثر خطوة الاحتلال، ما أدى إلى قيام شبان بخلع الأقفال، ووقعت اشتباكات داخل الحرم، وتحول موقع باب الرحمة إلى ميدان مواجهة، واعتقل عدد من المقدسيين وحراس المسجد، وصدرت بحقهم أوامر إبعاد.
لم يدخر الاحتلال أي جهد من أجل التنغيص على المصلين بالأقصى ففي منتصف نيسان/ أبريل 2021م، انطلقت هبّة باب العامود، واندلعت بعد قيام جماعات استيطانية، بالإعلان عن تحركات لاقتحام الحرم القدسي ومنطقة باب العامود في رمضان، بالإضافة إلى إقدام قوات الاحتلال على نصب حواجز حديدية على مدرج باب العامود، الذي يشهد فعاليات للفلسطينيين بصورة يومية بعد التراويح في رمضان وقد تسببت هجمات المغتصبين الصهاينة على الأحياء الفلسطينية، في اندلاع مواجهات واسعة شارك فيها مئات الشبان المقدسيين للدفاع عن أحيائهم، فضلا عن اشتباكات مع قوات الاحتلال في محيط باب العامود رفضا لنصب الحواجز، التي تذرع الاحتلال بأنها لتسهيل عبورهم إلى المسجد الأقصى.
وفي مايو من عام 2021م، كان حي الشيخ جراح حاضرا بقوة حيث يريد الاحتلال تفريغ الحي من سكانه الاصلين بحجج واهية، وقد حذرت فصائل المقاومة في غزة الاحتلال من هذه الخطوة أما وشهد التضامن مع المقدسيين، شكلا آخر عبر إطلاق عدة صواريخ باتجاه المدن المحتلة خاصة القدس وتل الربيع والتي رد عليها الاحتلال بقصف بعض المواقع، إضافة إلى تنفيذ وقفات تضامنية من الفصائل والفعاليات المجتمعية، وانتشار الاحتجاجات إلى المدن والقرى العربية بالداخل المحتل
فالقدس والاقصى ستبقى المحرك والدافع لأي ثورة عارمة ضد الاحتلال كما اثبت التاريخ، والقدس هي القادرة على تجميع الكل الفلسطيني بكافة الوانه وتواجده فثقافة المقاومة من الهبّات المتكرّرة ضدّ السياسات الاحتلالية الرسميّة والشعبوية ضدّ القدس والمسجد الأقصى، من اقتحامات ومحاولات المساس به وتقسيمه مكانيًّا وزمانيًّا أكدت لنا حقيقة مهمة أن فلسطينيو الداخل وحدة واحدة الضفة وغزة ومخيمات اللاجئون بالخارج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير