الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين نوعين من النضال ضد أمركة العالم

هويدا طه

2006 / 8 / 31
العولمة وتطورات العالم المعاصر


على قناة الجزيرة عُرض برنامج وثائقي باسم "وجهة نظر".. ناقش نضال الحركة العالمية المناهضة للعولمة من خلال استعراض تفاصيل الاحتجاجات الواسعة والمظاهرات المليونية.. التي تحركت وما زالت تتحرك ضد اجتماعات منظمة التجارة العالمية، وهي مظاهرات تطلق عليها أسماء المدن التي عقدت فيها هذه الاجتماعات.. ومن أشهرها مظاهرات سياتل (مدينة أمريكية) ومظاهرات جنوة (مدينة إيطالية) وغيرها من نشاطات تلك الحركات المناهضة للعولمة.. أو قل الأمركة، علاوة على كون البرنامج جيدا فنيا من حيث قوة ودلالة الصورة وإظهار تلك (الروح المتمردة) لشباب الحركة.. فإن عرضها في تليفزيون عربي يعتبر إضافة هامة.. لسبب يرى البعض أنه شديد الأهمية، فالإعلام التليفزيوني العربي إما تابع تمام التبعية لأمريكا وأتباعها مثل معظم القنوات العربية الحكومية- إن لم يكن كلها- والقنوات الخاصة خليجية التمويل خصوصا.. أو مناضلا معاكسا تماما لهذا الاتجاه مثل قناة المنار مثلا.. لكنه نضال ذو توجه مغرق في الأيديولوجية الدينية.. إسلاموي.. لا يرى العالم إلا من منظار (دار الكفر ودار الإيمان)! والعالم يا عالم أوسع كثيرا من حصره في (أديان ورثناها)! والصراع يا عالم ليس (صراع آلهة وأنبياء) وإنما هو صراع على الأرض والموارد والقوة والسيطرة، إنه صراع بين طرفين من البشر.. طرف يطغى ويهيمن من أجل الانفراد بالرفاه (وليس من أجل أي شيء آخر) ولو على حساب الآخرين.. وطرف أضعف يطلب العدالة (أو قل شيء من العدالة).. لكن النضال الإسلاموي (يفسطط العالم) بحسب أسامة بن لادن الذي قسم الدنيا إلى فسطاطين (فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان) لذلك هو نضال ضيق النظرة ضعيف الهدف عدمي السلوك يستهين بالحياة من أجل وعود بعيدة بعيدة.. بعيدة عن الحياة ذاتها، أما الحركة المناهضة للعولمة التي يخرج في احتجاجاتها ضد منظمة التجارة العالمية ملايين المتظاهرين.. فهي تناصر (الإنسانية) الآن.. البشر الآن.. ترفض ظلم التجارة الدولية التي يفرض شروطها أثرياء العالم أيا كانت أديانهم وجنسياتهم.. وترفض الإفقار المنظم للشعوب.. كل الشعوب.. لذلك بدا الشباب المتحدثون في البرنامج عن تلك الحركة واعين بقضيتهم الإنسانية وبجوهر الصراع الدائر في العالم، ومن المهم حقا أن تزيد البرامج المشابهة لإخراج المشاهد العربي مع الوقت وبقوة الإعلام من (الإغراق في الذاتية الإسلامية الضيقة).. ولضمه إلى معركة- إنسانية وليست دينية- ضد الجشعين من البشر، وحتى نعرف الفرق بين هذين النوعين من النضال.. الإنساني واسع الأفق والديني ضيق الأفق.. أنظروا مثلا ما حدث في غزة عندما اختطف (الإسلامويون) صحّفيين غربيين.. ولم يفرجوا عنهما إلا عندما طلعا على شاشات التليفزيون يعلنان إسلامهما وتغيير اسميهما إلى خالد ويعقوب! وكانا يقرئان نص إعلان الإسلام أمام الكاميرا مترجما إلى الإنجليزية ويرفعان أصبعهما في الهواء- كما طلب منهما بالطبع- (فأنىّ لصحفي أوروبي أو أمريكي أن يعرف من تلقاء نفسه هذه الحركة!) ثم بعد أن نجا الصحفيان ونفذا بجلديهما بهذا الرضوخ المؤقت للأسلمة القهرية.. أعلنا على العالم أنه كان تحت ضغط هؤلاء الفاشيين! طبعا نحن المسلمون نعرف دون انتظار إعلان المخطوف الناجي أنه أسلم وعلى رقبته سيف.. هذا تراثنا نعرفه جيدا! هل هذه إذن قضية إسلاميو غزة؟! لا مطالب لهم إلا أسلمة العالم؟! خلاص حلت مشكلة فلسطين الأرض المغتصبة وعادت إلى أهليها التاريخيين وانتهت مشاكل اللجوء والشتات الفلسطيني.. وأصبح لزاما عليهم الآن أن يضموا بعض الفرائس من هنا وهناك إلى حظيرتهم.. (حظيرة الإيمان)؟! هذه النظرة الضيقة التي تضيع الطاقة لأجل قضية ليست قضيتنا وإنما هي قضية الله.. أن يضم من يشاء إلى الإسلام.. ليست إلا دليلا على (غياب الفهم لحقيقة الصراع).. أنظروا مثلا إلى الوصف الذي يستعمله الإسلامويون لليهود.. (أبناء وأحفاد القردة والخنازير)! هذا شيء بشع! فاليهود عموما لطالما كانوا مبدعين وأضافوا للإنسانية الكثير عندما كانوا (مواطنين في بلدانهم) وقدموا للبشرية الكثير في مجالات العلوم والآداب.. وكل إنسان واع بقيمة الإنسانية لابد وأنه يعتز بعالم مثل أينشتاين أو فرويد أو ماركس أو نيوتن أو غيرهم كثيرين.. الصراع بدأ معهم (فقط عندما) انضم بعضهم للطرف الآخر في الصراع الإنساني طويل الأمد.. فاغتصبوا أرض وموارد وطغوا على حقوق الشعوب.. أي أن (إسرائيل الدولة وليس اليهود البشر) هي العدوة.. لكننا بتلك الإسلاموية المهيمنة على ثقافتنا نهمل الدفاع عن حقوقنا لندافع عن (حق الله) وهو الذي سبحانه لا يحتاجنا! ما أروع موقف عبد المطلب عندما سمع بأن جيش أبرهة الأشرم قادم لهدم الكعبة فسارع إلى حماية غنماته! وعندما لامه بعضهم قال.. سأحمي غنمي أما الكعبة.. فلها ربٌ يحميها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه


.. الوصل يحقق انتصارا تاريخيا على النصر ليتوج بكأس رئيس دولة ال




.. لماذا تخاف إسرائيل من مخيم جنين؟


.. شهيدان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في مخيم بربرة وسط رفح جنوب




.. مطعم للطاكوس يحصل على نجمة في دليل ميشلان للمطاعم الراقية