الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الله: لماذا لميخلق الله الإنسان كاملا؟

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بغض النظر عن وجوده أم لا، تتعمق يومياً أزمة مفهوم الله وتتفاقم مع ازدياد الوعي ونمو المعرفة المضطرد، فيما تتزايد أعداد الملحدين، ويتعاظم الإلحاد في كل مكان وثمة الكثير من التساؤلات وعلامات التعجب والاستفهام باتت تحيط بهذا الكائن الخرافي المدعو بـ"الله"، لاسيما لجهة رداءة الصنع وسوء الإنتاج والتشوه الكبير الذي تتعرض له مصنوعاته ومنتوجاته "مخلوقاته" في كثير من الحالات، فيما يموت الكثير الكثير منها قبل أن يرى النور ويبصر الحياة..

ويسهب المتدينون جداً في تعداد إعجاز هذا الإله وحسن خلقه وكماله ودقته، ويدللون من خلال "منتجاته" على وجوده، وهذا صحيح، فيما لو كانت "منتجاته كاملة الصنع والإتقان، كأن تبرهن على وجود صانع ومصنع لسيارة "نيسان" اليابانية من خلال كمال وجمال ودقة إتقان وعمل السيارة وهذا يعني بالتأكيد وجود "مصنع" (خالق) لها في مدينة أوساكا اليابانية مثلاً؟ لكن هل هذا ينطبق على الإنسان؟ ولماذا تفوق صانع سيارة نيسان اليابانية في صنع سيارته، على "الله" صانع "الإنسان" في رداءة خلقه وسوء سلوكه أحياناً وإجرامه وتعطشه للدماء وانحرافه وشذوذه في كثير من الأحيان؟

لماذا لم يخلق الله الإنسان كاملاً؟

طيب، منطقياً، ولنفترض، جدلا، أن الله المزعوم الذي خلق "الهارد وير" الآلة أو الجهاز الأسطوري الذي هو (الإنسان)، في أحسن تقويم كما يقال، السؤال لماذا لم يرفق معها برنامج تشغيل مناسب؟ ولماذا لم يقم ببرمجته و لم ينزل معه "السوفت وير" جاهزاً وهو (الأخلاق والأديان ومنظومة القيم) ويكون بذلك الإنسان جاهزاً لحياة صالحة وللطاعة والعبادة وكما قال في كتابه العزيز وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدونِ؟ بدلاً من هذه الدويخة الطويلة العريضة فخلقه هكذا "حاف" بدون برنامج تشغيل لينتظر أهله حتى يهودوه وينصرّوه أو يؤسلموه أو يبرمجوه على أية ديانة أخرى، يعنى هو وحظه وصدفته البيولوجية، (خبط عشواء)، ومن ثم ليدخله في متاهة الأنبياء والرسل والأوصياء والكتب المتضاربة ووووو وآلاف الأديان العاقلة والمجنونة وسواها من المعتقدات؟ وأيهما أصعب خلقاً برأيكم "الهارد وير" أم "السوفت وير"؟ وكم كان سيبدو الإعجاز حقيقياً ومتكاملاً لو "نزل" البني آدم مبرمجاً جاهزاً للعبادة والطاعة والسجود وذا برنامج واحد عبر العالم كله ولم نكن بحاجة للأديان وخربيطة الإيمان؟

خرافة العقل؟

يستدل الله على ذاته، وبكتبه، من خلال مفهوم العقل، ويقول في كثير من المناسبات بأنه هو من من خلق العقل للإنسان، ووضع له هذا العقل برأسه (قصدهم الدماغ)، وأن هذا العقل هو دليل عظمة وقوة وحسن إتقان الخالق، لا بل دليل على وجوده. وحقيقة، فلا وجود لشيء أو عضو في جسم الإنسان اسمه العقل. يعني لو قمنا بتشريح جسد الإنسان لما وجدنا جهازاً ملموساً محسوساً كالرئة والقلب والمعدة والكبد اسمه العقل. هناك جهاز اسمه الدماغ، موجود عند كافة الكائنات، حتى البغال والحمير والبعير وسواها، لديها أدمغة وظيفتها شبه إدارة مركزية وعصبية بالدرجة الأولى لتنظيم عمل وتشغيل أجهزة الجسم ولا عمل ولا قيمة معنوية أخرى له. أما العقل فلا وجود له لا عند البهائم ولا عند الإنسان أو بقية المخلوقات كجهاز عضوي. ولكن ما هو هذا العقل الذي يتحدث عنه الله وأنبياؤه وهو غير موجود؟ العقل هو مجموعة القيم والمعارف والخبرات والتجارب والأحداث والمعلومات التي تتراكم لدى الكائن الحي، ومنها الإنسان، (أي أن بقية الكائنات يتشكل لديها عقل نسبي متفاوت بمرور الزمان والحياة)، ومن هنا فالدماغ هو "الهارد وير" الجهاز والقرص الصلب "الفارغ" الذي يتم تحميل "السوفت وير"، أي العقل ومنظومة القيم والمعارف والأخلاق، التي تتراكم وتتشكل بشكل تدريجي ولا يمكن إنزالها وبرمجتها ووضعها "تحميلها" دفعة واحدة على جهاز "الهار وير" البشري أي الدماغ دفعة واحدة. ، بمعنى أن الله المزعوم لم يخلق شيئاً مميزاً اسمه العقل على الإطلاق، ولو ترك الإنسان بغابة معزولة ولما تشكّل لديه أبداً هذا العقل المزعوم؟ والسؤال لماذا لم يخلق الله العقل "المفترض" الذي يقول أنه ميـز به بني البشر على بقية المخلوقات؟

الله أحسن الخالقين:
ترد آية ملتبسة، ومبهمة، في الكتاب العزيز على لسان الله المفترض نفسه يقول فيها: "ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ( المؤمنون 14).
وهذا اعتراف رسمي بالكتاب العزيز بوجود خالقين آخرين للإنسان، لأنه لا يمكن لله المفترض أن يضع نفسه بمقارنة مع البشر، لأنهم لا يخلقون البشر، بل التفسير المنطقي أن يضع نفسه بمقارنة آلهة أخرى تصنع نفس "المنتج" والبضاعة الإنسانية لكه هذا الإله صانع ومنتج "ماركة" الإنسان هو أفضلهم بطريقة صنعه لمنتوجه حسب زعمه من علقة، فمضغة، فعظاماً، ثم كساها، ووو...تماماً كالمراحل التي تمر بها سيارة نيسان وتبدو "أحسن الماركات"، وصانعها هو أفضل المنتجين وصانعي السيارات بالسوق، والسؤال الأهم لمذا يخلق أحسن الخالقين هذا أجنة مشوهة، وأطفالاً منغولين، وبشراً دون بصر، وآخرين صماً بكماً، وتوائم سيامية ووو أما رداءو الخلق والمعشر والسلوك، من منتجاته، فحدث ولا حرج، فيما تخرج سيارات المرسيديس والنيسان والتويوتا من عند صانعها كلها نسخة مبرمجة واحدة من المعمل؟ فمن هو حقاً أحسن الخالقين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من هو هذا الإله الذي نعبده؟
محمد مدحت بسلاما ( 2021 / 12 / 30 - 10:56 )
تحليلك يدفع بكل مؤمن، بالأخصّ المؤمن المسلم، إلى التساؤل :من هو هذا الأله الذي أعبد؟ أليس من العار أن نعبد إلها يصف نفسه بـ -المهيمن والجبّار والمتكبّر والقهّار والفتّاح والمذلّ والمميت والمنتقم، إلخ- ؟ هل هكذا إله يستطبع أن يخلق إنسانا كاملا؟ كفانا شعوذة حول هذا الإله. وشكرا لمقالاتك المنوّرة يا سيد نضال. ل


2 - مقالة رائعة وجميلة
عبدالجبار ( 2021 / 12 / 30 - 12:44 )
مقالة رائعة وجميلة تحتاج فقط متلقيها للتفكير قليلا جدا
عاشت اياديك اخي نضال

اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف