الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللاجئون في مصر.. معاناة مضاعفة

كريم خالد

2021 / 12 / 30
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة



قامت السلطات المصرية، يوم الخميس 23 ديسمبر، بعملية ترحيل جديدة في حق 25 من طالبي اللجوء الإريتريين، وذلك حسب ما ذكرته منصة اللاجئين في مصر بعد نقلهم من مقر احتجازهم في أسوان. وصرحت منصة اللاجئين بوجود أكثر من 200 محتجز إريتري من بينهم 44 طفل في عدة مقار احتجاز في أسوان.

لم تكن هذه هى المرة الأولى التى تقوم فيها السلطات المصرية بترحيل طالبي اللجوء الإريتريين، ففي أكتوبر ونوفمبر الماضيين، قامت السلطات المصرية بترحيل 15 من طالبي اللجوء. حدث تغيُّر كبير في التعامل مع طالبي اللجوء الإريتريين بعد قيامهم بوقفة احتجاجية، شارك فيها المئات، في يوليو 2019 أمام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمدينة 6 أكتوبر للاحتجاج على المعاملة التي يتعرضون لها في مصر، وقامت قوات الشرطة آنذاك بفض الوقفة الاحتجاجية بالقوة، مما نتج عنه إصابة العشرات بالإضافة إلى تقديم 5 أفراد من المحتجين للنيابة.

يصل عدد اللاجئين وطالبي اللجوء إلى ما يزيد عن 259 ألف شخص، حسب أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر في ديسمبر 2020. وتعد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هي المسؤولة عن تقديم الدعم المالى بعد البحث والتدقيق في حالات طالبي اللجوء مما يعكس دقة الأرقام الصادرة عنها. ولكن السيسى دائمًا ما صرح في المؤتمرات الدولية أن أرقام اللاجئين في مصر هي 6 مليون لاجئ، آخرها في قمة “فيشجراد مع مصر” التي عُقدت في العاصمة المجرية بودابست في أكتوبر الماضي.

صرح السيسي خلال تلك القمة، أثناء الحديث حول الهجرة غير الشرعية، بأن مصر بها 6 ملايين مهاجر، يقيمون على أراضيها، وليسوا في معسكرات لاجئين، ولم نقبل – من منظور أخلاقي وإنساني – أن نتركهم يتحركون في اتجاه أوروبا، وأن يلقوا مصيرهم في البحر، مشددًا على أن مصر لم تسمح بذلك حتى لا تصدر المشاكل لأوروبا، وحتى لا تلقي بهؤلاء الناس إلى المجهول في البحر. يعكس هذا الفرق الكبير بين الأرقام الصادرة بين مفوضية شؤون اللاجئين وبين أرقام الدولة المصرية رؤية الدولة المصرية للاجئين بأنهم ليسوا إلا ورقة ضغط على الدول الأوروبية لتقديم المزيد من الدعم للسيسي.

لا يقيم اللاجئين في مصر في معسكرات للاجئين، ولكن معاناتهم تكون مضاعفة من بداية وضعهم لأقدامهم في الأراضي المصرية. أولها احتمال تعرضهم لدخول السجن، على الرغم من أن مصر قامت بتغيير قانون “مكافحة الهجرة غير المشروعة وتهريب المهاجرين لمصر”، والمعروف بالقانون رقم 82 لسنة 2016، لإلغاء تجريم المهاجر الذي يتم تهريبه لمصر أو المتاجر به، واعتبره القانون ضحية، قاصرًا العقوبة على المهربين والمتاجرين بالبشر الذين يخططون وينفذون عمليات الهجرة غير الشرعية سواء إلى مصر أو من مصر لدول أخرى. حسب بيانات قوات حرس الحدود التابعة للجيش المصري، قامت السلطات العسكرية بتوقيف أكثر من 42 ألف مهاجر ومهاجرة من جنسيات مختلفة ما بين عام 2019 والنصف الأول من 2021.

ولعل أكبر دليل على الاحتمالية الكبيرة للقبض على المهاجرين على الحدود المصرية، هو وجود 200 إريتري داخل السجون، على الرغم من وجود مذكرة تفاهم موقعة بين الحكومة المصرية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 1954، تعطي الصلاحية لمكتب المفوضية في مصر لتسجيل طالبي اللجوء في أي مكان داخل الحيز الجغرافي لأرض مصر بما في ذلك مقرات الاحتجاز والسجون وأقسام الشرطة. وهذا يجعل من عملية الترحيل القسرية في حق طالبي اللجوء الإريتريين مخالفة لاتفاقيات اللاجئين لعام 1951 والتي وقعت وصدقت عليها مصر 1981 حول: الحق في حرية التنقل (المادة 26)، والحق في عدم الإعادة القسرية (المادة 33)، والحق في عدم المعاقبة على الدخول غير القانوني إلى أراضي الدول الموقعة (المادة 31).

قال السيسي في تصريحاته أن “مصر رفضت، من منظور حقوق الإنسان، أن تسمح بالمزايدة بهذه الفئة، والتي نسميهم في مصر (ضيوفًا) وليس (لاجئين)، فنحن لا نمتلك معسكرات للاجئين في مصر، بل إنهم يعيشون بيننا مثل ما يعيش باقي المصريين، يتعلمون في مدارسنا، ويتلقون العلاج في مستشفياتنا، كما أننا وفرنا لهم اللقاح المضاد لفيروس كورونا على الرغم من قلة إمكانياتنا مقارنة بالدول الأوروبية المتقدمة”. الترحيل القسري ليس المعاناة الوحيدة التى يقابلها اللاجئين في مصر، حيث يواجهون الكثير من المتاعب والمعاناة. تكفل اتفاقية عام 1951، المعنية بوضع اللاجئين، الحق في التعليم. وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية لا تمنع بشكل مباشر حق التعليم للاجئين، ولكن حسب تقارير، تعود لعام 2014، فإن اللاجئين يواجهون عدة مصاعب للوصول لهذا الحق.

يقول اللاجئون إن هناك صعوبةً متزايدة في العثور على أماكن لأبنائهم في المدارس الحكومية المنهكة أصلاً. إضافة إلى ذلك، يشكو اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون في مصر من التكاليف الدراسية الباهظة في مدارس القطاع الخاص والمدارس الحكومية، ومن الإجراءات البيروقراطية للالتحاق بالمدارس، ووجود مناخ تتسع فيه دائرة الاشتباه وكراهية الأجانب والتمييز في الفصول الدراسية.

أما بالنسبة لتلقي العلاج في المستشفيات للاجئين في مصر، تعطي اتفاقية عام 1951 الحق للاجئين في المساعدات والإسعافات الأولية فقط، وهذا ما أكدته تقارير عدة خاصة بوضع الفلسطينيين واليمنيين. لكن في حين أن الخدمات الصحية الأساسية للفلسطينيين في مصر مرضية، يخشى معظمهم عدم القدرة على تحمل تكاليف العمليات الطبية غير المتوقعة والمكلفة والأدوية لفترات طويلة.

بعد الوصول إلى القاهرة، يسجل العديد من اليمنيين الذين يسعون للحصول على الرعاية الطبية لدى المفوضية؛ على أمل أن تدفع الأمم المتحدة تكاليف علاجهم، حيث يتمتع طالبو اللجوء واللاجئون بإمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الحكومية في مصر، لكن ذلك ليس مجانيًّا، وقد تكون خدمات مثل الجراحة والعلاج الكيميائي وغسيل الكلى مكلفة.

أما بالنسبة للعمل، الذى من المفترض أن يحافظ على وضع اللاجئين دون الوقوع في براثن الفقر، فإن مصر مثلها مثل دول كثيرة تضع المعوقات التى تحول دون وصول اللاجئين لأى من فرص العمل، على الرغم من أن الحق في الوصول للعمل منصوص عليه في اتفاق 1951. وصلت نسبة البطالة بين أفارقة جنوب الصحراء الكبرى واللاجئين وطالبي اللجوء العراقيين واليمنيين حوالي 25 % خلال عام 2018. ويتوجب على جميع الأجانب في مصر، بمن فيهم اللاجئون، الحصول على تصاريح عمل من أجل العمل، وهي عملية مرهقة ذات متطلبات صارمة، وبالتالي يعمل اللاجئون وطالبو اللجوء في الغالب في قطاع الاقتصاد غير الرسمي. يعمل معظم اللاجئين في القاهرة، الذين يجدون فرص عمل، بشكل غير رسمي ويعيش العديد منهم في ظل ظروف اقتصادية صعبة، ويعاني البعض من الديون المتراكمة وعدم القدرة على دفع الإيجار أو تأمين الاحتياجات الأساسية، وخاصة الأمهات العازبات، وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة.

بعد محاولة إظهار جزء من معاناة اللاجئين في مصر يمكننا القول أن الدولة المصرية جزء مهم وأساسي من هذه المعاناة، وأن أى محاولة من السيسى أو أى من المسؤولين غيره بالظهور بمظهر إنساني فى قضية اللاجئين ليس إلا لتجميل وجه الدولة المصرية فى الخارج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك