الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الإدارة في 2022

أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني

(Ashraf Dabain)

2021 / 12 / 30
الادارة و الاقتصاد


إدارة 2022 تختلف عن 2021
الإدارة كعلم ما عادت مادة جامدة. نعم مبادتها لم تتغير ولن تتغير، أهدافها واضحة وضوح الشمس، لا يمكن لغيوم الفشل أن تطيح بشمس الإدارة أو تمنعها، لكن إدارة اليوم ما عادت تشبه إدارة الأمس في نمط التفكير!
الإدارة في عالم اليوم ما عادة محصورة في مكاتب، ولقد واجهت معظم الشركات في العالم تحدي الاستمرارية، فمن كان منها مواكب لتطور الإدارة استطاعت أن تنقل عملها من الشركة أو المؤسسة إلى البيت، ومن كان يعمل تحت نمطية الإدارة ورجعيتها واجهت مشكلة الاستمرارية في العمل وتعرضت معظم الشركات للتوقف والكثير منها للفشل أو الخسارة والإغلاق!
تخيلو تطبيقات التواصل الاجتماعي والبث المباشر كم ساعدت الناس في استمرار الحياة... وهي لم توجد من فراغ، بل الفكر الإبداعي والإدارة الواعية التي تفكر استطاعت أن تحول التكنولوجيا في غضون سنوات إلى أداة عمل في البيت أو المزرعة أو الريف أو أي مكان يتوفر فيه الإنترنت وأي جهاز مناسب للعمل.
ماذا عن الإدارة العربية؟
"إدارةٌ فاشلةٌ" و " فوضى" عبارتان بات من المعتاد تكرارهما فى الآونة الأخيرة سواء على ألسنتنا أو على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
كل مرة تعترضنا مشكلة فى مؤسسة حكومية أو مشكلة اجتماعية على مستوى الشخصي أو على المستوى الوطن وحتى فى خضم الكوارث التي من صنع أيدينا أو حدثت بسبب كوارث طبيعية، سرعان ما تجرى العبارتان الواردتان أعلاه على شفاهنا.
لماذا نستخدم هذه الكلمات؟ وكيف نحل مشكلة الفوضى؟
الحقيقة أن العبارتين المشار إليهما أعلاه قد أبدعهما التحليل العام للمواطن، لكنهما مصطلحان إداريان صحيحان 100% ووجدا ليجسد عدم التناسق أو التكامل المطلوب بين عناصر أي موقف، كما يجسد حالة عدم الثقة بين المواطن من جهة والجهات التنفيذية في الدولة "أي دولة" من جهة أخرى، وتزداد بزيادة الفجوة بين المسؤول والمواطن، وتقع كلها تحت مفهوم علم الإدارة وكيفية اتساق منظومة السلوكيات والأداء لتحقيق هدف ما والوصول لنتيجة بعينها. بمعنى آخر فإن مفهوم الإدارة يتلخص فى تفعيل الأفكار والممارسات على المستوى المؤسسي والمجتمعي والفردي للوصول لأنظمة فعالة وحلول للمشكلات ولتحقيق الأهداف المطلوبة على كل المستويات.
الغريب والموجع أن العربي الذي يستخدم هذين المصطلحين وغيرهما، لا يزال غارقًا لأذنيه فى منظومة الفوضى!!.. فلم يجد حلاً لأبسط المشاكل التي يكاد يصل عمرها لعقود! فبالرغم من أننا جميعا نمارس الإدارة فى حياتنا بدرجة أو بأخرى، فإن الواقع يؤكد أن المسؤول العربي "والتعميم هنا يظلم دولا بعينها كالإمارات على سبيل المثال لا الحصر" ومنذ مدة ليست بقصيرة قد فشل فشلاً ذريعًا عندما يطبق الإدارة في مكان عمله.
إن مواجهة مشكلة الفوضى وتداعياتها الكارثية على كافة المستويات يتطلب قراءة متأنية لمفهوم ثقافة الإدارة.
فى كتبي الثلاث التي تتحدث عن إدارة بعينها، شرحت بأن الإنسان يميل بطبعه للإدارة، بمعنى التنظيم وفق لأهداف معينة، وأن الإدارة مفتاح نجاح أى مشروع، أي مؤسسة، أي عمل... وأن قواعد وأصول الإدارة كعلم تبلورت فى القرن العشرين.
إن أحد دلائل نضج هذا العلم التزايد الهائل فى أعداد الحاصلين على شهادة فى إدارة الأعمال في الدول المتقدمة، وكذلك في الدول النامية ومنها الأردن فقد وصل عدد خريجي هذا التخصص لعدد مهول، لكن لماذا ينجح الغربي في الإدارة ويفشل "العربي" فيها؟
من المثير للسخرية استمرار الفوضى الإدارية وتضارب القرارات وأن جزء كبير من هذه المشكلات يقع في إدارة القطاع العام وتتمثل نتائجها في زيادة الدين العام وزيادة عجز الموازنة ومشاكل اقتصادية ضخمة وكبيرة تتزايد في كل يوم! كلام عام ولكن ماذا لو دخلنا في التخصص، في العمق؟ سنجد العجب العجاب.
السبب الرئيسي هو غياب تطبيق المعنى العلمي الدقيق للإدارة، فنحن نحتاج إلى الإدارة حيثما كانت الاحتياجات، والاحتياجات أمر أساسي في حياتنا، اذا لا بد من الإدارة، فإذا نحن نحتاج للإدارة سواء كنا موظفين أم مديرين، فتحقيق مستوى جيد من المعيشة فى عالم اليوم، بل والقيام بأي عمل، يتطلب أن نتعلم كيف نفكر، والتفكير النمطي ما عاد ينفع في العصر الحالي، نحن نحتاج لتفكيرٍ إبداعي وكأننا قادة، حتى لو لم نكن مديرين.
أود هنا أن أُشير إلى خطأ يقع فيه المديرين وهو الخلط بين مفهومي "الإدارة كمنهج" و"الإدارة كسلوكيات"، فجوهر الإدارة، وأن تعرض الشكل للتحول، وهو بالمناسبة "كثير التحور"، سيظل ضرورة لأداء العمل ولاكتشاف الأخطاء وتصحيحها و...الخ، ناهيك عن أهمية بناء الثقة والحافز على العمل.
إن أهم إشكالية تواجهه أي إدارة تكمن فى تقسيم العمل على البشر فيما يسمى التخصص وما يتبع هذا المفهوم من تفرعات هامة جدًا، ثم تقسيم العمل إلى أرقام، والأرقام تُظهر جليًا مستويات العمل والإنجاز وتعطي فكرة عن مستوى الأداء، وصولا للتقييم والتصحيح والرقابة والتغذية العكسية. هنا لا بد من أن تكون الوظائف حقيقية وقابلة للتطبيق والقياس، وأن التحدي الأساسي هو دمج هذه كلها معاً فى إطار متكامل ذلك أن أقوى مصدر للقيمة يوجد فى رؤوس الناس وقلوبهم، الأمر الذي إذا ما أخذناه بعين الاعتبار ربما يحل الكثير من مشاكلنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التونسيون يستعدون للاحتفال بعيد الأضحى رغم التحديات الاقتصاد


.. احتدام المنافسة بين المحافظين والإصلاحي الوحيد في الانتخابات




.. تحديات أمام الانتخابات الرئاسية الإيرانية في ظل منافسة كبيرة


.. بعد زيادة عيار 21.. سعر الذهب اليوم السبت 15-6-2024 في الصاغ




.. شركة صينية تطلق تطبيق ذكاء اصطناعي لمنافسة ChatGPT